علمت «الشرق الأوسط» من مصادر غربية وثيقة الاطلاع على ما يجري في كواليس مجلس الأمن، أن الولايات المتحدة عازمة على محاسبة نظام الرئيس بشار الأسد وتنظيم داعش بعدما ثبت تورط الطرفين في استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا، وفقاً للتقارير التي أعدتها آلية التحقيق المشتركة (جيم) بين الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية لتحديد المسؤولين عن استخدام هذه الأسلحة المحرمة دولياً، والتي عطلت روسيا التجديد لها باستخدام حق النقض (الفيتو).
وكشف مصدر غربي، عن أن إدارة الرئيس دونالد ترمب «لا تزال تعمل للوصول إلى هذا الهدف عبر مشروعي قرارين»، جرى توزيع أحدهما قبل يومين ويهدف إلى إنشاء «آلية الأمم المتحدة المستقلة للتحقيق» (آونيمي) من أجل مواصلة العمل على تحديد الضالعين في استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا، في حين لا يزال العمل جارياً في الوقت ذاته على قرار آخر بموجب الفصل السابع من ميثاق المنظمة الدولية من أجل «الاقتصاص ممن ثبت تورطهم» في أعمال كهذه وفقاً لتقارير «جيم».
وتوقعت المصدر، أن تحاول روسيا «عرقلة المساعي الأميركية هذه، على غرار ما فعلته طوال السنوات السابقة». بيد أنها لاحظت أن «صبر واشنطن لم ينفد بعد من إمكان أحداث اختراق دبلوماسي يلجم التدهور الخطير على الأرض مع دخول الحرب السورية سنتها الثامنة من دون أفق جدي لحل سياسي». ورأى دبلوماسي أن «الأمور تتجه إلى مزيد من استخدام روسيا حق النقض (الفيتو)؛ مما يعطي انطباعاً بانغلاق أفق المساعي الدبلوماسية». ولم تستبعد حصول ذلك الأسبوع المقبل.
وحصلت «الشرق الأوسط» على مشروع القرار الأميركي الذي كان مدار اجتماع عقده خبراء الدول الـ15 الأعضاء في مجلس الأمن أول من أمس (الخميس) وأمس (الجمعة) لمناقشة ما يتضمنه من «فقرات عاملة» يستند بعضها إلى مشروع قرار روسي، وهي تركز على «التنديد بأشد العبارات بأي استخدام لأي مادة كيماوية سامة، بما في ذلك غاز الكلور، سلاحاً في الجمهورية العربية السورية، ويعبر عن قلقه البالغ من استمرار قتل وجرح المدنيين بسبب الأسلحة الكيماوية والمواد الكيماوية السامة (المستخدمة) أسلحةً في سوريا». كما أنه «لا يجوز لأي طرف في الجمهورية العربية السورية استخدام الأسلحة الكيماوية أو تطويرها أو إنتاجها أو اقتنائها أو تخزينها أو الاحتفاظ بها أو نقلها»، على أن يشير مجلس الأمن إلى «قراره الوارد في القرار 2118 بعدم استخدام الجمهورية العربية السورية الأسلحة الكيماوية أو تطويرها أو إنتاجها أو الحصول عليها بأي طريقة أخرى، أو تخزينها أو الاحتفاظ بها، أو نقلها، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، إلى دول أخرى أو جهات فاعلة من غير الدول».
ويدخل المشروع الأميركي فقرة أخرى أعدها الروس لكي «يعبر مجلس الأمن عن تصميمه على تحديد المسؤولين عن استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا، ويؤكد من جديد أن استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا يشكل انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي، ويكرر بالتالي أن الأفراد أو الكيانات أو الجماعات أو الحكومات المسؤولة عن أي استخدام للأسلحة الكيماوية، بما في ذلك الكلور أو أي مادة كيماوية سامة أخرى، يجب أن يخضع للمحاسبة، ويدعو كل الأطراف في الجمهورية العربية السورية إلى التعاون الكامل في هذا الصدد».
غير أن المشروع الأميركي يقترح إنشاء «آلية الأمم المتحدة المستقلة للتحقيق (آونيمي) لمدة سنة واحدة مع إمكان التمديد والتحديث لها من مجلس الأمن إذا رأى ذلك ضرورياً»، ويطلب من «آونيمي» «تحديد هوية مرتكبي الهجمات بالأسلحة الكيماوية في الجمهورية العربية السورية، والعمل بطريقة محايدة ومستقلة ونزيهة في تحقيقاتها». ويطلب من الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أن يقدم، بالتنسيق مع المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية، توصيات، وبما في ذلك من عناصر الاختصاص إلى مجلس الأمن، لاتخاذ ما يناسب، في غضون 30 يوماً من اعتماد هذا القرار، فيما يتعلق إنشاء «آونيمي» وتشغيلها، استناداً إلى مبادئ النزاهة والاستقلالية والمهنية، من أجل أن تحدد بأكبر قدر ممكن الأفراد أو الكيانات أو المجموعات أو الحكومات أكانوا من المتورطين أو المنظمين أو الرعاة أو غيرهم من المشاركين في استخدام المواد الكيماوية، بما في ذلك الكلور أو أي مادة كيماوية سامة أخرى في الجمهورية العربية السورية، ويعبر عن نيته التجاوب مع التوصيات، بما في ذلك عناصر الاختصاص، في غضون 15 يوماً من تسلم التقرير. كما يطلب من الأمين العام للأمم المتحدة أن «يتخذ، بالتنسيق مع المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية، من دون إبطاء الخطوات والتدابير والترتيبات الضرورية للإسراع في إنشاء (آونيمي) وتشغيلها الكامل، بما في ذلك (عبر) تعيين موظفين محايدين وذوي خبرة ولديهم المهارات والخبرات المناسبة وفقاً لعناصر الاختصاص، ويلاحظ إيلاء الاعتبار الواجب لأهمية تعيين الموظفين على أوسع نطاق جغرافي ممكن».
