الطرفان المتحاربان في جنوب السودان يقاطعان الجلسة الافتتاحية لمفاوضات أديس أبابا

المتمردون انتقدوا معايير اختيار الوفود المشاركة.. وجوبا مستاءة من «إهانة» ممثل إيقاد

الطرفان المتحاربان في جنوب السودان يقاطعان الجلسة الافتتاحية لمفاوضات أديس أبابا
TT

الطرفان المتحاربان في جنوب السودان يقاطعان الجلسة الافتتاحية لمفاوضات أديس أبابا

الطرفان المتحاربان في جنوب السودان يقاطعان الجلسة الافتتاحية لمفاوضات أديس أبابا

قاطع ممثلو حكومة جنوب السودان والحركة الشعبية المعارضة بقيادة نائب الرئيس السابق رياك مشار الجلسة الافتتاحية لمفاوضات «أصحاب المصلحة» التي تجمع الوفدين إلى جانب القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني، التي ترعاها منظمة «إيقاد» (وهي مجموعة دول في القرن الأفريقي ترعى السلام في المنطقة). وتأتي آخر ضربة لجهود السلام بعد أشهر عدة من المحادثات التي تعرضت للتأخير والمقاطعات بسبب مسائل تفصيلية غير مهمة على ما يبدو، مثل موقع إجراء المحادثات نفسها. ويأتي هذا التأخير مع مرور ستة أشهر على اندلاع حرب أهلية خلفت آلاف القتلى وأكثر من مليون نازح ودفعت بالدولة الحديثة الاستقلال، إلى شفير المجاعة والإبادة.
وقال كبير المفاوضين في الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا (إيقاد) الراعية للمحادثات سيوم ميسفين للصحافيين «الفريقان قالا لنا بأنهما لن ينضما إلينا». وقالت حكومة جنوب السودان بأنها تعترض على تصريحات أمين السر التنفيذي لإيقاد محبوب معلم التي قال فيها بأنه «من الغباء» للجانبين الاعتقاد بأن النصر العسكري ممكن. وقال رئيس الفريق الحكومي وزير الإعلام مايكل ماكووي بأنهم «سيعلقون الحضور أو المشاركة في المفاوضات حتى تتم معالجة هذه المسألة». ويقول المتمردون بأنهم يقاطعون المحادثات بسبب عدم استشارتهم بشأن المشاركين ووصفوا اختيار الوفود «بالخاطئ» وطالبوا «بعملية شفافة وشاملة».
والمحادثات التي تعقد في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا كلفت حتى الآن أكثر من 17 مليون دولار (12 مليون يورو) لكنها لم تتمكن من وقف الحرب. وحث ميسفين الطرفين على العودة إلى طاولة المفاوضات بشكل عاجل. وقال: «كل يوم يمر، تفقد أرواح ويتواصل الدمار». وتعهد الرئيس سلفا كير وخصمه رياك مشار الأسبوع الماضي مجددا بوقف إطلاق النار واتفقا على تشكيل حكومة انتقالية في غضون 60 يوما. وكان اتفاقان سابقان لإطلاق النار انهارا بسرعة.
وقال المتحدث باسم الحركة الشعبية المعارضة يوهانس موسيس فوك «الشرق الأوسط»، بأن الجلسة الافتتاحية التي كان يفترض أن تبدأ أمس «لم تقم بسبب تغيب طرفي النزاع لها»، وأضاف أن «وساطة إيقاد فشلت في وضع المعايير لاختيار ممثلي الأحزاب السياسية وممثلي المجتمع المدني»، وقال: إن حركته تطالب بمشاركة واسعة لأصحاب المصلحة في المفاوضات وفي الحكومة الانتقالية بعد الوصول إلى اتفاق سلام، وتابع: «لا بد أن تكون هناك معايير يتم الاتفاق عليها بين الأطراف لأن حكومة سلفا كير جاءت بممثلين يوالونها سواء في القوى السياسية أو منظمات المجتمع المدني وتم إقصاء ممثلين حقيقيين هربوا من جحيم الأوضاع في جوبا إلى دول الجوار». وقال: «اختيار إيقاد لممثلي أصحاب المصلحة لم يكن عادلا». وكشف فوك عن رسالة بعث بها زعيم حركته رياك مشار إلى رئيس الوزراء الإثيوبي هايلي مريام ديسالين الذي يترأس منظمة إيقاد يوضح فيها موقف حركته من الحوار الشامل الذي أطلقه الوسطاء بإشراك القوى ومنظمات المجتمع المدني في جولة المفاوضات المقبلة، وقال: «لن نشارك في هذه الجولة ونحن في انتظار رد إيقاد على مذكرتنا»، وأضاف: «ما قامت به وساطة إيقاد غير موفق على الإطلاق».
من ناحيته قال مصدر في المفاوضات لـ«الشرق الأوسط» بأن وفد جوبا قاطع الجلسة احتجاجا على وصف سكرتير إيقاد محبوب معلم قادة طرفي النزاع بـ«الغباء» في تصريحات له الأسبوع الماضي عقب قمة إيقاد التي اتفق فيها رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت وزعيم المتمردين بإنهاء النزاع في البلاد خلال 60 يوما وتشكيل حكومة انتقالية. وأضاف أن الوفد الحكومي طالب باعتذار رسمي من سكرتير إيقاد وسحب تصريحاته التي نشرتها وسائل الإعلام. ولم تحدد إيقاد موعدا جديدا بعد مقاطعة الوفدين للجلسة الافتتاحية أمس لإجراء المفاوضات، وقال المصدر بأن الوفد الحكومي ينتظر رد وسطاء إيقاد. في غضون ذلك أكد المتحدث باسم حركة التمرد يوهانس موسيس فوك لـ«الشرق الأوسط» أن زعيم حركته رياك مشار قد أرجأ الزيارة التي يزمع القيام بها إلى العاصمة السودانية الخرطوم بسبب مشغولياته بملف المفاوضات والتطورات الحالية للجولة المقبلة.



