توجه لإعادة هيكلة المجلس العسكري لـ{الحر} وسط امتعاض القيادات من شح السلاح

الجربا يلتقي ممثلة واشنطن لدى الأمم المتحدة في غازي عنتاب لبحث تطورات العراق واللاجئين

مقاتلون من الجيش الحر خلال عمليات قتالية في بلدة الشيخ نجار بحلب (أ.ب)
مقاتلون من الجيش الحر خلال عمليات قتالية في بلدة الشيخ نجار بحلب (أ.ب)
TT

توجه لإعادة هيكلة المجلس العسكري لـ{الحر} وسط امتعاض القيادات من شح السلاح

مقاتلون من الجيش الحر خلال عمليات قتالية في بلدة الشيخ نجار بحلب (أ.ب)
مقاتلون من الجيش الحر خلال عمليات قتالية في بلدة الشيخ نجار بحلب (أ.ب)

أكد رئيس هيئة أركان الجيش السوري الحر العميد عبد الإله البشير أن استقالة تسعة من القادة العسكريين، قبل يومين، مرتبطة بـ{قلة الدعم العسكري والعربي والدولي، والوعود الكثيرة من دون تنفيذها واقعيا}، وكشف عن توجه لإعادة هيكلة المجلس العسكري الأعلى على خلفية هذه التطورات. وجاء ذلك في وقت كان رئيس الائتلاف السوري المعارض أحمد الجربا يبحث فيه مع مسؤولة أميركية في تركيا، سبل الدعم الأميركي السياسي والعسكري للائتلاف وهيئة الأركان وطرق {مكافحة الإرهاب}.
وأفاد الائتلاف في بيان، أمس، بأن الجربا عقد لقاء مطولا في مدينة غازي عنتاب التركية مع مندوبة الولايات المتحدة الأميركية لدى مجلس الأمن الدولي سامنثا باور. وأوضح أن {النقاش دار حول سبل دعم اللاجئين السوريين في دول الجوار والتفكير في عودتهم إلى مدن ومخيمات داخل الأراضي السورية}، إضافة إلى {دعم الائتلاف سياسيا والمجلس العسكري الأعلى وهيئة الأركان عسكريا وطرق مكافحة الإرهاب وخصوصا تنظيم (الدولة الإسلامية في العراق والشام) داعش}. وتطرق البحث، وفق البيان ذاته إلى {الأوضاع المستجدة على الساحة العراقية وتأثيرها على الساحة السورية}.
وزادت المعارضة السورية، وتحديدا العسكرية، من وتيرة انتقاداتها لتخلف الدول الصديقة للشعب السوري عن تقديم السلاح والدعم العسكري لمقاتليها، خصوصا بعد التقدم الميداني الذي حققه مقاتلو تنظيم {الدولة الإسلامية في العراق والشام} انطلاقا من محافظة نينوى العراقية، وانعكاسات ذلك على المشهد السوري. وباتت كتائب المعارضة السورية وتحديدا في شمال وشرق سوريا تخوض القتال على جبهات عدة، مع تنظيم {داعش} والقوات النظامية في آن معا، من دون أن تتمكن من الحصول على أسلحة تزيد من قدراتها على التصدي والحسم.
وتكررت في الآونة الأخيرة استعادة الأخيرة سيطرتها على عدد من المدن والبلدات الاستراتيجية بفعل تراجع كتائب المعارضة وعدم قدرتها على الاستمرار في القتال في ظل النقص بالإمدادات العسكرية، علما أن وزير الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة قدم استقالته نهاية الشهر الماضي بسبب قلة الدعم العسكري وتخلف الدول الصديقة عن الإيفاء بوعودها العسكرية.
وفي سياق متصل، أوضح رئيس هيئة أركان الحر أن {الكلام عن دعم عسكري للكتائب المقاتلة أقل بكثير مما يجري الحديث عنه}. وقال، وفق تصريحات نقلتها عنه وكالة الأنباء الألمانية أمس: {نحن نعرف لماذا الناس في الداخل السوري غير مرتاحين، فالنصر على نظام السفاح (الرئيس السوري) بشار الأسد تأخر بسبب قلة الدعم وعدم الالتزام بالوعود إضافة إلى أن ما يصل إلى المقاتلين مباشرة يكون غالبا من دون استشارة القادة العسكريين الكبار، الأمر الذي حملهم على الاستقالة}.