وإذ يدعم منظمة حظر الأسلحة الكيماوية و«آونيمي» وقت تجريان تحقيقاتهما «على النحو الذي ترياه ملائماً للوفاء بتفويضهما، ويعترف بالأخطار المرتبطة بالتحقيق في استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا»، يشدد على «التنسيق الكامل مع مكتب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سوريا، ودائرة الأمم المتحدة لشؤون السلامة والأمن، ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية»، من أجل «ضمان انتقال بعثة تقصي الحقائق و(آونيمي) بأمان إلى المواقع ذات الصلة بالتحقيقات حيثما يتقرر أن هناك أسباباً معقولة للاعتقاد بأن الوصول إليها مبرر؛ استناداً إلى تقييمها للوقائع والظروف المعروفة لها في ذلك الوقت». ويحض كل الدول الأعضاء على «تيسير إمكان الوصول إليها حيث أمكن».
وهو يدعو منظمة حظر الأسلحة الكيماوية إلى «تزويد (آونيمي) بكل المعلومات والأدلة التي حصلت عليها أو أعدتها منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، بما في ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، السجلات الطبية وأشرطة المقابلات ونصوصها والمواد الوثائقية»، فضلاً عن «العمل بالتنسيق مع منظمة حظر الأسلحة الكيماوية من أجل الوفاء بتفويضها، ويطلب من الأمين العام أن يتخذ الترتيبات اللازمة لكي تقوم البعثة بالاتصال على نحو وثيق بمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية من أجل التحقيق على وجه السرعة في أي حادث تحدده المنظمة أو يحتمل أن ينطوي على استخدام المواد الكيماوية أسلحةً من أجل تحديد هوية الأشخاص المعنيين».
ويدعو كل الأطراف في سوريا إلى «التعاون الكامل مع بعثة تقصي الحقائق و(آونيمي) وتيسير الوصول الفوري وغير المقيد والآمن والسليم إلى الشهود والأدلة والبلاغات والمواد والمواقع ذات الصلة بالتحقيق، من أجل أن تفي بعثة تقصي الحقائق و(آونيمي) بتفويضهما». ويطالب تالياً كل الأطراف بأن «توقف الأعمال العدائية في المناطق التي تحتاج بعثة تقصي الحقائق و(آونيمي) إلى الوصول إليها (للقيام بعملهما)، وتمكين البعثتين من الوصول إلى الأماكن حيث أمكن، ويشجع (آونيمي) على إبلاغ مجلس الأمن في حال عدم التمكن من الوصول بأمان إلى المواقع التي تراها ضرورية لتحقيقها».
وكذلك «يشجع (آونيمي) على التشاور والتعاون مع هيئات الأمم المتحدة المعنية بمكافحة الإرهاب وعدم الانتشار، ولا سيما اللجنة المنشأة عملاً بالقرار 1540 ولجنة العقوبات على تنظيمي الدولة الإسلامية (داعش) والقاعدة بموجب القرارات 1267-1989-2253؛ من أجل تبادل المعلومات عن الضلوع أو التنظيم أو الرعاية أو سوى ذلك لجهات من غير الدول في استخدام المواد الكيماوية أسلحةً في الجمهورية العربية السورية».
ويطلب من البعثة الجديدة «الاحتفاظ بأي أدلة تتعلق بإمكان استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا في غير الحالات التي حددت فيها بعثة تقصي الحقائق أو تحدد أن حادثاً محدداً في الجمهورية العربية السورية ينطوي على استخدام مواد كيماوية أو يحتمل أن ينطوي على ذلك، بما في ذلك الكلور أو أي مادة كيماوية سامة أخرى، وأن يحيل تلك الأدلة إلى بعثة تقصي الحقائق عن طريق المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية وإلى الأمين العام في أقرب وقت ممكن عملياً». ويطلب من «(آونيمي) أن تقدم إلى مجلس الأمن والمجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية تقريرها الأول في غضون 90 يوماً من تاريخ بدء عملها الكامل، على نحو ما يبلغ الأمين العام للأمم المتحدة، وتقارير لاحقة عن تحقيقاتها بعد ذلك». كذلك، يطلب من اللجنة المنشأة عملاً بالقرار 1540 أن «تحلل المعلومات المتعلقة بالتوجهات في نشاطات الجهات من غير الدول التي تشمل الاستعدادات لاستخدام الأسلحة الكيماوية واستخدامها الفعلي في سوريا، وأن تحيل تقريراً إلى مجلس الأمن بحسب المقتضى».
ويؤكد أخيراً أن مجلس الأمن «سيقوم بصورة شاملة كيف سيعمل بعد استنتاجات (آونيمي)»، مشدداً على قراره «الرد على انتهاكات القرار 2118 بفرض إجراءات بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة».
واشنطن تهيئ مجلس الأمن لقرار بموجب الفصل السابع
{الشرق الأوسط} تنشر تفاصيل مشروع أميركي لإنشاء لجنة تحقيق جديدة باستخدام الكيماوي في سوريا
واشنطن تهيئ مجلس الأمن لقرار بموجب الفصل السابع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة