تدبير تمويل قوة مشتركة لأمن دول منطقة الساحل اليوم

الاجتماع يركز على القضايا الأمنية والتنموية... ومكافحة الإرهاب

TT

تدبير تمويل قوة مشتركة لأمن دول منطقة الساحل اليوم

يحتضن مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل اليوم (الجمعة)، مؤتمرا رفيع المستوى حول منطقة جنوب الصحراء الأفريقية والمعروفة أيضا باسم مجموعة الخمس في منطقة الساحل، والتي تضم خمس دول وهي موريتانيا ومالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد، ويهدف المؤتمر إلى العمل على حل مشكلات هذه المنطقة التي تتمثل بانتشار الإرهاب والتطرف وانعدام الأمن، بالإضافة إلى الفقر ونقص التنمية الاقتصادية والاجتماعية وسوء الإدارة. وينعقد المؤتمر برعاية الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، وبحضور رؤساء الدول الخمس، حيث سيتم مناقشة الدعم الدولي المطلوب لدول منطقة الساحل، سواء على صعيد الأمن أو التنمية، هذا إلى جانب حضور وفود من دول أخرى شريكة وتهتم بالوضع في المنطقة.
ووفقا لمؤسسات الاتحاد الأوروبي، فإن بروكسل تعطي اهتماما لهذا الملف من منطلق أن الاتحاد الأوروبي شريك سياسي قوي لدول منطقة الساحل «جنوب الصحراء». وحسب بيان للمفوضية الأوروبية في بروكسل، اعتادت فيدريكا موغيريني، عقد اجتماعات سنوية مع وزراء خارجية الدول الخمس لتعزيز التعاون في المجالات ذات الاهتمام المشترك مثل الأمن والهجرة ومكافحة الإرهاب وتشغيل الشباب والمساعدات الإنسانية والتنمية طويلة الأجل. ويعتبر الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء أكبر مزود للمساعدات الإنمائية في منطقة الساحل بما يزيد على 8 مليارات يورو خلال الفترة 2014 إلى 2020 ويستخدم التكتل الأوروبي جميع أدواته لدعم جهود التنمية في المنطقة، وخصوصاً الصندوق الاستثماري للطوارئ والتصدي للأسباب الجذرية للهجرة وحالة عدم الاستقرار، ولإيجاد فرص للشباب. كما يلعب الاتحاد الأوروبي دوراً رئيسياً في المجال الأمني من خلال بعثات وأنشطة للأمن والدفاع المشتركة على ساحل النيجر وساحل مالي، كما يدعم الاتحاد المبادرات الأمنية الإقليمية وقدم بالفعل 50 مليون يورو لإنشاء القوة المشتركة من الدول الخمس في المنطقة التي تهدف إلى تحسين الأمن الإقليمي ومكافحة الجماعات الإرهابية وأيضا المشاركة في عملية السلام في مالي، ووفق مصدر أوروبي مطلع: «نرغب بتعزيز العمل الرامي إلى ربط مسارات حفظ الأمن ومحاربة الإرهاب بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية وتحسين مستوى الإدارة في هذه الدول، وذلك حسب استراتيجياتها وأولوياتها». وقد أعلن المصدر أن المشاركين في القمة اليوم يرغبون بجمع 250 مليون يورو لدعم القوة المشتركة لدول جنوب الصحراء التي تم إطلاقها رسمياً نهاية عام 2014، وذلك عبر التنسيق بين الاحتياجات العملية والعسكرية والإمكانيات المعروضة من قبل الدول الأوروبية والدول الشريكة.
وأوضح المصدر أن الاتحاد الأوروبي على استعداد لتأمين مبلغ 50 مليون يورو، وهو من ضمن مبلغ الـ8 مليارات يورو كانت بروكسل خصصتها لدول جنوب الصحراء في الفترة الواقعة ما بين 2014 - 2020. ولا تعد المشاركة المادية في دعم القوة المشتركة محصورة في دول الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة الأميركية، بل تمتد لتشمل عدة أطراف دولية مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأميركية وغيرها. وكان المصدر قد أكد أن بروكسل حصلت على تعهدات سعودية بدفع 100 مليون دولار من المبلغ المطلوب، بينما ستقدم الإمارات مبلغ 30 مليون دولار. ويوجد في هذه المنطقة عدة بعثات عسكرية دولية، منها فرنسية وأممية وأفريقية، بالإضافة إلى بعثة تدريبية أوروبية في مالي، وحسب المصدر نفسه، فإن «القوة المشتركة لدول جنوب الصحراء جاءت بمبادرة من الدول نفسها وهذا أمر جيد».
ويولي الاتحاد الأوروبي أهمية خاصة لدول هذه المنطقة، إذ تعد مصدراً أساسياً للمهاجرين غير الشرعيين القادمين إلى دوله، كما أنها تعتبر بيئات خصبة لنمو الجماعات الإرهابية وانتشار الجريمة المنظمة العابرة للحدود، خاصة في ظل غياب حكومات رشيدة تقود هذه الدول. وترى بروكسل بأن مصلحة الاتحاد الأوروبي ودوله بالإضافة إلى دول أخرى تقتضي التدخل للعمل على بسط الاستقرار والأمن في منطقة جنوب الصحراء.



تونس: إيقاف متهمين بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي»

وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)
وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)
TT

تونس: إيقاف متهمين بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي»

وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)
وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)

كشفت مصادر أمنية رسمية تونسية عن أن قوات مكافحة الإرهاب والحرس الوطني أوقفت مؤخراً مجموعة من المتهمين بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي» في محافظات تونسية عدة، دون توضيح هوية هذا التنظيم، وإن كان على علاقة بالموقوفين سابقاً في قضايا إرهابية نُسبت إلى فروع جماعتي «داعش» و«القاعدة» في شمال أفريقيا، مثل تنظيم «جند الخلافة» و«خلية عقبة بن نافع».

