ربما كان المدير الفني النيجيري صنداي أوليسيه يدرك أكثر مما صرح به عندما قال في أول اثنين من شهر فبراير (شباط) الجاري، إنه يتخيل أن فريق فورتونا سيتارد الهولندي الذي كان يتولى تدريبه سيستغني عن خدماته يوما ما. وقال لاعب خط وسط منتخب نيجيريا السابق آنذاك: «ربما لا أكون هنا الأسبوع القادم. ربما سآتي إلى هنا غدا ويقولون لي: أيها المدير الفني، لقد تمت إقالتك، ولا نريدك هنا بعد الآن».
وفي عيد الحب الموافق 14 فبراير، أعلن نادي فورتونا سيتارد، الذي يلعب في دوري الدرجة الثانية بهولندا، أنه «جمد مسؤوليات» المدير الفني النيجيري – أي أوقفه عن العمل – بسبب «أعمال غير مقبولة جعلت التعاون بين كثير من الأشخاص داخل المنظومة مستحيلا»، وهي القضية المنظورة الآن أمام لجنة التحكيم التابعة للاتحاد الهولندي لكرة القدم، لتحديد ما إذا كان ينبغي إنهاء التعاقد بين أوليسيه والنادي أم لا.
وعندما تولى اللاعب السابق لأندية أياكس أمستردام وبوروسيا دورتموند وكولون تدريب نادي فورتونا، في ديسمبر (كانون الأول) 2016، كان النادي يحتل المركز الثامن عشر في دوري الدرجة الثانية، الذي يضم 20 ناديا؛ لكن في منتصف الموسم الجاري صعد الفريق لمقدمة جدول الترتيب، بعدما حقق الفوز في سبع مباريات متتالية، خلال الفترة بين نوفمبر (تشرين الثاني) ويناير (كانون الثاني)، قبل أن يحقق النادي رقما قياسيا في تاريخه، ويفوز في ثماني مباريات متتالية على ملعبه.
وقد كوّن أوليسيه فريقا من اللاعبين الشباب الذين يلعبون كرة قدم سلسة وجميلة، وكان يُنظر إلى ما حققه المدير الفني النيجيري في بداية العام الجاري على أنه قصة نجاح رائعة، يجب أن يحتذي بها المديرون الفنيون الأفارقة الذين يرغبون في العمل في أوروبا.
لكن سرعان ما بدأت تظهر شائعات عن وجود خلافات وراء الكواليس. ويقول أوليسيه إنه قبل إقالته بأسبوعين قد استُقبل بوجوه عابسة داخل النادي، مضيفا: «عندما فتحت باب غرفة خلع الملابس، قال مساعدي: هل قرأت الصحف؟ هل أقالك النادي من منصبك؟ وأراني على هاتفه ما نشرته الصحف، وقلت له: حسنا، إنها طريقة جيدة لسماع ذلك. وبعد ذلك بعشر دقائق، نشر النادي بيانا قال فيه إنه لم يقلني من منصبي».
هذه رواية دقيقة للأحداث؛ لكن كان هناك شعور، عند إجراء حديث صحافي مع أوليسيه في تلك الفترة القصيرة بين عمليتي الإقالة الحقيقية والمتصورة، بأن الأمور كانت قد انتهت وحُسمت بالفعل، فقد تدهورت نتائج الفريق، وخسر ثلاث مباريات متتالية. ورد أوليسيه على التقارير الصحافية التي كانت مثارة آنذاك بشأن مستقبله مع النادي، قائلا: «لقد كان أسبوعا غريبا ومجهدا. الأمر يتوقف على الفريق، ولا أعرف حقا كيف أساعد اللاعبين على بذل أقصى ما في وسعهم. إنه أمر محزن حقا عندما تنظر إلى الوظيفة التي أنعم الله بها علي؛ لكن في حقيقة الأمر أنا لم أرتكب أي خطأ، فقد قمت بكل ما في وسعي من أجل مصلحة النادي وحتى يكون الفريق جيدا».
