إجراءات سودانية احترازية ضد استغلال العقارات في غسل الأموال

تقرير دولي: تنامي الظاهرة في معظم الدول العربية

رقابة المعلومات وإلزام وكلاء العقارات بالاحتفاظ بالسجلات والإبلاغ عن العمليات المشبوهة أبرز خطوات السودان لمنع غسل الأموال في القطاع العقاري
رقابة المعلومات وإلزام وكلاء العقارات بالاحتفاظ بالسجلات والإبلاغ عن العمليات المشبوهة أبرز خطوات السودان لمنع غسل الأموال في القطاع العقاري
TT

إجراءات سودانية احترازية ضد استغلال العقارات في غسل الأموال

رقابة المعلومات وإلزام وكلاء العقارات بالاحتفاظ بالسجلات والإبلاغ عن العمليات المشبوهة أبرز خطوات السودان لمنع غسل الأموال في القطاع العقاري
رقابة المعلومات وإلزام وكلاء العقارات بالاحتفاظ بالسجلات والإبلاغ عن العمليات المشبوهة أبرز خطوات السودان لمنع غسل الأموال في القطاع العقاري

أجاز السودان خطة لمنع استغلال تجارة العقارات في عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وفقا للمتطلبات الدولية، وذلك بعد تنامي العائدات المتحصلة بهذا الأسلوب، والتي بلغت ملايين الدولارات، ليس في السودان فحسب، بل في معظم الدول العربية، وفقا لتقرير صدر في ختام أعمال ورشة عمل دولية عقدت في المغرب أخيرا بمشاركة 50 دولة.
ووفقا لخالد ياسين شرف الدين رئيس الغرفة السودانية للعقارات، الذي مثل السودان في الورشة العالمية لبناء القدرات في منطقة الشرق الأوسط، التي نظمتها وحدة معالجة المعلومات بالمغرب، فإن مداولات الورشة كشفت أن هناك قصورا وفجوة في التشريعات التي تحكم السيطرة على منع استغلال تجارة العقارات في غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وغرفة المكاتب العقارية والشقق المفروشة حزمة من الترتيبات الاحترازية للسيطرة على عمليات غسل وتبييض الأموال عبر صفقات بيع وشراء العقارات بالخرطوم
وتعتبر عمليات شراء عدد من العقارات بأكبر من قيمتها الحقيقية وإعادة بيعها بأقل بشكل سريع و بدون مبرر، أبرز المؤشرات التي يقاس بها استغلال العقار في غسل الأموال، كذلك شراء أو بيع العقار بشكل متكرر خلال فترة قصيرة والشراء بأسماء آخرين، إضافة إلى قيام أجانب بشراء عقارات داخل الدولة، وبيعها بشكل سريع وتحويل الأموال إلى الخارج مع تكرار هذه العملية أكثر من مرة.
وبحسب خالد ياسين رئيس قطاع العقار السوداني في حديث لـ«الشرق الأوسط»، فإن غرفتهم وضعت حزمة من الترتيبات الاحترازية للسيطرة على عمليات غسل وتبييض الأموال التي يمكن أن تتم عبر صفقات بيع وشراء العقارات بالخرطوم، منها، تأسيس قسم رقابي لتبادل المعلومات مع السلطات المختصة، وإلزام وكلاء العقارات بالاحتفاظ بالسجلات والإبلاغ عن العمليات المشبوهة.
وأشار ياسين إلى أن بلاده حققت تقدما كبيرا في هذا المجال، ويجري العمل حاليا على إصدار قوانين وتشريعات لتنظيم القطاع تواكب المتطلبات المحلية والمعايير الدولية المتعلقة بمكافحة غسل الأموال، كما تم الفراغ من تأسيس قاعدة بيانات لكافة أنواع العقارات في البلاد، بما في ذلك قيمة العقارات، والذي حدد بشكل منطقي يتماشى مع الواقع ومع تسعيرة مصلحة الأراضي والمسجل العام للأراضي، بجانب تأسيس وحدات وأفرع لغرفة العقارات بالولايات
وعدد شرف الدين رئيس الغرفة السودانية للعقارات الأسباب التي تزيد من جرائم الفساد في مجال العقارات، تتصدرها عدم حصول المتعاملين في القطاع على التراخيص الرسمية لمزاولة المهنة، وقيام البعض بإجراء عمليات بيع بشكل مباشر بين البائع والمشتري بدون وسيط، مما يصعب التعرف على المستفيد وإثبات الملكية ومتابعتها.
