وفد إعلامي سعودي كبير في العراق وسط حفاوة بالغة

الرئيس معصوم أكد لأعضائه عمق العلاقات بين بغداد والرياض

الرئيس العراقي فؤاد معصوم لدى استقباله أمس أعضاء الوفد الإعلامي السعودي (موقع رئاسة جمهورية العراق)
الرئيس العراقي فؤاد معصوم لدى استقباله أمس أعضاء الوفد الإعلامي السعودي (موقع رئاسة جمهورية العراق)
TT

وفد إعلامي سعودي كبير في العراق وسط حفاوة بالغة

الرئيس العراقي فؤاد معصوم لدى استقباله أمس أعضاء الوفد الإعلامي السعودي (موقع رئاسة جمهورية العراق)
الرئيس العراقي فؤاد معصوم لدى استقباله أمس أعضاء الوفد الإعلامي السعودي (موقع رئاسة جمهورية العراق)

أكد الرئيس العراقي فؤاد معصوم حرص بلاده على تطوير العلاقات بين العراق والسعودية لأفضل ما ينبغي أن تكون عليه خلال لقائه أمس الوفد الإعلامي السعودي الذي يزور العراق حاليا. وقال عبد الله علياوي مستشار الرئيس العراقي الذي حضر اللقاء في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «اللقاء اتسم بالجدية حيث تبادل الرئيس والوفد الشقيق مختلف ميادين وجوانب العلاقة المتنامية بين البلدين التي توجت بهذه الزيارة التي يعول عليها كثيرا لجهة إعطاء صورة حقيقية عن الأوضاع في العراق».
وأضاف علياوي أن «الرئيس معصوم أبلغ الوفد حرص العراق على أن تكون علاقته بالأشقاء العرب وفي مقدمتهم الإخوة في المملكة على أفضل ما تكون بعد أن تم طي صفحة الخلافات التي كان لها أثر سلبي طوال السنوات الماضية»، مبينا أن «العراق كان قد أبدى منذ البداية بعد سقوط نظام صدام حسين على أن ينفتح على الإخوة العرب في مختلف الميادين ولكن الأمور بقيت لسنوات على ما هي عليه بيد أن الأمور اختلفت اليوم حيث نجد تبادل الزيارات وتعميقا لمسار العلاقات سواء في السياسة أو الاقتصاد أو الإعلام».
ويضم الوفد رئيس مجلس إدارة هيئة الصحافيين السعوديين رئيس تحرير صحيفة «الجزيرة» خالد المالك ورؤساء تحرير صحيفة «الوطن» عثمان الصيني و«المدينة» فهد عقران و«الرياض» فهد العبد الكريم ومجلة «الرجل» محمد الحارثي وصحيفة «مكة» علي الزيد ورئيس التحرير المساعد لصحيفة «الحياة» سعود الريس إلى جانب عدد من الشخصيات الإعلامية السعودية الأخرى.
والتقى الوفد الإعلامي السعودي أيضا رئيس البرلمان العراقي الدكتور سليم الجبوري ووزير الخارجية إبراهيم الجعفري كما زار عددا من المؤسسات الإعلامية العراقية وعقد عدة لقاءات مع نقابة الصحافيين العراقيين. وكانت السعودية والعراق قد وقعا برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ورئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي وبحضور وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون في 22 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بالرياض اتفاقية تأسيس مجلس التنسيق السعودي - العراقي.
إلى ذلك، أكد نقيب الصحافيين العراقيين ورئيس اتحاد الصحافيين العرب مؤيد اللامي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «زيارة وفد إعلامي سعودي بهذا الحجم وبعد قطيعة بين البلدين استمرت لثمانية وعشرين عاما إنما هي مؤشر على بدء مرحلة جديدة في العلاقات بين بغداد والرياض على كل الصعد والمستويات وطي كامل لصفحة الماضي التي كانت مؤلمة بكل المقاييس». وأضاف اللامي أن «البعد الإعلامي في البلدين هو أحد الأبعاد المكملة للانفتاح الحكومي الذي حقق مستويات جيدة في الجوانب السياسية والاقتصادية وبالتالي وجدنا أن من الضروري تعزيز الرؤية الإعلامية بين العراق والمملكة لكي تنجح المسائل الأخرى التي لا تزال تنتظر التطبيق على أرض الواقع». وأوضح اللامي أن «اعتمادنا مبدأ الدبلوماسية الناعمة في سبيل ترسيخ العلاقة بين البلدين الشقيقين سيكون له أكبر الأثر على نمو العلاقات بصورة أكثر رسوخا»، مبينا أن «الانفتاح المتبادل بين الإعلامي السعودي والعراقي هو جزء من سياستنا في الانفتاح على أشقائنا في الخليج العربي وهو ما عملناه مع الكويت حيث أسفرت العلاقات الإعلامية المتميزة على ما تحقق في مؤتمر إعادة الإعمار الذي كان للكويت دورها المهم على صعيد تذليل كل الصعوبات حيث كنا استقبلنا الشهر الماضي وفدا إعلاميا كويتيا مماثلا».
من جانبه، أكد إسماعيل زاير، رئيس تحرير جريدة «الصباح الجديد» العراقية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه الزيارة فتحت أبوابا كانت مغلقة طوال أكثر من عقدين من الزمن حيث كانت المواقف سواء كانت الإعلامية أو السياسية سواء بين العراق والمملكة العربية السعودية أو مع دول الخليج كلها سلبية تماما وكانت دائما المعلومات تنقل من طرف إما لا يريد الخير للبلدين أو لا يملك المعلومات الحقيقية التي يصعب الحصول عليها دون انفتاح كامل وشفاف». وأضاف زاير أن «ما بتنا نلمسه كإعلاميين عراقيين سواء بالانفتاح بيننا وبين المملكة أو العلاقة مع بلد خليجي آخر هو الكويت، حيث كنا الأسبوع الماضي، هو أن هناك جدية كاملة لدى الأشقاء في البلدين على تحقيق أقصى قدر من التكامل الإعلامي وهو ما نأمله على صعيد العلاقة مع السعودية»، مبينا أن «الآمال معقودة على تطور في المجالات الإعلامية المختلفة في إطار بناء صحيح يتم من خلاله تبادل مراسلين بين البلدين أو تبادل معلومات أو تعاون تقني وسواه من المجالات والميادين التي كانت غير متاحة في الماضي».
بدوره، أكد علي بن عبد الله، رئيس تحرير جريدة «مكة» السعودية، لـ«الشرق الأوسط» أن «زيارة الوفد الإعلامي السعودي إلى العراق جاءت نتيجة للتقارب الذي بدأ يعطي ثماره بين البلدين في مختلف الميادين حيث كان هناك تواصل على مدى العامين الماضيين وعلى أعلى الأصعدة بين القيادات السياسية وهو ما نتج عنه تقارب في ميادين أخرى منها الاقتصاد والآن الإعلام». وأضاف أن «التقارب في الميادين الإعلامية يتم تتويجه بهذه الزيارة التي سوف تفتح آفاقا مثمرة بين الجانبين لا سيما أن جدول الأعمال المزدحم بلقاءات القيادات العراقية يعطي الانطباع بجدية الاهتمام وما سيترتب عليه حيث وجدنا اهتماما وتفهما عاليين من قبل الإخوة العراقيين في أهمية العلاقة الجديدة بين العراق والمملكة». وحول طبيعة تعامل المواطنين في الشارع العراقي مع الوفد السعودي بعد قطيعة طويلة، قال بن عبد الله: «لقد غمرنا الإخوة في العراق بدءا من المطار وفي كل مكان حللنا فيه بحفاوة غير مسبوقة ومع أنني لم أزر العراق من قبل لكنني لم أفاجأ بالكرم العراقي وبحجم ما يكنه العراقيون لأشقائهم في المملكة».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.