ديسالين... عدّاء إثيوبي غادر المضمار قبل نهاية السباق

استقالته حل ومشكلة... وخليفته المحتمل أحد ثلاثة

ديسالين... عدّاء إثيوبي غادر المضمار قبل نهاية السباق
TT

ديسالين... عدّاء إثيوبي غادر المضمار قبل نهاية السباق

ديسالين... عدّاء إثيوبي غادر المضمار قبل نهاية السباق

استقال في الأسبوع المنصرم هايلي مريام ديسالين، رئيس وزراء إثيوبيا، وذلك في أعقاب تجدّد الاحتجاجات خلال الأسبوعين الماضيين، بعدما انطلقت شرارتها في إقليم أوروميا المحيط بالعاصمة أديس أبابا، وهو أيضاً موطن شعب الأورومو الذي يشكّل نحو 35 في المائة من سكان البلاد. وبرّر ديسالين استقالته في خطاب قال فيه بأنه يريد أن يكون «جزءاً من الحل»، غير أن الرجل ترك منصبه، وترك إثيوبيا تواجه صيفاً لافحا سياسيا، على الرغم من اعتدال الصيف في أديس أبابا ومنحدرات الهضبة الإثيوبية وسفوحها.
يكسب العداءون الإثيوبيون عادة سباقات المسافات الطويلة، وعبر تاريخ الرياضة العديد من الأرقام القياسية العالمية والأولمبية، والسر أن سكان المرتفعات – حيث يقل الأكسجين – معروفون بطول النفَس. وحقاً، مكّنت سياسة «النفَس الطويل» رئيس الوزراء الإثيوبي المستقيل هايلي مريام ديسالين من قيادة بلاده طوال ست سنوات، خلفاً لـ«معلمه» الراحل و«رجل إثيوبيا القوي» الرئيس السابق مِلِس زِناوي (من شعب التيغراي). لكن، يبدو أن «ثوار» شعبي الأورومو والأمهرا قطعوا «نفَس الرجل» في منتصف دورته الرئاسية الثانية، فاضطر للانسحاب من المضمار بهدوء مخالفاً تقاليد «القادة الأفارقة الراسخة» في البقاء رئيساً حتى الموت أو «الانقلاب».
لقد انسحب ديسالين قبل أن يكمل المضمار إلى نهايته، لأنه عرف أن مخزونه من «الأكسجين الشعبي» الذي أمده بالقوة والنفوذ قد نفد. وقال مبرّراً «إنه يريد أن يكون جزءًا من الجهود الرامية إلى إيجاد حل دائم للوضع الحالي»، وذلك على خلفية احتجاجات كبيرة في معاقل الأورومو حول العاصمة، والتي تعدّ أكبر المجموعات العرقية الإثيوبية.

من هو ديسالين؟
عاش هايلي مريام ديسالين حياة هادئة و«ناعمة»، لم يشارك في الكفاح المسلح الذي قاده معلمه الراحل مِلِس زِناوي، وأطاح عبره ثوار «جبهة تحرير التيغراي» بـ«ديكتاتور» إثيوبيا اليساري السابق وزعيم قوات «الديرغ» (اللجنة العسكرية) منغيستو هايلي مريام في 1991.
أثناء الحرب بين منغيستو والثوار، كان ديسالين ينهي دراسته العليا في جامعة تمبيري التكنولوجية في فنلندا حيث حصل على درجة ماجستير من قسم الهندسة المائية، وكان قبلاً كان قد تخرج مهندساً مدنياً في جامعة أديس أبابا. وبعد فنلندا، قرّبه زِناوي وتولاه برعايته، فارتقى المناصب في عهده بسرعة، إلى خلفه في زعامة البلاد بعد وفاة زِناوي المفاجئة في 20 أغسطس (آب) 2012، التي أنهت حكماً استمر 21 سنة. ويذكر أن ديسالين خلال هذه الفترة أيضاً على ماجستير ثانية في القيادة التنظيمية في جامعة أزوسا باسيفيك الأميركية.
عمل ديسالين مستشارا لزِناوي لمدة 5 سنوات، ثم حصل على ترقية في العام 2010 رفعته إلى منصب نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية. وفي العام ذاته انتخب نائباً لرئيس التحالف الحاكم «الجبهة الثورية الديمقراطية للشعوب الإثيوبية» التي قادت الحرب الشعبية ضد منغيستو وأطاحت بحكمه. ووفقاً للدستور الإثيوبي، خلف زِناوي المتوفى في رئاسة الوزارة بحكم منصبه كنائب للرئيس. ثم انتخب خلال بضعة أشهر رئيساً أصيلاً للوزراء، وأعيد انتخابه في 2015 رئيساً لدورة رئاسية جديدة، وهي الدورة التي لم يكملها بل سارع بالاستقالة قبل نهايتها.

