قالت الممثلة سيرين عبد النور إنها تتمتع اليوم بخليط من النضج والسلام مع النفس، مما يجعلها تنظر إلى الأشياء بإيجابية أكبر. وأضافت النجمة اللبنانية، التي لم تتوانَ عن التطرق في إطلالاتها الأخيرة إلى حياتها الشخصية، خلال حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «عندما أتكلم أحياناً عن خصوصياتي، أكون في وارد إيصال رسالة ما إلى المشاهد كي يتعلم منها الدرس الوافي. فصحيح أنني تطرقت أخيراً إلى موضوع طلاق والدي، وإلى محاولاتي المتكررة للحمل، وغيرها من الأمور التي تخصني على الصعيد الشخصي، ولكني آثرت أن تحمل أحاديثي نوعاً من المساعدة للآخر كي يستطيع تجاوز مشكلاته»، وتابعت: «النضج عامل مهم في حياتنا، وعادة ما يكون محورها الأساسي، فحتى الحب ينضج مع الوقت، ويتطور من مراحل الشغف والإعجاب إلى أخرى ثابتة، ألا وهي الاستقرار والشعور بالآخر. ولعل المشكلات التي عشتها في الماضي علمتني أن أتحمل المسؤولية، وأن أتشبث بتأسيس عائلة حقيقية، وهو أمر ليس بالسهل أبداً».
كانت سيرين، التي ستضع طفلها الثاني (كريستيانو) قريباً ليكون بمثابة الأخ الأصغر لابنتها البكر (تاليا)، قد أعلنت عن محاولاتها الإنجاب أكثر من مرة، التي باءت بالفشل، إلى أن تم ذلك أخيراً، مؤكدة: «أنا إنسانة مؤمنة، أرضخ لمشيئة رب العالمين». كما تحدثت عن مشكلة الطلاق المنتشرة في الآونة الأخيرة، قائلة: «من الضروري جداً أن يتعرف الثنائي جيداً على بعضهما بعضاً قبل أن يقدموا على هذا القرار المصيري. وهنا، أود بهذه المناسبة أن أنصح هؤلاء الأشخاص بضرورة التروي، وأن يتزودوا بثقافة الزواج قبل الإقدام عليه، فهو ليس بالمهمة السهلة كما يخيل إليهم، ولكنها تصبح حلوة إذا ما عرف الطرفان كيفية التعاطي معها».
وتقول سيرين، التي جسدت أدواراً مختلفة في عالم الدراما والسينما، وبرعت في إلقاء الضوء على المرأة المعنفة وتلك المتمردة والرومانسية والمطلقة، وغيرها من الأدوار التي حفرت في ذاكرة المشاهد بفضل أدائها الطبيعي البعيد عن التصنع: «اخترت أدواري بتأنٍ، على أن تحمل رسالة ما في طياتها، وهو الأمر الذي ترجمته في أعمال كثيرة لي، كـ(لعبة الموت) و(سارة)، وحتى في (روبي). فكنت أنقل نظرة الرجل والمجتمع تجاه تلك النساء، وأعرض ردّ فعلهن في المقابل».
وعن الدور الذي لن تفكر في تقديمه مرة جديدة، ترد: «أعتقد أن دور المرأة المعنفة الذي عالجته من زوايا مختلفة (في المجتمع والعائلة) لن أقدم على تجسيده مرة أخرى». وفي المقابل، تتمنى سيرين القيام بدور من نوع آخر: «أفضل اليوم أن أتقمص شخصية المرأة القوية، فالنساء لديهن قدرات كثيرة لم يسلط الضوء عليها بعد في أعمال الدراما».
وعن دورها في خماسية «الشهر السابع»، تقول: «هو جديد من نوعه، وأجسد فيه دور طبيبة نفسية حامل في الشهر السابع، تعاني هي أيضاً من مشكلات وعقد نفسية كثيرة، وتعيش صراعاً ما بين طبيعة عملها وضميرها ومنزلها العائلي. فاللجوء إلى الطبيب النفسي لا يجب أن يشكل عقدة لنا، وهو الأمر الذي يتم تسليط الضوء عليه في هذه الخماسية».
