استياء الشارع الشيعي من ترشيحات «حزب الله» و«أمل»

ترجيحات بقدرة القوى السياسية المعارضة للثنائي على خرق لوائحه

TT

استياء الشارع الشيعي من ترشيحات «حزب الله» و«أمل»

لم يتخطّ بعد قسم كبير من الشارع الشيعي المؤيد للثنائي «حزب الله» – «حركة أمل»، الصدمة الناتجة عن المفاجآت التي حملتها الترشيحات النيابية، والتي كان رئيس المجلس النيابي ورئيس حركة «أمل» نبيه بري وأمين عام حزب الله حسن نصر الله سباقين بإعلانها، مطلع الأسبوع، مؤثرين هذه المرة تغليب الحسابات الحزبية على تلك المناطقية والعائلية، ما أدّى لتسجيل حالة استياء واعتراض شملت أكثر من دائرة انتخابية احتجاجاً على أسماء بعض المرشحين.
ولعل النقمة الكبرى سُجلت في قضاء جبيل الذي يُشكل مع قضاء كسروان دائرة انتخابية واحدة خُصص لها مقعداً شيعياً واحداً من أصل 8 مقاعد، ما أعطاه رمزية وأهمية، خصوصاً أن عدد الناخبين الشيعة المسجلين في الدائرة يبلغ 18 ألفاً مقابل 143 ألف ماروني. فاختيار «حزب الله» مرشحاً حزبياً من خارج المنطقة وبالتحديد من منطقة البقاع (شرق لبنان)، وهو حسين زعيتر، أثار اعتراضاً كبيراً في صفوف عائلات جبيل الشيعية التي كانت تتنافس فيما بينها لحث الحزب على اعتماد أحد أبنائها. لكن تأزّم الأمور بين هذه العائلات، ووصول حدة المنافسة إلى مستويات غير مسبوقة، دفع بقيادة الحزب إلى اختيار شخصية من خارج المجموعة التي كانت تتصارع على الحلبة، وان كان زعيتر هو المسؤول الحزبي عن منطقتي جبل لبنان والشمال، وبالتالي على تماسّ مع كل عائلات المنطقة ووجهائها. وقد دفع الأمر ببعض أبناء جبيل لتنفيذ اعتصام رمزي منذ أيام، والتلويح بترشيح شخصية تنافس مرشح «حزب الله» من خلال لائحة مضادة للائحة التي سيشكلها تحالف «التيار الوطني الحر» – «حزب الله».
وبحسب مطلع عن كثب على ترشيحات الثنائي الشيعي، فإن اختيار حسين زعيتر كان بمثابة مخرج للأزمة التي تعاظمت في الفترة الماضية في جبيل مع إصرار كل عائلة على ترشيح أحد أبنائها، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «الانزعاج الحالي من قبل الأهالي ليس مرده الاسم، إنما سببه مبدأ اختيار شخصية من خارج الدائرة ما اعتبروه انتقاصاً من قدراتهم وفعاليتهم».
ويعتبر قاسم قصير، الكاتب والمحلل السياسي، المقرَّب من «حزب الله» أن الاعتراض الذي يُسجل في جبيل قد يتحول إلى إشكالية، بخلاف بعض الاعتراضات في مناطق أخرى، التي من المرجح أن تحل مع مرور الأيام، لافتاً إلى أن «لعائلات جبيل دوراً فكريّاً وثقافيّاً وتاريخيّاً وبالتالي ليس مستبعداً أن تتحالف مع عائلات كسروان لتشكيل لائحة قد تكون قادرة على التأثير على (تحالف الوطني الحر) - (حزب الله)». ويضيف قصير في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «بالأساس ليس هناك قاعدة أو شرط بأن يكون المرشح من ضمن الدائرة نفسها ليتم ترشيحه عنها، لكن الأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات المناطقية والعائلية أمر أساسي لضمان قاعدة انتخابية أكبر، ولعل هذا ما التزم به الثنائي الشيعي إلى حد كبير مع بعض الاستثناءات وبالتحديد في جبيل والبقاع الغربي».
وينسحب الاستياء «الجبيلي» على دائرة البقاع الغربي - راشيا، حيث قررت قيادة حركة «أمل» ترشيح محمد نصر الله ابن الجنوب اللبناني عن المقعد الشيعي الوحيد في الدائرة، ما خلق اعتراضات واحتجاجات على عدم اعتماد إحدى الشخصيات الشيعية من الدائرة نفسها، إلا أنها اعتراضات بقيت، بحسب مصادر معنية، «قابلة للاستيعاب والتخطي خلال الأسابيع المقبلة، بخلاف ما هي عليه الحالة في جبيل».
ولم تقتصر الاعتراضات على تسمية مرشحين عن دوائر هم ليسوا بالأصل منها، بل سُجلت احتجاجات على عدم تمثيل مدن محددة كمدينة صور، في ترشيحات الثنائي الشيعي، إضافة لاحتجاج مَن يُعرفون بـ«أبناء القرى السبع» (وهي عبارة عن سبع قرى مُحتَلَّة من قبل إسرائيل في الجنوب) على عدم اختيار أي مرشح منهم ليخوض المعركة الانتخابية عن أحد المقاعد الشيعية في دائرة بيروت الثانية.
وتوضح مصادر الثنائي الشيعي أنّها «تتفهم الاعتراضات الحاصلة على بعض الترشيحات، وهو أمر طبيعي وحاصل في كل الأحزاب، وسيتظهر أكثر فأكثر مع إعلان باقي التيارات السياسية ترشيحاتها رسميّاً»، لافتةً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الثنائي حين يحسم ترشيحاته ينطلق من سعيه لتحقيق مصلحة الخط السياسي وليس منطقة معينة، فنحن نتحدث عن نائب يمثل كل لبنان وليس دائرة أو منطقة معينة كما يحصل في الانتخابات البلدية».
ولعلها من المرات القليلة التي يكون على الثنائي الشيعي مواجهة أكثر من إشكالية خلال الانتخابات النيابية، بعدما كان يخوض الاستحقاقات الماضية مطمئناً تماماً لفوزه بكل المقاعد التي يعتمد فيها مرشحين. وسواء في بعلبك - الهرمل أو مرجعيون - حاصبيا في حال تكتلت في لوائح قوية واختارت شخصيات مؤثرة قادرة على الحصول على أكبر عدد ممكن من الأصوات التفضيلية.
يُذكر أن «حزب الله» أعلن الاثنين ترشيح 13 حزبيّاً بينهم 6 وجوه جديدة، مقابل ترشيح «أمل» 16 بينهم 4 جدد، على أن يُعلن في مراحل لاحقة أسماء الحلفاء الذين سيخوضون المعركة الانتخابية على لوائح الثنائي الشيعي.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.