توازن سياسي قلق
على غير حال القادة الإثيوبيين الذين جاء معظمهم من مجموعات إثنية وثقافية كبيرة، فإن ديسالين ينتمي إلى أقلية الوالايتا في جنوب إثيوبيا. وهناك قاد تحالفاً من 9 مجموعات ثقافية وإثنية. ثم إنه ينتمي إلى إحدى الطوائف البروتستانت المسيحية الصغيرة أيضاً، بينما يُدين معظم مسيحيي إثيوبيا بالأرثوذكسية. ويرى البعض أن انتماءه الديني والعرقي لمجموعات صغيرة، كان مصدر قوته والسبب الذي دفع زِناوي للإتيان به، ولكن في الوقت نفسه نقطة ضعفه الذي دفعه للاستقالة، بعد تفجّر صراعات المجموعات الإثنية الكبرى. وفي هذا السياق كتبت عنه «مجموعة الأزمات الدولية» محللة وضعه «انتماء ديسالين للأقلية في بلد متعدّد الإثنيات ميزة، فهو لا يتحدر من المجموعتين الكبيرتين – أي الأورومو والأمهرا – ما جعله عنصر حفظ توازن» وقالت إن زِناوي أتى به للتمويه عن واقع الحكم الذي يسيطر عليه شعب التيغراي (الذي ينتمي إليه زِناوي)، ليخلق وجوده توازناً سياسيا قلقاً.

نشأته وحياته العائلية
عاش ديسالين، المولود عام 1965 في عائلة كبيرة نسبياً تضم 11 أخاً، طفولة عادية، أمضاها في لعب كرة القدم ومساعدة والده في أعماله، ويصفه أقران طفولته بـ«القصير الخجول». في حين يقول عارفوه بأن خلف ديسالين تقف زوجته رومان تيسفاي، وهي عالمة اقتصاد كان تعرف عليها في الجامعة، ثم تزوج منها بعد قصة حب كبيرة وصداقة طويلة. ويرجع المحللون نجاحه إلى جهودها، ويقولون «تقف خلف أي قائد زوجة محبة» ورومان هي التي وقفت خلف ديسالين. وتنتمي رومان مثل زوجها، إلى منطقة والايتا جنوب إثيوبيا، وتدين مثله بالبروتستانتية. ورزق الزوجان الرئاسيان بثلاثة أبناء، أكبرهم ابنته الأثيرة جوهانا.
ومن سماته الشخصية، أن ديسالين، التكنوقراطي المعتق، يرغب في ارتداء ملابس داكنة في العادة، ويحرص على نظارة طبية أنيقة. ويعرف عنه أنه يقابل ضيوفه برحابة وهدوء مثير، يسمع أكثر مما يتحدّث بلغاته الثلاث الأمهرية والوالايتية والإنجليزية. في مقابلاته الرسمية يحيط الرجل نفسه بفريق حماية قوي ومدرب جيداً، ولا يفرط في الترتيبات الأمنية التي يتطلبها منصبه، بل ربما الأخطار المحدقة به، بل إن البعض يرى أنها مشددة أكثر من اللازم. وعلى غير طبيعة قادة النظام الإثيوبي المتحفظين دوماً تجاه الصحافة والصحافيين، فإن ديسالين عادة ما يتبسط مع ضيوفه من الصحافيين الذين يوافق لماماً على استضافتهم، فيجيب عن الأسئلة الصعبة مباشرة، ويرد السؤال إلى من يطرحه بتحدٍ، محاولا رسم صورة «الزعيم الواثق من كل شيء»، ويحاول اكتشاف تأثيره على مضيفيه.

