بريطانيا تختتم 2017 بنمو أقل من التوقعات

بريطانيا تختتم 2017 بنمو أقل من التوقعات
TT

بريطانيا تختتم 2017 بنمو أقل من التوقعات

بريطانيا تختتم 2017 بنمو أقل من التوقعات

أظهرت بيانات رسمية أن الاقتصاد البريطاني نما بوتيرة أبطأ من التقديرات الأولية خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2017، مما يثير تساؤلات بشأن قوة الاقتصاد بينما يستعد بنك إنجلترا (المركزي البريطاني) لرفع أسعار الفائدة.
وتُظهر الأرقام المعلنة أمس أن الاقتصاد البريطاني تباطأ قليلا في نهاية 2017 برغم قوة الاقتصاد العالمي. وتواجه الكثير من الأسر البريطانية ضغوطا ناجمة عن زيادة كبيرة في التضخم بعدما صوت البريطانيون لصالح الانفصال عن الاتحاد الأوروبي في عام 2016.
وقال مكتب الإحصاءات الوطنية إن الناتج المحلي الإجمالي نما بنسبة 0.4 في المائة خلال الفترة بين أكتوبر (تشرين الأول) وديسمبر (كانون الأول)، وهو معدل أقل من توقعات خبراء الاقتصاد وتقديرات أولية بلغت 0.5 في المائة. وأوضح المكتب أن الإنتاج البريطاني كان أقل من التقديرات، وكان المستهلكون أقل رغبة في الإنفاق بسبب ارتفاع الأسعار الذي جلبه انخفاض العملة بعد التصويت على بريكست.
ونما الاقتصاد البريطاني بنسبة 1.7 في المائة في عام 2017 ككل، وهو ما يقل 0.1 نقطة مئوية عن التقديرات الأولية، وهو أضعف معدل نمو منذ عام 2012.
وبلغ التضخم 3.1 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني)، مقتربا من أعلى مستوياته في ست سنوات، مدفوعا بهبوط قيمة الإسترليني بفعل الاستفتاء على الانفصال. وتراجع التضخم إلى ثلاثة في المائة في ديسمبر (كانون الأول).
ويأتي النمو البريطاني متأخرا عن نتائج اقتصاديات أوروبا الكبرى، حيث نما الاقتصاد الألماني في 2017 بنسبة 2.2 في المائة، وزاد الناتج المحلي الفرنسي بنسبة 1.9 في المائة، وخارج القارة الأوروبية استطاع الاقتصاد الأميركي أن يتوسع العام الماضي بنسبة 2.3 في المائة، وتعكس تلك المؤشرات اتجاه الاقتصاد العالمي للتعافي لكن يبدو أن الاقتصاد البريطاني لا يتحسن بنفس الوتيرة.
ونقلت صحيفة «الغارديان» عن الخبير الإحصائي دارين مورغان تعليقه بأن «تعديلات صغيرة جدا على (نتائج قطاعات) التعدين وتوليد الطاقة والخدمات كانت كافية لنرى مراجعة بتعديل طفيف في النمو الفصلي». وأضاف أن «الخدمات استمرت لتقود النمو في نهاية 2017، ولكن مع تباطؤ عدد من الصناعات التي تقع في مواجهة المستهلكين، فإن ارتفاع الأسعار يضغط ميزانيات الأسر».
وبحسب «الغارديان»، فقد اعتمد الاقتصاد البريطاني بعد الأزمة المالي العالمية بقوة على النفقات الاستهلاكية في توليد النمو الاقتصادي، ولكن المؤشرات الأخيرة تظهر ترددا من قبل المواطنين إزاء إنفاق النقود مع تجاوز معدلات التضخم لنمو الأجور.
وقد زاد إنفاق المستهلكين في الربع الرابع من العام الماضي بنسبة 0.3 في المائة، وبنسبة 1.8 في المائة خلال 2017، وهي أبطأ وتيرة للزيادة السنوية منذ 2012، وفقا للصحيفة البريطانية. كما تبدو الشركات مترددة أيضا في الإنفاق مع ثبات استثمارات الأعمال خلال الربع الأخير من 2017.
وتأتي مراجعة التقديرات الأولية للنمو بعد يوم من نشر بيانات عن ارتفاع مفاجئ في البطالة خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام السابق، عند نسبة 4.4 في المائة. ويقول صامويل تومب، كبير الاقتصاديين المتخصصين في الشأن البريطاني بـ«بانثون ماكرو إيكونوميكس» إن «آخر بيانات الناتج المحلي الإجمالي تظهر أن الاقتصاد لا يزال في وضع هش ولا يحتاج لتبريده عبر زيادة أخرى في الفائدة في أقرب وقت في مايو (أيار)».



وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 
TT

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

قبل أكثر من مائة عام، بدأت رحلة السعودية ذات المناخ الصحراوي والجاف مع تحلية المياه بآلة «الكنداسة» على شواطئ جدة (غرب المملكة)، قبل أن تصبح اليوم أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم، وحاصلة على 9 شهادات قياسية من «غينيس».

وسميت «الكنداسة» اشتقاقاً من اسمها اللاتيني (Condenser) والتي تعني المكثف، هذه الآلة كانت تعمل بالفحم الحجري لتكثيف وتقطير مياه البحر لتنتج المياه العذبة.

وفي عام 1926، وبسبب معاناة الحجاج والمعتمرين من قلة المياه العذبة عند وصولهم إلى جدة، إذ كانت بالكاد تكفي السكان، أمر الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود باستيراد آلتين كبيرتين لتقطير مياه البحر لتأمين احتياجهم من الماء.

أما نقطة التحول فكانت في 1974، العام الذي أنشئت فيه المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة في السعودية (الهيئة السعودية للمياه حالياً). وتدير حالياً 33 محطة تحلية، من بينها 8 محطات على ساحل الخليج العربي و25 محطة على ساحل البحر الأحمر.

وتنتج هذه المحطات 5.6 مليون متر مكعب من المياه العذبة يومياً، ما يعادل نحو 70 في المائة من إنتاج المياه المحلاة في المملكة، ما يجعلها أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم.

وقد سجّلت في فبراير (شباط) الماضي المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة تسعة أرقام قياسية سعودية جديدة في موسوعة «غينيس» العالمية، وذلك لإنتاجها ما يزيد على 11.5 مليون متر مكعب يومياً.

استثمارات ضخمة

أصبحت السعودية من كبرى الدول في العالم من حيث حجم الاستثمارات في تحلية المياه، إذ ضخت استثمارات كبيرة في بناء محطات التحلية، بحسب وكيل الرئيس للشراكات الاستراتيجية والمحتوى المحلي في الهيئة السعودية للمياه المهندس محمد آل الشيخ، خلال حديثه في مؤتمر الأطراف (كوب 16) المقام حالياً في الرياض.

وأوضح آل الشيخ أن العاصمة الرياض على سبيل المثال تحصل على المياه المحلاة من بحر الخليج العربي عبر خط أنابيب يمتد لمسافة 500 كيلومتر، وهو نظام نقل مياه متطور لنقل المياه المحلاة، مضيفاً أن هناك استثمارات في البنية التحتية قد تمت على مدار أكثر من أربعة عقود.

ووفقاً لآخر الأرقام المعلنة، فقد رصدت البلاد ميزانية تجاوزت 80 مليار دولار لتنفيذ مئات المشاريع المائية خلال السنوات المقبلة.

تعميم التجربة

ولم تدخر السعودية الخبرات التي جمعتها منذ أن تحولت تحلية المياه من «الكنداسة» إلى أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم.

فقد وقّعت في يوليو (تموز) 2024 اتفاقية مع البنك الدولي تهدف في أحد بنودها إلى تعميم تجربة المملكة الناجحة في قطاع المياه إلى الدول الأقل نمواً.

وتشمل أيضاً نقل المعرفة وتبادل الخبرات في إدارة الموارد المائية وتقليل التكاليف التشغيلية للمرافق.

وتسعى البلاد إلى مساعدة الدول الأخرى في تحسين كفاءة قطاع المياه وتطوير حلول مستدامة، ما يحقق الهدف السادس لهيئة الأمم المتحدة: «المياه النظيفة والنظافة الصحية»، وفق البيان.

تقنيات الطاقة

وفيما يخص التقنيات المتطورة في تحلية المياه، تحدث آل الشيخ عن التوجهات المستقبلية لتحسين تقنيات التحلية، إذ انتقلت المملكة من استخدام تقنيات التحلية الحرارية إلى تقنيات أكثر كفاءة وأقل استهلاكاً للطاقة بنسب تصل في توفير الطاقة لأكثر من 80 في المائة، وتهدف إلى أن تصبح 83 في المائة من مياه البحر المحلاة، وتعتمد على تقنية التناضح العكسي، وهو ما يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق الاستدامة.

وتُستخدم تقنية التناضح العكسي بشكل واسع في تحلية مياه البحر للحصول على مياه صالحة للشرب، وفي معالجة مياه الصرف الصحي، وكذلك في العديد من التطبيقات الصناعية التي تحتاج إلى مياه نقية وخالية من الشوائب.

آل الشيخ متحدثاً للحضور خلال إحدى الجلسات على هامش مؤتمر (كوب 16) بالرياض (الشرق الأوسط)

وأشار آل الشيخ إلى أن المملكة قامت بتنفيذ تجارب مبتكرة، مثل المشروع التجريبي في مدينة حقل (شمال غربي السعودية)، من خلال إنشاء محطة هجينة تعتمد على الطاقة الشمسية والرياح والطاقة التقليدية.

و«قد أثبت المشروع أن هذه التكنولوجيا يمكن أن تساهم في تقليل استهلاك الطاقة في تشغيل محطات التحلية، حيث يمكن للطاقة المتجددة أن تساهم في تشغيل المحطات بنسبة تصل إلى 60 في المائة في بعض الفصول».

انخفاض تكلفة الإنتاج

وفيما يتعلق بتكاليف الإنتاج، أكد آل الشيخ أن تكلفة تحلية المياه قد انخفضت بشكل ملحوظ، إذ كانت تكاليف إنتاج متر مكعب واحد من الماء تتجاوز 4 ريالات (1.06 دولار) في الماضي، بينما الآن لا تتجاوز التكلفة 2.5 ريال (نحو 0.67 دولار)، مع توقعات بتحقيق انخفاض أكبر في المستقبل.

وخلال الجلسة الحوارية على هامش «كوب 16»، قال المدير العالمي لقطاع الممارسات العالمية للمياه بمجموعة البنك الدولي ساروج كومار جاه إن الدول التي تعاني من ندرة المياه يجب أن تسعى إلى إعادة استخدام كل قطرة مياه في البلاد عدة مرات.

وأشار إلى أن سنغافورة تعد نموذجاً في هذا المجال، حيث تعيد استخدام كل قطرة مياه 2.7 مرة. وفيما يتعلق بالسعودية، ذكر أن المملكة تستخدم المياه مرتين تقريباً، مع إمكانية تحسين هذه النسبة بشكل أكبر في المستقبل.

المدير العالمي لقطاع الممارسات العالمية للمياه بمجموعة البنك الدولي ساروج كومار خلال الجلسة الحوارية (الشرق الأوسط)

وفيما يخص تكلفة تحلية المياه، قال إنها انخفضت بنسبة 80 في المائة تقريباً عالمياً، بفضل استخدام الطاقة الشمسية وتطور التقنيات المستخدمة في التحلية، مما يجعل هذه الطريقة أكثر جدوى في البلدان مثل السعودية التي تقل فيها معدلات هطول الأمطار.

ولفت كومار جاه إلى زيارته الأخيرة منطقة أنتوفاغاستا في تشيلي، وهي الأشد جفافاً في العالم، إذ لا تسقط فيها الأمطار على الإطلاق.

ورغم ذلك، تُعد هذه المنطقة من أكثر المناطق الاقتصادية ازدهاراً في العالم، بفضل تبني تقنيات تحلية المياه وإعادة استخدامها، مما يعكس إمكانية بناء المرونة المائية في المناطق الجافة مثل السعودية، بحسب كومار جاه.