فن بيع الثلج... بين الرياضة والهواية

يحتاج إلى لياقة بدنية وبنى تحتية

فن بيع الثلج... بين الرياضة والهواية
TT

فن بيع الثلج... بين الرياضة والهواية

فن بيع الثلج... بين الرياضة والهواية

التزلج من الهوايات المتنامية في البلدان العربية. فعدا عن لبنان وبعض البلدان التي تُغطيها الثلوج شتاء، كانت فكرة ممارسة التزلج على الجليد، كهواية أو رياضة، إما لا تخطر على البال أو تقتصر على النخبة. لكن بعد أن انفتح العالم على مصراعيه أمام الكل بفضل انتشار وسائل السفر الاقتصادي والفنادق السياحية، أصبحت هذه الهواية ديمقراطية تحتضن كل من يريد خوضها.
وبينما لا تزال بعض المنتجعات حكرا على النخبة مثل غاشتاد وآسبن وسانت موريس وميجيف وغيرها، فإن منتجعات أخرى فتحت الأبواب أمام جيل جديد ممن يعشقون ممارسة هذه الرياضة نظرا لفوائدها الكثيرة، وأيضا لمن يعشقون التباهي والتقاط صور «السيلفي» في أعالي الجبال وهم في حلة بألوان زاهية.
في كل الأحوال تحتاج هذه الهواية إلى لياقة بدنية عالية وتدريب لائق قبل الانطلاق إلى قمم الجبال. فرغم أن فوائدها لا تُحصى فإن مخاطرها أيضا كثيرة لمن لا يتقنونها، لهذا ينصح الخبراء بالتدريب قبل السفر في مراكز مغلقة للتعرف على بعض المبادئ الأساسية. ولأن معظم بلدان أوروبا وأميركا الشمالية تتمتع بحلبات ومسارات تلبي كل الأذواق والمتطلبات، وهو ما قد يسبب الحيرة للبعض، لخصنا في هذا الملف بعضا من أهم المراكز والمنتجعات التي تستحق الزيارة:

التزلج في النمسا... صناعة ومتعة

رغم شهرة النمسا كموطن للرياضة والسياحة الشتوية فإن النمساويين لا يدعون أنهم أول من عرف رياضة التزلج على الجليد. لكنهم في المقابل يفتخرون بأن ابن بلدهم، ماتياس زادارسكي، كان أول من استخدم الفولاذ المقاوم للصدأ في الزحافات الجليدية، وحصل في عام 1896 على براءة اختراعه، ليُصبح مؤسس تقنية التزلج في جبال الألب. بالإضافة لما حبته لها الطبيعة من جبال يُقدر عددها بـ300 قمة جبلية تغطيها الثلوج على مدار العام، ويصل ارتفاع بعضها إلى أكثر من 3150 مترا، مثل قمة غروسقلوكنر بارتفاع 3798 مترا، فإن النمسا تشتهر بمدارس وأكاديميات كثيرة في هذا الخصوص. وتعتبر الفترة من نوفمبر (تشرين الثاني) حتى أبريل (نيسان) موسمها المفضل. في شهر فبراير (شباط) مثلا تمنح المدارس عطلة تعرف بعطلة «التزلج» تسعى فيها حتى الأسر عادية الإمكانيات لتنظيم رحلات تستغل فيها تساقط الثلوج. لكن هذه الأنشطة لا تقتصر على السكان المحليين فحسب، بل تشمل أيضا عائلات ملكية أوروبية من بريطانيا وهولندا تحديدا، ورياضيين محترفين نظرا لما توفره من تسهيلات وفرص هائلة لممارسة رياضاتهم الشتوية المفضلة. ففي أحيان أخرى وعندما لا تكفي الثلوج الطبيعية لخلق حلبة صالحة فإن السلطات تُغذيها بثلوج صناعية حتى تكتمل المُتعة. ويعتمد نجاح الموسم على نسبة تساقط الثلوج، فإن انخفضت كان الموسم فاترا وإن زادت عن الحد، أمست خطرا. ففي الحالة الأخيرة قد تصحبها أمطار ورياح تسبب انهيارات ثلجية تتحسب لها أجهزة متخصصة وتتابعها بدقة متناهية حتى تُخطر المتزلجين محافظة على سلامتهم من جهة وسُمعتها من جهة ثانية. وعموما تتوفر أخبار الطقس وتفاصيله من ساعة إلى أخرى في كثير من المواقع الإلكترونية لكل منتجع مع تصوير حي ومباشر، كما أن هناك تطبيقات يمكن تنزيلها بالهواتف الذكية بهذا الخصوص.
وللنمسا بنية تحتية متينة تساعد على الوصول إلى مواقعها والانتقال من منطقة لأخرى بسهولة وسلاسة، فضلا عن توفر إمكانية شراء أو تأجير المعدات والملابس بما في ذلك الأحذية، فالملابس المناسبة شرط أساسي من شروط الاستمتاع بالتزلج. لهذا تُوفر معظم الفنادق بمنتجعات تزلج هذه المعدات التي تراعي الأناقة وعناصر السلامة في الوقت ذاته.

أهم مناطق التزلج النمساوية

تتنافس الأقاليم النمساوية على ما يمكن وصفه بسياحة «بيع الثلج» لا سيما في أقاليم مرتفعة مثل تيرول وسالزبورغ وكرنثيا وفورالبورغ لما تتمتع به من جبال شاهقة.
بعضها يعتبر من المنتجعات بالغة الفخامة، مثل منطقة «Kitzbuhel» بإقليم سالزبورغ التي تتميز بمنحدر يعتبر الأصعب في العالم. ومن جبالها كيتزبوهيل هورن بارتفاع 1996 متراً و«هانينكامرينين» بارتفاع 1712. تتميز كيتزبول على سبيل المثال بقدرات هائلة لاستيعاب السياح، بأكثر من 10 آلاف مقر سكن و56 مرفقاً للكابلات و168 كيلومترا منحدر و40 كيلومترا مسار تزلج، فضلا عن وفرة أماكن الترفيه للشباب ممن يعشقون السهر والعطلات الصاخبة.
كذلك تعتبر منطقة الباخ «Alpbach» من أجمل المناطق بإقليم تيرول بارتفاع 2128 مترا ولشدة الانحدار لا تتجاوز الرحلة من الوادي لأعلى الجبل أكثر من 15 دقيقة، خصوصا وأنها تتوفر على 46 مصعداً و4 مناطق للرياضة والانطلاق لكل منها مغرياته.

فيينا وسمرنيغ

البشرى للمبتدئين أو غير القادرين على القمم الشاهقة، أن منطقة سمرينغ التي تقع على بعد 100 كيلومتر من العاصمة فيينا بارتفاع 336 مترا، لا تبخل على زوارها من عشاق الثلوج ببرامج غنية. واحد منها أنها تُغطي بدءا من نوفمبر إلى آخر شهر مارس (آذار) ساحة مجلسها البلدي بجليد صناعي في حلقة دائرية غير مسقوفة بطول 8 آلاف متر لتمكينهم من التزلج.
وفي حال نعمت فيينا بشتاء قارس، فإن نهر الدانوب يتجمد، الأمر الذي يتيح لمن يشاء السير والتزلج والرقص على سطحه على شرط أن تسمح السلطات بذلك. السبب أنه عندما لا يكون متجمدا بعمق مناسب، يتهشم جليده بسرعة مما يعرض المتزلج أو السائر فوقه للخطر.

أناقة شتوية

تتطلب السياحة شتاء وللاستمتاع بالثلوج حرصاً بالغاً في اختيار الملابس المناسبة التي تحمي من البرد والمطر والرياح، سيما الأحذية المتينة المبطنة ذات الأرضية المصنوعة أساسا للسير فوق الثلوج أو الجليد. فهي تتميز بما يشبه المسامير حتى لا تسبب الانزلاق والسقوط.
من الإكسسوارات المهمة أيضا النظارات الشمسية للوقاية من أشعة الشمس فوق البنفسجية التي تزيد كلما زاد الارتفاع، فضلا عن الكريمات المرطبة للبشرة حتى لا تتشقق من شدة البرد، ويشمل الأمر هنا الرجال والنساء على حد سواء، لأن للضرورة أحكاماً.

العرب والثلوج

> ما يثير الانتباه أن الإحصاءات تسجل زيادة مطردة في عدد سياح النمسا شتاء من العرب القادمين من منطقة الخليج، إما للتمتع بمنظر الثلوج كنوع من التغيير، أو لممارسة التزلج كرياضة شتوية آخذة في التوسع والانتشار. وهو ما يؤكده ظهور متزلجين عرب يشاركون في مسابقات عالمية، مثل الإماراتية، زهرة لاري، الملقبة بـ«أميرة الجليد». شابة جامعية محجبة ساعدها على التفوق وجود حلبات تزلج مغلقة بالإمارات العربية المتحدة، وما حظيت به من دعم أسري ورسمي وجدية في التدريب. ونظرا لتزايد سياح الرياضات الشتوية، وسعت النمسا أنشطتها في المنطقة، حيث وفرت على صفحات إلكترونية معلومات شاملة عن شتى أنشطتها والأسعار وأماكن الإقامة وغيرها. وتوجد الآن نحو 3500 وكالة سفر بدول الخليج تتعامل مع مكاتب سياحة نمساوية. فالنمسا لا تدخر جهدا لجذب السياح من كل أنحاء العالم، مستغلة تضاريسها الطبيعية وطقسها المتنوع. ما يُحسب لها أنها لا تتوقف أيضاً عن الاستثمارات والتجديدات في حلباتها وتوسيع أنشطتها وتسهيلات الشتوية تحديدا، بدءا من تقديم دروس بلغات عالمية للمبتدئين أو لتخصيص مدارس لأطفال لا تتجاوز أعمارهم ثلاث سنوات.

سلوفينيا... تغازل منطقة الشرق الأوسط بالثلج

> ما لا يعرفه سوى قلة أن سلوفينيا توفر أثناء فصل الشتاء وتساقط الثلوج قائمة من البرامج السياحية المختارة بعناية لسياح الخليج والشرق الأوسط تحديدا، بما في ذلك مسارات التزلج والإقامة في الفلل الريفية المجهزة تجهيزاً كاملاً بالمعدات الضرورية.
فعندما تغطي الثلوج المروج والحقول والغابات، يتم ترتيب مسارات التزلج في كثير من الأماكن السياحية ومنها هضبة بوكلجوكا الكائنة فيها نادٍ مصمم للتزلج على الجليد يدعى بلانيكا نورديك سينتر. ويستطيع السائح هنا الاستمتاع بنحو 40 كيلومتراً من المسارات الفريدة في كرانجسكا غورا وراتيس ومشاهدة مناظر الجليد على التلال الممتدة على طول الطريق مروراً بوادي تمارا الكائن بين جبال الألب. كما تعتبر جيزرسكو مقصدا شعبيا للمتزلجين، فضلاً عن هضبة بلوك بلاتو التي تمثل مهد التزلج في سلوفينيا. وتوجد أسماء مختلفة مراكز من التزلج مثل كرانجسكا غورا، وروجلا، وبوهورجي، وكوب لوغاتيك وميدفود.


مقالات ذات صلة

جولة على أجمل أسواق العيد في ألمانيا

سفر وسياحة أسواق العيد في ميونخ (الشرق الاوسط)

جولة على أجمل أسواق العيد في ألمانيا

الأسواق المفتوحة تجسد روح موسم الأعياد في ألمانيا؛ حيث تشكل الساحات التي تعود إلى العصور الوسطى والشوارع المرصوفة بالحصى

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد جانب من المنتدى التاسع لمنظمة الأمم المتحدة لسياحة فن الطهي المقام في البحرين (الشرق الأوسط) play-circle 03:01

لجنة تنسيقية لترويج المعارض السياحية البحرينية السعودية

كشفت الرئيسة التنفيذية لهيئة البحرين للسياحة والمعارض سارة أحمد بوحجي عن وجود لجنة معنية بالتنسيق فيما يخص المعارض والمؤتمرات السياحية بين المنامة والرياض.

بندر مسلم (المنامة)
يوميات الشرق طائرة تُقلع ضمن رحلة تجريبية في سياتل بواشنطن (رويترز)

الشرطة تُخرج مسنة من طائرة بريطانية بعد خلاف حول شطيرة تونة

أخرجت الشرطة امرأة تبلغ من العمر 79 عاماً من طائرة تابعة لشركة Jet2 البريطانية بعد شجار حول لفافة تونة مجمدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق أشخاص يسيرون أمام بوابة توري في ضريح ميجي بطوكيو (أ.ف.ب)

اليابان: اعتقال سائح أميركي بتهمة تشويه أحد أشهر الأضرحة في طوكيو

أعلنت الشرطة اليابانية، أمس (الخميس)، أنها اعتقلت سائحاً أميركياً بتهمة تشويه بوابة خشبية تقليدية في ضريح شهير بطوكيو من خلال نقش حروف عليها.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
يوميات الشرق سياح يصطفون للدخول إلى معرض أوفيزي في فلورنسا (أ.ب)

على غرار مدن أخرى... فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة

تتخذ مدينة فلورنسا الإيطالية التاريخية خطوات للحد من السياحة المفرطة، حيث قدمت تدابير بما في ذلك حظر استخدام صناديق المفاتيح الخاصة بالمستأجرين لفترات قصيرة.

«الشرق الأوسط» (روما)

مساعٍ سعودية لتحويل 8 مدن واعدة إلى وجهات عالمية

التعاون يستهدف تحسين جودة الحياة عبر تجديد الحدائق والمرافق البلدية بشكل مبتكر (واس)
التعاون يستهدف تحسين جودة الحياة عبر تجديد الحدائق والمرافق البلدية بشكل مبتكر (واس)
TT

مساعٍ سعودية لتحويل 8 مدن واعدة إلى وجهات عالمية

التعاون يستهدف تحسين جودة الحياة عبر تجديد الحدائق والمرافق البلدية بشكل مبتكر (واس)
التعاون يستهدف تحسين جودة الحياة عبر تجديد الحدائق والمرافق البلدية بشكل مبتكر (واس)

وسط مسعى السعودية لتنمية مدنها والارتقاء بمعايير جودة الحياة العصرية وتوسيع نطاق العروض السياحية، أبرم عدد من الجهات في القطاعين الخاص والحكومي اتفاقيات بارزة مؤخّراً في هذا الإطار، وشهد معرض «سيتي سكيب» العالمي في الرياض توقيع عدد من هذه الاتفاقيات.

وبهدف تحسين جودة الحياة في عدد من المدن الواعدة في السعودية، أعلنت «أسفار»، الشركة السعودية للاستثمار السياحي، إحدى شركات صندوق الاستثمارات العامة السعودي، عن توقيع مذكرة تفاهم مع «وزارة البلديات والإسكان»، ووفقاً للمسؤولين، سيوفّر هذا التعاون الاستراتيجي فرصاً ترفيهية وثقافية ورياضية جديدة في الأماكن العامة غير المستغلة، ما يسهم في نمو قطاع السياحة في البلاد.

تعزيز الثقافة المحلية والجمال الطبيعي للمناطق

وفي حديث خاص لـ«الشرق الأوسط»، قال الدكتور فهد بن مشيط، الرئيس التنفيذي لشركة أسفار: «نسعى إلى تحويل المدن الواعدة في السعودية إلى وجهات عالمية من خلال استثمارات استراتيجية تعزز الثقافة المحلية، وتبرز الجمال الطبيعي الفريد لكل منطقة». وأضاف أن هذه المبادرات «تمثِّل خطوة مهمة في رحلتنا المستمرة نحو بناء شراكات قوية وتوحيد الجهود بين القطاعين العام والخاص لدفع عجلة السياحة في السعودية».

جانب من التوقيع بين «وزارة البلديات والإسكان» و«أسفار» إحدى شركات صندوق الاستثمارات العامة السعودي. (الشرق الأوسط)

وبحسب ابن مشيط، تتطلّع «أسفار» إلى تعزيز علاقتها مع البلديات وهيئات تطوير المناطق التي تستثمر فيها لتحقيق مهمتها، كاشفاً عن التزام بـ«ترسيخ مكانة السعودية على خريطة السياحة العالمية، وأن نكون جسراً نحو نمو مستدام يحقق قيمة طويلة الأمد للمجتمعات السعودية عبر كافة مناطق السعودية وإثراء تجارب الزوار».

تحويل المساحات إلى وجهات حيوية

وعلمت «الشرق الأوسط» أن التعاون الاستراتيجي يستهدف أيضاً تحويل المساحات غير المستغلة إلى وجهات مجتمعية حيوية، ما يساعد في تحسين جودة الحياة في عدد من المدن الواعدة في السعودية عبر تجديد الحدائق والمرافق البلدية بشكل مبتكر، وذلك تماشياً مع مشروع «بهجة» المبادرة الوطنية للوزارة، بهدف تنمية المدن وتعزيز رفاهية سكانها وتجربة زوارها نحو تحقيق مفهوم جودة الحياة، كما يتناغم مع ما تلتزم به «أسفار» من تحويل المدن الواعدة إلى وجهات سياحية بارزة، تحقيقاً لمستهدفات «رؤية السعودية 2030».

التعاون يستهدف تحسين جودة الحياة عبر تجديد الحدائق والمرافق البلدية بشكل مبتكر (واس)

8 مدن واعدة

ووفقاً لمصادر «الشرق الأوسط»، جاءت الـ8 مدن الواعدة، التي ستعمل «أسفار» على تحويلها إلى وجهات سياحية بارزة كالتالي: الأحساء، الباحة، الجوف، حائل، الخبر، ينبع، الطائف، الدمام.

وفي الإطار ذاته، أُبرمت الاثنين اتفاقية ثلاثية، جمعت أمانة المنطقة الشرقية، وهيئة تطوير المنطقة الشرقية، وشركة «أسفار»، بحضور خالد البكر الرئيس التنفيذي لبرنامج جودة الحياة في السعودية، وهدفت الاتفاقية إلى تعزيز الاستثمار السياحي في مدينة الخبر، ودعم أهداف برنامج جودة الحياة في السعودية، وتضمّنت الاتفاقية إلى جانب تعزيز الوجهات السياحية والترفيهية في المنطقة الشرقية، وتحديداً مدينة الخُبر، تطوير موقع «الكورنيش الجنوبي» ليصبح وجهة سياحية متكاملة ورائدة في القطاع السياحي للمواطنين، المقيمين والزوار على حد سواء.