الكتل السياسية العراقية تحسم مرشحيها في انتخابات مايو

علاوي رشح ابنته... وتحالف «سائرون» اختار امرأة لتصدر قائمته في بغداد

عراقي يدفع دراجته النارية في شارع غطته مياه الأمطار في بغداد أمس (أ.ب)
عراقي يدفع دراجته النارية في شارع غطته مياه الأمطار في بغداد أمس (أ.ب)
TT

الكتل السياسية العراقية تحسم مرشحيها في انتخابات مايو

عراقي يدفع دراجته النارية في شارع غطته مياه الأمطار في بغداد أمس (أ.ب)
عراقي يدفع دراجته النارية في شارع غطته مياه الأمطار في بغداد أمس (أ.ب)

رغم أن مفوضية الانتخابات المستقلة في العراق تعتزم الإعلان غداً عن أسماء التحالفات الانتخابية وأعضائها المرشحين في انتخابات 12 مايو (أيار) المقبل، إلا أن مواقع التواصل الاجتماعي تداولت أمس أغلب القوائم الانتخابية والشخصيات التي تترأس تلك القوائم وأسماء المرشحين، وكان لافتاً اختيار تحالف «سائرون»، الذي يضم حزب «الاستقامة» المدعوم من مقتدى الصدر والحزب الشيوعي العراقي وقوى أخرى، النائبة السابقة عن التيار الصدري ماجدة التميمي، لتكون على رأس قائمته الانتخابية في بغداد، علماً بأنه لم يسبق أن وضع اسم مرشحة في التسلسل رقم واحد في جميع التحالفات الكبيرة والصغيرة التي اشتركت في الانتخابات العامة والمحلية بدوراتها الأربع التي انطلقت عام 2005.
وحلَّ زعيم الحزب الشيوعي العراقي رائد فهمي بالتسلسل رقم 3 في تحالف «سائرون» في بغداد. واحتل مضر شوكت العضو السابق في حزب المؤتمر الوطني بزعامة السياسي الراحل أحمد الجلبي، المرتبة الرابعة في تسلسل المرشحين. وقال عضو بارز في الحزب الشيوعي العراقي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب لا يهتم كثيراً لمسألة الرقم واحد، ففي الانتخابات السابقة ترأس قائمتنا الدكتور على الرفيعي لكنه لم يستطع الحصول على مقعد في مجلس النواب، وحصل فائق الشيخ علي ومثال الألوسي على مقعدين، وكان ترتيب أحدهما السابع في القائمة».
ويرى العضو، الذي يفضّل عدم الكشف عن اسمه، أن «ماجدة التميمي شخصية سياسية بارزة والحزب رحب بوضع اسمها في التسلسل الأول، والحزب يتفهم طبيعة وحجم الشعبية التي يتمتع بها حزب الاستقامة التابع للتيار الصدري في الساحة السياسية». ويكشف المصدر عن «حصول الحزب الشيوعي العراقي على 23 من مجموع 138 مرشحاً، وحصل حزب الاستقامة على نحو 40 مرشحاً».
ويخلو تحالف «النصر»، الذي يقوده رئيس الوزراء حيدر العبادي، الذي حلّ في التسلسل الأول، من شخصيات سياسية معروفة، باستثناء عدد من رفاقه في حزب «الدعوة». إذ حلّ النائب عن حزب الدعوة عباس البياتي في التسلسل الثالث. ولعل المفاجأة الوحيدة في هذا التحالف هي حصول رئيسة كتلة «التغيير» الكردية في البرلمان النائبة سروة عبد الواحد على التسلسل رقم 6، الأمر الذي أثار حفيظة الكثير من الكرد.
إلى ذلك، أظهرت قائمة تحالف «الوطنية» الذي يترأسه رئيس حزب الوفاق الوطني إياد علاوي، أن الأخير حصل على التسلسل رقم واحد في بغداد، وحلّ رئيس «التجمع المدني للإصلاح» رئيس البرلمان الحالي سليم الجبوري ثانياً في محافظة بغداد بعد أن خاض الانتخابات الماضية مرشحاً عن محافظة ديالى. وحصلت المتحدثة باسم حزب الوفاق النائبة الحالية ميسون الدملوجي على التسلسل الرابع، متقدمة مرتبتين على عضو مجلس النواب السابق السياسي المخضرم حسن العلوي، الذي حل في التسلسل السادس. ولأول مرة، يدفع إياد علاوي بابنته، سارة، لخوض التجربة الانتخابية، وحصلت على التسلسل رقم 7 في القائمة. وجاء عضو مجلس النواب الأسبق شيخ عشيرة كنانة عدنان الدنبوس في التسلسل رقم 12، في حين حصل وزير الاتصالات الأسبق محمد توفيق علاوي، وهو ابن عم إياد علاوي، على التسلسل رقم 44 في القائمة «الوطنية».
أما تحالف «الفتح» الذي يضم أغلب فصائل «الحشد الشعبي» فاختار رئيس منظمة «بدر» هادي العامري على رأس قائمته، وجاء في التسلسل ثانياً زعيم «المجلس الإسلامي الأعلى» همام حمودي. وحصل المتحدث السابق باسم «الحشد الشعبي» أحمد الأسدي على التسلسل الثالث، أما رجل الدين السني المقيم في محافظة البصرة الجنوبية، خالد الملا، فحصل على التسلسل الخامس في هذا التحالف، وحصل القيادي في «عصائب أهل الحق» النائب الحالي حسن سالم على التسلسل السابع. أما وزير النفط الأسبق إبراهيم بحر العلوم فحصل على التسلسل الثامن، وحصل وزير الإعمار والإسكان وعضو التيار الصدري السابق محمد صاحب الدراجي على التسلسل العاشر.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم