مجلس الأمن يصوّت اليوم أو غداً على قرار لوقف النار

TT

مجلس الأمن يصوّت اليوم أو غداً على قرار لوقف النار

في ظل مخاوف من فيتو روسي ، ارتفعت الأصوات في الأمم المتحدة، أمس (الأربعاء)، من أجل اتخاذ إجراءات فورية لوقف التصعيد العسكري الخطير في الغوطة الشرقية، قرب دمشق. وتسارعت الاتصالات بين أعضاء مجلس الأمن أملاً في التصويت خلال الساعات الـ48 المقبلة على مشروع القرار الكويتي - السويدي، الذي يطالب بوقف النار لمدة شهر كامل والسماح بنقل الإمدادات الإنسانية لملايين المحتاجين في كل أنحاء سوريا.
وأكده رئيس مجلس الأمن للشهر الحالي المندوب الكويتي الدائم لدى الأمم المتحدة منصور العتيبي لـ«الشرق الأوسط» أن «الاتصالات لا تزال جارية بعد أن وضع مشروع القرار بالحبر الأزرق»، آملاً في التصويت عليه «في القريب العاجل». بيد أن المندوب السويدي أولوف سكوغ أفاد بأن «هذه الخطوة ستحصل مساء اليوم»، أي أمس، متوقعاً التصويت «خلال الساعات الـ48 المقبلة».
وخلال جلسة كانت منعقدة أمس حول «غايات ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة»، قال الأمين العام أنطونيو غوتيريش: «أعلم أن مشاورات مهمة للغاية تجري الآن» من أجل «وقف الأعمال القتالية خلال شهر واحد في سوريا»، مضيفاً أن «الغوطة الشرقية لا يمكن أن تنتظر». ودعا كل الأفرقاء إلى «تعليق فوري لكل نشاطات الحرب في الغوطة الشرقية، والسماح للمساعدات الإنسانية بالوصول إلى جميع المحتاجين، والسماح بإجلاء ما يقدر بنحو 700 شخص يحتاجون إلى علاج عاجل».
وأكد أن «مأساة إنسانية تنكشف أمام أعيننا، ولا اعتقد أننا يمكن أن ندع الأمور تسير على هذا النحو المروع».
وكذلك رأت المندوبة الأميركية نيكي هيلي أن «السيادة ليست عذراً كي يستخدم نظام ما الغاز ضد شعبه، مثلما يفعل نظام الأسد في سوريا، وهذا المجلس لا يفعل شيئاً».
وأكد القائم بأعمال البعثة البريطانية الدائمة لدى الأمم المتحدة جوناثان ألن أن «هناك الآن مستويات غير مسبوقة من المعاناة في الغوطة الشرقية». وقال: «نظام الأسد يضرب شعبه. يبدو أنه يضرب المدنيين والبنية التحتية المدنية. وهناك بلاغات عن استخدام الأسلحة الكيميائية. وقد وصفه الأمين العام بما يجري بأنه جحيم على الأرض». وتمنى التصويت على المشروع السويدي - الكويتي «في أقرب وقت ممكن ووقف الأعمال العدائية في كل البلد لمدة شهر، وإيصال المساعدات الإنسانية لمن هم في أمسِّ الحاجة إليها». واعتبر أن «هذه الأزمة وصمة عار على ضمائرنا جميعاً، ويجب أن نجد حلّاً لذلك».
أما المندوب الروسي فاسيلي نيبينزيا فاعتبر أن «مسألة سيادة سوريا وسلامتها الإقليمية لا تزال تشكل صفقة مساومة في التطلعات الجيوسياسية لعدد من اللاعبين الخارجيين». وأضاف: «قيل الكثير اليوم عن الغوطة الشرقية وعن قلق الدول الأعضاء والأمين العام نفسه من الحال». وأقترح على رئاسة مجلس الأمن عقد اجتماع مفتوح لمناقشة الوضع في الغوطة «من أجل التأكد من أن جميع الأطراف يمكنها تقديم رؤيتها وفهمها للحالة والتوصل إلى طرق للخروج من هذا الوضع هناك».
وينص مشروع القرار على أن مجلس الأمن «يقرر وقف الأعمال العدائية في كل أنحاء سوريا باستثناء العمليات العسكرية ضد (داعش) أو (القاعدة)، لمدة 30 يوماً متواصلة»، بغية السماح بـ«إيصال المعونة والخدمات الإنسانية والإجلاء الطبي للمصابين بأمراض وجروح حرجة». ويقرر أيضاً أنه «بعد 48 ساعة من بدء سريان وقف الأعمال العدائية يسمح للأمم المتحدة وشركائها التنفيذيين بالوصول الأمن وغير المعرقل والمستدام إلى كل المناطق المطلوبة استناداً إلى تقييم الحاجات الذي تعده الأمم المتحدة، بما في ذلك المعونات الطبية والجراحية، إلى ملايين الناس المحتاجين في كل أنحاء سوريا، وخصوصاً إلى 5.6 ملايين إنسان في 1244 من المجتمعات المحلية التي لديها حاجة ماسّة، وبينهم مليونان و900 ألف في أماكن محاصرة أو يصعب الوصول إليها». ويذكر بـ«مطالبته كل الأطراف، تحديداً السلطات السورية، بالامتثال فوراً لواجباتها بموجب القانون الدولي، ومنه القانون الدولي لحقوق الإنسان المرعي الإجراء، والقانون الإنساني الدولي، بما في ذلك ضمان احترام وحماية كل العاملين في المجال الطبي والعاملين الإنسانيين المنخرطين حصراً في مهمات طبية، ووسائل النقل الخاصة بهم ومعداتهم، فضلاً عن المستشفيات والمنشآت الطبية الأخرى، بالإضافة إلى حماية المدنيين».
وكذلك «يأخذ علماً بالإجراءات الخمسة» التي حددها وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية منسق المعونة الطارئة مارك لوكوك خلال زيارته لسوريا في 11 يناير (كانون الثاني) 2018، ولاحقاً أمام أعضاء المجلس. ويدعو كل الأطراف إلى أن «ترفع فوراً الحصارات المفروضة على المناطق السكنية، بما فيها الغوطة الشرقية ومخيم اليرموك والفوعة وكفريا»، مطالباً بـ«التوقف عن حرمان المدنيين من الغذاء والدواء الضروريين للبقاء على قيد الحياة»، ومشدداً على أن «تجويع المدنيين كقاعدة في القتال محظور في القانون الإنساني الدولي».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».