هاديرجوناج: حققت حلم حياتي باللعب في الدوري الإنجليزي

عندما لعب الظهير الأيمن السويسري فلورنت هاديرجوناج أول مباراة له أمام أحد فرق الدوري الإنجليزي الممتاز انتابه شعور بأن هذه قد تكون المرة الأولى والأخيرة التي سيلعب فيها أمام الفرق الإنجليزية، حيث كان هاديرجوناج يلعب لفريق يانغ بويز السويسري وواجه إيفرتون الإنجليزي في إطار مباريات خروج المغلوب في الدوري الأوروبي لموسم 2014-2015، وانتهت المباراة الأولى في سويسرا بفوز إيفرتون بأربعة أهداف مقابل هدف وحيد، وهي المباراة التي أحرز خلالها المهاجم البلجيكي روميلو لوكاكو 3 أهداف.
وفي مباراة العودة على ملعب «غوديسون بارك»، جلس هاديرجوناج، الذي كان يبلغ من العمر 20 عاماً آنذاك، على مقاعد البدلاء، وخسر فريقه بثلاثة أهداف مقابل هدف. وأحرز لوكاكو هدفين في هذه المباراة ليساعد إيفرتون على التأهل للدور الثاني بعد الفوز بنتيجة 7 أهداف مقابل هدفين في مجموع مباراتي الذهاب والعودة. يتذكر هاديرجوناج ما حدث قائلاً: «كان لوكاكو قوياً للغاية. وقد وقعنا في مجموعة صعبة تضم إلى جانبنا كلاً من نابولي الإيطالي وسبارتا براغ التشيكي، وكان من الرائع أن نلعب أمام فريق إنجليزي. وكان جميع لاعبي إيفرتون يتميزون بالقوة والسرعة الشديدة، خصوصاً لوكاكو. وبعد تلك المباراة قلت لنفسي: قد يكون من الصعب للغاية اللعب في هذا المستوى. لكنني بعد ذلك قلت: لا، هذا هو حلم حياتي، فأنا أريد أن أواجه مثل هذه الفرق باستمرار».
والآن يلعب هاديرجوناج، 23 عاماً، في صفوف نادي هيدرسفيلد تاون ويقاتل مع باقي زملائه في الفريق على البقاء في الدوري الإنجليزي الممتاز. وقد تألق لوكاكو مرة أخرى أمام الفريق الذي يلعب له هاديرجوناج، ولكن هذه المرة بقميص مانشستر يونايتد، حيث أحرز المهاجم البلجيكي هدفين في مرمى هيدرسفيلد تاون الأسبوع الماضي ليقود مانشستر يونايتد للتأهل إلى دور الثمانية في كأس الاتحاد الإنجليزي. ولم يشعر هاديرجوناج ولا باقي زملائه في الفريق بأنهم في مستوى أقل من المنافس هذه المرة. ولو تمكن لاعبو هيدرسفيلد تاون من إنهاء الهجمات بشكل جيد لتمكنوا من التغلب على مانشستر يونايتد، تماماً كما فعلوا في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي عندما حققوا الفوز على مانشستر يونايتد في أكبر انتصار للفريق في الدوري الإنجليزي الممتاز منذ عام 1972، أي قبل أن يولد هاديرجوناج بفترة طويلة.
وُلد هاديرجوناج في مدينة لوغانو السويسرية لوالدين هاجرا من كوسوفو قبل عقد من الزمن للعمل في أحد مصانع تعبئة اللحوم. وقد حقق هاديرجوناج الفوز في أول مباراة دولية له مع منتخب بلاده ضد بيلاروسيا في يونيو (حزيران) الماضي، ومن المتوقع أن يكون ضمن تشكيلة المنتخب السويسري في كأس العالم المقبلة في روسيا والذي سيلعب في مجموعة واحدة مع المرشح الأول دائماً للبطولة منتخب البرازيل. لكن أولئك الذين كانوا يريدون أن يلعب هاديرجوناج مع منتخب كوسوفو شعروا بخيبة أمل كبيرة.
يقول هاديرجوناج: «لقد كان قراراً صعباً، كما كان الأمر مع عدد من اللاعبين الآخرين مثل شيردان شاكيري وغرانت تشاكا. وقد واجه هؤلاء اللاعبون ضغوطاً أيضاً. وبالنسبة إلي، فعائلتي تنحدر من كوسوفو وأنا أذهب إلى هناك مرة أو مرتين كل عام لكي أرى أقاربي. إنه موقف صعب لأنك تسمع بعض الأشخاص يقولون: عائلتك بالكامل من كوسوفو، ويتعين عليك أن تلعب لكوسوفو. وفي المقابل، يقول آخرون: لقد وُلدتَ في سويسرا، ولذا يتعين عليك أن تلعب مع منتخب سويسرا. ودائماً ما يكون الأمر صعباً على اللاعبين الذين يواجهون هذا الموقف. وكانت وجهة نظري تتمثل في أن سويسرا هي التي منحتني الفرصة لكي أعيش بها وأن أكون شخصاً جيداً، وقد بدأت مسيرتي الكروية من خلال كرة القدم السويسرية، علاوة على أن سويسرا هي التي منحت والدي ووالدتي الفرصة للقيام بعمل جيد لهما».
