القصف على الغوطة يطال المرافق الحيوية... والحصيلة الأكبر في دوما

ميركل لوقف المجزرة بـ«لا واضحة»... ودي ميستورا يقر بـ«صعوبة» إنهاء القتال

سكان دوما في الغوطة الشرقية لدمشق يعاينون الدمار الذي أصاب بلدتهم إثر قصف الطيران أمس (إ.ب.أ)
سكان دوما في الغوطة الشرقية لدمشق يعاينون الدمار الذي أصاب بلدتهم إثر قصف الطيران أمس (إ.ب.أ)
TT

القصف على الغوطة يطال المرافق الحيوية... والحصيلة الأكبر في دوما

سكان دوما في الغوطة الشرقية لدمشق يعاينون الدمار الذي أصاب بلدتهم إثر قصف الطيران أمس (إ.ب.أ)
سكان دوما في الغوطة الشرقية لدمشق يعاينون الدمار الذي أصاب بلدتهم إثر قصف الطيران أمس (إ.ب.أ)

قضت حملة القصف الجوي العنيف التي تستهدف الغوطة الشرقية حتى الآن، على أحياء كاملة، بينما يلوذ سكانها بالأقبية للاحتماء من القذائف، وسجل مقتل 60 شخصاً منهم على الأقل، أمس، رغم التنديدات الدولية، ودعوة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أمس إلى وقف «المجزرة» الجارية في سوريا، فيما أقر المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا بصعوبة إنهاء القتال في الغوطة.
وترى مصادر المعارضة في الغوطة الشرقية أن هذه الحملة التي تستهدف المدنيين والأطفال، هي «مسعى للتوغل في أرض محروقة»، مؤكدة لـ«الشرق الأوسط»، أن حملة القصف «الوحشية» على الغوطة «تستهدف المدنيين وتحاول ضرب الحاضنة الشعبية للمعارضة». وإذ أكدت المصادر أن القصف «يستهدف المرافق الحيوية مثل المستشفيات بهدف إفقاد المدنيين مقدرات الصمود»، أشارت إلى أن «سكان الغوطة اليوم من مدنيين وعسكريين، هم من أبنائها، ويدافعون عن وجودهم ومنازلهم في وجه النظام والميليشيات الحليفة له».
واستهدفت قوات النظام السوري أمس (الخميس)، بالغارات والقذائف الصاروخية الغوطة الشرقية المحاصرة قرب دمشق لليوم الخامس على التوالي من تصعيد أودى بقرابة 400 مدني وإصابة أكثر من 1900 آخرين بجروح. ووثق «المرصد السوري لحقوق الإنسان» الخميس في حصيلة جديدة مقتل 60 شخصاً بينهم 26 جثة استخرجت من تحت الأنقاض في سقبا وكفربطنا. وظهرت صور نشرها ناشطون توثق مقابر جماعية يدفن فيها المعارضون القتلى المدنيين والأطفال، قائلين إن «الغوطة كلها تتحول إلى مقبرة كبيرة متوسعة باستمرار تحت حملة الإبادة الجماعية التي يشنّها الأسد وروسيا وإيران على أكثر من 300 ألف محاصر محتجز».
وسجلت مدينة دوما الحصيلة الأكبر، أمس، إذ قتل فيها جراء عشرات القذائف الصاروخية ثم الغارات، 24 مدنياً، بينهم سبعة أطفال، وأصيب أكثر من 220 شخصا بجروح في مدن وبلدات أخرى.
وأفادت وكالة «الصحافة الفرنسية» بأن متطوعين من الدفاع المدني في مدينة دوما كانوا يخرجون نساء جريحات من تحت الأنقاض. وأثناء انهماكهم في إنقاذ امرأة، استهدف القصف الجوي المنطقة، وتمكنوا من إخراجها لاحقاً لكنها كانت فارقت الحياة.
وكان بعض السكان خرجوا صباح الخميس لتفقد منازلهم ومتاجرهم أو لشراء الحاجيات مستغلين غياب القصف الجوي، لكن عشرات القذائف أجبرتهم على العودة إلى مخابئهم. وفي مدينة حمورية، تجمع بعض السكان صباحاً أمام متجر وحيد فتح أبوابه لبيع المواد الغذائية إلى أن سقطت قذائف عند أطراف الشارع، فانفض الجمع سريعاً.