الجيش الموريتاني يدخل سباق التسلح ويقتني مسيّرات

قادة من الجيش يشرحون للرئيس الموريتاني الترسانة التي اقتنوها لتحديث معدات الجيش
قادة من الجيش يشرحون للرئيس الموريتاني الترسانة التي اقتنوها لتحديث معدات الجيش
TT

الجيش الموريتاني يدخل سباق التسلح ويقتني مسيّرات

قادة من الجيش يشرحون للرئيس الموريتاني الترسانة التي اقتنوها لتحديث معدات الجيش
قادة من الجيش يشرحون للرئيس الموريتاني الترسانة التي اقتنوها لتحديث معدات الجيش

أطلق الجيش الموريتاني (الأربعاء) مناورات عسكرية في منطقة بالقرب من العاصمة نواكشوط، استخدمت فيها صواريخ مضادة للطائرات وأخرى مضادة للدروع، في وقت تعيش البلاد انقطاعاً جزئياً لخدمة الإنترنت إثر احتجاجات سقط فيها أربعة قتلى، كانوا يحتجون على نتائج انتخابات رئاسية نظمت نهاية يونيو (حزيران) الماضي وفاز بها الرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني.

جنود موريتانيون على حدود مالي يشاركون في مناورات عسكرية (الجيش الموريتاني)

وقال الجيش الموريتاني في بيان صحافي إن المناورات ستجري في منطقة «الطويلة»، على بعد ثلاثين كيلومتراً إلى الشمال من العاصمة نواكشوط، وستكون على شكل «رمايات تدريبية» تبدأ بإطلاق صواريخ مضادة للطائرات، وتليها صواريخ مضادة للدروع.

وأكد الجيش أنه «اتخذ التدابير الأمنية كافة، لتنفيذ هذه الرمايات التدريبية»، ولكنه في المقابل طلب من «سكان مدينة نواكشوط، وسالكي طريق نواكشوط – أكجوجت الحيطة والحذر، وتجنب عبور منطقة الرماية».

أسلحة جديدة

تأتي هذه المناورات الجديدة، بعد عدة مناورات عسكرية أجراها الجيش الموريتاني خلال الأشهر الأخيرة، كانت أهمها على الحدود مع دولة مالي، حيث تنشط مجموعات مسلحة إرهابية يحاول الجيش المالي القضاء عليها، بدعم من مجموعة «فاغنر» الروسية.