وحدات مكافحة الإرهاب التونسية ترفع حالة التأهب (صورة من مواقع وزارة الداخلية التونسية)

ووصف بلاغ الإدارة العامة للحرس الوطني في صفحته الرسمية الموقوفين الجدد بـ«التكفيريين»، وهي الصيغة التي تُعتمد منذ سنوات في وصف من يوصفون بـ«السلفيين المتشددين» و«أنصار» الجهاديين المسلحين.

من محافظات عدة

وأوضح المصادر أن قوات تابعة للحرس الوطني أوقفت مؤخراً في مدينة طبربة، 20 كلم غرب العاصمة تونس، عنصراً «تكفيرياً» صدرت ضده مناشير تفتيش صادرة عن محكمة الاستئناف بتونس بتهمة الانتماء إلى تنظيم إرهابي، ومحكوم غيابياً بالسجن لمدة 6 أعوام.

كما أعلن بلاغ ثانٍ صادر عن الإدارة العامة عن الحرس الوطني أن قواتها أوقفت مؤخراً في منطقة مدينة «مساكن»، التابعة لمحافظة سوسة الساحلية، 140 كلم جنوب شرقي العاصمة، متهماً بالانتماء إلى تنظيم إرهابي صدرت ضده أحكام غيابية بالسجن.

وحدات مكافحة الإرهاب التونسية ترفع حالة التأهب (صورة من مواقع وزارة الداخلية التونسية)

بالتوازي مع ذلك، أعلنت المصادر نفسها أن الحملات الأمنية التي قامت بها قوات النخبة ومصالح وزارة الداخلية مؤخراً براً وبحراً في محافظات عدة أسفرت عن إيقاف مئات المتهمين بالضلوع في جرائم ترويج المخدرات بأنواعها من «الحشيش» إلى «الحبوب» و«الكوكايين».

في السياق نفسه، أعلنت مصادر أمنية عن إيقاف ثلاثة متهمين آخرين بـ«الانتماء إلى تنظيم إرهابي» من محافظة تونس العاصمة وسوسة وبنزرت سبق أن صدرت ضدهم أحكام غيابية بالسجن في سياق «الجهود المتواصلة للتصدي للعناصر المتطرفة» وتحركات قوات مصالح مكافحة الإرهاب في وزارة الداخلية ووحدات من الحرس الوطني.

المخدرات والتهريب

وفي سياق تحركات خفر السواحل والوحدات الأمنية والعسكرية المختصة في مكافحة تهريب البشر والسلع ورؤوس الأموال، أعلنت المصادر نفسها عن إيقاف عدد كبير من المهربين والمشاركين في تهريب المهاجرين غير النظاميين، وغالبيتهم من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء، وحجز عشرات مراكب التهريب ومحركاتها.

كما أسفرت هذه التدخلات عن إنقاذ نحو 83 مهاجراً غير نظامي من الموت بعد غرق مركبهم في السواحل القريبة في تونس؛ ما تسبب في موت 27 ممن كانوا على متنهما.

في الأثناء، استأنفت محاكم تونسية النظر في قضايا عشرات المتهمين في قضايا «فساد إداري ومالي» وفي قضايا أخرى عدّة، بينها «التآمر على أمن الدولة». وشملت هذه القضايا مجموعات من الموقوفين والمحالين في حالة فرار أو في حالة سراح، بينهم من تحمل مسؤوليات مركزية في الدولة خلال الأشهر والأعوام الماضية.

وفي سياق «الإجراءات الأمنية الوقائية» بعد سقوط حكم بشار الأسد في سوريا والمتغيرات المتوقعة في المنطقة، بما في ذلك ترحيل آلاف المساجين المغاربيين المتهمين بالانتماء إلى تنظيمات مسلحة بينها «داعش» و«القاعدة»، تحدثت وسائل الإعلام عن إجراءات «تنظيمية وأمنية جديدة» في المعابر.

في هذا السياق، أعلن عن قرار مبدئي بهبوط كل الرحلات القادمة من تركيا في مطار تونس قرطاج 2، الذي يستقبل غالباً رحلات «الشارتير» و«الحجيج والمعتمرين».

وكانت المصادر نفسها تحدثت قبل أيام عن أن وزارة الدفاع الأميركية أرجعت إلى تونس الاثنين الماضي سجيناً تونسياً كان معتقلاً في غوانتانامو «بعد التشاور مع الحكومة التونسية».

وأوردت وزارة الدفاع الأميركية أن 26 معتقلاً آخرين لا يزالون في غوانتانامو بينهم 14 قد يقع نقلهم، في سياق «تصفية» ملفات المعتقلين خلال العقدين الماضيين في علاقة بحروب أفغانستان والباكستان والصراعات مع التنظيمات التي لديها علاقة بحركات «القاعدة» و«داعش».

حلول أمنية وسياسية

بالتوازي مع ذلك، طالب عدد من الحقوقيين والنشطاء، بينهم المحامي أحمد نجيب الشابي، زعيم جبهة الخلاص الوطني التي تضم مستقلين ونحو 10 أحزاب معارضة، بأن تقوم السلطات بمعالجة الملفات الأمنية في البلاد معالجة سياسية، وأن تستفيد من المتغيرات في المنطقة للقيام بخطوات تكرّس الوحدة الوطنية بين كل الأطراف السياسية والاجتماعية تمهيداً لإصلاحات تساعد الدولة والمجتمع على معالجة الأسباب العميقة للازمات الحالية.