واشنطن تعارض فرض حالة الطوارئ في إثيوبيا

وزير الدفاع في أديس أبابا نفى وقوع «انقلاب عسكري»

صورة نشرتها وكالة الأنباء الإثيوبية لوزير الدفاع الأثيوبي في مؤتمره الصحافى أول من أمس فى أديس أبابا
صورة نشرتها وكالة الأنباء الإثيوبية لوزير الدفاع الأثيوبي في مؤتمره الصحافى أول من أمس فى أديس أبابا
TT

واشنطن تعارض فرض حالة الطوارئ في إثيوبيا

صورة نشرتها وكالة الأنباء الإثيوبية لوزير الدفاع الأثيوبي في مؤتمره الصحافى أول من أمس فى أديس أبابا
صورة نشرتها وكالة الأنباء الإثيوبية لوزير الدفاع الأثيوبي في مؤتمره الصحافى أول من أمس فى أديس أبابا

وجهت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وهي مانح رئيسي للمساعدات لإثيوبيا، انتقادات حادة إلى الحكومة الإثيوبية، بشأن قرارها أول من أمس فرض حالة الطوارئ لتهدئة الاضطرابات، بعد يوم من استقالة رئيس الوزراء هايلي مريم ديسالين.
وقالت السفارة الأميركية في أديس أبابا، في بيان، مساء أول من أمس، إنها «تعارض بقوة قرار الحكومة فرض حالة طوارئ تتضمن فرض قيود على الحقوق الأساسية مثل الحق في التجمع وحرية التعبير»، وتابعت: «نعي المخاوف التي عبرت عنها الحكومة من أحداث عنف وخسائر في الأرواح، ونشاركها القلق، لكننا نعتقد وبشدة أن الرد يكون بالمزيد من الحريات لا الحد منها».
ومثَّل هذا البيان أول موقف رسمي معلن من الإدارة الأميركية حيال التطورات المتصاعدة للوضع في إثيوبيا. وكان وزير الدفاع الإثيوبي سراج فيغيسا، الذي نفى وقوع انقلاب عسكري على خليفة استقالة رئيس الحكومة، أوضح أن حالة الطوارئ المعلنة ستظل سارية المفعول لمدة ستة أشهر. واعتبر أن حالة الطوارئ ضرورية لحماية الدستور والنظام الدستوري، موضحاً في مؤتمر صحافي أنه سيقدم المرسوم الرسمي حول حالة الطوارئ إلى البرلمان في غضون أسبوعين. ورفض سراج ما وصفه بشائعات كاذبة عن الاستيلاء العسكري على الحكومة، لكنه لفت في المقابل إلى أنه تم بالفعل إنشاء مركز قيادة بعد إعلان مجلس الوزراء لحالة الطوارئ، التي أكد أنها تسمح باعتقال أي شخص ينتهك ويحرض الآخرين على انتهاك القانون دون أمر من المحكمة. ويحظر مرسوم حالة الطوارئ «إعداد وطباعة وتعميم الكتابات عبر وسائل الإعلام التي يمكن أن تسبب الاضطرابات والشك بين الناس وتنظيم المظاهرة».
ومع ذلك، أشار وزير الدفاع الإثيوبي، وفقاً لما نقلته وكالة الأنباء الرسمية، إلى أن حالة الطوارئ السابقة التي استمرت لمدة 10 أشهر قد أحدثت تغييرات في استعادة السلام والاستقرار، قبل أن يؤكد أن حالة الطوارئ المعلنة ستساعد البلد في نهاية المطاف على العودة إلى حالة طبيعية، على حد قوله.
وكان رئيس الحكومة الإثيوبية قد أعلن استقالته في خطاب نقله التلفزيون يوم الخميس الماضي، قائلاً إنه يريد تسهيل إجراء المزيد من الإصلاحات، في سابقة هي الأولى من نوعها التي يستقيل فيها رئيس الوزراء في تاريخ إثيوبيا الحديث. وخلال الشهر الماضي أفرجت إثيوبيا عن أكثر من ستة آلاف سجين باتهامات مختلفة منها المشاركة في احتجاجات حاشدة. وأغلقت البلاد أيضاً سجناً قال نشطاء إنه شهد ممارسات تعذيب.
وشارك الكثير من السجناء في احتجاجات مناهضة للحكومة عامي 2015 و2016 بمنطقتي أوروميا وأمهرة، وهما أكثر المناطق ازدحاماً بالسكان في البلاد. واندلعت الاضطرابات في بادئ الأمر بسبب معارضة خطة لتوسيع العاصمة أديس أبابا، لكنها اتسعت لتتحول إلى مظاهرات تطالب بالمزيد من الحقوق المدنية.
واندلع في الأشهر القليلة الماضية، جدال سياسي داخلي بين أربعة شركاء في تحالف الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية، بينهم جبهة تحرير تيجراي الشعبية وحركة أمهرة الديمقراطية الوطنية والحركة الديمقراطية الشعبية لجنوب إثيوبيا ومنظمة أرومو الديمقراطية الشعبية، مما أدى إلى اندلاع مخاوف بشأن الاستقرار في البلاد التي يبلغ تعداد سكانها نحو 100 مليون شخص.
وكانت الحكومة فرضت حالة الطوارئ من قبل في أكتوبر (تشرين الأول) 2016، ورفعتها في أغسطس (آب) 2017، علماً بأنه خلال هذه الفترة فرضت السلطات حظراً للتجول وقيوداً على التنقل، وألقي القبض على نحو 29 ألف شخص.



للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
TT

للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

سحب الفرنسيون من تشاد، الثلاثاء، مقاتلات عسكرية من طراز «ميراج 2000»، ليصبح البلد الأفريقي مترامي الأطراف والحبيس في قلب القارة السمراء، خالياً من أي مقاتلات فرنسية لأول مرة منذ أن نال استقلاله عن باريس قبل 6 عقود.

اليوم، أصبحت سماء تشاد هادئة من أزيز «الميراج» الفرنسية، وأغمضت العين الفرنسية التي ظلّت لعقود طويلة رقيباً لا يغفل على أرض تشاد الشاسعة، الممتدة من صحراء أوزو الحارقة شمالاً، وصولاً إلى أحواض بحيرة تشاد الرطبة في أقاصي الجنوب.

الطائرة التي تُمثّل فخر الصناعة العسكرية الفرنسية، ظلّت لسنوات طويلة صاحبة الكلمة الأولى في السماء التشادية، والسلاح الحاسم الذي تدخّل لقلب موازين السياسة أكثر من مرة، خصوصاً حين حاصر المتمردون القادمون من الشمال الرئيسَ الراحل إدريس ديبي في 2006 و2019.

بداية الرحيل

طائرة «ميراج» فرنسية وهي تغادر قاعدة «غوسي» التشادية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

في حدود منتصف نهار الثلاثاء، كان الجنود الفرنسيون في قاعدة «غوسي» العسكرية في عاصمة تشاد إنجامينا، يتبادلون الابتسامات الباهتة مع أقرانهم التشاديين، فطغت على أجواء الوداع حميمية مصطنعة، وهم يستعدون لركوب طائرات «الميراج»، في رحلة ذهاب دون عودة، نحو فرنسا.

رفع الطيار العسكري الفرنسي يده بتحية عسكرية صارمة، من وراء زجاج طائرته النفاثة، وألقى نظرة أخيرة، ثم حلّق عالياً لتكون بذلك بداية انسحاب فرنسي من بلد دخله أجداده مستعمرين مطلع القرن العشرين، أي قبل 120 عاماً.

الجيش الفرنسي قال في بيان مقتضب تعليقاً على سحب طائراته العسكرية، إن القرار جاء بعد أن قررت تشاد إنهاء العمل باتفاقية التعاون الأمني والعسكري مع فرنسا، يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وأضاف أن «وجود هذه الطائرات كان تلبية لحاجة سبق أن عبّر عنها الشريك (التشادي)».

فيما قال مصدر فرنسي إن وجود المقاتلات الفرنسية في تشاد لم يعُد مبرّراً بعد إنهاء التعاون العسكري بين البلدين، وأضاف أن «فرنسا تنهي نشر مقاتلاتها في قاعدة (غوسي) الجوية في إنجامينا. والجيش الفرنسي اتخذ قراراً بسحب طائراته الحربية».

رحيل تدريجي

وزير خارجية تشاد، عبد الرحمن كليم الله، نشر تغريدة مقتضبة على موقع «إكس»، قال فيها: «إنه بعد الانسحاب النهائي لمقاتلات (الميراج) الفرنسية وطائرة الدعم والإسناد، نفذت المرحلة الأولى من سحب القوات الفرنسية في تشاد».

كما نشرت الخارجية التشادية بياناً قالت فيه: «إن هذا الحدث يُمثل خطوة كبيرة في تنفيذ الجدول الزمني المتفق عليه بين الطرفين» بخصوص مغادرة القوات الفرنسية، قبل أن تشير إلى أنه «سيتم الترحيل التدريجي للقوات البرية خلال الأسابيع المقبلة».

ويوجد في تشاد نحو ألف جندي فرنسي، كانوا موجودين بموجب اتفاق تعاون عسكري موقع منذ عقود، وجرى تجديده عام 2019، ولكن تشاد قررت الشهر الماضي أن تنهيه من جانب واحد من أجل «تجسيد السيادة» على أراضيها.

وفي هذا السياق، قالت الخارجية التشادية إن الشعب التشادي «يتطلّع إلى مستقبل تحظى فيه السيادة الوطنية بالاحترام الكامل، وتتولى فيه القوات المسلحة الوطنية بشرف وكفاءة الدفاع عن أراضيها وأمن مواطنيها».

ولكنها في الوقت نفسه، شدّدت على «فكّ الارتباط (مع فرنسا) يتم بروح من الاحترام المتبادل والحوار البنّاء للحفاظ على العلاقات الثنائية بين تشاد وفرنسا في المجالات الاستراتيجية الأخرى ذات الاهتمام المشترك».

لجنة مشتركة

جنديان تشاديان خلال مناورات مع سلاح الجو الفرنسي (أرشيف الجيش الفرنسي)

ورغم أن البلدين لم يُعلنا أي تفاصيل حول الجدول الزمني لسحب القوات الفرنسية، فإن المصادر تؤكد تشكيل «لجنة مشتركة» تتولّى الإشراف على العملية، وقد عقدت هذه اللجنة اجتماعها الأول يوم الجمعة الماضي، دون إعطاء أي تفاصيل.

في هذه الأثناء، وصفت صحف فرنسية واسعة الانتشار من بينها «لوموند» ما يجري بأنه «صفعة موجعة» تتلقّاها فرنسا في بلد ظلّ لعقود يمثل حليفاً استراتيجياً في أفريقيا، واليوم يُعدّ آخر مركز نفوذ لفرنسا في منطقة الساحل الأفريقي، حيث سبق أن انسحبت القوات الفرنسية من مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

ويصر الفرنسيون على أن ما يحدث في تشاد مختلف عما جرى في دول الساحل الأخرى؛ حيث وقعت قطيعة تامة مع باريس.

ويقول مصدر وصفه الإعلام الفرنسي بأنه قريب من الملف: «إن التشاديين لم يطلبوا سحب القوات بشكل فوري، وبهذه السرعة»، وأضاف: «نحن من أراد التحكم في الانسحاب» تفادياً لأي مفاجآت.