التحالف المحافظ، الذي يقوده رئيس الوزراء الأسبق سيلفيو برلسكوني، بدأت حصته من أصوات الناخبين تقترب من 40 في المائة، وبهذا سيحقق الأغلبية البرلمانية المطلوبة، في الانتخابات التشريعية الإيطالية العامة المقررة في الرابع من مارس (آذار) الحالي، كما تشير آخر استطلاعات الرأي. ولفترة قصيرة كانت تعد «حركة خمس نجوم» اليمينية هي الحزب الوحيد الأكثر شعبية إذ ظلت تتمتع بأعلى نسبة من أصوات الناخبين، وبأكثر من 30 في المائة من الأصوات. ورغم أن الحركة أصبحت أكثر اعتدالا الآن، فقد كانت حتى وقت قريب تدعو إلى الخروج من حلف شمال الأطلسي (ناتو) ومن منطقة العملة الأوروبية الموحدة (اليورو) وتشكيل «تحالفات استراتيجية» مع روسيا وأميركا اللاتينية. أما الآن، يقول النائب البارز في البرلمان الأوروبي مانفريد فيبر، لوكالة الأنباء الألمانية: «هناك خطر حقيقي من وصول القوى الراديكالية والمعادية لأوروبا لحكم إيطاليا.. ومن ثم فإن برلسكوني يضمن الاستقرار إلى حد ما».
وأضاف فيبر، الذي التقى برلسكوني في عاصمة الاتحاد الأوروبي في 22 من يناير (كانون الثاني) الماضي: «الإيطاليون والأوروبيون أيضا يعرفون ما الذي يمثله. برلسكوني أكد دعما واضحا لأوروبا ولليورو، وقد أكد هذا مؤخرا في بروكسل». وكتبت صحيفة «نيويورك تايمز»: «على النقيض (من حركة خمس نجوم) أصبح برلسكوني فجأة ليس سيئا للغاية. كما أصبح رجل المبيعات المحنك، مع ما يتمتعون به من دهاء، يلعب بصورة مراوغة دور رجل الدولة الحكيم والمعتدل».
وكتب برلسكوني في تغريدة قبل أيام: «إذا ما فازت حركة خمس نجوم، التي يتزعمها لويجي دي مايو، 31 عاما، فإن رؤوس الأموال والشركات وجميع المواطنين الذين لديهم قدرة مالية سيغادرون إيطاليا. وسينتهي الحال بنا كدولة معزولة دوليا مع حكومة من الهواة الذين ليس لديهم أي خلفية في السياسة والحياة».
وفي الأمس أعلنت الحركة ترشيح أستاذ الاقتصاد أندريا روفنتينى، الذي يصف نفسه بأنه «كينزي زنديق»، ليكون وزيرا للاقتصاد إذا ما فازت بالانتخابات. والنظرية الكينزية في الاقتصاد، وهي نسبة لعالم الاقتصاد جون مينارد كينز، تركز على دور كل من القطاعين العام والخاص في الاقتصاد أي الاقتصاد المختلط، ما يعني تدخل الدولة في بعض المجالات. وصادق لويجي دي مايو مرشح الحركة لمنصب رئيس الوزراء على ترشيح روفنتينى اليوم، وكشف عن ذلك في تصريح تلفزيوني قبل ساعات من إعلان موسع من
المقرر أن يتم في روما للتشكيلة الكاملة المقترحة للحكومة. وفي مقابلة منفصلة، قال روفنتينى إنه «لن يكون هناك مجال للأفكار الغريبة ولا المثالية غير العملية، ولكنه بالتأكيد سيولي المزيد من الاهتمام لقضايا النمو والاستثمار العام، مع الحفاظ في جميع الأحوال على الأموال العامة». ووصف روفنتينى، 40 عاما بأنه من «أفضل 10 من الاقتصاديين في العالم» بسبب أبحاثه المنشورة، ومن بينها ورقة بحثية تم نشرها في ديسمبر (كانون الأول) الماضي مع الاقتصادي الليبرالي الأميركي الحاصل على جائزة نوبل جوزيف ستيغليتز.
