الفلافل في لبنان... كل يتناولها على هواه

لطالما تضاربت الروايات التي تحكي عن تاريخ طبق «الفلافل» وأصوله. ففيما المصريون يؤكدون بأن «الطعمية» تنبع من تراث مطبخهم، فإن الفلسطينيين يؤكدون بأن جذوره تعود إلى مدينة عكا وأن اسم فلافل يعود إلى عائلة معروفة فيها. أما اللبنانيون والسوريون فالجدال معهم لن يوصلك إلى نتيجة كونهم يعتبرون أن هذا الطبق انبثق من مطبخ «بلاد الشام» ويحددون تاريخه بالقرون الوسطى.
فهذا الطبق الشعبي المعروف بـ«وجبة الفقراء» في لبنان وبـ«كباب الفقراء» في مصر بقي محافظا على شهرته على الرغم من محاولة منافسته بأطباق سريعة أخرى كالـ«ناغيتس» و«الهوت دوغ» وما إلى هنالك من أطباق غربية تعرف بـ«فاست فود».
وعلى الرغم من إدراج ساندويتش الفلافل في خانة الطعام المتدني السعر في لبنان إذ كان لا يتجاوز الـ50 قرشا لبنانيا في السبعينات، فإنه اليوم بات يوازي بثمنه ساندويتشات طعام أخرى بعدما ارتفع سعره إلى 3 آلاف ليرة لبنانية (ما يوازي دولارين اثنين).
وبحسب ميشال فريحة أحد أصحاب مطاعم الفلافل المشهورة في بيروت فإن مكونات هذا الطبق المؤلفة من الفول والحمص ارتفعت مع الوقت مما ساهم في غلائها.
وتنتشر المطاعم في لبنان التي تقدم هذا الساندويتش لتشمل تلك المعروفة في بيروت تحت اسم «فلافل صهيون» و«فلافل خليفة» و«فلافل أبو الزوز» و«فلافل بربر» و«فلافل فريحة». ولتشتهر في طرابلس بأسماء أخرى كـ«فلافل البيك» و«فلافل الصوفي». أما أهالي صيدا فينصحونك بمحلات «فلافل أبو رامي» و«فلافل عكاوي».
وفي منطقة المتن تكثر مطاعم الفلافل تحت أسماء «أبو أندريه» و«أراكس» و«فلافل جوزيف» و«كريم صهيون».
وعلى الرغم من أن كل يغني للفلافل على ليلاه، فوحده اللبناني الذي يقرر أيها الأفضل منها، وعادة ما يفضل اللبناني تناوله جاهزا بواسطة خدمة «الدليفري» أو في المطعم. فإن التهافت على مطعم دون غيره عادة ما يرتبط ارتباطا مباشرا بموقعه، كون اللبناني يفضل الجار على غيره، فالصداقة والعادة عنصران يتحكمان مباشرة بهذه العلاقة تحت عنوان «عشرة عمر طويلة».
وتتألف مكونات طبق الفلافل في لبنان من الحمص والفول والبصل والثوم المخلوطة بالكمون وملعقة صغيرة من كربونات الصوديوم. إلا أن طعم هذا الطبق يختلف بين محل وآخر حسب طريقة تحضيره.
أما عملية تقديمه فتشكل عنصرا مهما لتناوله بشهية فيرفق مع النعناع والبندورة ومخلل اللفت والفلفل الحار مع صلصة «الطرطور» (طحينة مع عصير الليمون).
أما الميزة الأساسية التي يجب أن يتحلى بها هذا الطبق فهي طعمه «المقرمش» وإلا فإنه يعتبر غير طازج. كما في استطاعتك أن تدرك جودة مطعم عن غيره من خلال رائحة الطبق التي يجب ألا تكون مقرونة بأي أثر للزيت المقلي. ويقول ميشال فريحة معلقا: «يجب أن يجدد الزيت الذي يتم قلي الفلافل فيه وإلا اتخذ طعما نتنا ورائحة غير ذكية». بعض اللبنانيين يفضلون تناول الفلافل وقوفا أي ملفوفا بساندويتش مصنوع من الخبز اللبناني الصغير الحجم. فيما يدرجه آخرون من ضمن لائحة المازة اللبنانية التي يجب أن تزين المائدة قبل تناول الأطباق الرئيسية.
محاولات كثيرة جرت من قبل بعض المطاعم الجديدة على الساحة اللبنانية من أجل تحديث هذا الطبق وتقديمه في حلة تخرج عن المألوف، كمطعم «جاست فلافل» الذي أدرج هذا الطبق بنكهات مختلفة نسبة إلى بلدان عدة. فكان لدى الزبون خيارات واسعة لتناولها على الطريقة المكسيكية واليونانية والإسبانية وغيرها. إلا أنه لم ينجح في استقطاب الزبائن وأقفل فروعه في لبنان بعدما لمس عدم إعجاب اللبناني بأطباقه. وبعضهم اعتبر أن «جاست فلافل» أساء إلى هذا الطبق التقليدي الأصيل. فعلقت إحداهن على الصفحة الإلكترونية الخاصة بالمطعم المذكور تقول: «لن أنصح به أحدا فلا شيء يضاهي طعم الفلافل الأصلية لا سيما وأنهم بالغوا في تطويره».
وبالعودة إلى أصول وتاريخ هذا الطبق فإن أحدث ما أعلن في هذا الصدد فوز مصر بلقب «أفضل بلد» يعد طبق الفلافل في العالم العربي وذلك خلال احتفال أقامه «الاتحاد الدولي للبقول» في سوق بورو في لندن (عام 2016).