أعلن باحثون وعلماء من جامعة ساوثهامبتون البريطانية عن اكتشاف طريقة تعتمد على النانوتكنولوجيا لصناعة نوع جديد من الترانزستورات سمي ميمريزتور Memristor – أي ترانزستور الذاكرة - بقدرات أعلى وحجم أصغر بكثير واستهلاك طاقة أقل... إضافة إلى تمتعه بذاكرة.
تقنيات نانوية
واكتشاف هذه التقنية يعِد بالكثير من التطورات في عالم الأدوات والتقنيات المُعالجة للمعلومات التي وصلت قدراتها حدوداً فيزيائية يصعب اختراقها، كثل تلك التي توجد في الجوالات والكومبيوترات، إذ تحتوي وحدات معالجة المعلومات في الجوالات حالياً 5 مليارات ترانزستور كمعدل، ومن الصعب تصغير أحجامها أكثر من ذلك.
ويمتلك الميمريزتور القدرة على حفظ وضعيته الكهربائية، ويمكن أن يكون في أي وضعية من بين 128 وضعية محتملة استطاع الباحثون التوصل لها حاليا؛ وهذا يشي بجيل من أجهزة معالجة المعلومات التي يمكنها أن تعمل لحظيا بمجرد وصل مصدر الطاقة أو إدارة مفتاح التشغيل بعد إطفائه.
وصرح ثيميس برودروماكيس، البروفسور في علم النانوتكنولوجيا، بأن هذا الاكتشاف المثير سيكون أساسيا في تصميمات الأجيال القادمة من المعالجات والشرائح الإلكترونية، فمن المتوقع أن يصبح أكثر من 200 مليار جهاز متصلا بإنترنت الأشياء عام 2020 مما يسبب كماً هائلاً من المعلومات التي تحتاج للمعالجة. كما نوه إلى إمكانات إبداع حلول وتصميمات إلكترونية تعمل داخل جسم الإنسان أو الفضاء وما إلى ذلك.
ولكن أغرب ما صرح به البروفسور هو أن هذا الاكتشاف يجعل بالإمكان صناعة أجهزة إلكترونية هي أقرب للخيال في متناول اليد، مثلا صناعة أجهزة يمكنها التعلم ومستقلة شبيهة بالعقل البشري!.
وعلى صعيد آخر أعلن باحثون في المعهد الوطني للمقاييس والتكنولوجيا الأميركي عن تصميم مفتاح كهربائي وموصل فائق (superconductor) يمكنه التعلم مثل الأنظمة البيولوجية أي مثل بعض خلايا دماغ الإنسان. ويمكنه ربط معالجات المعلومات وحفظ المعلومات في أجهزة كومبيوتر مستقبلية تسمى «الكومبيوترات العصبية» والتي من المفترض أن تصمم وتعمل مثل دماغ الإنسان وجهازه العصبي. ويتصور الباحثون أن هذه التقنيات والتصاميم لمثل هذا النوع من الكومبيوترات هي نوع جديد ومظهر آخر للذكاء الصناعي، وستدعم قدرة هذه الأجهزة على الإدراك والفهم وقدرتها على أخذ القرار.
بدايات النانوتكنولوجيا
لم يتخيل أحد أن ما طرحه العالم ريتشارد فينمان في محاضرته المعنونة بـ«هناك متسع كبير عند القاع» عام1959 من توقعات أقرب للخيال، أن تتحقق خلال عقود قليلة؛ ففي عام 1974 برز مصطلح النانوتكنولوجيا وبعض تقنياته على يد العالم الياباني نوريو تانيغوتشي، وبعد أن تم اختراع «الميكروسكوب النفقي الماسح» على يد العالمين جيرد بينينج وهنريش رهرير، تمكن الباحثون بقيادة العالم دونالد ايجلر عام 1989 في أحد مختبرات شركة IBM من صنع أصغر إعلان حجما في التاريخ، حيث قاموا بكتابة اسم الشركة باستخدام 35 ذرة من عنصر الزينون.. وفي حقيقة الأمر، كان هذا إعلانا وكتابة لبداية تاريخ وحضارة جديدة.
النانو هو واحد من مليار من المتر، وللمقارنة فان سُمك الورقة هو حوالي 100 ألف نانو. لذا فإن هذه التكنولوجيا تعمل كم على مستوى الذرات وهي تتقدم بعد أن أبهرت الميكروتكنولوجيا (الميكرو واحد من المليون) بتقديمها الأجهزة العصرية واستطاعت تطوير الكومبيوترات من أحجام الغرف لأجهزة اتصال خليوي شخصية توضع في الجيب تفوق قدراتها تلك الكومبيوترات بآلاف المرات.