الأمازيغية... محور صراع «التعريب» و«التغريب»

بعد قرار تدريس الأمازيغية... وبسببه

الأمازيغية... محور صراع «التعريب» و«التغريب»
TT

الأمازيغية... محور صراع «التعريب» و«التغريب»

الأمازيغية... محور صراع «التعريب» و«التغريب»

فجَر قرار الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة إطلاق ترتيبات لإنشاء «أكاديمية لتدريس اللغة الأمازيغية»، من جديد، الصراع بين أنصار الاستعاضة عن العربية بالأمازيغية لغةَ تداول رسمية وهم في غالبيتهم مُفرنَسون، و«العروبيين» المتحمّسين لـ«العنصر العربي الإسلامي في الهوية الجزائرية». كانت الأمازيغية قد أصبحت لغة رسمية في الجزائر بجنب العربية، بموجب مراجعة للدستور تمت في 7 فبراير (شباط) 2016. ومن ثم، احتدم خلاف كبير، أخذ في أحيان كثيرة طابعاً آيديولوجياً، بين فريقين: الفريق الأول في هذا الخلاف هو مَن يسميهم الإعلام المحلي «بربريست» (نسبة إلى البربر، السكان الأصليين لشمال أفريقيا) يناضلون من أجل تدريس الأمازيغية في كل الأطوار التعليمية، وقطاع من هؤلاء انخرط في تنظيم انفصالي يطالب باستقلال منطقة القبائل (شرق العاصمة الجزائر) التي يتكلم سكانها – البالغ تعدادهم نحو 3 ملايين – اللغة الأمازيغية. أما الفريق الآخر، فيشكّله «العروبيون» الذين يعتبرونها أهم رافد للهوية ولا يرضون بديلاً عن العربية، التي حلّت محل الفرنسية لغةَ تداول في الإدارات والمؤسسات الحكومية، وهذا خلال سنوات قليلة بعد الاستقلال عن المستعمر الفرنسي عام 1962.
في أعقاب الضجة التي أثارها قرار الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، إطلاق ترتيبات لإنشاء «أكاديمية لتدريس اللغة الأمازيغية»، التقت «الشرق الأوسط» نخبة من أهم الباحثين الذين يتصدّرون واجهة الإعلام الجزائري لمناقشة موضوع الأمازيغية، وقراءة تفاعلات الموضوع، وما إذا كانت «لهجة» أم «لغة» وعلاقتها بالدين.
امحند أرزقي فرَاد، المؤرخ والباحث الآنثروبولوجي، قال شارحاً: «عادت المسألة الأمازيغية في السنوات الأخيرة إلى مسرح الأحداث ببلدان شمال أفريقية بقوة، وهذا لسببين اثنين على الأقل: أولهما يتمثل في تراكم نضالات أجيال كثيرة من أجل إعادة الاعتبار للمكوّن الأمازيغي في الهويّة المغاربية. والسبب الآخر هو «الربيع العربيّ» الذي رفع الحيف والضيم عن الأمازيغ في ليبيا وتونس».
وبحسب فرَاد، الذي يتحدَر من منطقة القبائل: «لا يختلف اثنان عاقلان حول أمازيغية شمال أفريقية، ومن ثم فإن المتحدّثين بها ليسوا أقلية، وهذا رغم انكماش اللسان الأمازيغي وانحساره في المناطق المعزولة كالجبال والواحات وجزيرة جربة بتونس. وعليه – كما يضيف فرّاد – فإن الجدال حول اللغة الأمازيغية هو في الحقيقة جدال بين إخوة في الجنس والعرق، احتفظ بعضهم بلغة الأجداد، وتعرّب بعضهم الآخر بفعل انتشار اللغة العربية باعتبارها لغة القرآن. وعليه، من الخطأ اعتبار انتشار اللسانين حالياً معياراً للتمييز بين الجنسين الأمازيغي والعربي».
- تحدّي كتابة اللغة
وحول الحرف الذي ينبغي أن تكتب به الأمازيغية، يقول فرَاد «التحدي الصعب الذي يواجه الأمازيغية بعد تجاوز العقبة السياسية، هو اختيار طريقة كتابتها. فهي الآن تكتب بالأبجديات الثلاث: (التيفيناغ) في الجنوب، والأبجدية العربية في جبال الأوراس وغرداية، والأبجدية اللاتينية في منطقة القبائل. وسبب ذلك التهميش والإقصاء اللذين عانت منهما اللغة لعقود طويلة؛ لذا سعى أبناؤها إلى الحفاظ عليها بكل الطرق كلّ حسب إمكاناته في الجزائر الواسعة». ويضيف فرّاد: «في الحقيقة، تعايشت الأمازيغية مع العربية لقرون طويلة فاقترضت منها الكثير من الكلمات والمصطلحات، وتأثرت بالثقافة الإسلامية إلى درجة يصعب الآن تصوّر كتابتها بغير الأبجدية العربية. لكن، من جهة أخرى، فإن النخبة المُفرنَسة المهيمنة على (المحافظة السامية للأمازيغية) هي التي تكفلت بالنضال من أجل إحيائها وترقيتها بالأبجدية اللاتينية، وهناك ألوف الكتب منشورة بها. أمّا في الجنوب فمن الصعب إقناع إخواننا الطوارق بالتنازل عن الكتابة التيفيناغية الأصيلة ذات الحمولة الرمزية».
- «الهويّة» ومسؤولية فرنسا
من جهة ثانية، أفاد الدكتور أحمد شنَة، أحد أبرز الباحثين بالمجتمع المدني – وهو مسؤول حكومي سابق – بأن اعتماد اللغة الأمازيغية لغةً رسميةً في البلاد «لا يعني أنه سيتم تلقائياً إبعاد اللغة العربية أو التقليل من شأنها أو إنزالها إلى المرتبة الثانية. ذلك ما لن نقبله مهما كانت الظروف والمسوّغات... كما أننا لن نقبل أيضاً تهميش باقي اللهجات الأمازيغية، كالشاويّة التي تشكل النسبة الأكبر في المشهد الديموغرافي، إلى جانب المزابية (الميزابية) والتارقية والشلحية والشنوية وغيرها من اللهجات المنتشرة في طول البلاد وعرضها». وأردف شنّة: «إن كانت الإرادة صادقة (من جانب السلطات) لإعادة الاعتبار للبعد الأمازيغي في هويتنا وشخصيتنا الوطنية، إلى جانب البعدين الإسلامي والعربي، مثلما هو منصوص عليه في الدستور، يتوجب على الجميع العمل على إشراك كل المكوّنات والعناصر على قدم المساواة، وإتاحة الفرص لجميع اللهجات المحلية في مسار التأسيس العلمي الجاد لهذه اللغة الأمازيغية المنشودة. وهي اللغة التي نرجو، في نهاية المطاف، أن تكون معبّرة عن فكر ووجدان كل الجزائريين والجزائريات، في إطار احترام الخصوصيات ومراعاة الاختلاف الثقافي والاجتماعي بين منطقة وأخرى؛ ما يحقق الثراء الوطني المرتقب من دون إقصاء أو احتكار أو تطرّف في الرأي».
ويتابع شنّة: «في ظل ما يدور في الساحة الوطنية من جدل وتجاذب حول المسألة الأمازيغي، وبخاصة ما تشهده مواقع التواصل الاجتماعي من نقاشات حادة حول هذا الموضوع، وتطور التجاذبات في القضية إلى حد التجريم والتخوين والتراشق بالتهم بين بعض الفعاليات في المؤسسات البرلمانية والحزبية والإعلامية، فإنه بات من الضروري أن نؤكد مرة أخرى، بأن (مسألة الهوية) لم تكن في أي يوم من الأيام مشكلاً في الجزائر، إلا مع دخول المستعمر الفرنسي إلى بلادنا... المستعمر الذي أقدم على تمزيق اللحمة الوطنية وتطبيق سياسة (فرّق تَسُد) انطلاقاً من كراهية فرنسا الاستعمارية للإسلام والعربية باعتبارهما الإسمنت المسلح الذي يوحّد الجزائريين والجزائريات باختلاف أعراقهم وثقافاتهم المحلية، ويدفعهم بقوة وثبات إلى التطلع نحو المستقبل، وإعادة بناء الدولة الجزائرية التي دمّرها الفرنسيون على امتداد قرن و32 سنة، بأبشع ما في التدمير من وسائل وأساليب».
