نزيهة رشيد فارسة من جيل الخمسينات

اختطفت يد المنون قبل أيام فارساً آخر من فرسان الخمسينات الذهبية في العراق، ورفيقة من رفاق العمر، الرسامة نزيهة رشيد. ولكنها لم تلفظ أنفاسها الرقيقة الأخيرة في بغداد، وإنما في نيويورك، ديار الغربة. وكلها بعد تشرد بين بغداد ولندن ونيويورك والمغرب العربي.
درست نزيهة الأدب العربي في كلية الآداب في بغداد، ولكن هواها لم يكن مع الأدب بقدر ما كان مع الفن. فانتقلت إلى معهد الفنون الجميلة حيث تتلمذت على يد أبي الفن العراقي الحديث، فائق حسن. واصلت هذه الدراسة في لندن ثم أميركا حيث نالت شهادة الماجستير في الرسم. عادت لبغداد لتدرس الرسم في كلية الآداب. بيد أن أيام حياة بغداد التي عرفتها وعرفناها لم تعد تلك الأيام فشعرت بالضيق والكآبة. دفعها ذلك إلى اللحاق بقطار سائر مثقفي العراق وبدأت حياة التشرد والضياع. وكانت تعاني باستمرار من المرض الذي نغص حياتها منذ صباها في الأعظمية.
تأثرت كمعظم رسامي العراق بفائق حسن، فراحت تواصل المدرسة الانطباعية، ولكنها في السنوات الأخيرة كرست وقتها لرسم المرأة العراقية الفلاحية بأسلوب يقرب إلى «البرمتيف». بيد أن شخصيتها الحقيقية كانت في حياتها التي عبرت فيها عن مشاعر التحرر والانطلاق والتحدي. قلت لها يوماً، ينبغي أن يصنعوا تمثالاً لك يمثل شجاعة تحرر بنات الخمسينات.