كوريا الجنوبية ترد إلى أميركا نغمة «الاتفاقيات غير العادلة»

سيول تندد بعقوبات واشنطن وتلجأ إلى «منظمة التجارة»

كوريا الجنوبية ترد إلى أميركا نغمة «الاتفاقيات غير العادلة»
TT

كوريا الجنوبية ترد إلى أميركا نغمة «الاتفاقيات غير العادلة»

كوريا الجنوبية ترد إلى أميركا نغمة «الاتفاقيات غير العادلة»

قال مسؤول رفيع المستوى بالمكتب الرئاسي الكوري الجنوبي، أمس الاثنين، إن رئيس البلاد مون جاي يرى أن اتفاقية التجارة الحرة الثنائية بين بلاده والولايات المتحدة غير عادلة، ولمح إلى إمكانية بذل سيول جهودا من أجل مراجعة الاتفاق التجاري.
وجاءت هذه التصريحات بعد وقت قصير من إبلاغ مون كبار مساعديه بالنظر في تقديم شكوى رسمية لمنظمة التجارة العالمية، ضد ما يصفه بإجراءات حمائية تجارية أميركية غير عادلة.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب منذ ترشحه لرئاسة بلاده في عام 2016، دائما ما ينتقد الاتفاقات التجارية التي أبرمتها الولايات المتحدة مع حلفائها، واصفا إياها بأنها «غير عادلة»، وداعيا إلى الانسحاب منها، وهي الخطوة التي أقدم عليها فعليا في اتفاق التجارة عبر المحيط الهادي، وكذلك عبر الأطلسي مع أوروبا، وتشهد الفترة الحالية إعادة التفاوض مع كندا والمكسيك حول اتفاقية التجارة في أميركا الشمالية المعروفة باسم «نافتا».
وفي سول، قال الرئيس الكوري مون في اجتماعه الأسبوعي مع كبار مساعديه أمس، إنه يرغب في تعامل مساعديه بثقة وحزم مع الإجراءات الحمائية التجارية غير العادلة، من خلال النظر في تقديم شكوى رسمية لمنظمة التجارة العالمية، واستعراض انتهاك محتمل لاتفاقية التجارة الحرة الكورية - الأميركية، وأيضاً الإشارة بشكل نشط إلى عدم عدالة مثل هذه الإجراءات خلال مفاوضات لمراجعة الاتفاقية، حسبما ذكرت وكالة أنباء «يونهاب» الكورية الجنوبية أمس.
وقال مسؤول كوري، إن «الرئيس الكوري يعتقد أن اتفاقية التجارة الحرة غير عادلة إلى حد كبير، فأهميتها تفوق كل القوانين الأخرى في كوريا الجنوبية؛ لكن في الولايات المتحدة يأتي القانون الفيدرالي قبل اتفاقية التجارة الحرة».
وتأتي تعليقات مون بهذا الشأن خلال اجتماع أمس، بعد أن فرضت واشنطن تعريفة عقابية على الواردات تصل إلى 50 في المائة، على الغسالات الضخمة الواردة من كوريا الجنوبية، أحد حلفائها الرئيسيين.
وهدد الرئيس ترمب الأسبوع الماضي بكين وسيول بفرض عقوبات تجارية على واردات الفولاذ والألمنيوم، متوعدا بمراجعة اتفاق للتبادل الحر أبرم عام 2012 مع سيول، ووصفه بأنه «كارثي».
وينعكس هذا التوتر التجاري على العلاقات الثنائية، في وقت تسعى سيول وواشنطن لإظهار وحدة صف في مواجهة التهديد النووي الكوري الشمالي.
ولفتت «يونهاب» إلى أن مسؤول مكتب رئاسة كوريا الجنوبية، كان على ما يبدو يلمح إلى أن سيول لن تتمكن من اتخاذ مثل هذه الإجراءات، في ظل اتفاقية التجارة الحرة. كما أكد المسؤول أن مون يسعى إلى الفصل بين مسألة التجارة والمسائل الأخرى المتعلقة بالتحالف بين سيول وواشنطن.
يذكر أن كوريا الجنوبية وأميركا تجريان مفاوضات بالفعل لمراجعة اتفاقية التجارة الحرة المبرمة بينهما، وهي خطوة بادرت بها واشنطن. وباشرت إدارة ترمب في سبتمبر (أيلول) الماضي محادثات من أجل معاودة التفاوض في اتفاق التبادل الحر، غير أنه لم يتم إحراز أي نتيجة حتى الآن؛ رغم عقد جولتي مباحثات. ومن المقرر عقد الجولة المقبلة الشهر المقبل في واشنطن.
ورغم سياسة «أميركا أولاً» التي يعتمدها البيت الأبيض، فإن العجز المزمن في مبادلات الولايات المتحدة من المنتجات والخدمات مع باقي العالم بلغ 566 مليار دولار عام 2017، بزيادة 12.1 في المائة عن العام السابق.



