يوم دامٍ في غوطة دمشق الشرقية... و1200 بين جريح وقتيل

هروب من القصف العنيف على بلدة سقبا في الغوطة الشرقية لدمشق أمس (أ.ف.ب)
هروب من القصف العنيف على بلدة سقبا في الغوطة الشرقية لدمشق أمس (أ.ف.ب)
TT

يوم دامٍ في غوطة دمشق الشرقية... و1200 بين جريح وقتيل

هروب من القصف العنيف على بلدة سقبا في الغوطة الشرقية لدمشق أمس (أ.ف.ب)
هروب من القصف العنيف على بلدة سقبا في الغوطة الشرقية لدمشق أمس (أ.ف.ب)

عاشت الغوطة الشرقية يوماً آخر عصيباً، بعد أن اشتدت كثافة الغارات الجوية على جوبر وغالبية بلدات الغوطة الشرقية. إذ وثق المرصد السوري تجاوز أعداد القتلى والجرحى 1200 خلال أقل من 48 ساعة. وحسب مصادر معارضة، شنت قوات النظام 9 غارات جوية إضافة إلى 3 غارات بالطيران المروحي تم خلالها إلقاء البراميل المتفجرة على مدينة دوما وحدها، أمس (الثلاثاء).
وأفادت المصادر بمقتل أكثر من 50 مدنياً جراء الغارات على دوما وبلدات أخرى عديدة في الغوطة الشرقية وجوبر، ومن بين القتلى المتطوع في الدفاع المدني فراس جمعة، الذي قضى خلال عمله في انتشال المصابين بعد قصف عنيف ومتكرر على بلدة بيت سوى. وأفاد الدفاع المدني في ريف دمشق بمقتل 7 مدنيين بينهم 4 أطفال وإصابة آخرين، جراء غارة جوية استهدفت الأحياء السكنية في عربين. كما قُتل 24 من بينهم 5 نساء وطفلة، إثر 15 غارة جوية بعشرات صواريخ الراجمات، وذلك بعد أول من أمس (الاثنين)، الدامي الذي قُتل فيه أكثر من 130 مدنياً وأُصيب مئات آخرون.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن قوات موالية للنظام السوري قصفت منطقة الغوطة الشرقية، أمس، ما أسفر عن مقتل 49 شخصاًَ على الأقل، وذلك بعد أن سقط أول من أمس، أكبر عدد من القتلى خلال يوم واحد في المنطقة منذ 3 سنوات.
وأظهرت لقطات فيديو حمّلتها جماعة الدفاع المدني السوري التي تُعرف باسم «الخوذ البيضاء»، عمال إنقاذ يحاولون إجلاء نساء وأطفال من منازل في دوما يُعتقد أنها تعرضت لضربة جوية من قوات النظام، ويحملون نساءً وأطفالاً آخرين مصابين إلى سيارات إسعاف، حسب (رويترز). ودعت الأمم المتحدة، أمس، إلى وقف فوري لإطلاق النار في المنطقة، مضيفة أن الوضع «يخرج عن نطاق السيطرة» بعد «تصعيد بالغ في الأعمال القتالية».
وقال اتحاد منظمات الإغاثة والرعاية الطبية، وهو تحالف لوكالات دولية يموّل مستشفيات في سوريا، إن قنابل أصابت 5 مستشفيات في الغوطة الشرقية، أمس.
وأشار المرصد السوري إلى أن تكثيف القصف يأتي استعداداً لهجوم بري من جانب القوات الموالية للنظام، وقال إن إحدى جماعات المعارضة المسلحة أحبطت محاولة الجيش السوري التقدم عند منطقة المرج الليلة قبل الماضية.
وقالت مصادر مدنية في الغوطة الشرقية إن الفصائل العسكرية أنهت استعدادها لصد محاولات النظام التقدم على المحاور، في حال شرع بالعملية العسكرية، مؤكدة لـ«الشرق الأوسط» أن العسكريين «يؤكدون جهوزيتهم».
وقالت المصادر إن النظام لم يبدأ بعد أي عملية عسكرية على الجبهات، مكتفياً بالقصف الجوي والمدفعي والصاروخي المكثف. وأضافت: «حاول النظام الاثنين التقدم على محور أوتوستراد حمص لجهة دوما، لكن قوات جيش الإسلام ردته، وسيطرته على خمس نقاط كان يسيطر عليها في السابق».
وأشارت المصادر إلى أن القصف الجوي لا يتوقف على الغوطة منذ الصباح وحتى حلول المساء، لتبدأ بعدها حملات القصف المدفعي والصاروخي. وقالت: «يواظب النظام على قصف العشوائيات التي يسهل تدميرها، ولا تفارق أربع طائرات ميغ وطائرتين مروحيتين الأجواء، إضافة إلى طائرات الاستطلاع التي تحدد الأهداف، بينما تتعامل معها القوات المعارضة بالمضادات الأرضية».
ووجه «المجلس المحلي لمدينة دوما» نداءً إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، والمجتمع الدولي، ومجلس الأمن، طالبها فيه «بتحمل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية والإنسانية، والعمل على إيقاف حملة الإبادة الجماعية التي يمارسها نظام الأسد المجرم والقوات المتحالفة معه ضد الغوطة الشرقية».
على الجهة المقابلة ارتفعت كثافة القذائف الصاروخية المتساقطة على غالبية أحياء مدينة دمشق وضواحيها الواقعة تحت سيطرة النظام، وخلال ساعات نهار أمس، سقطت أكثر من 20 قذيفة على شوارع ومناطق مكتظة، توزعت وسط العاصمة عند جسر الرئيس وساحة الأمويين وجرمانا والشعلان والبرامكة. كما تواصل سقوط القذائف على أحياء شرق العاصمة: العباسيين وكان نصيبه 9 قذائف، وباب توما وساحة التحرير وشارع بغداد، أسفرت عن عدد من القتلى والجرحى بينهم أطفال بمدرسة دار السلام بمنطقة الشعلان، إضافة إلى سقوط قذائف على حيّي الميدان والزاهرة، ومزة جبل 86، وفي ريف دمشق تساقطت القذائف الصاروخية على ضاحية الأسد وبلدة جرمانة.
ويأتي تكثيف النظام لغاراته الجوية على الغوطة تمهيداً لاقتحامها، بعد استقدام قواته 8 تشكيلات عسكرية من ضمنها «قوات النمر»، التابعة لسهيل الحسن، و«قوات العشائر» المدعمة بسلاح روسي ثقيل لم يسبق استخدامه من قبل قوات النظام في سوريا. وذكر المتحدث باسم القناة المركزية لقاعدة حميميم العسكرية الروسية في سوريا، أنه تم دعم قوات النظام السوري في الغوطة الشرقية براجمات «سميرتش» والصواريخ الباليستية التكتيكية «توتشكا» ودبابات «تي 90» التي تسلمتها سوريا بعد بدء العملية الروسية في سوريا وتم تخصيصها لقوات النخبة السورية فقط.



إحالة مسؤولَين يمنيَين إلى المحكمة بتهمة إهدار 180 مليون دولار

الحكومة اليمنية التزمت بمحاربة الفساد واستعادة ثقة الداخل والمانحين (إعلام حكومي)
الحكومة اليمنية التزمت بمحاربة الفساد واستعادة ثقة الداخل والمانحين (إعلام حكومي)
TT

إحالة مسؤولَين يمنيَين إلى المحكمة بتهمة إهدار 180 مليون دولار

الحكومة اليمنية التزمت بمحاربة الفساد واستعادة ثقة الداخل والمانحين (إعلام حكومي)
الحكومة اليمنية التزمت بمحاربة الفساد واستعادة ثقة الداخل والمانحين (إعلام حكومي)

في خطوة أولى وغير مسبوقة للحكومة اليمنية، أحالت النيابة العامة مسؤولَين في مصافي عدن إلى محكمة الأموال العامة بمحافظة عدن، بتهمة الإضرار بالمصلحة العامة والتسهيل للاستيلاء على المال العام، وإهدار 180 مليون دولار.

ووفق تصريح مصدر مسؤول في النيابة العامة، فإن المتهمَين (م.ع.ع) و(ح.ي.ص) يواجهان تهم تسهيل استثمار غير ضروري لإنشاء محطة طاقة كهربائية جديدة للمصفاة، واستغلال منصبيهما لتمرير صفقة مع شركة صينية من خلال إقرار مشروع دون دراسات جدوى كافية أو احتياج فعلي، بهدف تحقيق منافع خاصة على حساب المال العام.

«مصافي عدن» تعد من أكبر المرافق الاقتصادية الرافدة للاقتصاد اليمني (إعلام حكومي)

وبيّنت النيابة أن المشروع المقترح الذي كان مخصصاً لتوسيع قدرات مصافي عدن، «لا يمثل حاجة مُلحة» للمصفاة، ويشكل عبئاً مالياً كبيراً عليها، وهو ما يعد انتهاكاً لقانون الجرائم والعقوبات رقم 13 لعام 1994. وأكدت أن الإجراءات القانونية المتخذة في هذه القضية تأتي ضمن إطار مكافحة الفساد والحد من التجاوزات المالية التي تستهدف المرافق العامة.

هذه القضية، طبقاً لما أوردته النيابة، كانت محط اهتمام واسعاً في الأوساط الحكومية والشعبية، نظراً لحساسية الموضوع وأهمية شركة «مصافي عدن» كأحد الأصول الاستراتيجية في قطاع النفط والطاقة في البلاد، إذ تُعد من أكبر المرافق الاقتصادية التي ترفد الاقتصاد الوطني.

وأكدت النيابة العامة اليمنية أنها تابعت باستفاضة القضية، وجمعت الأدلة اللازمة؛ ما أدى إلى رفع الملف إلى محكمة الأموال العامة في إطار الحرص على تطبيق العدالة ومحاسبة المتورطين.

ويتوقع أن تبدأ المحكمة جلساتها قريباً للنظر في القضية، واتخاذ الإجراءات القضائية اللازمة بحق المتهمين، إذ سيكون للحكم أثر كبير على السياسات المستقبلية الخاصة بشركة «مصافي عدن»، وعلى مستوى الرقابة المالية والإدارية داخلها.

إصلاحات حكومية

أكد رئيس مجلس الوزراء اليمني، أحمد عوض بن مبارك، أن صفقة الفساد في عقد إنشاء محطة كهربائية في مصفاة عدن قيمتها 180 مليون دولار، ووصفها بأنها إهدار للمال العام خلال 9 سنوات، وأن الحكومة بدأت إصلاحات في قطاع الطاقة وحققت وفورات تصل إلى 45 في المائة.

وفي تصريحات نقلها التلفزيون الحكومي، ذكر بن مبارك أن مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية والمساءلة ليست مجرد شعار بل هي نهج مستمر منذ توليه رئاسة الحكومة. وقال إن مكافحة الفساد معركة وعي تتطلب مشاركة الشعب والنخب السياسية والثقافية والإعلامية.

بن مبارك أكد أن الفساد لا يقتصر على نهب المال العام بل يشمل الفشل في أداء المهام (إعلام حكومي)

وقال إن حكومته تتعامل بجدية؛ لأن مكافحة الفساد أصبحت أولوية قصوى، بوصفها قضية رئيسية لإعادة ثقة المواطنين والمجتمع الإقليمي والدولي بالحكومة.

ووفق تصريحات رئيس الحكومة اليمنية، فإن الفساد لا يقتصر على نهب المال العام بل يشمل أيضاً الفشل في أداء المهام الإدارية، مما يؤدي إلى ضياع الفرص التي يمكن أن تحقق تماسك الدولة.

وأوضح أنه تم وضع خطة إصلاحية للمؤسسات التي شاب عملها خلل، وتم توجيه رسائل مباشرة للمؤسسات المعنية للإصلاح، ومن ثَمَّ إحالة القضايا التي تحتوي على ممارسات قد ترقى إلى مستوى الجريمة إلى النيابة العامة.

وكشف بن مبارك عن تحديد الحكومة مجموعة من المؤسسات التي يجب أن تكون داعمة لإيرادات الدولة، وفي مقدمتها قطاعات الطاقة والمشتقات النفطية؛ حيث بدأت في إصلاح هذا القطاع. وأضاف أن معركة استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب الحوثي «تتوازى مع معركة مكافحة الفساد»، وشدد بالقول: «الفساد في زمن الحرب خيانة عظمى».

تعهد بمحاربة الفساد

تعهد رئيس الوزراء اليمني بأن يظل ملف مكافحة الفساد أولوية قصوى لحكومته، وأن تواصل حكومته اتخاذ خطوات مدروسة لضمان محاسبة الفاسدين، حتى وإن تعالت الأصوات المعارضة. مؤكداً أن معركة مكافحة الفساد ليست سهلة في الظروف الاستثنائية الحالية، لكنها ضرورية لضمان الحفاظ على مؤسسات الدولة وتحقيق العدالة والمساءلة.

ووصف بن مبارك الفساد في زمن الحرب بأنه «خيانة عظمى»؛ لأنه يضر بمصلحة الدولة في مواجهة ميليشيا الحوثي. واتهم بعض المؤسسات بعدم التعاون مع جهاز الرقابة والمحاسبة، ولكنه أكد أن مكافحة الفساد ستستمر رغم أي ممانعة. ونبه إلى أن المعركة ضد الفساد ليست من أجل البطولات الإعلامية، بل لضمان محاسبة الفاسدين والحفاظ على المؤسسات.

الصعوبات الاقتصادية في اليمن تفاقمت منذ مهاجمة الحوثيين مواني تصدير النفط (إعلام محلي)

وكان الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة قد سَلَّمَ رئيس الحكومة تقارير مراجعة أعمال «المنطقة الحرة عدن»، وشركة «مصافي عدن»، و«المؤسسة العامة لموانئ خليج عدن»، وشركة «النفط اليمنية» وفروعها في المحافظات، و«مؤسسة موانئ البحر العربي»، والشركة «اليمنية للاستثمارات النفطية»، و«الهيئة العامة للشؤون البحرية»، و«الهيئة العامة للمساحة الجيولوجية والثروات المعدنية»، و«الهيئة العامة لتنظيم شؤون النقل البري»، والشركة «اليمنية للغاز مأرب»، إضافة إلى تقييم الأداء الضريبي في رئاسة مصلحة الضرائب ومكاتبها، والوحدة التنفيذية للضرائب على كبار المكلفين وفروعها في المحافظات.

ووجه رئيس الحكومة اليمنية الوزارات والمصالح والمؤسسات المعنية التي شملتها أعمال المراجعة والتقييم من قِبَل الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة بالرد على ما جاء في التقارير، وإحالة المخالفات والجرائم الجسيمة إلى النيابات العامة لمحاسبة مرتكبيها، مؤكداً على متابعة استكمال تقييم ومراجعة أعمال بقية المؤسسات والجهات الحكومية، وتسهيل مهمة فرق الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة للقيام بدورها الرقابي.

وألزم بن مبارك الوزارات والمؤسسات والمصالح والجهات الحكومية بالتقيد الصارم بالقوانين والإجراءات النافذة، وشدد على أن ارتكاب أي مخالفات مالية أو إدارية تحت مبرر تنفيذ التوجيهات لا يعفيهم من المسؤولية القانونية والمحاسبة، مؤكداً أن الحكومة لن تتهاون مع أي جهة تمتنع عن تقديم بياناتها المالية ونتائج أعمالها للجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، لمراجعتها والعمل بشفافية ومسؤولية، وتصحيح كل الاختلالات سواء المالية أو الإدارية.

وكانت الدول المانحة لليمن قد طالبت الحكومة باتخاذ إجراءات عملية لمحاربة الفساد وإصلاحات في قطاع الموازنة العامة، وتحسين موارد الدولة وتوحيدها، ووقف الجبايات غير القانونية، وإصلاحات في المجال الإداري، بوصف ذلك شرطاً لاستمرار تقديم دعمها للموازنة العامة للدولة في ظل الصعوبات التي تواجهها مع استمرار الحوثيين في منع تصدير النفط منذ عامين، وهو المصدر الأساسي للعملة الصعبة في البلاد.