منظمة التجارة تطالب أميركا بالكف عن عرقلة النزاعات

أزيفيدو يحذر من «تحركات انتقامية» تسفر عن «تأثير دومينو» لا يمكن السيطرة عليه

TT

منظمة التجارة تطالب أميركا بالكف عن عرقلة النزاعات

حث رئيس منظمة التجارة العالمية الولايات المتحدة على تجنب التسبب بـ«شلل» منظومة تسوية النزاعات التجارية الدولية، وسط تصاعد حدة التوترات الاقتصادية بين واشنطن والصين.
وينظر إلى «هيئة تسوية المنازعات» على أنها أداة غاية في الأهمية ضمن منظمة التجارة العالمية التي تتخذ من جنيف مقرا لها، حيث توفر للدول مسرحا لحل الشكاوى مع تجنب تبادل فرض الرسوم التي تشعل حروبا تجارية.
ويعتبر مسؤولو الملف التجاري في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب أن الأحكام الصادرة عن الهيئة تحابي دولا ناشئة على غرار الصين، فعرقلوا تعيين أي قضاة جدد في الهيئة، مما فاقم مشكلة التأخير في عمل المحكمة التي تتعرض أصلا إلى انتقادات جراء بطء إجراءاتها.
وقال مدير عام منظمة التجارة العالمية روبرتو أزيفيدو، في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية: «إذا لم نقم بشيء واستمررنا على النهج ذاته، فمن الواضح أن شللا سيحدث في المنظومة». وأضاف أنه على اتصال «دائم» بالولايات المتحدة بشأن مسألة القضاة، لكن «لا وجود لتطورات قد تشير إلى أننا بتنا أقرب للتوصل إلى حل».
ولتؤدي مهامها على أكمل وجه، ينبغي أن يكون لدى هيئة تسوية المنازعات سبعة قضاة. لكنها حاليا لا تضم إلا أربعة، سيغادر أحدهم لدى انتهاء ولايته في سبتمبر (أيلول).
وقال أزيفيدو إنه «متفائل نسبيا» بأن الدول الأعضاء في المنظمة البالغ عددها 164 تعمل من أجل حلول «ستسمح لنا بمواصلة عملنا». وفي وقت سابق من هذا الشهر، أوصت وزارة التجارة الأميركية بفرض رسوم جمركية باهظة على الصين ودول أخرى لمواجهة الوفرة العالمية في الفولاذ والألمنيوم التي تعتبر أنها تهدد أمنها القومي. وتعهدت الصين فورا بحماية مصالحها.
ويتوقع أن يتخذ ترمب قرارا بشأن مسألة الرسوم الشهر المقبل، لكن محللين حذروا من أنه قد يدعم الإجراءات مستغلا الفرصة لدعم سياسته التجارية تحت شعار «أميركا أولا».
وفي حال حدث ذلك، قد تكرر الصين ما فعلته دول أخرى في الماضي، بحشد محاميها والتوجه إلى هيئة حل المنازعات للاحتجاج بأن تصرفات الولايات المتحدة تنتهك القواعد الهادفة إلى خلق فرص متكافئة في الساحة التجارية العالمية.
لكن مع استمرار واشنطن الاستخفاف بسلطة منظمة التجارة العالمية - قولا وفعلا - يخشى البعض من أن أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم تتجهان نحو الصدام. وأكد أزيفيدو أن «خطر اندلاع حرب تجارية موجود دائما». وأضاف: «هناك فترات يزداد فيها وأخرى تقل احتمالاته».
لكنه حذر من أن التحركات الانتقامية أحادية الجانب، التي تتم خارج إطار المنظومة متعددة الأطراف التي تعمل منظمة التجارة العالمية على حمايتها، تشكل مصدر قلق رئيسيا.
وقال: «فور بدء حدوث ذلك يصبح لديك تأثير الدومينو، ومن ثم تخرج الأمور عن السيطرة بسهولة كبيرة». وأضاف: «بين فينة وأخرى، يظهر توجه لاتخاذ إجراءات وإصلاح الأمور بشكل أحادي وهذا دائما أمر خطير».
وخلال حملة الانتخابات الرئاسية، وصف ترمب منظمة التجارة العالمية بأنها «كارثة» وهدد بالانسحاب منها في حال انتخابه. وبينما دعت إدارته إلى إصلاحات شاملة في المنظمة، لا يبدو أن التهديد بالانسحاب كان جديا.
وقال أزيفيدو لوكالة الصحافة الفرنسية: «لا يوجد شيء في محادثاتي مع الولايات المتحدة يشي - ولو من بعيد - بإمكانية انسحابها من منظمة التجارة العالمية». وأضاف: «لديهم مخاوف بشأن عدة أمور تحصل هنا، لكنهم قالوا مع ذلك إن المنظمة مهمة للغاية وتقوم بأمور جيدة كثيرة».


مقالات ذات صلة

انتعاش قطاع التصنيع الأميركي في ديسمبر رغم تحديات الأسعار

الاقتصاد روبوتات مستقلة تقوم بتجميع سيارة «إس يو في» بمصنع «بي إم دبليو» في ساوث كارولاينا (رويترز)

انتعاش قطاع التصنيع الأميركي في ديسمبر رغم تحديات الأسعار

اقترب قطاع التصنيع في الولايات المتحدة من التعافي في ديسمبر؛ إذ شهد انتعاشاً في الإنتاج وزيادة في الطلبات الجديدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد بورصة نيويورك في المنطقة المالية في مانهاتن (رويترز)

من الرسوم الجمركية إلى التضخم: ما الذي ينتظر الاقتصاد الأميركي في 2025؟

يدخل الاقتصاد الأميركي عام 2025 في حالة مستقرة وجيدة نسبياً؛ حيث شهدت البلاد انخفاضاً ملحوظاً في معدلات التضخم التي كانت قد أثَّرت على القوة الشرائية للمستهلكين

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد بورصة نيويورك خلال أول يوم تداول من العام الجديد في 2 يناير 2025 (أ.ف.ب)

تحديات جديدة تواجه صناديق الاستثمار المتداولة في الولايات المتحدة

تستعد صناديق الاستثمار المتداولة في الولايات المتحدة لمواجهة تحديات جديدة قد تؤثر في استمرار نموها الهائل في عام 2025.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد لافتة خارج بورصة نيويورك تشير إلى تقاطع شارعي وول ستريت وبرود ستريت (أ.ب)

بداية متواضعة للأسواق الأميركية في 2025 مع تفاؤل حذر

بدأت مؤشرات الأسهم الأميركية عام 2025 بتحركات متواضعة الخميس وارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.3 % في التعاملات المبكرة

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد المشاة يسيرون عبر ساحة تايمز سكوير في مدينة نيويورك (رويترز)

تراجُع غير متوقع في طلبات إعانات البطالة الأميركية

انخفض عدد الأميركيين المتقدمين بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة بشكل غير متوقع الأسبوع الماضي، مما يشير إلى تراجع وتيرة التسريحات مع نهاية عام 2024.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الصين تسعى لتعزيز قطاع المواني والمطارات المركزية بغرب البلاد

مسافرون يسيرون أمام الأعلام الصينية في مطار شنتشن باوان الدولي بمقاطعة قوانغدونغ بالصين (رويترز)
مسافرون يسيرون أمام الأعلام الصينية في مطار شنتشن باوان الدولي بمقاطعة قوانغدونغ بالصين (رويترز)
TT

الصين تسعى لتعزيز قطاع المواني والمطارات المركزية بغرب البلاد

مسافرون يسيرون أمام الأعلام الصينية في مطار شنتشن باوان الدولي بمقاطعة قوانغدونغ بالصين (رويترز)
مسافرون يسيرون أمام الأعلام الصينية في مطار شنتشن باوان الدولي بمقاطعة قوانغدونغ بالصين (رويترز)

قالت الصين، الأحد، إنها ستتخذ 15 إجراء لدعم التنمية في أقاليم غرب البلاد، من خلال إقامة مشروعات بنية أساسية لوجيستية؛ مثل المواني والمطارات المركزية.