وكان تسعة من القادة ورؤساء المجالس العسكرية في مناطق سورية عدة، قدموا استقالتهم إلى هيئة الأركان أول من أمس، معاهدين على الاستمرار في خدمة الشعب السوري من دون أن يتطرقوا إلى أسباب استقالتهم.
وفي سياق متصل، قال عضو الائتلاف السوري المعارض هشام مروة لـ{الشرق الأوسط} أمس، إن {جبهات وقادة الجيش الحر يعانون من نقص في الدعم العسكري غير مفهوم في هذه المرحلة، في وقت سمعنا فيه وعودا بمساعدات من شأنها أن تغير موازين القوى}.
وشدد مروة على أن {عددا من القادة العسكريين باتوا محرجين أمام قواعدهم العسكرية التي تطالبهم بالذخيرة والسلاح}. وفي موازاة نفيه أن تكون استقالة القادة العسكريين التسعة مرتبطة بخلافات داخل هيئة الأركان، كشف مروة أن {القيادات العسكرية لم تتسلم دعما أو ذخيرة منذ أكثر من ستة أشهر ووجدت أنه لم يعد هناك من داع لبقائها في مناصبها}.
وأعرب مروة عن {تفهم القيادات السياسية الكامل لموقف قادة المجالس العسكرية التي وجدت نفسها عاجزة عن القيام بواجباتها تجاه الشعب السوري وفي التصدي للقوات النظامية}، لافتا في الوقت ذاته إلى أن {النقص في الدعم والذخيرة هو ما سمح لمقاتلي (داعش) بالتقدم في بعض مناطق بدير الزور شرق سوريا}.
وعلى الرغم من تعهد عدد من الدول الغربية بتقديم الدعم العسكري للجيش الحر، لكن قياديين فيه يؤكدون أن الوعود لم تترجم ميدانيا. ويقول مروة في هذا السياق إن {دولا غربية وأخرى عربية تريد دعم المعارضة السورية عسكريا ولكنها تتأخر في ذلك، ونحن نتفهم الأسباب التي جعلتها تتأخر ونحاول من جهتنا أن نعالج الأخطاء القائمة لكي نستفيد من علاقاتنا السياسية في تحقيق الدعم النوعي}. وينفي أن يكون تأخر الدعم {بمثابة قطيعة مع المعارضة، بقدر ما هو تريث لحل إشكالات داخلية في صفوف المعارضة}.
وكان رئيس هيئة الأركان عبد الإله البشير أشار أمس إلى أن {هناك إعادة هيكلة للمجلس العسكري الأعلى يجري الاتفاق عليها بالتشاور مع الجربا وقادة الجيش الحر}، في حين أعلن الائتلاف في بيان صادر عنه أمس أن الجربا وضع قادة الجبهات في هيئة الأركان {في جو المباحثات التي أجراها في واشنطن وباريس ولندن والعواصم الإقليمية}.
وشرح قادة الجبهات، وفق بيان الائتلاف، للجربا {الأوضاع الميدانية على الأرض والصعوبات التي يواجهها مقاتلو الجيش الحر في محاربة (داعش) والنظام}. وأكد القادة المستقيلون أنهم {خلال أكثر من سنة ونصف من استلام مهامهم في الأركان قدموا جل ما يستطيعون وأنهم سيفسحون المجال لضباط آخرين بتقدم الصفوف، على أن يبقوا جنودا أوفياء في خدمة الثورة، وجاهزون كل بحسب موقعه، لتلبية نداء هذه الثورة الأبية للوصول لأهدافها}، قبل أن يقدموا استقالاتهم {بشكل إيجابي وحضاري}، بحسب الائتلاف.
من ناحيته، شكر الجربا القادة على عملهم ودورهم الريادي في الأركان في الفترة السابقة كما أكد أن {الجيش الحر والأركان ستبقى بحاجة لخبراتهم في الأشهر المقبلة من خلال جيش وطني لقيادة الثورة ومن خلال العمل العسكري والثوري}.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.