الواسابي... الفجل الياباني الذي أحب الجبال والمياه العذبة

جمع كضريبة قديماً

الواسابي... الفجل الياباني الذي أحب الجبال والمياه العذبة
TT

الواسابي... الفجل الياباني الذي أحب الجبال والمياه العذبة

الواسابي... الفجل الياباني الذي أحب الجبال والمياه العذبة

الواسابي أو الفجل الحار أو الفجل الياباني، من الخضراوات الفريدة والهامة لمطبخ واحد من المطابخ العالمية الراقية والمتميزة ألا وهو المطبخ الياباني كما هو واضح من الاسم.
ورغم أنه مجرد نوع واحد من أنواع الفجل، فهو يحظى بمكانة عالية واهتمام مطبخي لا يحظاه كثير من الخضراوات والفواكه والمواد الأخرى. ولأنه صعب التربية ومدلل من ناحية التربة والمياه والمناخ، فإنه يحظى بمكانة فريدة في التراث والمطبخ اليابانيين منذ قرون طويلة. وقد شاع صيته في السنوات الماضية مع انتشار الكثير من الأفكار والمواد المطبخية الغريبة والأجنبية نتيجة الاستخدام الواسع لشبكة الإنترنت والمواقع الاجتماعية وارتفاع عدد المطاعم والأطباق اليابانية والاهتمام بهما حول العالم.
الاسم العلمي لنبتة الوسابي هو يوتريما جابونيكوم - Eutrema japonicum، وأن النبتة من الفصيلة الصليبية، التي تشمل كذلك الكرنب والفجل والخردل، ويعرف الواسابي بأسماء عدة كما سبق وذكرنا «الفجل الياباني»، أو «الفجل الحار» أو الجرجار، وتستخدم جذوره كما نعرف «في عمل البهارات حيث إن لها نكهة قوية للغاية. تقترب حدة طعمه إلى الخردل الحار منه إلى الكابساسين في الفلفل الحار، فهو ينتج أبخرة تحفز الممرات الأنفية أكثر من اللسان. ينمو الواسابي بشكل طبيعي - دون تدخل الإنسان - على طول مجرى الأنهار في الوديان الجبلية في اليابان».
وتضيف الموسوعة الحرة، «بأن الإحساس بالحرقان الذي يمكن أن يحدثه الواسابي «هو إحساس قصير المدى بالمقارنة مع الآثار المترتبة على الفلفل الحار».
وكان يطلق على الواسابي في قاموس الأعشاب الطبية هونزو واميو الذي وضعه فوكاني - نو - سوكيهيتو عام 918، اسم ياماوي - Yamaaoi (ياما تعني جبل باليابانية)، لأن الناس عثروا عليه أولا في الجبال ولان أوراقه تشبه أوراق أنواع الخبيزة. ويقال أيضا إن الناس أطلقوا عليه اسم أوي - Aoi (وهي نبتة خطمية - hollyhock - تنتمي إلى أنواع الخبيزة وشكل أوراقها يشبه شكل القلب)، وتنمو هذه النبتة في الوديان على ضفاف الأنهار والجداول (سوا - sawa)، ولذا أطلق عليه أولا اسم ساوا - أوي - Sawa - aoi ثم تم تقضيره إلى واساهي - wasahi. لكن لا يعرف حتى الآن كيف رسى الاسم على صيغة الـ«واسابي - wasabi» في النهاية.
يمكن شراء الواسابي بثلاثة أشكال، أي كجذور طازجة كالفجل يتم بشرها بنعومة قبل الاستخدام وهذه هي الطريقة اليابانية التقليدية أو يمكن شراؤه بكميات كبيرة كمسحوق أو بودرة ليستخدم في المطاعم أو كمعجون في أنابيب كأنابيب معجون الأسنان (خليط من الفجل والخردل ومكسبات ألوان). إلا أن المطاعم المعروفة والهامة فلا تستخدم إلا الواسابي الطازج وتحضر معجونه في مطابخها الخاصة.
عادة يتكون المعجون من الفجل فقط، حيث إن الواسابي الجديد يكون أكثر قابلية للتلف وأكثر تكلفة من الفجل. بمجرد إعداد المعجون يجب أن يبقى مغطى إلى أن يقدم للمستهلك وذلك لحماية النكهة من التبخر. ولهذا السبب، فإن طهاة السوشي عادة يضعون الواسابي على مائدة الأسماك والأرز. و«يقدم الواسابي غالبا مع السوشي أو الساشيمي، جنبا إلى جنب مع صلصة الصويا».
ويقول موقع «جابانيز إنغريديانتس» بهذا الإطار، إن مسحوق أو بودرة الواسابي تستخدم عادة مع البقوليات مثل الفول السوداني وفول الصويا أو البازلاء، مقلية أو محمصة مع مسحوق الواسابي الذي يحضر مع الزيت والسكر والملح. وتعتبر هذه البقوليات الواسابية وجبة خفيفة لذيذة.
كما يستخدم معجون الواسابي إلى جانب أطباق الساشيمي المعروفة وهي أطباق من المأكولات البحرية النيئة مقطعة كشرائح رقيقة وتقدم مع صلصة الصويا.
عادة ما يتم بشر الواسابي بمبشارة معدنية، رغم أن اليابانيين يفضلون استخدام الأدوات التقليدية «المصنوعة من جلد سمك القرش المجفف حيث يكون الجلد ناعما على جانب واحد وخشنا من الناحية الأخرى». وإذا لم تتوفر مبشارة جلد القرش، يفضل الناس استخدام مادة السيراميك.
مهما يكن، من شأن الواسابي أن يفسد أو يفقد طعمه إذ لم يأكل بسرعة أو خلال ربع ساعة من استخدامه.
من الصعب زراعة الواسابي والعناية به، إذ إن الأماكن التي تناسب زراعته حتى في الظروف المثالية قليلة جدا، ولذا يزرع بشكل رئيسي وينمو في قاع مجاري الأنهار في الوديان اليابانية عادة.
كما يفضل الواسابي بيئة المياه الصافية الجارية والعذبة التي لا تحتوي على المبيدات أو أسمدة أو أي من المواد الكيماوية الخاصة بالزراعة.
وتعتبر مناطق شمال غربي المحيط الهادي، وأجزاء من جبال بلو ريدج مناطق مثالية لزراعة الواسابي إذ توازن بدقة بين المناخ والمياه ما يناسب الزراعة الطبيعية للواسابي. ويقول موقع «جابانيز إنغريديانتس» بهذا الخصوص، إن عملية زراعة وإنتاج الواسابي وتحصيله تستغرق سنة ونصف السنة. وإن الأزهار الصغيرة التي تنتجها النبتة خلال فصل الربيع يتم استخدامها وتخليلها بصلصة الصويا بشكل عام.
ويزرع الواسابي بشكل رئيسي وبشكل طبيعي في شبه جزيرة إزو في مقاطعة شيزوكا في سهول أزومينو في محافظة ناغانو. وشيمانه وياماناشي وإيواته. «وهناك بعض المزارع الاصطناعية في شمال البلاد مثل هوكايدو وفي الجنوب وفي منطقة كيوشو».
ولأن «الطلب على الواسابي عالٍ جدا... تضطر اليابان إلى استيراد كمية كبيرة منه» من عدة بلدان وعلى رأسها الصين وتايوان ونيوزيلندا. ولنفس السبب أي ارتفاع الطلب عليه يابانيا وبعض الأسواق العالمية بسبب شهرته، بدأت بعض الشركات في أميركا الشمالية وصغار المزارعين بزراعته وإنتاجه على نطاق واسع خصوصا في ولاية كارولينا. كما بدأت مؤخرا كولومبيا وكندا وبريطانيا من إنتاج كميات لا بأس بها من هذا الفجل الحار للاستهلاك المحلي وللتصدير.
تقول المعلومات المتوفرة إن الواسابي جاء أصلا من شبه جزيرة ازو في ومحافظة شيزوكا غي شرق جنوبي البلاد. ويعتبر الواسابي جزءا لا يتجزأ من التراث المطبخي الياباني منذ قرون كثيرة. وحسب الوثائق المتوفرة فإن استخدامه يعود إلى القرن العاشر للميلاد حيث كان يستخدم للطعام والطبخ وللعلاج الطبي المحلي أيضا بسبب فوائده الجمة.
وحسب المعلومات المتوفرة على موقع «ريل واسابي»، فإنه «وفقا للأسطورة اليابانية، تم اكتشاف الواسابي قبل مئات السنين في قرية جبلية نائية من قبل أحد الفلاحين أو المزارعين الذين قرروا زراعته بالمصادفة. وتقول الأسطورة أو الخبرية إن المزارع عرض الواسابي على توكوغاوا إياسو، وهو أمير حرب ياباني في ذلك الوقت. وقد أحب الأمير إياسو الذي أصبح في وقت لاحق شوغون أي حاكما عسكريا لليابان، أحب الواسابي كثيرا، فأعلنه ككنز من كنوز البلاد، لا تتم زراعته إلا في محافظة شيزوكا جنوب شرقي البلاد. وجاء في أقدم الوثائق الحكومية اليابانية المعروفة باسم إينجيشيكي - Engishiki والتي تضم القوانين والعادات القديمة، أنه تم جمع الواسابي كضريبة في الولايات اليابانية والعاصمة، كما هو الحال مع المواد الهامة أيام الإمبراطورية الرومانية وغيرها.
وحسب المعلومات التاريخية أيضا، وفي وصف هزيمة عشيرة هايكا في حرب دان نورا، التي دارت بين عامي 795 و797. تقول بعض المعلومات المتوفرة إن الناجين من الحرب فروا إلى أجزاء أخرى من هونشو وشيكوكو وكيوشو. واستقر بعضهم بالقرب من جبل باهون إلى جانب نهر نيشيكي، محاولين العيش بأمان وسلام مركزين على الزراعة والصيد وبعض الحرف الرئيسية الهامة.
وبما أن نبتة الواسابي كانت تنمو بكثرة في البرية والوديان في باهون ومستجمعات المياه في كيتاني - كيو، يعتقد أن الناجين من قبيلة الهايكا قد جمعوا الواسابي البري لاستخدامه لتتبيل شرائح سمك الـ«يامام» (نوع من أنواع سمك السلمون المرقط) واللحم الطازج.
ويقول موقع «ريل واسابي» في هذا الإطار، إن الكثير من أبناء القبيلة كانوا النبلاء ومن طبقة محاربي الساموراي أصلا، وكانوا على دراية بحياة وثقافة عاصمة اليابان الامبريالية القديمة كيوتو. مع هذه المعرفة في المطبخ الكيوتوي، أكلوا الخضراوات المخللة المصنوعة من أوراق وجذوع الوسابي إلى جانب كثير من النباتات البرية الصالحة للأكل. هذه إحدى القصص التي منحت الواسابي شعبيته الكبيرة في اليابان.


