إسرائيل تصعد في الضفة وتعتقل العشرات بينهم رئيس «التشريعي»

نتنياهو يطلب مساعدة عباس لإيجاد الشبان المفقودين.. وحكومته تقرر ضرب بنية «حماس» التحتية

قوات للجيش الإسرائيلي تقوم بأعمال الدورية وسط الخليل في الضفة الغربية (أ.ف.ب)
قوات للجيش الإسرائيلي تقوم بأعمال الدورية وسط الخليل في الضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تصعد في الضفة وتعتقل العشرات بينهم رئيس «التشريعي»

قوات للجيش الإسرائيلي تقوم بأعمال الدورية وسط الخليل في الضفة الغربية (أ.ف.ب)
قوات للجيش الإسرائيلي تقوم بأعمال الدورية وسط الخليل في الضفة الغربية (أ.ف.ب)

طلب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، من الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) المساعدة في إعادة الشبان الإسرائيليين المفقودين منذ الخميس الماضي قرب مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، وتتهم إسرائيل حماس بخطفهم، في أول اتصال بينهما منذ بداية الأزمة.
وقال نتنياهو لعباس: «أتوقع منك أن تساعد في إعادة الشبان المخطوفين وفي إلقاء القبض على الخاطفين. لقد انطلق الخاطفون وهم ينتمون لحماس من منطقة تخضع لسيطرة السلطة الفلسطينية وهم عادوا إلى منطقة تخضع لسيطرتها. وهذا الحادث يكشف وجه الإرهاب الذي نحاربه».
وأضاف: «الإرهابيون يختطفون أطفالا إسرائيليين أبرياء بينما نحن نعالج في مستشفياتنا أطفالا فلسطينيين مرضى. هذا هو الفرق بين سياستنا الإنسانية والإرهاب القاتل الذي يعتدي علينا».
وأردف نتنياهو: «يجب عليك إدراك تداعيات الشراكة مع حماس، إنها سيئة لإسرائيل وللفلسطينيين وللمنطقة».
وجاء طلب نتنياهو من عباس بعد أن فشلت القوات الإسرائيلية في إيجاد طرف خيط يقود إلى الشبان الثلاثة المختفين على مدار الأيام القليلة الماضية.
وكان الجيش الإسرائيلي بدأ عملية واسعة في الضفة الغربية، سماها «إعادة الإخوة»، وشملت استدعاء مزيد من النخب العسكرية واستدعاء جنود احتياط، وفرض حصار محكم على جنوب الضفة الغربية، وإغلاق جميع معابر قطاع غزة، وتنفيذ حملة اعتقالات واسعة طالت نحو مائة وخمسين حتى الآن من عناصر الصف الأول والثاني والثالث في حماس في الضفة.
وقال رئيس الأركان الإسرائيلي بيني غانتس، أمس، بأن العملية العسكرية ستتواصل وتتوسع. وأضاف غانتس لضباط وقادة الجيش في اجتماع أمني «قوات جيش الدفاع توشك على خوض معركة ذات مغزى».
وأضاف: «العملية العسكرية التي تقوم بها قوات جيش الدفاع في الضفة الغربية هدفها واحد وهو العثور على الشبان المخطوفين الثلاثة وإعادتهم إلى أحضان عائلاتهم.. هذه العملية تهدف أيضا إلى المساس بشكل مباشر وخطير بحركة حماس».
ولأول مرة منذ عملية السور الواقي في 2002. يحتل الجنود الإسرائيليون مدنا وقرى كاملة في جنوب الضفة الغربية، ويشنون حملات تفتيش ضخمة في بيوت ومحلات وأحراش وجبال الفلسطينيين في الخليل وبيت لحم ومحيطهما.
ويركز الإسرائيليون في البحث عن شابين من الخليل ينتميان لحماس مختفيين منذ الخميس، لكن من دون التأكد من أنهما مسؤولان عن العملية، واعتقل الجيش بحسب مصادر لـ«الشرق الأوسط» ذوي الشابين وحقق معهم ومن ثم أطلق سراحهم.
وقتلت إسرائيل أمس، الشاب «أحمد عرفات صماعدة» 21 عاما، من مخيم الجلزون القريب من رام الله، بعد مواجهات أثناء اقتحام المخيم من ضمن اقتحامات أخرى جرت في جميع مدن الضفة الغربية التي حول الجيش ليل الفلسطينيين فيها إلى جحيم جراء نصبه حواجز عسكرية داخل المدن وقيامه بتفتيش الأشخاص والسيارات ومداهمته عددا من المنازل وقيامه بحملة اعتقالات واسعة.
وطالت الاعتقالات الإسرائيلية خلال يومين فقط أكثر من 150 فلسطينيا، بينهم عزيز الدويك رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني وأعضاء آخرون من التشريعي، وناشطون وطلاب ينتمون لحماس والجهاد الإسلامي.
وبلغ عدد أعضاء التشريعي المعتقلين الأحد والاثنين 12 نائبا من حماس.
