ليبيا: السراج يصعّد خلافاته مع حفتر بتعيينات عسكرية

القاهرة تستضيف اجتماعات ضباط للاتفاق على توحيد الجيش في منظومة واحدة

عناصر من الجيش الليبي الذي شهد أمس تعيينات جديدة من قبل رئيس حكومة الوفاق (أ.ف.ب)
عناصر من الجيش الليبي الذي شهد أمس تعيينات جديدة من قبل رئيس حكومة الوفاق (أ.ف.ب)
TT

ليبيا: السراج يصعّد خلافاته مع حفتر بتعيينات عسكرية

عناصر من الجيش الليبي الذي شهد أمس تعيينات جديدة من قبل رئيس حكومة الوفاق (أ.ف.ب)
عناصر من الجيش الليبي الذي شهد أمس تعيينات جديدة من قبل رئيس حكومة الوفاق (أ.ف.ب)

صعد فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الليبية، من حدة خلافاته مع المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي، بتعيين عدة مسؤولين في مناصب عسكرية، كما رد على شائعات تعرض وزير ماليته أسامة حماد للاختطاف في العاصمة طرابلس بعقد اجتماع معه أمس.
واستدعى السراج العقيد فرج البرعصي إلى الخدمة العسكرية مجدداً لمدة عام واحد، كما أصدر لاحقاً قراراً إضافياً بترقيته إلى رتبة العميد. كذلك عين السراج، الذي يعتبر نفسه القائد الأعلى للجيش الليبي، اللواء عبد الله عون، وهو قائد عسكري سابق في الجيش الليبي قبل سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011، مستشاراً عسكرياً للمجلس الرئاسي لحكومته، علماً بأن الأخير كان مرشحاً لتولي الإشراف على الترتيبات الأمنية لحكومة السراج، المدعومة من بعثة الأمم المتحدة.
وكان عون، المرشح لرئاسة أركان الجيش بهدف توحيد المنظومة العسكرية، أحد المسؤولين الذين تم رفع الحراسة عنهم في مارس (آذار) عام 2016، ضمن مجموعة من العسكريين والمدنيين الذين كانوا تحت قانون الحراسة المفروض على بعض قيادات نظام القذافي، حيث تولى في السابق قيادة الشرطة العسكرية، بالإضافة إلى منصب آمر ركن الشؤون الفنية في اللجنة المؤقتة للدفاع. وتأتي هذه التعيينات بينما تستضيف العاصمة المصرية اجتماعات بين مجموعة من الضباط الليبيين للاتفاق على توحيد المؤسسة العسكرية للبلاد في منظومة واحدة يقودها حفتر، لكن مصدراً مقرباً من حفتر قال أمس لـ«الشرق الأوسط» إن محاولة السراج الظهور بصفة القائد الأعلى للقوات المسلحة الليبية من شأنها أن تؤخر حدوث اتفاق في القاهرة خلال خامس اجتماع من نوعه منذ العام الماضي.
وفي غضون ذلك، قال مكتب السراج إنه ناقش أمس مع أسامة حمّاد، وزير المالية، مشروع الترتيبات المالية للعام الحالي والإيرادات العامة للدولة، بالإضافة إلى بحث توفير التغطية المالية اللازمة، والعاجلة لعدد من المؤسسات الخدمية بالبلديات. كما وزع مكتب السراج صوراً فوتوغرافية لاجتماعه مع وزير المالية، فيما بدا أنه بمثابة رد عملي على شائعات اختطافه.
وكان حماد قد نفى في تصريحات تلفزيونية ما تناولته بعض القنوات الإخبارية المحلية عن تعرضه للاختطاف مساء أول من أمس داخل العاصمة طرابلس.
من جهة ثانية، هدد حزب العدالة والبناء، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، بمقاضاة مجموعة من النخب الثقافية والإعلامية والنشطاء الذين طالبوا بوقف نشاط الحزب وحله نهائياً، ومنعه من ممارسة العمل السياسي في ليبيا.
وحمل الحزب، في بيان له، هؤلاء «مسؤولية التحريض ضده»، وقال إنه يحتفظ بحقه في رفع دعوى قضائية ضدهم، معتبراً أنه «يدفع الثمن الباهظ جراء تمسكه بتعزيز مسار التحول الديمقراطي».
إلى ذلك، أجرى غسان سلامة، رئيس البعثة الأممية إلى ليبيا، محادثات أمس في بنغازي مع السلطات، التي تدير شرق ليبيا، وذلك عقب محادثات أجراها في العاصمة طرابلس مع رئيسي حكومة الوفاق والمجلس الأعلى للدولة.
وبحث سلامة مع عميد بلدية بنغازي، عبد الرحمن العبار، النتائج التي توصل إليها، والمساعي الرامية لاستقرار الوضع في ليبيا.
وميدانياً، أعلنت البعثة الأممية أنها وثقت وقوع 146 إصابة في صفوف المدنيين؛ عبارة عن 13 حالة وفاة، و133 حالة إصابة بجروح أثناء سير الأعمال العدائية في جميع أنحاء ليبيا خلال الشهر الماضي.
وأعلن اللواء السابع مشاة، التابع لحكومة السراج، أمس، حالة النفير في مدينة سبها (جنوب ليبيا)، وقال إنه تم إرسال قوة تضم كتيبة الدبابات والمدفعية وفرقة استطلاع، وكتيبة مشاة من اللواء، نحو الجنوب الليبي، تحت شعار «وطني الحبيب». ودعا اللواء عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» إلى الحضور للمقرات.
وكانت القوات المشاركة فيما يعرف باسم عملية «بشائر الأمان»، بقيادة أسامة الجويلي، آمر المنطقة العسكرية الغربية التابعة لحكومة السراج، قد أعلنت أيضاً التحاق قوات كبيرة من الجبل بالقوات الموجودة في المدينة، لمحاربة ما سمته «التنظيم التشادي الإرهابي»، مشيرة إلى أن الوحدات العسكرية سيطرت على بعض تمركزات العدو هناك.
وما زالت الاشتباكات المتقطعة تدور في مدينة سبها منذ أيام بين قبيلتي أولاد سليمان العربية والتبو غير العربية، سقط فيها 7 أشخاص، بالإضافة إلى نحو 15 جريحاً.
ويشن مسلحو التبو هجوماً على مقر اللواء السادس بوسط سبها، التابعة لقوات حكومة السراج، الذي تنحدر أغلب عناصره من قبيلة أولاد سليمان، بسبب مقتل أحد مسلحي التبو على يد قوة تابعة للواء.
وتتقاسم قوات حكومة السراج (غرباً)، والجيش الوطني بقيادة حفتر (شرقاً)، السيطرة على سبها، حيث يوجد لدى كل منهما قوات تابعة له في المدينة التي تعرف انفلاتاً أمنياً غير مسبوق، إذ تتكرر فيها النزاعات المسلحة ذات الطابع القبلي بين فترة وأخرى، بالإضافة إلى ارتفاع معدلات الجريمة وحالات الاختطاف من قبل مجموعات مسلحة.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.