المالكي يطلق «الجيش الرديف».. ومطالب بتوضيح فتوى السيستاني

واشنطن تنقل بعض موظفي سفارتها من بغداد

جندي عراقي يلوح لمتطوعين يستقلون شاحنات في طريقهم إلى معسكر تدريب في بغداد أمس (أ.ف.ب)
جندي عراقي يلوح لمتطوعين يستقلون شاحنات في طريقهم إلى معسكر تدريب في بغداد أمس (أ.ف.ب)
TT

المالكي يطلق «الجيش الرديف».. ومطالب بتوضيح فتوى السيستاني

جندي عراقي يلوح لمتطوعين يستقلون شاحنات في طريقهم إلى معسكر تدريب في بغداد أمس (أ.ف.ب)
جندي عراقي يلوح لمتطوعين يستقلون شاحنات في طريقهم إلى معسكر تدريب في بغداد أمس (أ.ف.ب)

أعلن في بغداد أمس، عن تشكيل {مديرية الحشد الشعبي} بهدف تنظيم عملية التطوع الشعبي بناء على الفتوى التي أصدرها المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني بما سماه {الجهاد الكفائي} لمقاتلة تنظيم {الدولة الإسلامية في العراق والشام} (داعش).
وقال مستشار الأمن الوطني فالح الفياض في مؤتمر صحافي عقده أمس إن {رئيس الوزراء نوري المالكي أمر بتشكيل مديرية الحشد الشعبي لتنظيم تدفق المتطوعين}. وأضاف أن {حجم التطوع أكبر بعشرات المرات من الحاجة الميدانية}، مبينا أنه {جرى تشكيل لجنة في كل محافظة برئاسة قائد الشرطة هناك لتنظيم عملية التطوع وتحديد الآليات الخاصة بذلك}. وأشار إلى أن {عملية التطوع ليست وقتية بل ستكون بمثابة جيش رديف تحدد له مهمات مستقبلية لحماية العراق}.
وبينما عد التحالف الكردستاني أن {هذه العملية هي عسكرة للمجتمع باتجاه أكثر خطورة مما كان قد جرى التحذير منه في الماضي}، فإن كتلا سنية طالبت بتوضيح مفهوم {الجهاد الكفائي} بعد رواج أنباء عن أن الهدف من هذا الجهاد هو ضد {أبناء السنة}. وقال ائتلاف العربية الذي يتزعمه نائب رئيس الوزراء صالح المطلك في بيان: {إننا في الوقت الذي نثمن فيه المواقف الوطنية لمرجعياتنا السنية والشيعية في الحفاظ على وحدة العراق ونسيجه الداخلي وبنائه المتراص، فإننا في الوقت عينه نطالب المرجعية الدينية الرشيدة في النجف الأشرف بالمداومة على إيضاح ما صدر عنها في البيان الذي ألقاه ممثلها الشيخ عبد المهدي الكربلائي وشرحه في أكثر من محفل، حيث إن دعوة الجهاد التي أطلقتها المرجعية ضد الإرهاب قد فسرت من قبل بعض الموتورين والذين لهم أجندة طائفية خاصة، ومن بعض الجهلة على أنها جهاد ضد أبناء السنة، وعليه فإننا نطالب بتوضيح هذا الأمر والتركيز عليه في أكثر من محفل وقناة اتصالية حفاظا على اللحمة الوطنية ودرءا للفتنة الطائفية التي يراهن عليها البعض}.
من ناحيته، أعرب ائتلاف متحدون للإصلاح الذي يتزعمه رئيس البرلمان أسامة النجيفي عن قلقه من اتساع رقعة العنف التي تعود في الكثير من أسبابها إلى الاحتقان والإحباط الذي عانته جماهير المحافظات الغربية الست ذات الغالبية السنية. وقال بيان صدر عن الائتلاف أمس: «إننا ننتظر وفي ظل ظروف بالغة الحرج كالتي نعيشها اليوم أن يقدم رئيس الوزراء تطمينات فعلية وجادة لأبناء هذه المحافظات بما يجعلهم يستشعرون مواطنتهم، فالمعركة مع الإرهاب لا يمكن لأي دولة أن تكسبها بينما تخسر السكان المحليين}. وأكد الائتلاف أنه «في الوقت الذي ندين فيه الجماعات التكفيرية ومنهجها التدميري للحياة واستهدافها للجميع دون تمييز ونشدد على ضرورة مطاردتها، فإن الناقمين اليوم في هذه المحافظات هم في أغلبيتهم الساحقة من أبناء العشائر الكريمة الذين هبوا للدفاع عن أنفسهم ومدنهم من الأخطار المحدقة بهم، وكذلك من المجموعات التي جرى إبعادها وحرمانها من الاندماج في العملية السياسية، ومن المواطنين المقهورين المنادين بحقوقهم عبر اعتصامات استمرت لما يقارب العام ونصف العام، وبالتالي فإن أي محاولة لاستهداف كل هذا الطيف بالقمع العسكري منهج مرفوض ولن يزيد الأمور إلا تعقيدا ويخلق أعداء جددا}.
وأشار إلى أن «دعوات التطوع العشوائية التي شاعت مؤخرا، جرت ترجمتها عمليا وكأنه إطلاق ليد الميليشيات المرتبطة بأجندات خارجية معروفة للإيغال في منهجها التدميري وتمكينها من استهداف وقتل المواطنين بدوافع فئوية تحت غطاء الدولة ومؤسساتها الأمنية، وهو منهج لا يقل أذى إن لم يزد على منهج الجماعات التكفيرية}.
في السياق ذاته، أكد القيادي الكردي وعضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية السابق، شوان محمد طه، في تصريح لـ{الشرق الأوسط} أنه {بصرف النظر عن الدوافع والمبررات لكننا كنا قد حذرنا في السابق من أن لعسكرة المجتمع تداعيات سلبية والآن المسألة بدأت تتخذ بعدا آخر ويتمثل في أن هذه العسكرة هي في مناطق معينة دون مناطق أخرى وبالتالي فإن هذا الأمر من شأنه الإخلال بمبدأ التوازن الوطني بين المكونات بسبب أن الغالبية العظمى من المتطوعين اليوم هم من الشيعة}.
من ناحية ثانية، وبعد أيام من دعوته إلى تشكيل «سرايا السلام» التي تقتصر مهمتها على الدفاع عن الأماكن والمراقد الشيعية المقدسة في سامراء وبغداد (الكاظمية) والنجف وكربلاء، دعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أنصاره إلى تنظيم استعراض عسكري، السبت المقبل، لتبيان قوة التشكيل.
وجاء إعلان الصدر تشكيل هذه السرايا بمثابة الإعلان النهائي لحل «جيش المهدي»، الذي أسسه بعد الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003، وأعلن تجميده أوائل عام 2012 عقب الانسحاب الأميركي من العراق.
وقال الصدر في بيان: «لكي نكون موحدي الصف وعلى أهبة الاستعداد، أدعوكم إلى استعراض عسكري موحد في كل محافظة على حدة، في آن واحد، لكي نبين للعالم عددنا وعدتنا، بما لا يرهب المدنيين بل العدو».
وفي هذا السياق، أعلن وزير التخطيط علي الشكري، المرشح من قبل التيار الصدري لهذا المنصب، دون أن يكون منتميا إليه، تطوعه في «سرايا السلام».
ميدانيا، نجحت القوات العراقية أمس في وقف هجوم «داعش» وتمكنت من استعادة المبادرة العسكرية بعد صدمة فقدان مناطق واسعة في الشمال، بينما سيطرت القوات الكردية على أحد المنافذ الحدودية الرسمية مع سوريا.
وقال المتحدث باسم مكتب القائد العام للقوات المسلحة الفريق قاسم عطا في مؤتمر صحافي في بغداد: «خلال الـ24 ساعة الماضية جرى قتل أكثر من 279 إرهابيا في مختلف المناطق»، معتبرا أن القوات الأمنية «استعادت المبادرة».
وفي محافظة ديالى قتل ستة من عناصر قوات البيشمركة الكردية وأصيب نحو 20 آخرين بجروح في ضربة جوية لطائرة عراقية أصابت رتلا للقوات الكردية قرب قضاء خانقين (150 كلم شمال شرقي بغداد) في شرق العراق، بحسب ما أفادت به أمس مصادر أمنية. ولم يتضح ما إذا كان القصف متعمدا أم عن طريق الخطأ.
وقتل أيضا ستة أشخاص بينهم ثلاثة جنود في قصف بقذائف الهاون استهدف الأحد مركزا في شرق العراق لتطوع المدنيين لقتال المسلحين الذين يشنون هجوما في أنحاء متفرقة في البلاد.
في غضون ذلك، سيطرت القوات الكردية على أحد المنافذ الحدودية الرسمية مع سوريا بعد انسحاب قوات الجيش العراقي. وأوضح جبار ياور المتحدث باسم قوات البيشمركة الكردية لوكالة الصحافة الفرنسة: «تسلمت قوات البيشمركة السيطرة على منفذ ربيعة (محافظة نينوى) بعد سقوط الموصل (350 كلم شمال بغداد) في أيدي المسلحين وانسحاب الجيش».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.