أوضاع سكان تاورغاء تثير قلق الأمم المتحدة في ليبيا

TT

أوضاع سكان تاورغاء تثير قلق الأمم المتحدة في ليبيا

عبّرت منظمات الأمم المتحدة في ليبيا، أمس، عن «القلق العميق» لأوضاع آلاف من سكان مدينة تاورغاء الليبية الممنوعين منذ 2011 من العودة إلى منازلهم، والذين يعيشون منذ أسابيع «في مخيمات مؤقتة وفي ظروف محفوفة بالمخاطر في منطقتَي قرارة القطف وهوارة».
وقالت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في ليبيا ماريا ريبيرو، في بيان تلقت وكالة الصحافة الفرنسية نسخة منه، إن «مئات الأشخاص الذين يرغبون في ممارسة حقهم المشروع في العودة لا يزالون عالقين في العراء في ظروف مناخية صعبة، ومن دون خدمات أساسية لأكثر من 3 أسابيع»،
مشددة على أن عودتهم الطوعية في ظروف آمنة وبطريقة تحفظ كرامتهم «ينبغي ألا تتأخر أكثر من ذلك، ويتعين ألا يكون أهالي تاورغاء رهائن للنزاع السياسي في البلاد». كانت مجموعات مسلحة من مدينة مصراتة، التي ثارت على نظام الزعيم الراحل معمر القذافي في 2011، قد أجبرت سكان تاورغاء الواقعة على بعد 40 كلم جنوباً، على مغادرة منازلهم بذريعة مساندتهم للنظام السابق.
وإثر توقيع اتفاق بين ممثلين للمدينتين نص على عودة أهالي تاورغاء، تحركت مئات الأسر في الأول من فبراير (شباط) الماضي باتجاه تاورغاء، لكنهم مُنعوا من دخول مدينتهم من طرف مجموعات مسلحة من مصراتة تعارض الاتفاق. ومنذ ذلك التاريخ ظلت هذه الأسر تقيم في مخيمات، أقامتها وكالات الأمم المتحدة داخل مناطق تقع على بعد 20 كلم من تاورغاء في انتظار إنهاء مفاوضات جديدة بدأتها بلدية تاورغاء وحكومة الوفاق الوطني، التي تتولى الوساطة.
وأكدت منسقة الأمم المتحدة في البيان أنه «تقع على عاتق السلطات الليبية المسؤولية الرئيسية في توفير الحماية، والمساعدة الإنسانية للنازحين داخلياً في نطاق ولايتها القضائية، وفي تهيئة الظروف اللازمة لعودتهم الآمنة، بما في ذلك إزالة المتفجرات من مخلفات الحرب. والأمم المتحدة تعرب عن استعدادها لدعم هذه الجهود».
ميدانياً، أعلنت رئاسة الأركان العامة للجيش، التابعة لحكومة الوفاق الوطني المعترف بها دولياً، مساء أول من أمس، إطلاق عملية «بشائر الأمان» لحماية الجنوب الليبي.
وأكد رئيس اللجنة التسييرية لشبكة منظمات المجتمع المدني سبها، أحمد قليوان، في تصريح خاص لـ«بوابة أفريقيا الإخبارية»، أن رئاسة الأركان العامة للجيش الليبي التابعة لحكومة الوفاق أطلقت عملية عسكرية سمتها «بشائر الأمان»، بهدف مساندة القوات المسلحة في مدينة سبها في ردع القوات الغازية، مشيراً إلى أن «القوات تتجهز الآن في طرابلس، وانطلقت للقدوم إلى مدينة سبها».
يذكر أن الجنوب الليبي، وبصفة خاصة الجنوب الغربي، يعد مسرحاً لتنقلات التنظيمات الإرهابية، وأبرزها «داعش» وشبكات عصابات تهريب المهاجرين والمخدرات والأسلحة. وتستفيد هذه التنظيمات والشبكات من الانفلات الأمني الذي تشهده ليبيا منذ الإطاحة بالزعيم الليبي معمر القذافي وقتله عام 2011.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.