عهد كامل في مسلسل انجليزي على شاشة «نيتفليكس»

الممثلة والمخرجة السعودية عهد كامل عرفها الجمهور السعودي من خلال الإخراج والتمثيل، فهي قد أخرجت أفلاماً حازت تقدير في مهرجانات سينمائية في العالم العربي مثل «الكندرجي» و«حرمة»، ولكن عهد أيضاً ممثلة وكاتبة. لمعت في دور مديرة المدرسة «حصة» في فيلم «وجدة»، وهو الفيلم الذي لقي نجاحاً عالمياً وصل به إلى ترشيحات الأوسكار.
ولكن لعهد طموحات كبيرة أخرى في الإخراج والتمثيل خرجت بها من الإطار المحلي مرة أخرى، ولكن هذه المرة في دور بارز في مسلسل إنجليزي من إنتاج شركة «نيتفليكس» وتعرضه «بي بي سي» حالياً.
أتحدث مع عهد ويتناول حديثنا جوانب كثيرة من عملها في التمثيل والإخراج والكتابة، وتعرب عن سعادتها بالظهور في المسلسل الإنجليزي كأول ممثلة سعودية تشارك في عمل تمثل فيها البطولة النجمة كاري ماليغان المرشحة لجائزة الأوسكار، وتتمنى أن يؤدي قرار فتح دور عرض سينمائية في السعودية لظهور أجيال واعدة، فالسعودية كما تقول «بها مواهب كثيرة».
يبدأ حديثنا حول مسلسل «كولاتيرال» وأسألها عن تجربتها في المسلسل... «هل كان صعباً أن تجدي نفسك في معية مجموعة من كبار النجوم في بريطانيا، وكيف تجدين الاختلاف بين التمثيل في العالم العربي والتمثيل في بريطانيا؟». تقول: «هناك فرق كبير جدّاً؛ في بريطانيا توجد صناعة فنية ضخمة وتقليد ممتد للممثلين والممثلات، وجوّ محيط بهم يكنّ التقدير والاحترام لحرفة التمثيل والفن، لديهم تاريخ طويل من هذا، وهو ما ينعكس على تجربتي بالعمل هنا. في السعودية أنتمي لجيل رائد في السينما بينما هنا أنا محاطة بجو فني عريق».
ورغم رهبة التجربة الأولى تعترف بأن العمل في الحلقات التلفزيونية «أمر ممتع بالفعل... أن أستغرق في تفاصيل الشخصية، وأن أضع ثقتي كلها في السيناريو والقصة التي كانت مبدعةً وإخراج إس جي جاكسون، وأن أكون ضمن هذا الطاقم من الفنانين... إنه أمر مهم جدّاً لأي ممثلة، بالنسبة لي هو وثبة عالية نحو النمو والتقدم».
تشارك عهد ممثلات بحجم كاري ماليغان وبيلي بايبر مشاهد كثيرة، وتقول إنها كانت مترقبة ومتوترة بعض الشيء، كذلك كان لقاؤها الأول مع كاتب العمل السير ديفيد هير: «منذ البداية شعرت بالرهبة لدى مقابلتي للكاتب ديفيد هير، أتذكر في بداية جلسات القراءة وحين دخلت الحجرة واتخذت مقعدي رأيت حولي على طاولة البروفات بطاقتين تحملان اسمي الممثلتين كاري ماليغان وبيلي بايبر، ولم تكونا في الحجرة بعد، أحسستُ بالدهشة والفخر. بعد أكثر من عشر سنوات من بداية عملي الفني أحسست بالعرفان لتقدير عملي، وأيضاً للفرصة التي سمحت لي بالانضمام لمثل هذه المجموعة من المواهب العالمية، وهو ما يعني أنني سأقدم أفضل ما لديّ. أمر رائع أن أعمل لجانب ممثلة مثل كاري؛ أن أتشارك معها في اللقطات، هي شخص سخي للغاية ومتواضعة، كنا كلنا هناك نتعاون لإخراج هذا المسلسل بالشكل الذي ظهر عليه».
عهد كامل التي مارست الإخراج تتحدث كثيراً عن المخرجة إس جي جاكسون: «قامت بمهمة أكثر من رائعة، ومن الجميل أن تكون امرأة على رأس عمل كهذا، وأن تكون على قدرة بالتحكم بكل تلك الشخصيات».
تقوم عهد في «كولاتيرال»، بدور اللاجئة السورية فاطمة، وأسألها عن إحساسها بهذا الدور، وإما إذا كان يعاني من النمطية التي تتعامل معها صناعة السينما والتلفزيون في العالم مع الشخصيات العربية.
