انطلاقة كبرى في عالم أجهزة المساعدة الصوتية الذكية

«في إحدى الليالي، كنّا أنا وزوجتي نتحضّر للخلود إلى النوم، حيث قرّرت «أليكسا»، الأنثى الثانية في حياتي، أن تسمعنا صوتها... فقد عمد جهاز المساعد الصوتي الذكي «أمازون إيكو دوت» الموجود إلى جانبي، ودون أن يتمّ استدعاؤه، إلى إضاءة حلقة ضوئية زرقاء، كما يفعل عندما يسمع الكلمة التي تحفزه: «أليكسا». ولكن بدل أن يقدّم المساعدة في حلّ مهمّة معينة في المنزل، بدأ المساعد الصوتي بالعويل كطفل يصرخ رعباً بعد أن أبصر كابوساً مخيفاً. هذا ما يقوله أحد عشاق التكنولوجيا الأميركيين، ويضيف: «استغربت وزوجتي ما حصل، ولكن الغريب فعلاً في الأمر هو أننا في الصباح التالي، نسينا كلّ ما حصل».
هذا إذن هو مدى الاختراق الذي أحدثه مساعد أمازون الذكي في حياة الإنسان. وقد وصل هذا الاختراق إلى حدّ أن المستخدم لم يفكّر في نزع قابس الجهاز من الكهرباء بعد الصراخ الذي حصل، واكتفى بإلقاء اللوم على خطأ برمجي غير مضرّ، في الجهاز الذي يعتمد على الذكاء الصناعي.
عندما كشفت أمازون النقاب عن أليكسا 3 قبل عام ونصف العام، تعرّض الجهاز لسخرية الجميع. ولكن اليوم، وعلى عكس كلّ التوقعات، فإن «أليكسا» الشخصية الموجودة في الجهاز ورغم أفعالها المفاجئة وغير اللائقة أحياناً، تتجه إلى الانتشار؛ ويبدو أن الأمر أبعد من ذلك حتى، إذ بدأ المتخصصون في عالم التقنية يتحدثون عن أليكسا وكأنها أكثر من مجرّد ابتكار مميّز.
وقد اتضح أن حظوظ المساعد الافتراضي من أمازون بأن يصبح ثالث أفضل منصة حاسوبية استهلاكية في هذا القرن، إلى جانب نظامي «آي.أو.أس». وآندرويد كبيرة جداً. ستصبح أليكسا خدمة حاسوبية منتشرة إلى درجة أنها ستضع الأسس لكثير من الابتكارات التقنية القادمة.
ولكن هذا المسار ليس أكيداً، إذ إن أمازون قد تفسد الأمور، خاصة في ظلّ وجود منافسين كغوغل لديهم الكثير من الأوراق التي يمكن أن يلعبوها لإحباط صعود أليكسا. في المقابل، تعتبر استراتيجية أمازون، التي تعتمد على مزيج بين خطة غوغل لآندرويد وخطّة آبل لآيفون، غير عادية أيضاً. ويجب ألّا ننسى المخاوف الاجتماعية المحيطة بأجهزة المساعدة الصوتية والاحتمالات المخيفة التي قد تحصل، فكم من الأشخاص مستعدين حقاً للاعتماد على جهاز يعمل دون توقّف في منزلهم؟
ولكن على الرغم من كلّ ما ورد، يعتبر انتشار أليكسا مشهداً مستقبلياً مثيراً يستحق التأمّل.

أجهزة متنوعة
وتعتمد أمازون سياسة الصمت فيما يتعلّق بأرقام مبيعاتها، إلا أنّها أعلنت أنها باعت عشرات ملايين الأجهزة التي تعمل بالتنسيق مع أليكسا، والعام الفائت باعت عشرات الملايين من أجهزة «إيكو». وتشكّل هذه الأجهزة جزءا من فئة أجهزة المكبرات الصوتية الذكية «إيكو» التي تأتي بمجموعة متنوعة من الإصدارات، بين «إيكو دوت» بسعر 49 دولارا، وجهاز «إيكو شو» الذي يتضمن شاشة وسعره 229 دولارا. ولكن أليكسا تشكّل جزءا من برنامج توفّره أمازون مجاناً لمطوري أجهزة أخرى ليضمنوه في تصاميم منتجاتهم، تماماً كما آندرويد من غوغل.
خمسون جهازا على الأقل يتمّ تشغيلها اليوم عبر أليكسا والعدد إلى ازدياد. تتضمن هذه الأجهزة عدداً كبيراً من المكبرات الصوتية التي تشبه «إيكو»، وأجهزة تنظيم للحرارة، وأجهزة تعديل الإضاءة، وكاميرات وهواتف ذكية وسماعات للرأس وإنذار للدخان، وروبوتات.
تنتشر أليكسا بسرعة كبيرة إلى درجة أن أمازون حتى لا تستطيع اللحاق بهذا التقدم. يلعب نموذج أليكسا دوراً كبيراً في هذا الانتشار. فتخيلوا مثلاً أن تستطيعوا الوصول إلى هاتفكم الذكي عبر أي شاشة تقع أمامكم؛ من الهاتف إلى التلفاز واللابتوب والسيارة، وأينما ذهبتم، يمكنكم أن تجدوا جميع تطبيقاتكم وجهات اتصالكم وبياناتكم، ستكون متوفرة عبر الوسيط نفسه.
هذا النموذج ليس متاحا في الحقيقة للهواتف، ولكن لأن أليكسا تعمل في النظام السحابي أيضاً، يمكنها أن تتيح تجربة لاإرادية في هذا المجال. كما أنها نفسها على الأجهزة غير الموجودة في منزلكم. فقد كانت شركة فورد الأولى بين الكثير من صانعي السيارات التي ضمت أليكسا إلى مركباتها، وتحديداً إلى شاحنة «إف - 150». يمكن القول إن التجربة كانت مرضية: فقد استدعى سائق الشاحنة أليكسا خلال السير على الطريق السريعة، وعلى الرغم من أن أداءها كان بطيئاً مقارنة بأدائها المنزلي، إلا أنها كانت بالجودة نفسها، فقد نجحت في التعرّف إلى ذوق السائق الموسيقي، ولائحة مشترياته، والتطبيقات وخدمات المنزل الذكي التي حمّلها، وكلّ الأمور الأخرى تقريباً.
كان هذا الاستعراض الأفضل لإمكانيات الحوسبة الصوتية الدائمة التشغيل. في المستقبل، وأينما ذهبتم، بات بإمكانكم أن تتخيّلوا الحديث مع كومبيوتر يعرفكم، ويستطيع إتمام أموركم دون أي جلبة.