وقد بدأ هاديرجوناج مسيرته الكروية الحقيقية وهو في الثانية عشرة من عمره، عندما عرض عليه نادي ثون الانضمام إليه من لوغانو، وهي بلدة تقع على بُعد 16 ميلاً إلى الشرق من العاصمة السويسرية. يقول هاديرجوناج: «أعتقد أنني لاعب كرة القدم الوحيد الذي جاء من لوغانو، فهي مدينة تشتهر بهوكي الجليد. لكن في بيتي كان كل شيء عن كرة القدم، وكنا نشاهد المباريات مع والدي كل يوم. أصبح شقيقي الأصغر مشجعاً لآرسنال لأنه كان يعشق تيري هنري، لكنني كنت أشجع بايرن ميونيخ لأن لاعبي المفضل كان مايكل بالاك. وكنت أريد أن ألعب في خط الوسط مثله».
لكن هاديرجوناج أصبح يلعب في مركز الظهير الأيمن. تألق اللاعب الشاب في صفوف نادي ثون بسرعة كبيرة ولفت أنظار نادي لوزيرن الذي لعب له لفترة قبل أن ينتقل لأكبر نادٍ في مدينة بيرن السويسرية، وهو نادي يانغ بويز، الذي اختير من خلاله كأفضل لاعب صاعد في موسم 2015، وسرعان ما لفت هاديرجوناج أنظار الأندية الألمانية وانتقل لنادي إنغولشتات في صيف عام 2016 وأظهر قدرة كبيرة على التأقلم مع المستويات الأعلى بسرعة كبيرة.
وقال: «لقد كان انتقالي للعب في الدوري الألماني بمثابة قفزة كبيرة من الدوري السويسري. وشاركت في أول مباراة لي مع الفريق أمام بروسيا دورتموند أمام 80 ألف متفرج. كان النجم الغابوني بيير إيمريك أوباميانغ يلعب، وكانت مهمتي هي مراقبة عثمان ديمبلي، الذي كان يقدم أداءً استثنائياً. وقد لعبت بشكل جيد وصنعت هدفاً وانتهت المباراة بالتعادل بثلاثة أهداف لكل فريق. وكان ديمبلي هو أفضل لاعب واجهته حتى ذلك الوقت. ولعبت بعد ذلك أمام بايرن ميونيخ وكان فرانك ريبري يقدم أداءً مذهلاً. ولعبنا بشكل جيد أمام بايرن ميونيخ وكانت النتيجة هي التعادل السلبي حتى الدقيقة 90. لكنهم أحرزوا هدفين في الوقت المحتسب بدلاً من الضائع لتنتهي المباراة بفوز العملاق البافاري بهدفين مقابل لا شيء».
وانتهى هذا الموسم بهبوط نادي إنغولشتات لدوري الدرجة الأولى، لكن تألق لاعبان بشدة ولفتا أنظار الأندية الإنجليزية، وهما باسكال غروس الذي انتقل لصفوف نادي برايتون، وهاديرجوناج الذي انتقل لنادي هيدرسفيلد تاون على سبيل الإعارة، مع وضع بند في عقد اللاعب يسمح للنادي الإنجليزي بضمه بصفة نهائية في نهاية الموسم. وقال هاديرجوناج: «تلقيت عروضاً من بعض الأندية التي تلعب في الدوري الألماني الممتاز، لكن بمجرد تواصل مسؤولي هيدرسفيلد تاون معي وافقت على الانتقال بسرعة. كنت قد شاهدت المباراة الفاصلة التي خاضها هيدرسفيلد تاون أمام ريدينغ والتي كانت تحدد هوية الفريق الصاعد للدوري الإنجليزي الممتاز، بينما كنت في عطلة لأن اثنين من لاعبي الفريق، وهما إلياس كاتشونغا وكولين كوانر، قد لعبا لنادي إنغولشتات أيضاً. وعندما تحدثت مع ديفيد فاغنر كان من الواضح أنني أريد اللعب في هيدرسفيلد تاون».
ويرى هاديرجوناج أن رئيس نادي هيدرسفيلد تاون، دين هويل، كان موفقاً للغاية عندما أعلن قبل بداية الموسم الحالي أن المدير الفني للفريق ديفيد فاغنر لن يرحل عن صفوف الفريق هذا الموسم بغض النظر عن النتائج. وقال اللاعب السويسري الشاب: «يساعد هذا بالتأكيد في خلق أجواء من الاستقرار داخل النادي. فإذا كنت من الأندية التي تقوم بإقالة المدربين باستمرار، فإن هذا يضع ضغوطاً كبيرة على كاهل اللاعبين، الذين قد يعتقدون أن النادي سوف يغير كل شيء بمجرد الخسارة في مباراتين أو ثلاث مباريات. في الحقيقة، ما فعله ديفيد فاغنر لهذا النادي هو شيء استثنائي. ونحن نعرف ما نقوم به جيداً. عندما انتقلت لصفوف هذا النادي كنت أعرف أن الأمور لن تكون سهلة وربما يكون هدفنا هو تجنب الهبوط. نحن نعرف تماماً أنه يتعين علينا أن نقاتل حتى النهاية، وهذا هو ما سنقوم به».