واعتبر خالد أن هذا القطاع يشكل خطورة بالغة في حال عدم السيطرة عليه، لذلك أعد السودان نظام عملي في مجال السمسرة، مبينا أن الأموال التي يستوعبها قطاع الاستثمار العقاري في السودان، تفوق ملايين الدولارات، ويعتبرها الكثيرون مخزنا حافظا لقيمة النقود، فالمواطن السوداني يعتبر ولوج الاستثمار العقاري أو الذهب الوسيلتين الآمنتين لحفظ الثروة من التأكل، مما يجعل هذا القطاع مقصدا لجرائم متعددة على رأسها غسل الأموال.
وحول مشاركة السودان في ورشة العمل المشتركة التي عقدت في الرباط أخيرا، قال خالد إن بلاده شاركت بوفد يتكون من وحدة المعلومات المالية وبنك السودان المركزي وسوق الخرطوم للأوراق المالية ومدير فرع مخالفات الأراضي بالإضافة لغرفة المكاتب العقارية والشقق المفروشة، وقدم السودان أمام المؤتمر ورقة حول (غسل الأموال عبر القطاع العقاري)، وتم الوقوف على التجارب المميزة كالتجربة السعودية.
وشارك في المؤتمر نحو 50 ممثلا للدول الأفريقية والعربية، بجانب دول أخري كمراقب مثل (الولايات المتحدة الأميركية، بلجيكا، فرنسا، إيطاليا)، بجانب المنظمة الإقليمية للفريق الإقليمي لوسط أفريقيا المعروفة باسم (قاباك).
وأطلق السودان الأسبوع الماضي أول بورصة للعقار لتنظيم السوق وضبط عمليات الشراء والبيع، وذلك بعد غياب تام للسوق المنظمة، وسيتم تأسيس مؤسسة حكومية تنظم عمل البورصة العقارية المرتقبة، والتي ستكون كضامن في عمليات البيع والشراء لجميع أنواع العقارات والمباني والمزارع، بما في ذلك ضمان وسلامة المستندات التي تتداول بين البائع والمشتري، وضمان حقهما في التعامل العقاري تجاريا وبيعا.
وقيام بورصة للعقار، وفقا لخبراء ومحامين في حديث سابق لـ«الشرق الأوسط» من شأنه قفل الباب تماما أمام التلاعب والتزوير في المستندات والخرائط والعقود التي يشتهر بها سوق العقار في السودان حاليا، وتسببت في عمليات شراء وبيع عقارات مختلة، أحدثت ربكة، وضعت سوق العقار في خانة الاستثمارات الأكثر مخاطرة. وتشهد المحاكم السودانية يوميا نزاعات في الأراضي وعمليات البيع، بسبب التزوير والمخالفات، والتي أودع بسببها عشرات المحامين السودانيين في السجون.
ووفقا للخبراء، ستحقق البورصة العقارية المرتقبة، ملاذا آمنا للمتعاملين والمواطنين في عمليات الشراء والبيع، وإضفاء قيمة مضافة لقطاع العقارات في السودان.
يذكر أن مشروع بورصة العقار المرتقب وجد اهتماما متعاظما من كافة القطاع المعنية بالعقارات في البلاد، إن كانوا ملاكا أو مستثمرين أو محامين، ومن يشتغلون في سوق العقار في البلاد، باعتبارها مشروعا سيتيح لك أطراف التعامل في العقارات، تعاملا آمنا من خلال البورصة. ولدى السودانيين عادات وثقافة متجذرة في شراء العقارات لحفظ أموالهم، وازدهرت هذه الثقافة خلال الشهرين الأخيرين بعد ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه.


مقالات ذات صلة

السعودية: 20 % نمو العقود التمويلية للدعم السكني في 2024

الاقتصاد جناح صندوق التنمية العقارية في «منتدى مستقبل العقار 2023» بالرياض (موقع الصندوق الإلكتروني)

السعودية: 20 % نمو العقود التمويلية للدعم السكني في 2024

ارتفعت العقود التمويلية في السعودية لبرامج الدعم السكني من قبل صندوق التنمية العقارية بنسبة 20 في المائة خلال عام 2024، وذلك نتيجة تنوّع الحلول التمويلية وإتاحة

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جانب من معرض «سيتي سكيب العالمي 2024» العقاري بالرياض (الشرق الأوسط)

القروض العقارية السعودية في أعلى مستوياتها على الإطلاق

شهدت عمليات الإقراض العقارية التي توفرها شركات التمويل ارتفاعاً إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق بنهاية الربع الرابع من عام 2024 إلى 28 مليار ريال.

زينب علي (الرياض)
الاقتصاد من معرض سيتي سكيب 2024 الأكبر عقارياً في العالم (واس)

سوق الرهن العقاري بالسعودية... محرك رئيسي في النمو والتنويع المالي

يأتي توجه السعودية نحو تطوير سوق الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري من ضمن التطورات المتسارعة التي يشهدها التمويل العقاري في السعودية.

محمد المطيري
الاقتصاد لوحة وكيل عقارات معروضة خارج منزل في شارع سكني في بلاكبيرن (رويترز)

أسعار المساكن في بريطانيا تتجاوز التوقعات وتواصل الارتفاع

أعلنت شركة «نيشن وايد» للإقراض العقاري، يوم الخميس، أن أسعار المساكن البريطانية شهدت ارتفاعاً جديداً في ديسمبر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد أحد مشروعات «الوطنية للإسكان» (واس)

الصفقات العقارية في السعودية تتجاوز 533 مليار دولار خلال 2024

تجاوزت قيمة الصفقات العقارية في السعودية 533 مليار دولار (2.5 تريليون ريال) لأكثر من 622 ألف صفقة في عام 2024.

محمد المطيري (الرياض)

ورشة عمل تدعو لمزيد من المرونة في التشريعات والأنظمة لمواكبة الواقع العقاري

TT

ورشة عمل تدعو لمزيد من المرونة في التشريعات والأنظمة لمواكبة الواقع العقاري

نظمت غرفة الرياض؛ ممثلة باللجنة العقارية، وبالتعاون مع مجلس الغرف السعودية، الأربعاء، ورشة عمل مختصة بحصر التحديات التي تعترض تطور القطاع العقاري وتحدّ من إنتاجيته، مقدمة عدداً من الحلول للعراقيل التي تواجهه، بحضور مندوبين عن وزارة الإسكان والهيئة العامة للعقار وهيئة السوق المالية، وذلك بمقر الغرفة.
وبين عائض الوبري، عضو مجلس الإدارة رئيس اللجنة العقارية بالغرفة، أن الورشة تأتي لبحث سبل تعزيز برامج «رؤية المملكة 2030»، وذلك بعد توجيه مسار التحديات نحو تحديد المعوقات التي تواجه القطاع الخاص بشكل منفرد، ثم توجيهه نحو العوائق التي تواجه القطاع الخاص مع الجهات الحكومية وتحديد الحلول اللازمة لها بالتنسيق مع «المركز الوطني للتنافسية».
وتناولت الورشة، بحضور عدد من المستثمرين العقاريين والمهتمين، 4 محاور؛ شملت السياسات والأنظمة المتعلقة بالتشريعات، والتنافسية بين القطاعين العام والخاص، والرسوم الحكومية والضرائب، والكوادر البشرية وسياسات التوطين، حيث ناقشت الورشة من خلال حضورها كل محور منها على حدة، وقدمت فيه عدداً من الحلول المقترحة.
وأشار الحضور من المستثمرين العقاريين إلى أن التشريعات والأنظمة بحاجة لمزيد من المرونة ومواكبة الواقع العقاري وحاجته لتسريع أعماله والنظر في لائحة المكاتب العقارية، مشيرين لتأثره بالقرارات المفاجئة. وفي ذلك أشار مندوب وزارة الإسكان إلى أن الوزارة تراجع التشريعات العقارية وعلاقتها بالأنظمة الأخرى، مؤكداً حاجتها للتعديل، وقال إن الوزارة تعمل على ذلك وأنها ستصدر دليلاً كاملاً للمطورين.
وفي محور الرسوم الحكومية، طالب قطاع الأعمال بالنظر في ارتفاع الرسوم، فيما أكدوا عبر محور التنافسية بين القطاعين العام والخاص وجود تنافس من خلال القطاع العقاري التجاري؛ بينما من حيث الإسكان فهو علاقة تكاملية، مشيرين لأهمية تفعيل دور «المركز الوطني للتنافسية» لإيجاد حدود واضحة لماهية هذه التنافسية وتأثيرها على القطاع الخاص العقاري، فيما طالبوا بمنع الأجنبي من العمل في الشركات العقارية، وذلك فيما يختص بمحور الكوادر البشرية وسياسات التوطين.