ويفاقم التصعيد من معاناة المدنيين والكوادر الطبية التي تعمل بإمكانات محدودة نتيجة الحصار المحكم منذ 2013 ويتوافد إليها مئات الجرحى يومياً. وباتت مستشفيات عدة خارج الخدمة، فيما تعمل أخرى رغم الأضرار الكبيرة التي طالتها. وقال المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة الإقليمي للأزمة السورية ديفيد سوانسون لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «يمكننا أن نؤكد حصول ست هجمات على مستشفيات خلال الأسبوع الحالي»، مشيراً إلى تقارير عن هجمات أخرى ما «يثير القلق الشديد». وأضاف: ««هذا أمر مروع، ويجب أن يتوقف حالاً».
وفيما أوردت الجمعية الطبية السورية الأميركية (سامز) أن ثلاثة أفراد من طاقمها الطبي العامل في الغوطة الشرقية قتلوا في القصف، أعلنت منظمة «أطباء بلا حدود» أن 13 مستشفى ينشط فيها أطباؤها تعرضت للقصف في الأيام الثلاثة الأخيرة في الغوطة الشرقية، آخر معاقل الفصائل المعارضة قرب دمشق، التي تتعرض لقصف عنيف من قبل النظام السوري.
ويحاول النظام القول عبر وسائل إعلام مؤيدة له إن الحملة تستهدف من يسميهم «الإرهابيين»، وأنها رداً على «فشل المفاوضات» بين الطرفين، وأن هناك وساطة جديدة لإيقاف العملية العسكرية المرتقبة. لكن «جيش الإسلام» الذي يعتبر الأكثر نفوذاً في الغوطة، نفى على لسان مسؤوله السياسي محمد علوش، المعلومات عن مفاوضات برعاية مصرية وروسية من أجل إيقاف العملية العسكرية المتوقعة لجيش النظام في الغوطة الشرقية، مشددا على أن «تلك الأخبار غير صحيحة كلياً».
وشدد علوش، في اتصال مع «وكالة الأنباء الألمانية»، على رفض مقترح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف المؤيد لوجهة نظر الحكومة السورية، والخاص بخروج المقاتلين إلى الشمال السوري مع بقاء المدنيين، أي تكرر سيناريو حلب، موضحا أن «هذا الاقتراح مرفوض جملة وتفصيلا. لن يخرج أحد من الغوطة». وأضاف: «نحن نتكلم فقط عن إخراج بقايا عناصر من جبهة النصرة... هم أنفسهم مستعدون للخروج».
وتحرك المجتمع الدولي على نحو عاجل لإيقاف حملة القصف. ودعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أمس، إلى وقف «المجزرة» الجارية في سوريا، وقالت ميركل في مجلس النواب الألماني: «نرى حاليا الأحداث الرهيبة في سوريا، معركة النظام ضد سكانه (...) جرائم قتل أطفال وتدمير مستشفيات».
وأضافت المستشارة الألمانية خلال عرضها مواقف برلين قبل قمة الاتحاد الأوروبي المقررة الجمعة: «علينا فعل كل شيء لوقف المجزرة (...) يجب مواجهتها بـ(لا) واضحة»، مؤكدة أن «ذلك يتطلب بذل جهود لعب دور أكبر».
لكن مبعوث الأمم المتحدة لسوريا ستيفان دي ميستورا أقر بصعوبة إيقاف ما يحصل، وقال أمس الخميس إنه يأمل في أن يوافق مجلس الأمن الدولي على قرار لإنهاء القتال في الغوطة الشرقية المحاصرة في سوريا، لكنه أوضح أن الأمر ليس سهلا، مشدداً على أن إيقاف القصف هو «أمر ملح للغاية».



إلحاق مهاجرين أفارقة بمعسكرات تجنيد حوثية

المهاجرون يتعرّضون للانتهاكات في مناطق سيطرة الحوثيين (الأمم المتحدة)
المهاجرون يتعرّضون للانتهاكات في مناطق سيطرة الحوثيين (الأمم المتحدة)
TT

إلحاق مهاجرين أفارقة بمعسكرات تجنيد حوثية

المهاجرون يتعرّضون للانتهاكات في مناطق سيطرة الحوثيين (الأمم المتحدة)
المهاجرون يتعرّضون للانتهاكات في مناطق سيطرة الحوثيين (الأمم المتحدة)

ألحقت جماعة الحوثيين مئات المهاجرين الأفارقة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء بمعسكراتها التي تقيمها للتعبئة العسكرية، ضمن حملات تجنيد تستهدف جميع الفئات؛ استعداداً لإشراكهم فيما تسميه الجماعة «معركة الجهاد المقدس» لتحرير فلسطين.

ودفعت الجماعة الحوثية في الأيام الأخيرة بأكثر من 220 مهاجراً أفريقياً، بينهم أطفال وكبار سن للالتحاق بدورات عسكرية سرية أُقيمت في مناطق عدة في صنعاء وريفها تحت اسم دورات «طوفان الأقصى»، حسب ما ذكرته مصادر يمنية مطلعة لـ«الشرق الأوسط».

أفارقة استقطبهم الحوثيون في صنعاء (إعلام محلي)

ويسعى الحوثيون إلى تدعيم صفوفهم بمقاتلين جُدد، عبر تنفيذ عمليات ملاحَقة وخطف واستقطاب وغسل أدمغة وإجبار على الالتحاق بدورات طائفية وعسكرية.

ووفقاً للمصادر، فإن مئات المهاجرين الأفارقة المستهدفين بعملية التجنيد الأخيرة هُم ممن جرى القبض عليهم قبل فترة، ونقلهم على دفعات من محافظة صعدة المعقل الرئيسي للجماعة إلى معسكرات تدريب تعبوية وعسكرية أُنشئت بعيداً عن متابعة المنظمات الدولية ورقابتها.

واتهمت المصادر جماعة الحوثي بالقيام بمساومة أعداد من المهاجرين بين الالتحاق بصفوفها للقتال أو ترحيلهم قسراً إلى مناطق سيطرة الحكومة اليمنية. وذكرت أن ذلك الاستهداف يُعد ترجمة لتوجيهات كان أصدرها زعيم الجماعة الحوثية، تحضّ على إنشاء معسكرات تعبئة المهاجرين.

وجاءت هذه الممارسات متوازية مع إقرار الجماعة بشنّ حملات تعقب ومطاردة للمهاجرين الأفارقة في محافظة صعدة أسفرت خلال شهر واحد عن اعتقال 1694 شخصاً من مناطق عدة بالمحافظة، واقتيادهم إلى مراكز احتجاز، بعضها يتبع ما تُسمّى «مصلحة الهجرة»، وفق ما بثّه مركز الإعلام الأمني الحوثي.

مهاجرون أفارقة في إحدى المناطق اليمنية (إكس)

كما أقرت الجماعة الحوثية، عبر تقارير أخرى صادرة عن أجهزتها الأمنية في صنعاء، بتنفيذها، منذ مطلع العام الحالي، حملات تعقب وملاحَقة وخطف، أسفرت عن اعتقال ما يزيد على 3480 مهاجراً في صعدة ونقلهم إلى صنعاء.

انتهاك مستمر

يأتي الاستهداف الحوثي للمهاجرين الأفارقة مع استمرار تعرّض المئات منهم لشتى صنوف الانتهاك والابتزاز، وفق ما ذكرته مصادر حقوقية وتقارير دولية.

وتبرّر الجماعة الحوثية عملياتها الاستهدافية المستمرة ضد اللاجئين بسبب ما تزعمه من «خطورتهم على المجتمع»؛ حيث ترحّلهم من معقلها الرئيسي في صعدة، ومن مدن أخرى، وتجميعهم في مراكز تابعة لها في صنعاء، ثم إلحاقهم بمعسكرات تجنيد واستخدامهم في مهام تجسسية وتهريب ممنوعات.

وسبق أن اتّهم ناشطون يمنيون الجماعة الحوثية باستحداث معسكرين تدريبيين جديدين؛ أحدهما بمحافظة صعدة، وآخر قرب مزارع «الجر» غرب مديرية عبس التابعة لمحافظة حجة؛ حيث تستقطب الجماعة إليهما مئات المهاجرين الأفارقة الواصلين تباعاً إلى الأراضي اليمنية؛ بهدف إلحاقهم بجبهات القتال، واستخدامهم بمهام استخباراتية وتنفيذ مخططات استهدافية.

المهاجرون الأفارقة يتدفقون إلى الأراضي اليمنية عبر شبكات التهريب (الأمم المتحدة)

وكانت الحكومية اليمنية ندّدت غير مرة باستمرار الجماعة الحوثية في تجنيد اللاجئين الأفارقة للقتال في صفوفها، وعدّت ذلك جريمة حرب وانتهاكاً للقوانين الدولية والمواثيق الإنسانية.

وفي تقرير سابق لها، اتّهمت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات الحوثيين بإخفائهم قسرياً نحو 2406 يمنيين من مختلف الفئات والأعمار، مضافاً إليهم 382 لاجئاً أفريقياً في 17 محافظة، في الفترة من 1 يناير (كانون الثاني) 2017 حتى منتصف العام الماضي.