دبابات حديثة عرضها الجيش الموريتاني قبل أسابيع

كما أعلن الجيش الموريتاني قبل شهر أنه اقتنى مجموعة من المسيّرات المقاتلة والأسلحة الجديدة، وأجرى تحديثاً للهيكلة، وهي المرة الأولى التي يعلنُ فيها الجيش الموريتاني امتلاك مسيرات مقاتلة، منذ أن اقتنتها عدة دول مجاورة.

وعرض الجيش الأسلحة الجديدة أمام الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، قبلَ أن يجري الجيشُ مناورات وتدريبات في منطقة في كبريات مدن البلاد، بما فيها العاصمة نواكشوط.

مناورات المدفعية الثقيلة التابعة للجيش الموريتاني على الحدود مع مالي (الجيش الموريتاني)

وقال الجيش إن «اقتناء العتاد الجديد سيمكنُ من رفع المستوى العملياتي والجاهزية القتالية لمختلف الجيوش برية كانت أو جوية أو بحرية»، مشيراً إلى أن «الترسانة تتكون من وحدات مدرعة مجهزة بأحدث الأسلحة، وأنظمة اتصالات متطورة وأسلحة مدفعية ميدانية ووحدات مضادة للدروع وراجمات صواريخ وأخرى مضادة للطائرات».

وأضاف الجيش الموريتاني أن اقتنى أيضاً «طائرات ومحطات رادار ومسيّرات استطلاع قادرة على القيام بمهام المراقبة والرصد والتوجيه الدقيق للصواريخ، كما تضم هذه المسيّرات طائرات من دون طيار هجومية ذات فاعلية عالية جداً، قادرة على تغطية الحوزة الترابية للوطن، بما في ذلك المياه الإقليمية على مدار الساعة».

رسالة طمأنة

مناورات الجيش الموريتاني واقتناؤه لأسلحة جديدة، أثارت النقاش في البلاد، فيما قال العقيد المتقاعد ورئيس مركز أم التونسي للدراسات الاستراتيجية البخاري محمد مؤمل في حديث مع «الشرق الأوسط» إنها خطوة يجب أن تفهم خارج سياقها الطبيعي.

وأضاف العقيد المتقاعد أن ما يقوم به الجيش الموريتاني من خطوات في هذا الوقت بالتحديد «يخضع للمعايير التقليدية، لأن الجيوش وأنظمة الدفاع على العموم يجب أن تُطلع المواطنين على بعض الأمور، وإن بمستوى معين ومحدود».

وأوضح العقيد المتقاعدُ أن ذلك يفرضه سببان رئيسيان «أولهما من أجل أن يطمئن المواطن وتتعزز ثقته في الجيش، وثانيهما أن المواطن هو ممول سياسات الدفاع، من خلال دفع الضرائب، لذلك يجب أن تنال سياسة الدفاع ولاءه وثقته، إذن الرسالة الأولى موجهة للمواطن الموريتاني».

أما الرسالة الثانية، فيعتقد العقيد المتقاعد من الجيش الموريتاني، أنها موجهة إلى «أعضاء قوات الأمن والدفاع، لأنهم ليسوا على علم بكل ما يجري، ويجب أن يكونوا معنيين بالرسالة، خاصة أنه كثر الحديث مؤخراً عن اقتناء دول مجاورة لأسلحة جديدة، وهو سباق تسلح يلقي بظلاله على العالم كله، وفي هذه الحالة يجب ألا تبقى موريتانيا بعيدة عن الركب».

وقال البخاري محمد مؤمل إن «سباق التسلح شهد طفرة جديدة منذ حرب أوكرانيا، شهدها في العالم الصناعي الذي يتسابق نحو السلاح التقليدي، سواء في الولايات المتحدة الأمريكية، أو في فرنسا وأوروبا في روسيا والصين بسبب الحرب في أوكرانيا، وطبعا هذا السباق ستكون له تداعيات على العالم الآخر».