وذكرت وسائل إعلام رسمية أن الإدارة العامة للجمارك قالت إن هذه الإجراءات من شأنها تعزيز التكامل بين السكك الحديدية، والنقل الجوي والنهري والبحري في غرب الصين.

وتتضمَّن الإجراءات تطوير مطارات مركزية دولية في مدن من بينها تشنغدو، وتشونغتشينغ، وكونمينغ، وشيآن، وأورومتشي، مع إقامة مناطق جمركية شاملة ودمجها مع المواني، وغيرها من روابط النقل. وسيتم أيضاً بناء وتوسيع عدد من المواني.

وتسعى الصين، منذ فترة طويلة، إلى تعزيز القوة الاقتصادية للمناطق الغربية، التي تخلفت بشكل ملحوظ عن الأقاليم الساحلية. لكن توترات عرقية في بعض هذه المناطق مثل شينجيانغ، والإجراءات الأمنية المتشددة، التي تقول بكين إنها ضرورية لحماية الوحدة الوطنية واستقرار الحدود، أثارت انتقادات من بعض الدول الغربية.

وتشكِّل مناطق غرب الصين نحو ثلثَي مساحة البلاد، وتشمل أقاليم مثل سيتشوان وتشونغتشينغ، ويوننان، وشينجيانغ، والتبت.

ودعا المكتب السياسي الصيني العام الماضي إلى «التحضر الجديد» في غرب الصين لإحياء المناطق الريفية، وتوسيع جهود التخفيف من حدة الفقر، وتعزيز موارد الطاقة.

كما بذلت الصين جهوداً لزيادة الروابط مع أوروبا وجنوب آسيا من خلال ممرات للتجارة، بما في ذلك طرق الشحن بالسكك الحديدية.

في الأثناء، أعلن البنك المركزي الصيني خطة نقدية «تيسيرية معتدلة» تهدف إلى تعزيز الطلب المحلي لتحفيز النمو، بعد أيام من دعوة الرئيس شي جينبينغ إلى سياسات اقتصادية كلية أكثر فاعلية.

وكافحت بكين، العام الماضي، لانتشال الاقتصاد من الركود الذي تسببت به الأزمة العقارية، وضعف الاستهلاك، وارتفاع الديون الحكومية.

وكشف المسؤولون عن تدابير تهدف إلى تعزيز النمو، بينها خفض أسعار الفائدة، وتخفيف القيود على شراء المساكن، لكن خبراء الاقتصاد حذَّروا من أنه لا تزال هناك حاجة لمزيد من التحفيز المباشر.

وقال «بنك الشعب الصيني» في بيان إنه «سينفِّذ سياسة نقدية تيسيرية معتدلة (...) لخلق بيئة نقدية ومالية جيدة لتعزيز التعافي الاقتصادي المستدام».

وأشار البيان، الصادر السبت، إلى خطط لخفض أسعار الفائدة ونسبة الاحتياطي الإلزامي، وهي الأموال التي يجب على المصارف الاحتفاظ بها بدلاً من إقراضها أو استثمارها. وقال إن «التغييرات ستتم في الوقت المناسب» بالنظر إلى الظروف في الداخل والخارج.

وأكد «بنك الشعب الصيني» الحاجة إلى استئصال الفساد، ما يؤشر إلى استمرار الحملة ضد الفساد في القطاع المالي الصيني.

وأضاف أنه سيواصل دعم الحكومات المحلية للتغلب على ديونها من خلال «الدعم المالي».

ولفت البيان إلى أن هذه التدابير تهدف إلى «منع المخاطر المالية في المجالات الرئيسية، وحلها، وتعميق الإصلاح المالي (...) والتركيز على توسيع الطلب المحلي».

وجاء إعلان البنك بعد اجتماع لجنة السياسة النقدية على مدى يومين في العاصمة بكين.

وكانت بكين تستهدف نمواً بنحو 5 في المائة عام 2024 أعرب شي عن ثقته بتحقيقه، لكن خبراء الاقتصاد يرون صعوبةً في ذلك. ويتوقَّع صندوق النقد الدولي أن ينمو اقتصاد الصين بنسبة 4.8 في المائة عام 2024 و4.5 في المائة عام 2025.