الصين تدرس خفض اليوان في 2025 لمواجهة رسوم ترمب الجمركية

ورقة نقدية صينية (رويترز)
ورقة نقدية صينية (رويترز)
TT

الصين تدرس خفض اليوان في 2025 لمواجهة رسوم ترمب الجمركية

ورقة نقدية صينية (رويترز)
ورقة نقدية صينية (رويترز)

يدرس القادة والمسؤولون الصينيون السماح بانخفاض قيمة اليوان في عام 2025، في وقت يستعدون فيه لفرض الولايات المتحدة رسوماً تجارية أعلى، في ظل رئاسة دونالد ترمب الثانية.

وتعكس هذه الخطوة إدراك الصين أنها بحاجة إلى تحفيز اقتصادي أكبر، لمواجهة تهديدات ترمب بفرض رسوم جمركية مرتفعة، وفقاً لمصادر مطلعة على المناقشات. وكان ترمب قد صرح سابقاً بأنه يخطط لفرض ضريبة استيراد عالمية بنسبة 10 في المائة، إضافة إلى رسوم بنسبة 60 في المائة على الواردات الصينية إلى الولايات المتحدة.

وسيسهم السماح لليوان بالضعف في جعل الصادرات الصينية أكثر تنافسية، مما يساعد على تقليص تأثير الرسوم الجمركية ويساهم في خلق بيئة نقدية أكثر مرونة في الصين.

وقد تحدثت «رويترز» مع 3 مصادر على دراية بالمناقشات المتعلقة بخفض قيمة اليوان؛ لكنهم طلبوا عدم الكشف عن هويتهم لعدم تفويضهم بالحديث علناً حول هذه المسألة. وأكدت المصادر أن السماح لليوان بالضعف في العام المقبل سيكون خطوة بعيدة عن السياسة المعتادة التي تعتمدها الصين في الحفاظ على استقرار سعر الصرف.

وبينما من غير المتوقع أن يعلن البنك المركزي الصيني عن توقفه عن دعم العملة، فإنه من المتوقع أن يركز على منح الأسواق مزيداً من السلطة في تحديد قيمة اليوان.

وفي اجتماع للمكتب السياسي، الهيئة التي تتخذ القرارات بين مسؤولي الحزب الشيوعي، هذا الأسبوع، تعهدت الصين بتبني سياسة نقدية «ميسرة بشكل مناسب» في العام المقبل، وهي المرة الأولى التي تشهد فيها الصين تخفيفاً في سياستها النقدية منذ نحو 14 عاماً. كما لم تتضمن تعليقات الاجتماع أي إشارة إلى ضرورة الحفاظ على «استقرار اليوان بشكل أساسي»، وهو ما تم ذكره آخر مرة في يوليو (تموز)؛ لكنه غاب عن البيان الصادر في سبتمبر (أيلول).

وكانت سياسة اليوان محوراً رئيسياً في ملاحظات المحللين الماليين ومناقشات مراكز الفكر هذا العام. وفي ورقة بحثية نشرتها مؤسسة «China Finance 40 Forum» الأسبوع الماضي، اقترح المحللون أن تتحول الصين مؤقتاً من ربط اليوان بالدولار الأميركي إلى ربطه بسلة من العملات غير الدولارية؛ خصوصاً اليورو، لضمان مرونة سعر الصرف في ظل التوترات التجارية المستمرة.

وقال مصدر ثالث مطلع على تفكير بنك الشعب الصيني لـ«رويترز»، إن البنك المركزي يدرس إمكانية خفض قيمة اليوان إلى 7.5 مقابل الدولار، لمواجهة أي صدمات تجارية محتملة، وهو ما يمثل انخفاضاً بنسبة 3.5 في المائة تقريباً عن المستويات الحالية البالغة 7.25.

وخلال ولاية ترمب الأولى، ضعُف اليوان بنسبة تزيد على 12 في المائة مقابل الدولار، خلال سلسلة من إعلانات الرسوم الجمركية المتبادلة بين مارس (آذار) 2018، ومايو (أيار) 2020.

اختيار صعب

قد يساعد ضعف اليوان ثاني أكبر اقتصاد في العالم على تحقيق هدف نمو اقتصادي صعب بنسبة 5 في المائة، وتخفيف الضغوط الانكماشية عبر تعزيز أرباح الصادرات، وجعل السلع المستوردة أكثر تكلفة. وفي حال تراجع الصادرات بشكل حاد، قد يكون لدى السلطات سبب إضافي لاستخدام العملة الضعيفة كأداة لحماية القطاع الوحيد في الاقتصاد الذي لا يزال يعمل بشكل جيد.

وقال فريد نيومان، كبير خبراء الاقتصاد في آسيا، في بنك «إتش إس بي سي»: «من الإنصاف القول إن هذا خيار سياسي. تعديلات العملة مطروحة على الطاولة كأداة يمكن استخدامها لتخفيف آثار الرسوم الجمركية». وأضاف أنه رغم ذلك، فإن هذا الخيار سيكون قصير النظر.

وأشار نيومان إلى أنه «إذا خفضت الصين قيمة عملتها بشكل عدواني، فإن هذا يزيد من خطر فرض سلسلة من الرسوم الجمركية، ويُحتمل أن تقول الدول الأخرى: إذا كانت العملة الصينية تضعف بشكل كبير، فقد لا يكون أمامنا خيار سوى فرض قيود على الواردات من الصين بأنفسنا». وبالتالي، هناك مخاطر واضحة من استخدام سياسة نقدية عدوانية للغاية؛ حيث قد يؤدي ذلك إلى رد فعل عنيف من الشركاء التجاريين الآخرين، وهو ما لا يصب في مصلحة الصين.

ويتوقع المحللون أن ينخفض اليوان إلى 7.37 مقابل الدولار بحلول نهاية العام المقبل. ومنذ نهاية سبتمبر، فقدت العملة نحو 4 في المائة من قيمتها مقابل الدولار.

وفي الماضي، تمكن البنك المركزي الصيني من احتواء التقلبات والتحركات غير المنظمة في اليوان، من خلال تحديد معدل التوجيه اليومي للأسواق، فضلاً عن تدخل البنوك الحكومية لشراء وبيع العملة في الأسواق.

وقد واجه اليوان -أو «الرنمينبي» كما يُسمَّى أحياناً- صعوبات منذ عام 2022؛ حيث تأثر بالاقتصاد الضعيف، وتراجع تدفقات رأس المال الأجنبي إلى الأسواق الصينية. كما أن أسعار الفائدة الأميركية المرتفعة، إلى جانب انخفاض أسعار الفائدة الصينية قد ضاعفت من الضغوط على العملة.

وفي الأيام القادمة، ستناقش السلطات الصينية التوقعات الاقتصادية لعام 2025، بما في ذلك النمو الاقتصادي والعجز في الموازنة، فضلاً عن الأهداف المالية الأخرى، ولكن دون تقديم استشرافات كبيرة في هذا السياق.

وفي ملخصات مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي CEWC)) لأعوام 2020 و2022 و2023، تم تضمين التعهد بـ«الحفاظ على الاستقرار الأساسي لسعر صرف الرنمينبي عند مستوى معقول ومتوازن». إلا أنه لم يُدرج في ملخصات المؤتمر لعامي 2019 و2021.

ويوم الثلاثاء، انخفضت العملة الصينية بنحو 0.3 في المائة إلى 7.2803 مقابل الدولار. كما انخفض الوون الكوري، وكذلك الدولار الأسترالي والنيوزيلندي الحساسان للصين، في حين لامس الدولار الأسترالي أدنى مستوى له في عام عند 0.6341 دولار.