وعن رأيها في هذا النوع من الأعمال الدرامية القصيرة المعروفة بـ«ميني مسلسل»، تقول: «أشعر بأن هذا النوع من الأعمال سيشق طريقه بقوة في المستقبل القريب، كونه يسمح للمشاهد بمتابعة أعمال جذابة، إن بنجومها أو بحلقاتها القصيرة التي تشبه بعناصرها الفيلم السينمائي».
وعن تجربتها مع فيليب أسمر، مخرج هذا العمل الذي سيعرض في موسم رمضان المقبل، تقول: «برأيي، المخرج هو (مايسترو) العمل الدرامي، ومن الضروري أن أثق بالمخرج الذي أعمل معه، كونه هو من سيوجهني في عملي. ومع فيليب أسمر، عشت هذا الشعور، وكنت سعيدة بتعاوني معه، إذ كنا متناغمين ومتفاهمين على أدق التفاصيل». وتجدر الإشارة إلى أن الخماسية المذكورة هي من تأليف رافي وهبة، وتشكل جزءاً من مسلسل «حدوتة حب».
وتعد سيرين عبد النور من الممثلات اللبنانيات اللاتي يتمتعن بأداء طبيعي وتلقائي قلما نلحظهما في أعمالنا الدرامية، وفي ظلّ مبالغة بعضهن في بذل مجهود تلو الآخر لإظهاره. وعن نظرتها إلى هذا الأمر بعين الممثلة، تقول: «طبعاً ألاحظ هذا الأمر، وانتقده بعين المحترفة أكثر من أي أحد آخر، لأنه يدخل في صلب مهنتي. ولكن يجب التنبه لأمور كثيرة تجري في كواليس العمل بعيداً عن عين المشاهد. ويمكن للكاتب أو المخرج أن يساهما في ذلك، فيوقعا الممثل بما لا يرغب فيه، إن من خلال جملة معينة أو تصرف ما يطلب منه. ومع الأسف، فإنه وحده من يتحمل أغلاط العمل لأنه هو الموجود في الواجهة. وفي الماضي، كنت أغض النظر عن كلمة أو عن عبارة أو حركة لا أقتنع بها، كي لا أتسبب في نشوء مشكلة ما مع المخرج. أما اليوم، فصرت أعطي رأيي بصراحة وبوضوح، دون التعدي على الدور الأساسي للمخرج».
وترى عبد النور أنه على الممثل أن يتمتع بثقافة ملمة تساعده على تقديم الدور الذي يجسده، وعلى أكمل وجه: «الخبرة التي يحصدها الممثل من خلال تعاونه مع عدد من المخرجين والكتاب تزوده بثقافة معينة، ويجب عليه أن يطورها بمجهوده الخاص. فأنا حالياً أستعد لتصوير مسلسل جديد بعد موسم رمضان لن أفصح عن تفاصيله، ولكني أعقد جلسات متكررة مع كاتبته لأتبين منها ملامح الشخصية التي أقدمها، وكي لا يفوتني أي عنصر مؤثر فيها. فالممثل ليس مجرد مؤدٍ، بل هو كتلة مشاعر يترجم أفكار الكاتب، الذي يجب في المقابل أن يعطيه المساحة المطلوبة لإيصال طبيعة الشخصية التي يقدمها، مستعيناً بلغة جسده تارة، وموهبته التمثيلية تارة أخرى. فالأمر ليس مجرد حفظ نص، بل هو كناية عن أسلوب حفر يتم نحت الدور من خلاله».وتختم هذا الموضوع بقولها: «على الممثل أن يعد نفسه واحداً من بين جمهوره، لا أن يدخل عليه بنفسية الـ(VIP). فما يهمني هو إيصال أعمالي لأكبر نسبة ممكنة من الناس، والمفروض على الممثل أن يشبه المشاهد، وإلا فإن هذا الأخير لن يصدقه، وبالتالي فهو لن يتابعه». وتتوجه سيرين عبد النور، التي كان لها الفضل في فتح باب الانتشار العربي أمام الممثل اللبناني من خلال دورها في مسلسل «روبي»، إلى بعض الممثلين الذين لا يأخذون مهنتهم على محمل الجد، بحيث يمكن أن يغيب عن الكاميرا ويرتشف فنجان قهوة في مقصورته، في الوقت الذي يكون شريكه في التمثيل يؤدي حواراً غيابياً معه أمام الكاميرا: «إنه ما نسميه في عالمنا بالممثل الذي (يسرق الكاميرا)، وهو أمر يستفزني لأن التمثيل يعتمد على تبادل الأداء، تماماً على طريقة (هات وخد) في لعبة الكرة. والمطلوب ممن يقف أمامي أن يحفزني بأدائه القوي لأبادله بالمثل، فيتمتع بقدراتي نفسها، وإلا فإن الأمر سيفشل».
وتؤكد سيرين عبد النور، التي قطعت شوطاً لا يستهان به في عالم التمثيل التلفزيوني والسينمائي، فأصبحت رقماً صعباً فيه على الصعيدين اللبناني والعربي، أن أكثر ما تفتقده حالياً على الساحة هو غياب المنتج الراحل أديب خير، موضحة: «أفتقده كثيراً، فهو شخص لن يتكرر في عالمنا العربي، للرؤية المستقبلية التي كان يتمتع بها، ولأفكاره النيرة، وأسلوبه في تكريم الممثل. لقد وثق بموهبتي منذ اللحظة الأولى، وكان السبب في تقديمي إلى العالم العربي (في مسلسل روبي)، ففتحنا معاً هذا الباب العريض أمام الآخرين».
وتضيف: «وكذلك أفتقد من يحترم مكانة الممثل وخبرته، بعد أن صارت الساحة مشرعة أبوابها أمام أي شخص يرغب في التمثيل، ما دام السعر الذي يطلبه يوافق ميزانية منتج العمل».
وعند سؤالها: هل تعنين بذلك أنك لست مقدرة بما فيه الكفاية؟ أجابت: «مع الأسف، نعم هذا هو الواقع. فعلى الرغم من أن الممثل يكبر وتكبر خبرته معه، فإنه يتم تهميشه أحياناً كثيرة. وهذا الأمر مرفوض في بلاد الغرب، حيث يكرم الممثل العريق، ويتهافت المنتجون على العمل معه. فالتمثيل صار بمثابة موضة، وحتى (الفاشينستا) تردن دخول هذا المجال».
وتستطرد: «لا أعني بكلامي هذا عدم تشجيعي لجيل جديد يدخل دماً جديداً على الساحة، فأنا أشجع هؤلاء وأكن لهم كل احترام، وأنوه هنا بالممثلة الصاعدة رنين مطر التي أتوقع لها مستقبلاً زاهراً في عالم التمثيل. ولكن يجب الحفاظ على الممثل المحترف لأنني شخصياً أحتاج إليه كي أؤدي أدواري على المستوى المطلوب، فلا يجوز أن ألملم الكرة من هنا وهناك، بل أن أتقاذفها مع زميلي الذي يقف أمامي».
سيرين عبد النور: على الممثل أن يشبه المشاهد في أدائه كي يصدقه
https://aawsat.com/home/article/1183906/%D8%B3%D9%8A%D8%B1%D9%8A%D9%86-%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%88%D8%B1-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%85%D8%AB%D9%84-%D8%A3%D9%86-%D9%8A%D8%B4%D8%A8%D9%87-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B4%D8%A7%D9%87%D8%AF-%D9%81%D9%8A-%D8%A3%D8%AF%D8%A7%D8%A6%D9%87-%D9%83%D9%8A-%D9%8A%D8%B5%D8%AF%D9%82%D9%87
سيرين عبد النور: على الممثل أن يشبه المشاهد في أدائه كي يصدقه
ترى أن الاستقرار الركيزة الأساسية لاستمرار الحب
سيرين عبد النور: على الممثل أن يشبه المشاهد في أدائه كي يصدقه
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة