إلغاء واشنطن تأشيرة سفر رئيس المحكمة العسكرية يثير بلبلة في لبنان

اتخذ ردّاً على حكمه بسجن الإعلامية حنين غدّار

TT

إلغاء واشنطن تأشيرة سفر رئيس المحكمة العسكرية يثير بلبلة في لبنان

ألغت السلطات الأميركية تأشيرة كانت أعطتها لرئيس المحكمة العسكرية في لبنان العميد حسين عبد الله، للسفر إلى الولايات المتحدة الأميركية للمشاركة في مؤتمر في واشنطن، وذلك ردّاً على الحكم الغيابي الذي صدر عن المحكمة العسكرية، وقضى بسجن الصحافية والباحثة اللبنانية حنين غدّار ستة أشهر، بجرم «الإساءة إلى الجيش اللبناني واتهامها له بالتفريق بين المواطنين اللبنانيين»، خلال مشاركتها في ندوة عقدت في واشنطن في العام 2014 هاجمت فيها الجيش و«حزب الله»، واعتبرت فيها أن الجيش اللبناني «يميّز بين الإرهاب الشيعي والإرهاب السنّي».
وأثار إلغاء سفر رئيس المحكمة العسكرية بلبلة في الأوساط اللبنانية، وقد فسّر بمثابة التدخل في شؤون القضاء اللبناني، وأوضح مصدر مطلع على حقيقة ما حصل لـ«الشرق الأوسط»، أن العميد عبد الله «كان مقرراً أن يتوجه إلى واشنطن في الثالث من شهر فبراير (شباط) الحالي، تلبية لدعوة رسمية وجّهت له للمشاركة في أحد المؤتمرات، إلا أنه تلقى قبيل توجهه إلى مطار بيروت الدولي اتصالاً من مسؤول أميركي، أبلغه فيه إلغاء التأشيرة الممنوحة له، وأنه لم يعد بإمكانه التوجه إلى الولايات المتحدة». وأشار المصدر إلى أن المسؤول الأميركي أعلم رئيس المحكمة أن «القرار اتخذ ردّاً على الحكم الذي أصدره بحق الصحافية غدّار، والذي تعتبره واشنطن مسيئاً للحريات العامة خصوصاً حريّة الرأي»، لافتاً إلى أن رئيس المحكمة «الذي كلّف عميداً آخر لمتابعة جلسات المحاكمة، عاد إلى مزاولة عمله ولم يتأثر بهذا القرار ما دام أنه مقتنع بالأحكام التي يصدرها والتي تراعي القوانين اللبنانية».
وتعلّق الدولة اللبنانية أهمية كبرى على المساعدات العسكرية التي تقدّمها الولايات المتحدة للجيش والقوى الأمنية اللبنانية، والسلاح النوعي الذي لعب دوراً حاسما في انتصار الجيش اللبناني على المجموعات الإرهابية في معركة «فجر الجرود» على حدود لبنان الشرقية الصيف الماضي. وتتخوّف مصادر متابعة من أبعاد هذا القرار الأميركي، وأشارت إلى أن لبنان «حريص على أفضل العلاقات التي تقيمها قيادة الجيش مع الولايات المتحدة، والمؤسسة العسكرية تحفظ للأميركيين الدعم الذي تقدمه الإدارة الأميركية، وعلى الشراكة القائمة بين الطرفين لما فيه مصلحة لبنان، والتعاون الثنائي في مكافحة الإرهاب والأخطار الخارجية».
ويسعى لبنان لتقديم تفسيرات لحقيقة الحكم الذي أثار استياء أميركياً، كي لا يعطى أبعاداً بعيدة عن مضمونه القانوني، حيث أعلن مصدر قانوني مطلع، أن ملف حنين غدار قضائي بحت ولا خلفيات سياسية له، وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «القضية ليست جديدة، لأن الادعاء على غدار حصل في العام 2014. لكن الحكم صدر غيابياً في الشهر الماضي، وعندما تمثل أمام المحكمة يسقط الحكم الغيابي وتعاد محاكمتها».
وشدد المصدر القانوني، على أن حنين غدار «يمكنها دخول لبنان الآن من دون أن تتعرض للتوقيف، لأن الحكم لم يرسل للتنفيذ بعد، حتى أنه لا يزال في طور التبليغ، واسمها لم يعمم على المطار والمعابر البرية والبحرية»، كاشفاً أن غدار «قدمت اعتراضا على الحكم بواسطة وكيلها القانوني، والمحكمة العسكرية قبلت الاعتراض في الشكل، وحددت جلسة لاستجوابها أمامها خلال شهر يوليو (تموز) المقبل، وبالتالي عندما تمثل أمام المحكمة تلغى كل الإجراءات السابقة».
إلى ذلك، قال مصدر عسكري لـ«الشرق الأوسط»، إن الجيش اللبناني «سبق له وادعى على حنين غدار بجرم الإساءة إليه، وإلصاق أفعال بالمؤسسة العسكرية، واتهمته بالتمييز بين مواطن وآخر». ولفت إلى أن الجيش «طبّق القوانين اللبنانية المرعية الإجراء، وهو لم يقاض غدار بسبب تهجمها على (حزب الله)، بل بسبب إساءتها للمؤسسة العسكرية التي تشكل مظلة حماية لكل اللبنانيين».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».