وقال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي افيخاي أدرعي: «قوات جيش الدفاع تواصل أعمال التمشيط في منطقة الخليل بحثا عن الشبان الإسرائيليين الثلاثة المخطوفين منذ ثلاثة أيام. وتم الليلة الماضية اعتقال نحو أربعين من نشطاء حماس وقادتها في أنحاء الضفة الغربية بما في ذلك مناطق نابلس وطوباس وبيت لحم وقرية الخضر». وأضاف: «قوات جيش الدفاع ستواصل تطويق منطقة الخليل وإجراء عمليات تفتيش واتخاذ إجراءات أخرى حتى إعادة الشبان الثلاثة».
ولم تتوقف الاعتداءات الإسرائيلية على الضفة الغربية التي قطع الجنود الإسرائيليون أوصالها واحتلوا قرى كاملة فيها بحثا عن المفقودين الثلاثة، بل هاجمت الطائرات الإسرائيلية، أمس، أهدافا ومواقع في مناطق مختلفة من قطاع غزة.
وتركز الهجوم الإسرائيلي على مدن غزة وخان يونس ودير البلح، وهو ما أدى إلى إصابة مواطنين، بجراح، وتدمير عدد من ممتلكات الفلسطينيين.
وفي هذه الأثناء، التقى الكابينت الإسرائيلي (المجلس الأمني والسياسي المصغر)، في اجتماع ترأسه نتنياهو لبحث سبل الرد على الفلسطينيين. وأعقب الاجتماع لقاء نتنياهو بقادة الأجهزة الأمنية في خطوة تشير إلى نية إسرائيل التصعيد. وقالت وسائل إعلام إسرائيلية بأن الكابينت قرر ضرب البنية التحتية لحركة حماس في الضفة الغربية.
وتكتم المسؤولون الإسرائيليون على نتائج اجتماع الكابينت لكن مصادر أشارت إلى التوافق على توجيه ضربة قوية لحماس. ومن بين المسائل التي ناقشها الكابينت إبعاد أسرى من حماس إلى غزة وإغلاق مؤسسات تابعة للحركة وهدم منازل قياديين فيها.
من جانبه جدد نتنياهو تهديده لحركة حماس، وقال بأنها ستدفع ثمنا باهظا لاختطاف الشبان الإسرائيليين الثلاثة. وأضاف في مؤتمر صحافي مقتضب عقب اجتماعه مع قادة الجيش والأمن «نحن في حملة معقدة قد تمتد لأيام عدة، ونبذل كل جهودنا لإعادة المخطوفين الثلاثة»، وإن «هناك محاولات أخرى لفتح جبهة ثانية من قطاع غزة» مضيفا: «لقد قمنا بالرد المناسب على هذه المحاولات ومن يحاول المس بمواطني إسرائيل سنمس به مباشرة». وطلب من المجتمع الدولي استنكار عملية الخطف قائلا: إنه ينتظر مثل هذه الإدانة منذ البداية، مقدما لوزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي اتهم حماس بخطف الشبان الإسرائيليين الثلاثة. وردت حماس على اتهامات نتنياهو لها بقولها بأن الاتهامات شرف لا تدعيه.
من جهتها، دانت الرئاسة الفلسطينية سلسلة الأحداث التي جرت في الأسبوع الماضي: «ابتداء من خطف ثلاثة فتيان إسرائيليين وانتهاء بسلسلة الخروقات الإسرائيلية المتلاحقة، سواء فيما يتعلق بإضراب الأسرى أو الاقتحامات للبيوت الفلسطينية والاعتداءات التي يقوم بها المستوطنون وجيش الاحتلال والتي أدت إلى استشهاد شاب فلسطيني وملاحقة الكثير من الأبرياء».
وقالت الرئاسة في بيان أمس، إنها تؤكد مرة أخرى على «ضرورة عدم اللجوء إلى العنف من أي طرف كان، خاصة أن موقف الرئيس هو استمرار العمل المكثف على ضرورة إطلاق سراح الأسرى المتفق عليهم وجميع الأسرى في السجون عند توقيع أي اتفاق نهائي».
كما أشادت الرئاسة بالجهود التي تبذلها الأجهزة الأمنية الفلسطينية من أجل «الحفاظ على القانون والهدوء والاستقرار ومنع الانجرار الفلسطيني إلى حالة من الفوضى وعدم الاستقرار، ولمنع أي جهة كانت من استغلال الأوضاع لأهداف غير وطنية».
وكشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» في عددها الصادر صباح أمس، أن مصر ممثلة برئيسها عبد الفتاح السيسي، تعهدت لحكومة إسرائيل، تقديم كل مساعدة للعثور على الشبان المختفين، ومنع أي محاولة لنقلهم إلى قطاع غزة أو شبه جزيرة سيناء، إن كانوا قد أُسروا على يد إحدى فصائل المقاومة الفلسطينية.
وطالبت السلطات المصرية إسرائيل، أمس، بالتزام أقصى درجات ضبط النفس، وعدم مواصلة تصعيد الموقف في الأراضي المحتلة. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير بدر عبد العاطي، في تصريحات له، إن مصر تطالب إسرائيل بضبط النفس حتى يمكن احتواء التوتر المتزايد القائم بين الجانبين الفلسطيني الإسرائيلي، والحيلولة دون تفاقم الأوضاع بصورة يصعب السيطرة عليها لاحقا.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.