ترى أن دور «فاطمة» مختلف في طرحه: «أعتقد أن ما يميز هذا العمل عن غيره أنني عندما أجريتُ بروفة اختيار، وحصلت على الدور جلست بشكل شخصي مع ديفيد هير وإس جي جاكسون، وكانا حريصين على ألا يتم تصوير شخصيات اللاجئين بطريقة مثيرة ومبالَغ فيها، وقالا لي إنهما مهتمان بتصوير الشخصية الإنسانية. هذا أعطاني مساحة كبيرة لدراسة الشخصية وإضافة العمق لها، وقدما لي كثيراً من النصح حول ما يصلح وما لا يصلح ويناسب الشخصية».
عهد درست الإخراج في أميركا، ودرست التمثيل المسرحي أيضاً، وتحلم بالوقوف على خشبة المسرح في لندن.
عن شخصيتها في المسلسل وبشكل عام الشخصيات العربية في الدراما العالمية نتحدث، وأسألها عن ردها إذا ما عُرِض عليها دور نمطي: «أعرف أن الدور الأول لك على الشاشة البريطانية كان متعاطفاً وواقعياً في تناول الشخصية العربية... ولكن ماذا سيكون رد فعلك إذا ما طُلِب منك تمثيل دور نمطي؟»، تقول: «من المضحك أن الشخصيات العربية في الدراما العالمية تدور في إطارين؛ إما إرهابيون أو لاجئون.. ولكني أعتقد أننا كسرنا حاجزاً وأصبحنا نجد شخصيات متنوعة، ليست بالضرورة حول كون الشخصية تصور متطرفاً أو لاجئاً، أعتقد أن الأمر الأهم هو كيفية كتابة الشخصية، ولكن من الجانب الآخر أعتقد أن هناك تغييراً يحدث حالياً في أنماط الشخصيات، ومع الحرص على الحوار المتبادل، أعتقد أن العالم الآن مهتم بكل شيء، كلنا مهتمون بالشخصيات الإنسانية في كل مكان وحاولت أن أكون جزءاً من مشروع يحقق هذا المفهوم».
كون عهد سعودية أسألها إن كان وجودها في الاستوديو مع طاقم عمل غربي أثار اهتماماً خاصّاً بكونها امرأة سعودية؟ تقول ببساطة محببة: «ليس كثيراً في لندن، وهو أمر جميل، فالإنجليز معتادون على رؤية السعوديين، هناك نوع من الفهم لطبيعة المجتمع وهناك عدد ضخم من الأشخاص الذين عاشوا أو زاروا السعودية في وقت من الأوقات. ولكن عموماً فالسعودية واحدة من البلدان التي تحيطها هالة من الغموض وبالتأكيد هناك فضول لمعرفة المزيد عنها».
ترى عهد في كونها أول ممثلة سعودية تظهر على «نيتفليكس» شيئاً مهماً على أكثر من مستوى «ليس فقط لكوني أول ممثلة سعودية على (نيتفليكس)، ولكن لأن باباً قد فتح لغيري من الفنانين، وهو توقيت مناسب خاصة مع التغييرات الكثيرة التي تحدث في السعودية الآن، فالتمثيل ليس أمراً حساساً مثلما كان من قبل، وألحظ ذلك من أصدقائي وكيفية تنشئة أطفالهم والمفاهيم التي ينشأون عليها».
أسألها عن عملها بالإخراج في السعودية: «أنت من جيل كسر العديد من الحواجز، هل كان الأمر صعبا في البداية؟»، تقول: «كان صعباً جدّاً لأسباب كثيرة، ولكن السبب الأهم هو أن المهنة لم تكن معترفاً بها أو موجودة، كان من الصعب أن أعرف إلى أين يتجه بي الطريق، كان هناك كثير من الخوف، ولكن الرحلة أصبحت أسهل عدما تقبلت نفسي، وأدركتُ أني لم أقترف خطأ، وكل هذا جاء على خلفية مساندة أفراد عائلتي والناس من حولي ممن مدُّوا لي يد العون وأعتبر نفسي محظوظة بهذا. لم تقف عائلتي في طريقي وهو ما يؤكد لي كم أنا محظوظة».
وحول إقامة دور سينما في السعودية ترى عهد أن الأجيال المقبلة ستكون المستفيد الأكبر، وتضيف: «المواهب موجودة بالفعل، ولكن سيكون هناك مجال للتجربة والخطأ لفترة ما قبل أن تتضح الصورة... أعتقد أن الأمر سيكون مهمّاً للأجيال القادمة، فهي المحطة التي سيتعلمون عندها الفن والمدارس السينمائية، وبداية لفهم الخطوط العامة والمقبول وغير المقبول. سيأخذ الأمر وقتاً، أنا مهتمة بمعرفة ما تحمله الأيام. أنا متحمسة جدّاً، وأعتقد أن الأمر سيتطور تدريجيّاً».
وعن خططها المستقبلية تقول: «أركز حالياً على التمثيل، وأتمنى أن أمثل على المسرح في لندن... الإخراج دائماً هناك في ذهني ولكنه ارتباط ضخم أريد أن أنتظر لأجد المنتج المناسب والدعم المناسب».