عباس: السعودية لم تتأخر في دعمنا ولم تتدخل في شؤوننا الداخلية

عباس: السعودية لم تتأخر في دعمنا ولم تتدخل في شؤوننا الداخلية
TT

عباس: السعودية لم تتأخر في دعمنا ولم تتدخل في شؤوننا الداخلية

عباس: السعودية لم تتأخر في دعمنا ولم تتدخل في شؤوننا الداخلية

أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس تمسكه بخيار المفاوضات لتحقيق السلام مع إسرائيل، ورفضه الخضوع للضغوط، مشيراً إلى أن السلام الذي يؤمن به هو السلام القائم على «قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية»، مؤكدا عمق التشاور مع القيادة السعودية وتأكيدها أنه «لا حل من دون دولة فلسطينية بعاصمتها القدس».
وأوضح عباس في حواره مع الشقيقة مجلة الرجل أنه لم يرفض يوما «عرضاً للمفاوضات يهدف لتحقيق حل الدولتين» وأردف «نحن نتمسك بمفاوضات جادة من أجل تحقيق السلام والوصول إلى قيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس على حدود 1967. لكن المفاوضات تتطلب وجود شريك يؤمن بحل الدولتين وليس طرفا يفرض القوة والإملاءات».
ووصف عباس قرار الرئيس الأميركي ترمب باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل بمثابة «وعد بلفور ثانٍ»، واعتبره مخالفا للقانون الدولي، ويتحدى مشاعر المسلمين والمسيحيين، ولفت إلى أن إجراءات كهذه «سوف تشجع الجماعات المتطرفة على تحويل الصراع من سياسي إلى ديني».
وقال عباس إنه طالب وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي بوضع «آلية جديدة لرعاية المفاوضات، وهي آلية دولية متعددة يمكن أن تضم الرباعية الدولية وعددا آخر من الدول الأوروبية والعربية كذلك»، رافضاً أن «تبقى الإدارة الأميركية وحدها في رعاية العملية السياسية بعد أن أخرجت نفسها بإعلانها القدس عاصمة لإسرائيل».
وعن تصريحه بموت اتفاقية أوسلو الموقعة مع إسرائيل منذ ربع قرن والتي كان مهندسها قال عباس إن «إسرائيل هي من أنهت اتفاقات أوسلو ودفنتها وليس الجانب الفلسطيني، وذلك من خلال تنكرها وخرقها الكامل والمتعمد لاتفاقات أوسلو منذ العام 1994 وحتى يومنا الحالي، لقد فرضت إسرائيل وقائع استعمارية بديلاً عن أوسلو لتثبيت سيطرتها وسيادتها على الأرض والموارد والإنسان الفلسطيني، من أجل تنفيذ مشروع (إسرائيل الكبرى على أرض فلسطين التاريخية)»، وأضاف «نحن نعول اليوم على أي وساطة جديدة تطرح لتحقيق السلام ونحن معها».
ورداً على سؤال لمجلة الرجل حول البدائل الممكنة لعمل السلطة الفلسطينية بعد تعليق الاعتراف بإسرائيل وإنهاء العمل باتفاق أوسلو أوضح عباس أن المجلس المركزي الفلسطيني الذي عقد منتصف شهر يناير (كانون الثاني) الماضي تبنى استراتيجية جديدة تنطلق من «العمل الآن على تجسيد استقلال وسيادة فلسطين والانتقال من مرحلة سلطة الحكم الذاتي إلى مرحلة الدولة، تنفيذا لقرارات المجلس الوطني وقرارات الأمم المتحدة، حتى إنهاء الاحتلال وتحقيق السلام من خلال إطار أممي تعددي».
وفيما يتعلق بالعلاقات مع السعودية بعد قرار ترمب المتعلق بالقدس وما أثير في الإعلام عن ضغوط وخلافات، أكد عباس لمجلة الرجل أن جميع تلك التقارير «عارية عن الصحة»، وأردف قائلاً «لقد تمّ التواصل والتشاور مع الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان منذ أعلن ترمب عن القدس عاصمة لإسرائيل، كما جرى التنسيق والتدارس معهما ومع الأشقاء العرب حول الخطوات القادمة».
وأوضح أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان «معنا في كل ما نراه، وأكدا لي بأنه لا حل من دون دولة فلسطينية بعاصمتها القدس». وتابع «السعودية كانت على مر التاريخ تقف إلى جانب قضيتنا وشعبنا»، مشيرا إلى أن السعودية «لم تتدخل في شؤوننا الداخلية على مر الزمان، ولم تتأخر يوماً عن دعم حقوقنا ودعم أبناء شعبنا».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.