مقالات ذات صلة

البطاطا الحلوة... وصفات جديدة لمواجهة برودة الطقس

مذاقات غلاش محشو بالبطاطا الحلوة من الشيف أميرة حسن (الشرق الأوسط)

البطاطا الحلوة... وصفات جديدة لمواجهة برودة الطقس

البطاطا الحلوة بلونها البرتقالي، تُمثِّل إضافةً حقيقيةً لأي وصفة، لا سيما في المناسبات المختلفة. إذ يمكنك الاستمتاع بهذا الطبق في جميع الأوقات

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات برغر دجاج لشيف أحمد إسماعيل (الشرق الأوسط)

كيف تحصل على برغر صحي ولذيذ في المنزل؟

عندما نفكر في الوجبات السريعة، تكون تلك الشريحة اللذيذة من اللحم التي تضمّها قطعتان من الخبز، والممتزجة بالقليل من الخضراوات والصلصات، أول ما يتبادر إلى أذهاننا

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات فطور مصري (إنستغرام)

«ألذ»... أكل بيت مصري في مطعم

ألذ الأطباق هي تلك التي تذكرك بمذاق الأكل المنزلي، فهناك إجماع على أن النَفَس في الطهي بالمنزل يزيد من نكهة الطبق

جوسلين إيليا (لندن)
مذاقات 
شوكولاته مع الفراولة (الشرق الأوسط)

ودّع العام بوصفات مبتكرة للشوكولاته البيضاء

تُعرف الشوكولاته البيضاء بقوامها الحريري الكريمي، ونكهتها الحلوة، وعلى الرغم من أن البعض يُطلِق عليها اسم الشوكولاته «المزيفة»

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات طاولة العيد مزينة بالشموع (إنستغرام)

5 أفكار لأطباق جديدة وسريعة لرأس السنة

تحتار ربّات المنزل ماذا يحضّرن من أطباق بمناسبة أعياد الميلاد ورأس السنة؛ فهي مائدة يجب أن تتفوّق بأفكارها وكيفية تقديمها عن بقية أيام السنة.

فيفيان حداد (بيروت)

«ألذ»... أكل بيت مصري في مطعم

فطور مصري (إنستغرام)
فطور مصري (إنستغرام)
TT

«ألذ»... أكل بيت مصري في مطعم

فطور مصري (إنستغرام)
فطور مصري (إنستغرام)

ألذ الأطباق هي تلك التي تذكرك بمذاق الأكل المنزلي، فهناك إجماع على أن النَفَس في الطهي بالمنزل يزيد من نكهة الطبق لعدة أسباب؛ على رأسها الشغف والحب والسخاء.

شوربة الفطر (الشرق الأوسط)

ألذ الأطباق المصرية تجدها في «ألذ» المطعم المصري الجديد الذي فتح أبوابه أمام الذواقة العرب والأجانب في منطقة «تشيزيك» غرب لندن.

نمط المطعم يمزج ما بين المطعم والمقهى، عندما تدخله سيكون التمثال الفرعوني والكراسي الملكية بالنقوش والتصاميم الفرعونية بانتظارك، والأهم ابتسامة عبير عبد الغني، الطاهية والشريكة في المشروع، وهي تستقبلك بحفاوة ودفء الشعب المصري.