أداء بلا «كاريزما»
كما سبقت الإشارة، تدرّج ديسالين في مناصب مهمة بعون سلفه مِلِس زِناوي وتشجيعه ورعايته. وكانت «الشرق الأوسط» قد نقلت في وقت سابق، أن البروز الحقيقي لديسالين كسياسي لامع ومؤثر جاء نهاية القرن العشرين ومطلع القرن الحالي، إذ ترقّى في الحزب الحاكم «حزب الجبهة الثورية الديمقراطية لشعوب إثيوبيا» الحاكمة، من نائب لرئيس إقليم «منطقة الأمم الجنوبية»، ثم رئيساً له.
وبدعم من زِناوي انتخب نائباً في البرلمان حيث لا يزال يحتفظ بمقعده فيه. وبسرعة أكبر بلغ منصب نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية في أكتوبر (تشرين الأول) 2010. أيضاً برعاية زِناوي، وخلفه في رئاسة الوزارة بعد وفاته، ثم انتخب عام 2013 رئيسا للاتحاد الأفريقي الذي تستضيف أديس أبابا مقره الدائم. بيد أن ديسالين لا يتمتع بـ«الكاريزما» التي كان يتمتع بها سلفه، لكنه – مع ذلك – أفلح في إدارة التناقضات الإثيوبية خلال فترة قيادته البلاد.
لقد نجح في مهمته إلى أن فجّرت الوضع الاحتجاجات الشعبية التي ظلت تشهدها إثيوبيا منذ العام 2015، وبلغت ذروتها في العام 2016. وعند ذلك اضطر ديسالين والحزب الحاكم لتكوين وزارة جديدة أعطى فيها شعبي الأورومو والأمهرا نصيب الأسد من الوزراء، 9 وزراء للأورومو وحدهم، أي ما يعادل 40 في المائة من مجلس الوزراء تقريباً. في المقابل، يقول قادة الأورومو الذين يتزعّمون الاحتجاجات، إن حزب الجبهة الثورية الديمقراطية الحاكم بقيادة ديسالين يسيطر فعلياً على البرلمان بنسبة 100 في المائة.... إذ فاز الائتلاف الحاكم وحلفاؤه على 546 مقعداً من مقاعد البرلمان الإثيوبي البالغة 547 مقعداً، ولم تفلح المعارضة في الحصول على أي مقعد.
احتجاجات الأسبوعين الماضيين، عبر خلالها حركيّو شعبي الأورومو والأمهرا عن سخطهم على ما يرونه هيمنة أقلية التيغراي على السلطة كاملة رغم أنها لا تشكل أكثر من 6 في المائة من سكان البلاد البالغ عددهم زهاء 100 مليون. ويزعم المعارضون الأورومو، بالذات، أن حكومة ديسالين تسلب حقوقهم السياسية والاقتصادية وتهمش إقليمهم، وتمارس ضدهم اضطهادا منهجياً يتضمن القتل والتنكيل والإخفاء القسري ومصادرة الأراضي. كما يقولون إنها تسعى لطمس هويتهم وخصوصيتهم، بفرض اللغة الأمهرية على التدريس، وتقتطع أراضيهم بحجة معلنة هي تحديث العاصمة أديس أبابا، لكني تخفي رغبة غير معلنة لإضافة الأراضي المقتطعة لصالح التيغراي.
وبعدما اعترفت الحكومة الإثيوبية عقب احتجاجات العام 2016 بخطأ طريقة تعاملها مع المحتجين، سارعت إلى تكوين وزارة جديدة، ونقلت «الشرق الأوسط» في حينه عن مسؤول إثيوبي بارز من الخرطوم قوله «التشكيل الوزاري الجديد جعل الحكومة تشبه الشعب الإثيوبي»، وأن للمحتجين مطالباً عادلة، بعدما كانت قد قمعتها بشدة ما أدى لمقتل المئات واعتقال العشرات، ثم أعلنت حالة الطوارئ في البلاد.

كبش فداء
اليوم يرى المراقبون أن ديسالين تعرض لضغوط قوية داخل التحالف الحاكم دفعته لتقديم استقالة، وأن المعلن من أسباب ليس هو الفعلي. ويقول محلل سياسي - طلب التكتم على اسمه - إن التحالف الحاكم اتهم ديسالين بالفشل في مواجهة التوترات العرقية، وطلب منه مستنداً على تقليد «النقد والنقد الذاتي» انتقاد أدائه وتقديم استقالته، فكان بالتالي «كبش فداء». مع هذا، اختار ديسالين الاستقالة منتصف الشهر الجاري من منطلق أنها خطوة ضرورية «من أجل السعي لتنفيذ إصلاحات من شأنها أن تؤدي للسلام الدائم والديمقراطية».
وهكذا ترك ديسالين منصبه بهدوء، لكنه ترك أيضاً «ناراً مخبوءة تحت الرماد». فالمحتجون لا يرون أن الحل يكمن في منصب رئيس الوزراء، بل في سيطرة التحالف الحاكم على البلاد واقتصادها، وذلك وفقاً للصحافي السوداني المختص بشؤون القرن الأفريقي عبد المنعم أبو إدريس، الذي يقول إن «السيناريوهات المقترحة لمواجهة الأزمة لن تفلح في حلها ما لم تتجه إلى جذورها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. فخروج الرجل عن سلطة الدولة التي جعل منها واحدة من بين الدول الأعلى نمواً في العالم، يتركها في مهب الريح، فهي تواجه عدة قضايا في وقت واحد، من بينها قضية من يخلفه على الرئاسة». وفي هذا المجال، ترى مجلة «الإيكونوميست» البريطانية، أن هناك ثلاثة مرشحين محتملين لخلافته، هم: ليما ميجيرسا رئيس منطقة أورومو، وديميكي ميكونين المنتمي إلى الأمهرا، ثم وزير الخارجية ورغيني غيبوا الذي يعد أول وزير خارجية من الأورومو.
أما المعارضة، فمن جهتها، أرسلت رسائل حذرت فيها من أنها غير متفائلة بـ«تغيير حقيقي»، ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن المعارض البارز رئيس المجلس الفيدرالي للأورومو ميريرا غودينا، قوله إن التحالف الحاكم يسيطر على كل مقاعد البرلمان، وتساءل «ما هو الفرق الذي ستحدثه استقالة ديسالين، في ظل هذه السيطرة»، ومن ثم، اعتبر الاستقالة قضية حزبية داخلية، لا تمثل تغييراً جوهرياً يطالب به الشعب.

زهد غير مشهود
أخيراً، رغم كل التحليلات فإن ديسالين «استقال» مخالفاً «تقليداً عند القادة الأفارقة»، هو البقاء في السلطة حتى الموت، أو حين تدوي مارشات العسكر، معلنة انقلاباً ضده. لقد استقال بعدما حقق نجاحات اقتصادية لافتة جعلت من اقتصاد بلاده من بين الاقتصادات الأسرع نمواً في العالم، بينما تتهمه جهات معارضة وحكومية بالفشل في احتواء النزاعات الإثنية في بلد تقوم فيه السلطة منذ القِدم على تحالفات أو تقاطعات إثنية، بين أكبر مجموعاته السكانية. وبديهي أنه بهذه الاستقالة تفقد المجموعات العرقية «الصغيرة» امتيازاً تمتعت به لأنها «صغيرة» ولا ينتظر أن تستعيده قريباً.



تونس: إيقاف متهمين بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي»

وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)
وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)
TT

تونس: إيقاف متهمين بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي»

وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)
وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)

كشفت مصادر أمنية رسمية تونسية عن أن قوات مكافحة الإرهاب والحرس الوطني أوقفت مؤخراً مجموعة من المتهمين بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي» في محافظات تونسية عدة، دون توضيح هوية هذا التنظيم، وإن كان على علاقة بالموقوفين سابقاً في قضايا إرهابية نُسبت إلى فروع جماعتي «داعش» و«القاعدة» في شمال أفريقيا، مثل تنظيم «جند الخلافة» و«خلية عقبة بن نافع».

وحدات مكافحة الإرهاب التونسية ترفع حالة التأهب (صورة من مواقع وزارة الداخلية التونسية)

ووصف بلاغ الإدارة العامة للحرس الوطني في صفحته الرسمية الموقوفين الجدد بـ«التكفيريين»، وهي الصيغة التي تُعتمد منذ سنوات في وصف من يوصفون بـ«السلفيين المتشددين» و«أنصار» الجهاديين المسلحين.

من محافظات عدة

وأوضح المصادر أن قوات تابعة للحرس الوطني أوقفت مؤخراً في مدينة طبربة، 20 كلم غرب العاصمة تونس، عنصراً «تكفيرياً» صدرت ضده مناشير تفتيش صادرة عن محكمة الاستئناف بتونس بتهمة الانتماء إلى تنظيم إرهابي، ومحكوم غيابياً بالسجن لمدة 6 أعوام.

كما أعلن بلاغ ثانٍ صادر عن الإدارة العامة عن الحرس الوطني أن قواتها أوقفت مؤخراً في منطقة مدينة «مساكن»، التابعة لمحافظة سوسة الساحلية، 140 كلم جنوب شرقي العاصمة، متهماً بالانتماء إلى تنظيم إرهابي صدرت ضده أحكام غيابية بالسجن.

وحدات مكافحة الإرهاب التونسية ترفع حالة التأهب (صورة من مواقع وزارة الداخلية التونسية)

بالتوازي مع ذلك، أعلنت المصادر نفسها أن الحملات الأمنية التي قامت بها قوات النخبة ومصالح وزارة الداخلية مؤخراً براً وبحراً في محافظات عدة أسفرت عن إيقاف مئات المتهمين بالضلوع في جرائم ترويج المخدرات بأنواعها من «الحشيش» إلى «الحبوب» و«الكوكايين».

في السياق نفسه، أعلنت مصادر أمنية عن إيقاف ثلاثة متهمين آخرين بـ«الانتماء إلى تنظيم إرهابي» من محافظة تونس العاصمة وسوسة وبنزرت سبق أن صدرت ضدهم أحكام غيابية بالسجن في سياق «الجهود المتواصلة للتصدي للعناصر المتطرفة» وتحركات قوات مصالح مكافحة الإرهاب في وزارة الداخلية ووحدات من الحرس الوطني.

المخدرات والتهريب

وفي سياق تحركات خفر السواحل والوحدات الأمنية والعسكرية المختصة في مكافحة تهريب البشر والسلع ورؤوس الأموال، أعلنت المصادر نفسها عن إيقاف عدد كبير من المهربين والمشاركين في تهريب المهاجرين غير النظاميين، وغالبيتهم من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء، وحجز عشرات مراكب التهريب ومحركاتها.

كما أسفرت هذه التدخلات عن إنقاذ نحو 83 مهاجراً غير نظامي من الموت بعد غرق مركبهم في السواحل القريبة في تونس؛ ما تسبب في موت 27 ممن كانوا على متنهما.

في الأثناء، استأنفت محاكم تونسية النظر في قضايا عشرات المتهمين في قضايا «فساد إداري ومالي» وفي قضايا أخرى عدّة، بينها «التآمر على أمن الدولة». وشملت هذه القضايا مجموعات من الموقوفين والمحالين في حالة فرار أو في حالة سراح، بينهم من تحمل مسؤوليات مركزية في الدولة خلال الأشهر والأعوام الماضية.

وفي سياق «الإجراءات الأمنية الوقائية» بعد سقوط حكم بشار الأسد في سوريا والمتغيرات المتوقعة في المنطقة، بما في ذلك ترحيل آلاف المساجين المغاربيين المتهمين بالانتماء إلى تنظيمات مسلحة بينها «داعش» و«القاعدة»، تحدثت وسائل الإعلام عن إجراءات «تنظيمية وأمنية جديدة» في المعابر.

في هذا السياق، أعلن عن قرار مبدئي بهبوط كل الرحلات القادمة من تركيا في مطار تونس قرطاج 2، الذي يستقبل غالباً رحلات «الشارتير» و«الحجيج والمعتمرين».

وكانت المصادر نفسها تحدثت قبل أيام عن أن وزارة الدفاع الأميركية أرجعت إلى تونس الاثنين الماضي سجيناً تونسياً كان معتقلاً في غوانتانامو «بعد التشاور مع الحكومة التونسية».

وأوردت وزارة الدفاع الأميركية أن 26 معتقلاً آخرين لا يزالون في غوانتانامو بينهم 14 قد يقع نقلهم، في سياق «تصفية» ملفات المعتقلين خلال العقدين الماضيين في علاقة بحروب أفغانستان والباكستان والصراعات مع التنظيمات التي لديها علاقة بحركات «القاعدة» و«داعش».

حلول أمنية وسياسية

بالتوازي مع ذلك، طالب عدد من الحقوقيين والنشطاء، بينهم المحامي أحمد نجيب الشابي، زعيم جبهة الخلاص الوطني التي تضم مستقلين ونحو 10 أحزاب معارضة، بأن تقوم السلطات بمعالجة الملفات الأمنية في البلاد معالجة سياسية، وأن تستفيد من المتغيرات في المنطقة للقيام بخطوات تكرّس الوحدة الوطنية بين كل الأطراف السياسية والاجتماعية تمهيداً لإصلاحات تساعد الدولة والمجتمع على معالجة الأسباب العميقة للازمات الحالية.