احتياطي تونس يهوي إلى 4.8 مليار دولار مع تعطل استخراج الفوسفات

مساع لتحسين الإنتاج بعيداً عن المناطق المضطربة

وزارة الطاقة والمناجم التونسية تتطلع لتطوير عائداتها من الفوسفات عبر استخراجه من مواقع الإنتاج غير التقليدية
وزارة الطاقة والمناجم التونسية تتطلع لتطوير عائداتها من الفوسفات عبر استخراجه من مواقع الإنتاج غير التقليدية
TT

احتياطي تونس يهوي إلى 4.8 مليار دولار مع تعطل استخراج الفوسفات

وزارة الطاقة والمناجم التونسية تتطلع لتطوير عائداتها من الفوسفات عبر استخراجه من مواقع الإنتاج غير التقليدية
وزارة الطاقة والمناجم التونسية تتطلع لتطوير عائداتها من الفوسفات عبر استخراجه من مواقع الإنتاج غير التقليدية

هبطت احتياطيات تونس من العملة الأجنبية إلى ما يغطي واردات 82 يوما فقط لأول مرة منذ 16 عاما، مع تعطل صادرات الفوسفات بسبب احتجاجات، في أول اختبار يواجه محافظ البنك المركزي الجديد الذي تعهد هذا الشهر باتخاذ «إجراءات استثنائية لمعالجة مؤشرات اقتصادية مخيفة».
وقال البنك المركزي في موقعه على الإنترنت أمس إن احتياطي العملة واصل هبوطه إلى 11.596 مليار دينار (4.85 مليار دولار) بما يكفي لتغطية واردات 82 يوما، مقارنة مع 13.702 مليار دينار تكفي واردات 116 يوما في الفترة نفسها من العام الماضي.
ويقول خبراء في الاقتصاد والمالية إن النزول تحت حدود 90 يوما من الواردات ينذر بالخطر.
وفي هذا الشأن، قال سعد بومخلة، الخبير الاقتصادي التونسي، إن إيقاف النزيف الاقتصادي يتطلب عدة إجراءات حكومية عاجلة من بينها دفع الصادرات وحل مشكلة تعطل إنتاج الفوسفات، إحدى أهم المواد التي توفر عائدات مالية أجنبية، إضافة إلى ترشيد الواردات والاستغناء عن عدد كبير من المواد الاستهلاكية على حد قوله.
وبلغ العجز التجاري لتونس مستوى قياسيا في نهاية العام الماضي، حيث وصل إلى 6.25 مليار دولار.
وكانت الحكومة التونسية قد قدمت أرقاماً اقتصادية متفائلة أكدت من خلالها على وجود بوادر إيجابية على الميزان التونسي خلال شهر يناير (كانون الثاني) الماضي. وقالت إن الإجراءات التي تضمنها قانون المالية الجديد، المثير للجدل، خصوصاً المتعلقة بترشيد الواردات والحد من البعض منها ودعم الصادرات واستكشاف أسواق جديدة، كانت وراء التحسن التدريجي الملحوظ مقارنة بما سجلته البلاد خلال بداية سنة 2017.
وأكدت الأرقام التي قدمتها رئاسة الحكومة التونسية في هذا الشأن، على أن الصادرات التونسية ارتفعت بنسبة قاربت 39 في المائة خلال الشهر الماضي، في حين أن الواردات تطورت بدورها بنسبة 25.5 في المائة.
وأثرت هذه الزيادة بشكل مباشر على نسبة تغطية الصادرات للواردات، إذ حققت زيادة إيجابية بنحو 7 نقاط.
وقال المحلل المالي حاتم زعرة لوكالة رويترز إن أولويات المحافظ الجديد يجب أن تتضمن الحد من تداول مبالغ كبيرة من السيولة والعملة الأجنبية في السوق السوداء.
وأضاف: «أعتقد أنه آن الأوان لتحرير كل الحسابات البنكية بالعملة الأجنبية وإقرار عفو عن جرائم الصرف لاستقطاب مزيد من الأموال من السوق السوداء».
وأظهرت أرقام رسمية أن حجم تداول السيولة خارج القطاع البنكي ارتفع إلى مستوى قياسي بلغ 12.5 مليار دينار، من بينها مبالغ كبيرة من العملات الأجنبية.
وأشار زعرة إلى أن البنك المركزي يملك الأدوات اللازمة «لوقف هذا النزيف أيضا من خلال سحب بعض الأوراق المالية والتركيز على العمليات المصرفية عبر الهواتف الجوالة إضافة لوضع سقف محدد للتعامل بالسيولة».
وتتطلع وزارة الطاقة والمناجم التونسية لتطوير عائداتها من الفوسفات عبر استخراجه من مواقع الإنتاج غير التقليدية، بعيدا عن المواقع التي تشهد بين فترة وأخرى توترات اجتماعية نتيجة عجزها عن استيعاب أعداد العاطلين في المنطقة.
ومن المنتظر استكشاف مناجم جديدة بهدف تحقيق إنتاج سنوي لا يقل عن 10 ملايين طن في غضون سنة 2019، وهو ما سيمكن تونس من أن تنضم إلى كبار منتجي الفوسفات على المستوى العالمي.
وفي هذا الشأن، أعلن هاشم الحميدي وزير الدولة المكلف بالطاقة في تونس، عن سعي الوزارة إلى رفع مستوى الإنتاج ليبلغ نحو 8 ملايين طن خلال السنة الحالية، و10 ملايين طن سنة 2019، على أمل بلوغ 15 مليون طن إنتاج سنة 2021 في حال انضمت مناجم الإنتاج الجديدة إلى قائمة مناطق إنتاج الفوسفات.
وتشمل قائمة المناجم الجديدة منجم «سراورتان» في منطقة الكاف (شمال غربي تونس)، وهو من بين المناطق التي ستحتل مراتب متقدمة على مستوى الإنتاج، إذ تشير الدراسات الخاصة بهذا المنجم إلى أن احتياطي شركة «فوسفات قفصة» لا يتعدى سدس احتياطي منجم «سراورتان»، الأمر الذي دفع الحكومة إلى التفكير جديا في البحث عن شريك أجنبي، ربما يكون أستراليا بحسب ما يتداول من معلومات، بهدف الإنجاز الفعلي للمشروع والتموقع مجددا على الخريطة العالمية لكبار منتجي الفوسفات.
وتؤكد نفس الدراسات على أن تنفيذ هذا المشروع يتطلب اعتمادات مالية تقارب 2.5 مليار دولار، وهو رقم لا تقدر عليه ميزانية الدولة التونسية في ظل تأزم الأوضاع الاقتصادية وضعف الموارد الذاتية.
وبإمكان منجم «توزر - نفطة» (جنوب تونس) المساهمة بدوره بما يتراوح بين 3 و4 ملايين طن من الفوسفات، أما منجم «المكناسي» الواقع في ولاية (محافظة) سيدي بوزيد (وسط تونس)، فإن طاقة إنتاجه السنوية تقدر بنحو 600 ألف طن.
وفي منطقة المتلوي في الحوض المنجمي «قفصة» جنوب غربي تونس، بالإمكان تطوير الإنتاج بما لا يقل عن 2.5 مليون طن، وهو ما يجعل الإنتاج التونسي من الفوسفات يتطور بشكل ملحوظ مع النجاح في الخروج من «سطوة» مناطق الإنتاج في الحوض المنجمي ومشاكلها المتكررة، على غرار الإضرابات والاحتجاجات وقطع الطريق أمام الشحنات وعربات القطار المحملة بإنتاج الفوسفات.
وتشير المعطيات الإحصائية إلى أن سنة 2017، سجلت تراجعا في إنتاج الفوسفات التجاري بنسبة 36 في المائة، مقارنة مع التوقعات الأولية التي قدمتها الحكومة في بداية السنة الماضية، والمقدرة بنحو 6.5 مليون طن.
وكانت معطيات رسمية قد أكدت أن إنتاج شركة «فوسفات قفصة» بلغ في مجمل سنة 2016 نحو 3.6 مليون طن من الفوسفات التجاري، مسجلا بذلك نقصا بنحو 45 في المائة عن التوقعات الأولية، والتي كانت في حدود 6.5 مليون طن أيضا. وقد شهدت منطقة المظيلة، إحدى أهم مناطق الإنتاج، خلال السنة الماضية توقفا عن الإنتاج لمدة قاربت الأربعة أشهر.
ومن نتائج توقف الإنتاج في منطقة الحوض المنجمي تضرر عدد من المؤسسات الحكومية التي تعتمد في جزء هام من أنشطتها على نقل مادة الفوسفات، إذ أكدت الشركة التونسية للسكك الحديدية (شركة حكومية) عن خسارة ما لا يقل عن 250 مليون دينار تونسي (نحو 100 مليون دولار) منذ سنة 2011 نتيجة الاضطرابات المتكررة على نسق إنتاج الفوسفات وتواتر تعطيل إمدادات الفوسفات بين مناطق الإنتاج ومناطق التصنيع.



«روسنفت» و«ريلاينس» تتفقان على أكبر صفقة بين الهند وروسيا لتوريد النفط

لوحة عليها شعار شركة «روسنفت» الروسية في المنتدى الاقتصادي في سانت بطرسبرغ (رويترز)
لوحة عليها شعار شركة «روسنفت» الروسية في المنتدى الاقتصادي في سانت بطرسبرغ (رويترز)
TT

«روسنفت» و«ريلاينس» تتفقان على أكبر صفقة بين الهند وروسيا لتوريد النفط

لوحة عليها شعار شركة «روسنفت» الروسية في المنتدى الاقتصادي في سانت بطرسبرغ (رويترز)
لوحة عليها شعار شركة «روسنفت» الروسية في المنتدى الاقتصادي في سانت بطرسبرغ (رويترز)

قالت ثلاثة مصادر مطلعة على الاتفاق إن شركة النفط الحكومية الروسية «روسنفت» وافقت على توريد ما يقرب من 500 ألف برميل يومياً من النفط الخام إلى شركة التكرير الهندية الخاصة «ريلاينس» في أكبر صفقة طاقة بين البلدين على الإطلاق.