لقد كان هناك شيء غير جيد في العلاقة بين الطرفين، سرعان ما ظهر على السطح عندما كتب أوليسيه تغريدة على موقع «تويتر» بعد ساعات من إيقافه، قال فيها إن النادي اتخذ هذا القرار «بسبب رفضي المشاركة في أعمال غير مشروعة في فورتونا سيتارد وانتهاك القانون»؛ مشيرا إلى «الملاك الأجانب» لنادي فورتونا. وكان صاحب أسهم الأغلبية، منذ يوليو (تموز) 2016 هو رجل الأعمال التركي إسيتان غان. ورد النادي بشدة على مزاعم أوليسيه ببيان وصف فيه هذه الادعاءات بأنها «لا أساس لها من الصحة»، وأكد أنه سيتخذ إجراءات قانونية في هذا الصدد. وفي مقابلة مع صحيفة «الأوبزرفر»، قال أوليسيه إنه لا يستطيع أن يوضح تفاصيل عن هذه التصريحات لأسباب قانونية؛ لكن رحيله كان «مريحا على أي حال».
وسوف تتكشف تفاصيل ما حدث في الوقت المناسب؛ لكن وسائل الإعلام المحلية، حتى خلال المسيرة الرائعة لفورتونا في بداية الموسم، أثارت كثيرا من الشكوك حول علاقة أوليسيه بكثير من الشخصيات داخل النادي، واصفة أسلوبه بأنه استبدادي وديكتاتوري. ولم يتراجع المدير الفني النيجيري عن آرائه ووصف ما حدث بأنه «ثأر». ورغم أنه اعترف بأنه «مدير فني حاد الطباع»، فقد أشار إلى التحسن الكبير الذي طرأ على نتائج وأداء الفريق تحت قيادته.
لكن يمكن وصف توقيت انفصال أوليسيه عن النادي الهولندي بأنه كان «مؤسفا»؛ حيث كان المدير الفني النيجيري قد بدأ يشق طريقه بقوة في عالم التدريب في أوروبا، بعد الفترة القصيرة التي تولى خلالها قيادة منتخب بلاده، ثم تدريب ناديين في دوري الدرجة الأولى في بلجيكا، ليبدو اللاعب النيجيري السابق والحاصل على ميدالية دورة الألعاب الأولمبية مع منتخب النسور الخضراء عام 1996، كنموذج يحتذى به للمديرين الفنيين الأفارقة الذي يرغبون في العمل في أوروبا، وكان في طريقه ليصبح المدير الأفريقي الوحيد الذي يتولى فريقا يلعب في الدوري الممتاز في أوروبا.
وقال أوليسيه: «لقد تلقيت عددا هائلا من رسائل البريد الإلكتروني من مديرين فنيين أفارقة، يسألونني عما فعلته لأذهب إلى هذا المدى، وما إذا كان لدي أي أفكار عن كيفية حصولهم على الدورات التدريبية اللازمة. وقال لي كثيرون منهم إن نجاحي قد يساعد على تقدمهم. بالطبع كان هذا الأمر يمثل شكلا من أشكال الضغوط على كاهلي؛ لكنه شيء مثير في حقيقة الأمر».
وقد أظهرت عدة أندية رغبتها في التعاقد مع أوليسيه؛ لكن يتعين عليه الآن أن يحرر نفسه من هذا الوضع الغريب في أقصى جنوب شرقي هولندا، الذي يتدهور بسرعة شديدة.
أوليسيه... السقوط الغريب لرائد التدريب الأفريقي في أوروبا
كان يمثل أملاً للمديرين الفنيين الأفارقة قبل انهيار علاقته مع فريق فورتونا سيتارد الهولندي
أوليسيه حصد الميدالية الذهبية مع منتخب نيجيريا في أولمبياد 1996 - أوليسيه في ملعب فريق فورتونا سيتارد الهولندي قبل فك ارتباطه والوصول للمحكمة
أوليسيه... السقوط الغريب لرائد التدريب الأفريقي في أوروبا
أوليسيه حصد الميدالية الذهبية مع منتخب نيجيريا في أولمبياد 1996 - أوليسيه في ملعب فريق فورتونا سيتارد الهولندي قبل فك ارتباطه والوصول للمحكمة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة

