المفاوضات المتعثرة بين «القوات» و«المستقبل» تؤخر إعلان لائحة «المواجهة» في بعلبك ـ الهرمل

«حزب الله» يستنفر لتجنب الخروقات في معقله

TT

المفاوضات المتعثرة بين «القوات» و«المستقبل» تؤخر إعلان لائحة «المواجهة» في بعلبك ـ الهرمل

لا تزال دائرة بعلبك - الهرمل تترقب نتائج المفاوضات المستمرة بين «القوات اللبنانية» وتيار «المستقبل»، كي يتضح مشهد التحالفات فيها، ويُحسم عدد اللوائح التي ستخوض المواجهة الانتخابية في المنطقة البقاعية ذات الرمزية بالنسبة لـ«حزب الله» من منطلق أنّها تُعتبر أحد معاقله الرئيسية. وقد دخل أمين عام «الحزب» حسن نصر الله مباشرة على الخط، الأسبوع الماضي، لحشد جمهوره وحثّه على المشاركة بكثافة في عملية الاقتراع في شهر مايو (أيار) المقبل، بعدما تراكمت اعتراضات أهالي المنطقة وكادت تنفجر مؤخراً، مع إعلان أسماء مرشحي الثنائي الشيعي (الحزب وحركة أمل التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري) عن الدائرة المذكورة.
وتحاول القوى المعارضة لـ«حزب الله» تجميع نفسها في لائحة واحدة لضمان أكبر عدد من الخروقات، إذ تعول على الفوز بـ3 أو 4 مقاعد من مجمل المقاعد الـ10 المخصصة لبعلبك - الهرمل. فبعدما كان قانون الانتخاب الأكثري كفيلاً بوضع الثنائي الشيعي يده على كل المقاعد من دون منافسة تُذكر، وهو ما تجلى في انتخابات العام 2009 حيث كان الفارق في الأصوات بين اللائحة ومنافستها 90 ألف صوت، بات القانون النسبي الذي ستجري على أساسه الانتخابات المقبلة قادراً على تأمين تمثيل، ولو بحد أدنى للقوى والمجموعات التي لا تؤيد خط ومشروع «حزب الله» في المنطقة.
ووفق آخر المعطيات، فإن التوجه هو لتشكيل 3 لوائح، الأولى شبه مكتملة يشكلها الثنائي الشيعي، ولا يزال ينقصها تحديد اسم المرشح الماروني، باعتبار أنه لم يتم حتى الساعة الحسم بما إذا كان «التيار الوطني الحر» هو من سيسمي المرشح بإطار نوع من التفاهم يقضي بتسمية «حزب الله» المرشح الشيعي في دائرة جبيل – كسروان، على أن يسمي «الوطني الحر» المرشح الماروني في بعلبك - الهرمل. أما اللائحة الثانية فينكب على تسمية أعضائها رئيس المجلس النيابي السابق حسين الحسيني، بعيداً عن الأضواء والإعلام، فيما تحاول كل القوى الأخرى المعارضة لـ«حزب الله» تجميع نفسها في لائحة ثالثة، وهي لا تزال تنتظر قرار المستقبل - القوات لإعلان تشكيل هذه اللائحة. وبحسب رئيس بلدية بعلبك السابق غالب ياغي، الذي سيكون أحد المرشحين في هذه اللائحة، فإن «المفاوضات لا تزال مستمرة لتوحيد الجهود والتصدي لتوزع القوى المعارضة على لوائح عدة يؤدي لإضعافها»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن العقدة الأبرز التي لا تعرقل الحسم هي انتظار قرار القوات - المستقبل. وأضاف: «قطعنا شوطاً كبيراً باتجاه الاتفاق على تشكيل اللائحة التي ستمثل أيضاً المجتمع المدني، باعتبار أن جمعية أبناء بعلبك هي جزء من تحالف وطني».
ويتحدث ياغي عن «اعتراضات بالجملة لدى أبناء بعلبك على مرشحي الثنائي الشيعي كما على أداء نوابه السابقين»، مشيراً إلى أن «أهل المدينة لا ينفكون يسألون أنفسهم ماذا قدّم النواب للمنطقة طوال السنوات الـ26 الماضية؟»، مضيفاً: «كما أن ترشيح اللواء جميل السيد الذي لا يتحدر من بعلبك - الهرمل على لائحة (حزب الله) أثار استياءً كبيراً، وبخاصة في الشارع السني بالمنطقة الذي يتعاطى مع الموضوع كتحد له، وإن كان الكل يدرك أنه، وكما الوزير السابق ألبير منصور، مرشحا الرئيس السوري بشار الأسد». ويتوقع ياغي في حال نجحت مساعي توحيد كل القوى تحت مظلة واحدة بخرق لائحة الثنائي الشيعي بـ3 أو 4 مقاعد.
وتعتبر مصادر نيابية في بعلبك أن السبيل الوحيد لخرق لائحة «حزب الله» في المنطقة، هو خلق ماكينة انتخابية فعالة وقادرة على تغطية كل البلدات والقرى، كما تفعل ماكينة «الحزب» القوية والناشطة منذ سنوات، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن القوى المعارضة للثنائي الشيعي «قادرة على اجتذاب العشائر التي تشعر أنّها مهمشة، وأنها غير ممثلة في لائحة (حزب الله)، وبخاصة عشائر المنطقة الغربية والشمالية، أضف أنها قادرة على استيعاب أبناء مدينة بعلبك الذين يعترضون أيضاً على عدم تسمية مرشح منهم».
ويبلغ عدد الناخبين في دائرة بعلبك - الهرمل 309 آلاف ناخب، ويصل عدد المقترعين إلى 180 ألفاً، وعدد المقاعد 10 تتوزع ما بين 6 شيعة، 2 سنة، 1 موارنة، 1 روم كاثوليك. وتعتبر الكتلة الشيعية الناخبة هي الأكبر باعتبار أنه يبلغ عدد الناخبين الشيعة المسجلين 226318، فيما يبلع عدد السنة 41081، والموارنة 22706، والكاثوليك 16380، ويُرجح أن يكون الحاصل الانتخابي بحدود 17000 صوت.
وقد أثارت المواقف التي أطلقها نصر الله في إطلالته الأخيرة أكثر من علامة استفهام، خصوصاً بعد حديثه عن تدخل سفارات دول إقليمية وغربية في عملية تشكيل اللوائح والدعم المالي في بعلبك - الهرمل، معتبراً أنها «من أهم المناطق المفتوحة العين عليها». وهو ما اعتبره أخصامه دليلاً على تنامي مخاوفه من خروقات كبيرة للائحته واستنفار حزبه للتصدي لهكذا احتمال.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.