وتبلغ قيمة الاتفاق الذي تبلغ مدته 10 سنوات 0.5 في المائة من الإمدادات العالمية وتبلغ قيمته نحو 13 مليار دولار سنوياً بأسعار اليوم. ومن شأن هذا الاتفاق أن يعزز علاقات الطاقة بين الهند وروسيا، التي تخضع لعقوبات غربية شديدة بسبب غزوها لأوكرانيا، وفق «رويترز».

وقالت «ريلاينس» إنها تعمل مع موردين دوليين، بما في ذلك من روسيا، وتستند الصفقات على ظروف السوق.

وتأتي الصفقة قبل الزيارة المقررة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الهند، وبعد أن قال الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إنه يريد دفع موسكو وكييف إلى وقف الحرب بمجرد توليه منصبه في يناير (كانون الثاني).

ويمثل النفط الروسي أكثر من ثلث واردات الهند من الطاقة. وقد أصبحت الهند أكبر مستورد للنفط الخام الروسي بعد أن فرض الاتحاد الأوروبي، الذي كان في السابق أكبر مشترٍ للنفط، عقوبات على واردات النفط الروسي رداً على غزو أوكرانيا عام 2022.

لا تفرض الهند أي عقوبات على النفط الروسي، لذلك استفادت شركات التكرير هناك من إمدادات الخام الأرخص. وقد جعلت العقوبات النفط الروسي أرخص من الخامات المنافسة بما لا يقل عن 3 إلى 4 دولارات للبرميل الواحد.

شعار شركة «ريلاينس» (رويترز)

وتشتد المنافسة بين منتجي النفط على حصة من السوق الهندية لأنها واحدة من أسرع أسواق الطاقة نمواً، وتزداد أهميتها كمحرك للطلب العالمي مع تباطؤ النمو في الصين أكبر مستورد للنفط.

وبموجب الصفقة، ستقوم «روسنفت» بتسليم 20-21 شحنة بحجم أفراماكس (80 ألف إلى 100 ألف طن متري) من مختلف درجات الخام الروسي وثلاث شحنات تبلغ كل منها نحو 100 ألف طن من زيت الوقود كل شهر، حسبما ذكرت المصادر الثلاثة.

وسيتم توريد الشحنات لمجمع التكرير التابع لـ«ريلاينس»، وهو الأكبر في العالم، في جامناغار في ولاية غوجارات الغربية.

وقال مصدران إن «ريلاينس» و«روسنفت» ستراجعان الأسعار والكميات كل عام بموجب الاتفاق لمراعاة ديناميكيات أسواق النفط.

في عام 2024، أبرمت «ريلاينس» اتفاقاً مع «روسنفت» لشراء 3 ملايين برميل من الخام شهرياً. كما كانت «روسنفت» تبيع الخام إلى «ريلاينس» عبر وسطاء بشكل منتظم.

وقال أحد المصادر إن الصفقة الجديدة تمثل ما يقرب من نصف صادرات «روسنفت» من النفط المنقول بحراً من المواني الروسية، وهو ما لا يترك الكثير من الإمدادات المتاحة للتجار والوسطاء الآخرين.

وفي الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى أكتوبر (تشرين الأول)، استوردت «ريلاينس» ما متوسطه 405 آلاف برميل يومياً من النفط الروسي في المتوسط، ارتفاعاً من 388500 برميل يومياً في الفترة نفسها من العام الماضي، وفقاً لبيانات الناقلات التي تم الحصول عليها من مصادر.

وقال مصدران من المصادر إن الصفقة الجديدة بين «روسنفت» و«ريلاينس» تمت مناقشتها والموافقة عليها خلال اجتماع مجلس إدارة «روسنفت» في نوفمبر.

وقالت المصادر الثلاثة إن الإمدادات ستبدأ من يناير، ومن المقرر أن تستمر لمدة 10 سنوات مع خيار تمديد الصفقة لمدة 10 سنوات أخرى.

تم تحديد أسعار الأصناف التي سيتم توريدها على أساس التسليم على أساس فروق أسعارها بمتوسط سعر دبي لشهر التحميل، وفقاً للمصادر.

وقال مصدران إن غالبية المعروض سيكون من الأورال الروسي متوسط الكبريت والديزل، وهو الأكثر شعبية لدى شركات التكرير الهندية، وسيتم تسعيره بخصم 3 دولارات للبرميل مقابل أسعار دبي للعام التالي.