شوربة العدس مع الخضراوات (الشرق الأوسط)

على طاولة ليست بعيدة من الركن الذي جلسنا فيه كانت تجلس عائلة عبير، وهذا المشهد يشوقك لتذوق الطعام من يد أمهم التي قدمت لنا لائحة الطعام، وبدت علامات الفخر واضحة على وجهها في كل مرة سألناها عن طبق تقليدي ما.

لحم الضأن مع الأرز المصري (الشرق الأوسط)

المميز في المطعم بساطته وتركيزه على الأكل التقليدي وكل ما فيه يذكرك بمصر، شاشة عملاقة تشاهد عليها فيديوهات لعالم الآثار والمؤرخ المصري زاهي حواس الذي يعدُّ من بين أحد أبرز الشخصيات في مجال علم المصريات والآثار على مستوى العالم، وهناك واجهة مخصصة لعرض الحلوى المصرية وجلسات مريحة وصوت «كوب الشرق» أم كلثوم يصدح في أرجاء المطعم فتنسى للحظة أنك بمنطقة «تشيزيك» بلندن، وتظن لوهلة أنك في مقهى مصري شهير في قلب «أم الدنيا».

كبدة إسكندراني (الشرق الأوسط)

مهرجان الطعام بدأ بشوربة العدس وشوربة «لسان العصفور» وشوربة «الفطر»، وهنا لا يمكن أن نتخطى شوربة العدس دون شرح مذاقها الرائع، وقالت عبير: «هذا الطبق من بين أشهر الأطباق في المطعم، وأضيف على الوصفة لمساتي الخاصة وأضع كثيراً من الخضراوات الأخرى إلى جانب العدس لتعطيها قواماً متجانساً ونكهة إضافية». تقدم الشوربة مع الخبز المقرمش والليمون، المذاق هو فعلاً «تحفة» كما يقول إخواننا المصريون.

الممبار مع الكبة وكفتة الأرز والبطاطس (الشرق الأوسط)

وبعدها جاء دور الممبار (نقانق على الطريقة المصرية) والكبة والـ«سمبوسة» و«كفتة الأرز» كلها لذيذة، ولكن الألذ هو طبق المحاشي على الطريقة المصرية، وهو عبارة عن تشكيلة من محشي الباذنجان، والكرنب والكوسة والفليفلة وورق العنب أو الـ«دولما»، ميزتها نكهة البهارات التي استخدمت بمعيار معتدل جداً.

محشي الباذنجان والكرنب وورق العنب (الشرق الأوسط)

أما الملوخية، فحدث ولا حرج، فهي فعلاً لذيذة وتقدم مع الأرز الأبيض. ولا يمكن أن تزور مطعماً مصرياً دون أن تتذوق طبق الكشري، وبعدها جربنا لحم الضأن بالصلصة والأرز، ومسقعة الباذنجان التي تقدم في طبق من الفخار تطبخ فيه.

الملوخية على الطريقة المصرية (الشرق الأوسط)

وبعد كل هذه الأطباق اللذيذة كان لا بد من ترك مساحة لـ«أم علي»، فهي فعلاً تستحق السعرات الحرارية التي فيها، إنها لذيذة جداً وأنصح بتذوقها.

لائحة الحلويات طويلة، ولكننا اكتفينا بالطبق المذكور والأرز بالحليب.

أم علي وأرز بالحليب (الشرق الأوسط)

يقدم «ألذ» أيضاً العصير الطبيعي وجربنا عصير المانجو والليمونادة مع النعناع. ويفتح المطعم أبوابه صباحاً ليقدم الفطور المصري، وهو تشكيلة من الأطباق التقليدية التي يتناولها المصريون في الصباح مثل البيض والجبن والفول، مع كأس من الشاي على الطريقة المصرية.

المعروف عن المطبخ المصري أنه غني بالأطباق التي تعكس التراث الثقافي والحضاري لمصر، وهذا ما استطاع مطعم «ألذ» تحقيقه، فهو مزج بين البساطة والمكونات الطبيعية واستخدم المكونات المحلية مثل البقوليات والأرز المصري.

كشري «ألذ» (الشرق الأوسط)

وعن زبائن المطعم تقول عبير إن الغالبية منهم أجانب بحكم جغرافية المنطقة، ولكنهم يواظبون على الزيارة وتذوق الأطباق المصرية التقليدية، وتضيف أن الملوخية والكشري وشوربة العدس من بين الأطباق المحببة لديهم.

وتضيف عبير أن المطعم يقدّم خدمة التوصيل إلى المكاتب والبيوت، كما يقوم بتنظيم حفلات الطعام على طريقة الـCatering للشركات والحفلات العائلية والمناسبات كافة.