موسكو قلقة من ضربات أميركية... وتستثني الغوطة وإدلب من الهدنة

بوتين ترأس اجتماعاً لمجلس الأمن الروسي

TT

موسكو قلقة من ضربات أميركية... وتستثني الغوطة وإدلب من الهدنة

صعّدت موسكو لهجتها دفاعا عن تواصل العمليات العسكرية في الغوطة الشرقية لدمشق ضد «الإرهابيين الذين احتجزوا المدنيين رهائن»، وعقد مجلس الأمن الروسي أمس اجتماعا مكرسا لبحث الخطوات الروسية اللاحقة. وحذر من «جدية» التهديدات الأميركية الجديدة بشن ضربات ضد مواقع النظام السوري.
وأعلن الناطق الرئاسي ديمتري بيسكوف أن الرئيس فلاديمير بوتين بحث مع أعضاء المجلس «الوضع في سوريا، وخصوصا في الغوطة على ضوء التهديدات الأميركية المتواصلة». ووصف التطورات بأنها «مصدر قلق شديد»، محذرا من «معطيات لدى وزارة الدفاع الروسية لاحتمال قيام الإرهابيين في الغوطة الشرقية بعمل استفزازي كبير عبر استخدام أسلحة كيماوية». وزاد الناطق باسم الكرملين أن «الإرهابيين في الغوطة الشرقية يرفضون نداءات تسليم الأسلحة ويحتجزون المدنيين رهائن، وهو ما يجعل الوضع متوترا للغاية». وأشارت مصادر مقربة من الكرملين إلى أن موسكو تدرس «الخطوات الممكن اتخاذها في حال وقوع تصعيد، مثل تنفيذ واشنطن تلويحها بتوجيه ضربات جديدة ضد مواقع الحكومة السورية».
وكان الكرملين ذكر في وقت سابق أن بوتين أبلغ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في اتصالين هاتفين السبت الماضي «بالخطوات العملية التي يتخذها الجانب الروسي لإجلاء المدنيين وإيصال شحنات إنسانية وتقديم خدمات طبية للأهالي السوريين المتضررين». وأفاد بيان الرئاسة الروسية بأن بوتين «أبلغ محدثيه بالموقف الروسي القائم على أن وقف القتال لا يشمل العمليات المستمرة ضد المجموعات الإرهابية».
من جهته، أوضح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف تأويل بلاده لآليات تنفيذ قرار مجلس الأمن «2401» حول الهدنة، وقال: «لا يمكن لأي طرف أن يفسره بشكل خارج عن سياقه، لأن القرار يحدد بدء الهدنة باتفاق الأطراف على آليات تنفيذها». وشدد على أن «نظام وقف العمليات القتالية لا يخص بأي شكل من الأشكال تلك العمليات التي تقوم بها الحكومة السورية بدعم من جانب روسيا ضد التنظيمات الإرهابية كافة؛ أي (داعش) و(جبهة النصرة) وكل القوى التي تتعامل معهما»، موضحا أن «هناك أيضا عددا من الجماعات، سواء في الغوطة الشرقية أو في إدلب، التي يقدمها شركاؤها ورعاتها الغربيون كأنها معتدلة، وبينها (أحرار الشام) و(جيش الإسلام)، تتعاون مع (جبهة النصرة) المدرجة على قائمة مجلس الأمن الدولي للتنظيمات الإرهابية».
وأكد لافروف أن «كل شركاء (جبهة النصرة) غير مشمولين بنظام وقف إطلاق النار، وهي تعد أهدافا شرعية لعمليات القوات المسلحة السورية وكل من يدعمون الجيش السوري». وحذر من «استمرار الحملة الإعلامية التضليلية لنشر معلومات استفزازية حول استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا»، في إشارة إلى المعلومات حول استخدام الكلور في الغوطة الشرقية أول من أمس. وأشار إلى أن «هذه المعلومات الكاذبة ينشرها ما يسمى (الخوذ البيضاء) و(المرصد السوري لحقوق الإنسان) الذي يتخذ من لندن مقرا له»، موضحا: «هدف نشر هذه الأكاذيب تشويه سمعة القوات الحكومية وإلقاء كل اللوم عليها، واتهامها بارتكاب جرائم، لتبرير تنفيذ الخطوات التي نراها في المناطق الشرقية السورية، حيث تقوم الولايات المتحدة بتنفيذ سيناريو إقامة دويلة موازية وتقسيم سوريا».
وأكد الوزير الروسي أن بلاده ستواصل توجيه أسئلة إلى واشنطن وأعضاء التحالف الدولي حول هذا الموضوع و«عليهم أن يفسروا لماذا يقومون بهذه الخطوات رغم أن القرار الأممي الذي نتحدث عنه أكد بوضوح على ضرورة احترام سيادة سوريا ووحدة أراضيها».
ورأى أن فرص نجاح تطبيق القرار «2401» مرتبطة بالتزام كل الأطراف السورية على الأرض وكل من يدعمونها، بمن فيهم من الخارج، وكل من يشرفون عليها، بمطالب مجلس الأمن الدولي بشأن الاتفاق على معايير محددة لوقف العمليات القتالية، وضمان هدنة مدتها 30 يوما على الأقل، من أجل تقديم المساعدات الإنسانية والطبية لسكان المناطق السورية التي تحتاج إليها».
وفي السياق، حذر نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف من أن واشنطن «تعد لتوجيه ضربات جديدة ضد مواقع حكومية؛ في مخالفة واضحة لقرار مجلس الأمن الدولي (2401)».
إلى ذلك، أعلنت موسكو أن لافروف سيبحث مع نظيره الفرنسي جان إيف لودريان في موسكو اليوم طيفا واسعا من الملفات الدولية الملحة، على رأسها الأزمة السورية. وأفاد بيان أصدرته الخارجية الروسية بأن الوزيرين سيركزان على تطورات الموقف في سوريا بعد قرار مجلس الأمن، والملفات المرتبطة بالتسوية في سوريا.
على صعيد آخر، رأى خبير عسكري روسي بارز أن إرسال مقاتلات حديثة من طراز «سوخوي57» إلى سوريا، يهدف إلى القيام بتجارب على طرازات جديدة من الصواريخ المحمولة، إضافة إلى القيام باختبار قدرات المقاتلة الحديثة في ظروف العمليات القتالية المباشرة.
وقال إيغور كوروشينكو الخبير العسكري الروسي ورئيس تحرير مجلة «الدفاع الوطني» إن أول مرحلة في اختبار المقاتلات نجحت من خلال المناورات التي قامت بها خلال توجهها إلى قاعدة حميميم. وكانت موسكو أرسلت مقاتلتين من هذا الطراز الأسبوع الماضي. ونقلت صحيفة «كوميرسانت» عن مصادر عسكرية أن وزارة الدفاع أرسلت سربا آخر يتكون من 4 مقاتلات من الطراز ذاته في اليومين الماضيين.
وأوضح الخبير العسكري أن قرار استخدام «سوخوي57» في سوريا اتخذ منذ شهور «وكانت وزارة الدفاع تنتظر التوقيت الملائم للتنفيذ»، معربا عن ثقة لدى وزارة الدفاع الروسية بأنه «حتى بعيدا عن الأراضي الروسية توجد أسس للتعويل على نجاح تجريبي قتالي للمقاتلات الروسية من الجيل الخامس في ظروف الحرب الحقيقية».
ورأى كوروشينكو أن الغرض من إرسال «سوخوي57» إلى سوريا يشمل عدة أهداف؛ «منها اختبار أنواع جديدة من الصواريخ الموجهة والقنابل المحمولة داخل هيكل هذا الطراز من الطائرات في ظروف الحرب الحقيقية، واختبار منظومة الرادار المحمولة، والتأكد من دقة خصائصها التكتيكية والتقنية، بما في ذلك نطاق الكشف المحدد عن أهداف حقيقية».



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».