تنوعت وسائل الترويج السياحية لتشمل حاليا الأغاني التي أعطت مفعولها وأكدت تأثيرها الإيجابي على جذب السياح وإثارة الانتباه إلى مكان ما.
أكبر دليل على هذا نجاح أعمال فنية تتغنى بجمال المغرب في تحقيق المراد على المستويين المحلي والعالمي. وتجدر الإشارة إلى أن علاقة الفن بالترويج السياحي ليست جديدة كما يتهيأ للبعض. يُذكر منتصر بولال، نائب رئيس المجلس الجهوي للسياحة بمراكش، في هذا الصدد، بتصوير مايكل جاكسون، في 1996، مشاهد من فيديو كليب أغنيته «ذي دونت كير أوباوت آس»، في حي سانتا مارتا الفقير، بريو دي جانيرو، المشهورة بالعنف والإجرام، وكيف ساهم هذا الفيديو في تغيير نظرة العالم للمدينة البرازيلية. أشار أيضا إلى أغنية «ديسباسيتو»، للبورتوريكيين لويس فونسي ودادي يانكي، وكيف ساهمت في الترويج لبورتوريكو بشكل لافت. فقد ارتفعت نسبة السياح بعد صدورها بنحو 300 في المائة، الشيء الذي يدعو إلى تجاوز الصيغة الكلاسيكية للترويج. لم يختلف الأمر في المغرب، فلولا أغنية عن مدينة شافشاون للفنان نعمان الحلو لما تعرف الكثير من المغاربة أنفسهم على جمالها وألوانها ومناظرها. ويتابع بولال بأن المتلقي، مهما كانت جنسيته، يتأثر بفيديو كليب أغنية بشكل أسرع وأقوى. وتزيد هذه القوة حين ترتبط بمشاهير الفن والغناء وأيضا بشباب.
بووم بوووم
حقق فيديو كليب أغنية «بووم بوووم»، الذي أنتجه الفنان المغربي العالمي نادر الخياط، المعروف، بلقب ريدوان، نجاحا باهرا رأى فيه كثيرون ذكاء تسويقياً يصب في مصلحة المغرب على الصعيد العالمي. فقد حظي بأكثر من 101 مليون مشاهدة، لحد الآن.
إلى جانب قيمته الفنية، وطريقة إخراجه المبهرة، عززت مشاركة كل من البورتوريكي دادي يانكي، وفرنش ومونتانا، والمغنية دينا جان من نجاحه. ولأنه صور بين مراكش وتطوان وطنجة ومرزوكة، أظهر تنوع المغرب الجغرافي وعمقه الحضاري مركزا على بنياته التحتية المتميزة ومؤهلاته السياحية. ينقل المشاهد على متن عربة تقليدية مجرورة، من لوس أنجليس إلى قصر البديع بمراكش، حيث تنفتح أمام سائحات أميركيات بوابة البناية التاريخية على إيقاعات موسيقية راقصة، تنقلهن والمشاهد عبر عدد من مدن ومناطق المغرب
موغادور... يا حبي
أغنية أخرى تتغنى بتاريخ وسحر مدينة الصويرة، المعروفة بعدد من الأسماء، منها «موغادور» و«مدينة الرياح»، كما تستعرض صوراً لمآثرها وأسواقها وألوانها.
ويرافق متتبع فيديو كليب الأغنية، التي كتب كلماتها ولحنها الفنان عبد السلام الخلوفي، مجموعة من المغنيين، عبْر عدد من فضاءات المدينة، مستمعاً ومستمتعاً بكلمات تنقل لماضي مدينة تعيش حاضرها، منفتحة على المستقبل وعلى الآخر في الوقت ذاته.
وقال الخلوفي إن الأغنية يتوزعها سعي لإبراز ثلاثة محاور. أولا الجغرافيا من خلال البحر والمناطق المتاخمة له والأسواق، وبعض مآثر ومعالم المدينة؛ وثانياً، التاريخ من خلال استحضار السلطان العلوي سيدي محمد بن عبد الله، الذي كان له فضل تجديد بنائها وتطورها لحد الآن؛ وثالثاً، القيم من خلال إبراز قيم التسامح والتعايش التي تميزها.
فايموس
مغني الراب الأميركي، من أصل مغربي «فرانش مونتانا» يتغنى في هذه الأغنية بمدينة شفشاون، من خلال التركيز على أحيائها القديمة وبيوتها العتيقة المصطبغة باللونين الأبيض والأزرق، فضلاً عن طبيعتها. وغرّد مونتانا، على حسابه الرسمي في «تويتر»: «هذا الفيديو يعني لي الشيء الكثير، لأني صوّرته في بلدي الأم، المغرب». غني عن القول إن الأغنية اشتهرت وجذبت أيضا.
من حلاوة إفران إلى تحدي الشاي
توسل الموسيقى للتغني بجمال المغرب، ليس وليد اليوم، بل يرجع إلى جيل من الفنانين الرواد من القرن الماضي، ومن ذلك أغنية «إفران» لأحمد الغرباوي و«مراكش» للفنان حميد الزاهير، وصولاً إلى أغاني الفنان نعمان لحلو، التي تغنى فيها بعدد من مناطق المغرب، من قبيل شفشاون وتافيلالت ووزان، غير أنها تجارب ظلت تخاطب في معظمها المتلقي المحلي. دخول شباب مغاربة ينشطون فنياً خارج البلد، نذكر منهم نادر الخياط، المشهور بـ«رضوان»، وكريم خربوش، فنان الراب المغربي الأصل، المشهور عالمياً بلقب فرنش مونتانا، كان له مفعول السحر. فإلى جانب شهرتهم، يتمتعون أيضا بصداقات وعلاقات مع عدد من نجوم الفن العالميين وظفوها في هذه الفيديو كليبات. لا يختلف اثنان على أنها مبادرات تتخطى الجانب الفني الصرف، وتتبنى الطابع الترويجي لفن العيش في البلد. ومع ذلك شدت الانتباه وعوض أن تثير الاستنكار أثارت الانبهار.