وفي أنشطة الحملة الانتخابية، قدم برلسكوني نفسه على أنه المرشح الإيطالي «الأكثر موالاة لأوروبا»، مذكرا بتواصله مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وغيرها من الشخصيات البارزة في الاتحاد الأوروبي، بينما وصف حزب خمس نجوم بأنه «طائفة خطيرة». ويأتي هذا من رجل أرعَبَ عام 2014 رئيس المفوضية الأوروبية جان - كلود يونكر وتحالف ميركل المسيحي الديمقراطي بحديثه عن أن الألمان ينكرون معسكرات الاعتقال النازية. وجاء التعليق بعد واقعة أخرى حدثت عام 2003، حيث قال برلسكوني، الذي كانت تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، للسياسي الألماني مارتن شولتز إنه يشبه النزيل المعين حارسا لأحد معسكرات الاعتقال.
وحتى وقت قريب، كان برلسكوني معتادا على الزعم بأن استقالته عام 2011 كانت «انقلابا» تزعمته ميركل والرئيس الفرنسي حينذاك نيكولا ساركوزي الذي اشتهرت ابتسامته الساخرة في قمة لمجموعة العشرين عند سؤاله عما إذا كان لديهم ثقة في نظيرهم الإيطالي. وقد كانت جولة بروكسل في ضيافة رئيس البرلمان الأوروبي أنطونيو تاجاني، الذي يروج برلسكوني له لشغل منصب رئيس الوزراء، حيث إنه لا يستطيع شخصيا تولي المنصب بسبب حظر على شغل المناصب العامة على صلة بإدانته بالاحتيال الضريبي.
وقال تاجاني في تصريح إذاعي في وقت سابق من فبراير (شباط) الماضي: «في بروكسل ليس هناك أدنى شك في أن عودة (برلسكوني) سيُنظر إليها بشكل إيجابي.. هو يضمن الاستقرار، ولقاؤه الأخير مع يونكر كان ممتازا». ومن الناحية النظرية، فإن يسار الوسط هو المنافس الأكثر موالاة للاتحاد الأوروبي في الانتخابات الإيطالية. إلا أن الحزب الديمقراطي الحاكم بزعامة رئيس الوزراء السابق ماتيو رينزي يترنح في استطلاعات الرأي، ما يجعل تحالف «إيطاليا إلى الأمام» بزعامة برلسكوني هو الخيار الأفضل التالي من وجهة نظر بروكسل. ووفقا لدانيال غروس، الخبير الاقتصادي الألماني ورئيس «مركز دراسات السياسات الأوروبية» البحثي، فإن المؤسسة الأوروبية تنظر إلى دعم برلسكوني من منطلق «شيطان تعرفه خير من شيطان لا تعرفه». ومع ذلك، فإن الجميع ليسوا مقتنعين به، وخاصة في يسار الوسط. ويشير ينز جير زعيم الاشتراكيين الديمقراطيين في البرلمان الأوروبي إلى أن تحالف برلسكوني يشمل «حزب رابطة الشمال اليميني الشعبوي وإخوان إيطاليا في حقبة ما بعد الفاشية». وفي إشارة إلى اسم الزعيم القومي البولندي الذي كان يتحكم في مجريات الأمور في وارسو دون أن يكون له دور رسمي في الحكومة، قال جير للوكالة الألمانية إن برلسكوني قد يصبح «كاتشينسكي إيطالي يمارس السياسة الشعبوية اليمينية من خلف الستار، عبر وسطاء». وأضاف: «إننا نعول على الناخبين الإيطاليين» حتى لا يحدث ذلك.
أوروبا سعيدة بتقدم تحالف برلسكوني في استطلاعات الرأي
أغضب قادتها سابقاً لكنه ربما الوحيد القادر على هزيمة «حركة خمس نجوم»
أوروبا سعيدة بتقدم تحالف برلسكوني في استطلاعات الرأي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة