الفلسطينيون يسعون لتبني مجلس الأمن مبادرة عباس بدلاً من الصفقة الأميركية

في محاولة لاستبدالها بالخطة الأميركية

فلسطينيون تظاهروا أمس في رام الله ضد زيارة وفد أميركي للضفة الغربية المحتلة (رويترز)
فلسطينيون تظاهروا أمس في رام الله ضد زيارة وفد أميركي للضفة الغربية المحتلة (رويترز)
TT

الفلسطينيون يسعون لتبني مجلس الأمن مبادرة عباس بدلاً من الصفقة الأميركية

فلسطينيون تظاهروا أمس في رام الله ضد زيارة وفد أميركي للضفة الغربية المحتلة (رويترز)
فلسطينيون تظاهروا أمس في رام الله ضد زيارة وفد أميركي للضفة الغربية المحتلة (رويترز)

قال نبيل شعث، مستشار الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إن القيادة الفلسطينية تسعى وتعمل من أجل أن يتبنى مجلس الأمن الدولي الخطة الفلسطينية التي عرضها عباس في خطابه الأخيرة، بدلا من صفقة القرن الأميركية المرتقبة.
ووصف شعث الخطة الأميركية بالفاشلة، وقال إن خطة عباس حظيت بتقدير كبير في العالم. وتوقع «عدم شراء مجلس الأمن الدولي لصفقة القرن، التي تقترحها واشنطن لإنهاء الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين».
وأضاف متسائلا، في حديث بثته الإذاعة الرسمية أمس: «لماذا يجب أن يقبل المجلس الآن مشروعا غامضا، خصوصا بعد أن أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أنه يتبرع بالقدس عاصمة لإسرائيل؟ في وقت عرض فيه الرئيس (عباس) مشروعا آخر على المجلس، يحصل على تقدير كبير في العالم».
وتابع: «لا يستطيع أي إنسان أن يبيع اتفاقا بين طرفين، وهو منحاز بالكامل لأحدهما بشكل معلن وسابق»، مضيفا: «مجلس الأمن لن يشتري مشروعات ما زالت في الخزانة ولم يكشف عنها إلا بالتسريبات هنا وهناك». وأردف: «هذه الصفقة فاشلة».
وجاء حديث شعث بعد أيام من عرض عباس، في مجلس الأمن، خطة تقوم على عقد مؤتمر دولي للسلام في منتصف العام الحالي، يتم بمشاركة دولية واسعة تشمل الطرفين المعنيين، والأطراف الإقليمية والدولية الفاعلة وعلى رأسها أعضاء مجلس الأمن الدائمين والرباعية الدولية، على أن يكون من مخرجات المؤتمر، قبول دولة فلسطين عضواً كاملاً في الأمم المتحدة، والتوجه لمجلس الأمن لتحقيق ذلك، وتبادل الاعتراف بين دولة فلسطين ودولة إسرائيل على حدود عام 1967، وتشكيل آلية دولية متعددة الأطراف تساعد الجانبين في المفاوضات لحل جميع قضايا الوضع الدائم حسب اتفاق أوسلو (القدس، الحدود، الأمن، المستوطنات، اللاجئين، المياه، الأسرى)، وتنفيذ ما يتفق عليه ضمن فترة زمنية محددة، مع توفير الضمانات للتنفيذ.
وطالب عباس خلال فترة المفاوضات، بتوقف جميع الأطراف عن اتخاذ أعمال أحادية الجانب، وبخاصة منها تلك التي تؤثر على نتائج الحل النهائي، وعلى رأسها وقف النشاطات الاستيطانية في الأرض المحتلة من عام 1967 بما فيها القدس الشرقية، وتجميد القرار الذي يعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ووقف نقل السفارة الأميركية للقدس.
واشترط عباس أن يتم تطبيق مبادرة السلام العربية كما اعتمدت، وعقد اتفاق إقليمي عند التوصل لاتفاق سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وقالت مصادر لـ«لشرق الأوسط»، إن القيادة الفلسطينية تسعى إلى تبني الدول الكبرى في مجلس الأمن لخطة عباس، وتضغط من أجل أن تقوم روسيا بالدعوة إلى مؤتمر سلام دولي خلال العام الحالي، أو باريس، استكمالا لمؤتمرها السابق، على أن ينتج آلية دولية عن هذا المؤتمر تشارك فيها الولايات المتحدة ضمن الرباعية الدولية، ودول أوروبية، وعربية من أجل بدء مفاوضات جديدة.
وبحسب المصادر فإن خطة عباس تلاقي قبولا عن غالبية الدول.
وقالت المصادر إن تحركات واسعة بدأت من أجل عقد اجتماع للرباعية الدولية من أجل بحث العملية السياسية.
وتضم الرباعية الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.
ولم تشارك الرباعية بدور فاعل في العملية السياسية منذ سنوات طويلة، وتركت الأمر للولايات المتحدة منفردة.
ويأمل الفلسطينيون في أن تتخذ الرباعية دورا أكثر تأثيرا، من خلال ضم دول أخرى لها أو إلى جانبها في رعاية العملية السياسية.
وتضغط الدبلوماسية الفلسطينية على الدول المؤثرة في الرباعية، غير الولايات المتحدة، أي روسيا والاتحاد الأوروبي وفي الأمم المتحدة.
ودعا رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله، أمس، الاتحاد الأوروبي إلى البناء على مبادرة الرئيس محمود عباس، مشددا على أهمية دور الاتحاد الأوروبي في إحلال السلام.
وقال الحمد الله خلال لقائه سفراء وممثلي الاتحاد الأوروبي، إن الاتحاد مدعو مثل العالم كله، للمساهمة في إحلال السلام، ومواجهة الاستيطان الإسرائيلي بالاحتكام إلى القرارات الدولية والأممية، لإنقاذ حل الدولتين، ووضع المجتمع الدولي أمام فرصة تاريخية للتوصل إلى عملية سياسية عادلة ومتوازنة، تنهي الاحتلال وتصون حقوقنا الوطنية المشروعة.
كما أعربت منظمة التعاون الإسلامي، عن ترحيبها لما دعا إليه الرئيس عباس أمام مجلس الأمن الدولي، مؤكدة ضرورة تحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة، خاصة من خلال حل الدولتين، استنادا إلى قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة ومبادرة السلام العربية.
ودعت الأمانة العامة للمنظمة، في بيان أمس، جميع الأطراف الدولية المعنية، إلى تنفيذ ما جاء في الخطاب من مقترحات، لا سيما عقد مؤتمر دولي للسلام بمشاركة جميع الأطراف الدولية الفاعلة، وإطلاق عملية سياسية برعاية متعددة الأطراف، في إطار زمني محدد، لحل جميع قضايا الوضع النهائي، وقبول دولة فلسطين عضواً كاملاً في الأمم المتحدة على حدود الرابع من يونيو (حزيران) لعام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وأكدت الأمانة العامة أن هذه المقترحات تنسجم مع رؤى ومواقف منظمة التعاون الإسلامي، والتزامها بدعم جهود المجتمع الدولي الرامية لتحقيق السلام الشامل والدائم في المنطقة.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».