سباق تسلح محلي

أما فيما يتعلق بمنطقتي الساحل والمغرب العربي، فيعتقدُ العقيد المتقاعد ورئيس مركز أم التونسي للدراسات الاستراتيجية البخاري محمد مؤمل، في حديثه مع «الشرق الأوسط» أن هنالك سباق تسلح واضحاً، ويضيف أن «مالي والنيجر وبوركينا فاسو غيرت من تحالفاتها العسكرية، بسبب رغبتها في الحصول على أسلحة جديدة لدى روسيا والصين وتركيا وإيران، وهذا كله يدخل في إطار سباق التسلح، وفي منطقة المغرب العربي هنالك سباق تسلح تقليدي بين المغرب والجزائر».

وأوضح البخاري محمد مؤمل أن «التطورات الجيوسياسية العالمية، تعطي لسباق التسلح في منطقتنا دفعاً جديداً، وموريتانيا لا ينبغي أن تتأخر عن الركب، ومن هذا المنطلق دخل الجيش الموريتاني هذا السباق، وليكون هذا الدخول له فاعلية وفائدة يجب أن يكون الآخرون على علم به».

وفي السياق، يشرح العقيد المتقاعد أن مناورات الجيش الموريتاني وعرض أسلحته «يتماشيان مع مبادئ سياسة الردع، أي أن تكون لديك أسلحة قادرة على منع الخصم من مهاجمتك أو على الأقل جزئياً، وأن يكون على علم بها في حدود معينة، وطبعاً المعلومة حول تلك الأسلحة تبقى دائماً ناقصة، بل يتعمد الضبابية حول معلومات، وهذا جزء من الردع لأن خصمك المتوقع أو المحتمل يعرف أن لديك أسلحة قادرة على إلحاق الضرر به، ولكن لا يعرف ما هي درجة الضرر».

مسيرات جديدة

وقال العقيد المتقاعد إن المعلومات التي عرضها الجيش الموريتاني حول أسلحته الجديدة «لم تكن دقيقة، فقد أعطى معلومات عامة حول وظائفها الأساسية، مثل الطيران والمسيّرات والمدفعية، ولم يقل ما نوعها بالضبط ولا عيارها ولا مصدرها».

وأشار في هذا السياق إلى أن «الجديد فيما أعلن هو المسيّرات، التي تعد الموضة العسكرية اليوم، والمسيّرات صارت في متناول الجميع، حتى طفل صغير بعمر الخمس سنوات يمكنه اقتناء مسيّرة، والمسيّرة وظيفتها تتوقف على نوع الجهاز الذي أضيف لها، عندما تضيف لها كاميرا تصبح مسيّرة استطلاع، وعندما تضيف لها مدفعاً أو صاروخاً تصبح مسيّرة قتالية ومسلحة».

وشرح العقيد المتقاعد أن «ما نعرفه هو أن موريتانيا اقتنت مسيرات، وأنا أعتقد أنها من أنواع مختلفة، بعضها للاستطلاع لجمع المعلومات وتحليلها، ونوع آخر عسكري للمهام القتالية، وقادرة على حمل صواريخ»، قبل أن يضيف أن فاعلية هذه المسيّرات «تقوم على أمور، يبدو أن موريتانيا أخذتها بعين الاعتبار، مثل عددها ومواقع تمركزها، بالنظر إلى أن موريتانيا مساحتها تزيد على المليون كيلومتر مربع، ولتغطيتها يجب أن تكون المسيّرات موزعة على نقاط مختلفة من أرجاء الأراضي الموريتانية، وذلك هو معنى قول الجيش إن هذه المسيّرات قادرة على تغطية جميع التراب الوطني برياً وبحرياً».

مناورات المدفعية الثقيلة التابعة للجيش الموريتاني على الحدود مع مالي (الجيش الموريتاني)

الأمر الثاني المهم، على حد تعبير العقيد المتقاعد، هو أن تكون هذه المسيرات «تمتلك استقلالية لوجيستية تسمح لها بمواصلة المناورة خلال ساعات دون توقف، وهذا يعتمد على مصادر الطاقة وقدرتها على البقاء أكثر وقت ممكن في الجو، وهذه المعطيات لم تتحدث عنها موريتانيا بدقة ولكنها تركت في المفهوم أن هذه الشروط الفنية متوفرة في هذه المسيّرات».