ويضيف شنّة، المتحدر من منطقة الأوراس التي يتكلّم سكانها الشاويّة، إحدى لهجات الأمازيغية: «لم نسمع في تاريخ الأولين من الآباء والأجداد، منذ الفتح الإسلامي لشمال أفريقيا، عن أي خروج للسكان المحليين عن سلطة الإسلام أو رفضهم اللسان العربي... بل على العكس تماماً من كل تلك المزاعم والأباطيل التي روّجها المؤرخون الاستعماريون، ويردّدها اليوم ببلاهة كثرة من أشباه المثقفين من أبناء هذه المدرسة الاستعمارية المغشوشة. الأمازيغ، الذين استقبلوا الإسلام والعربية في الجزائر وفي كل بلدان الشمال الأفريقي، استقبالاً كريماً مباركاً، عملوا كل ما في وسعهم خلال قرون من الإشعاع الحضاري والعلمي والثقافي، على بناء دول ومجتمعات قوية متقدمة وصل صداها إلى كل أوروبا، واستفاد من خيراتها جياع فرنسا ومشرّدو إسبانيا والبرتغال».
- مؤامرة للتمكين للفرنسية
ويذهب عبد الرزاق مقري، رئيس الحزب الإسلامي «حركة مجتمع السلم»، في الاتجاه نفسه تقريباً؛ إذ يقول: «أنا أتعجب من الحرب التي يريد بعض المغفلين والمتعصّبين والسذَّج أن يشعلوها بين العربية والأمازيغية، وهم لا يدرون أنهم وقود فتنة كان ولا يزال الاستعمار القديم والجديد يشعلها بيننا ضمن قاعدة (فرّق تَسُد). الأمازيغية والعربية كلاهما مهمشتان في هذا البلد لصالح الفرنسية. المؤامرة القائمة في الجزائر هي للتمكين للغة الفرنسية والثقافة الغربية الفرنسية، وليس للعربية أو الأمازيغية. العربية والأمازيغية شقيقتان... شقيقتان شقيقتان. كما هي الفارسية والعربية، والتركية والعربية والأردية وغير ذلك من اللغات التي انصهرت معاً ضمن الأخوة الإسلامية التي لا تفرّق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى. لقد كان صهيب الرومي وسلمان الفارسي أقرب لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، من عمّه أبي لهب. إن المطلوب هو أن تتحالف العربية والأمازيغية ضد الاستعمار والثقافة الاستعمارية، كما كانتا إبان الاحتلال الفرنسي».
وبرأي مقري «ما شهدناه في المدة الأخيرة، من سبّ وشتم متبادل بين الجزائريين على أساس الهويّة اللغوية أمر خطير. فلو وجد الجزائريون راحتهم وأنسهم وكرامتهم ورخاءهم، تحت العلم الوطني لما تعالى بعضهم على بعض بانتمائهم اللغوي، ولما تدخل الأجنبي في شأن خصوصياتهم يعبث باستقرارهم ووحدتهم، كما هو ديدنه دائماً، لتحقيق مصالحه وفرض حضارته الاستعمارية الظالمة».
وبخصوص الحرف الذي تكتب به الأمازيغية، يوضح مقري أن الأمازيغية «لغة موجودة من خلال لهجات متعدّدة منها الشاويّة والقبائلية والمزابية والترقية والشلحية... ولا يمكن تعليمها بفاعلية إلا ببناء هذه اللغة بناءً أكاديمياً يجعل لها (فصحى) تتيح للأمازيغ، بمختلف لهجاتهم، أن يفهموا بعضهم بعضاً. ومن ثم، مَن يرد أن يتعلم هذه اللغة من غير المتحدثين يسهل عليهم ذلك... تماماً مثل أي لغة أخرى. فلولا وجود العربية الفصحى مثلاً، لما استطاع العرب أن يفهموا بعضهم بعضاً... سواءً بخصوص تنوع لهجات الجزائر في مختلف جهات الوطن، وبشكل أوضح على مستوى العالم العربي، لولا الفصحى لما استطاع المغاربة أن يتواصلوا مع المصريين والخليجيين والعراقيين والسوريين، والعكس صحيح».
ويتابع مقري: «حينما نصل إلى المرحلة الأكاديمية، يتدخل الجانب الثقافي والحضاري في اختيار الحرف الذي تبنى به اللغة الأمازيغية الفصحى. وإذا اعتبرنا أن القضية الأمازيغية هي قضية كل الجزائريين، فمن حقنا في (حركة مجتمع السلم) كجزائريين أن نناصر رأي الأكاديميين، الذين يعتبرون أن اختيار الحرف العربي هو الاختيار الطبيعي؛ لأن البعد الحضاري للأمازيغ ارتبط بالبعد الحضاري العربي الإسلامي. إن الجامع بين اللغتين تاريخي وجغرافي وثقافي وسياسي واجتماعي، مثل البعد الحضاري للفرس الذي ارتبط بالإسلام بعد الفتح... واليوم تُكتب الفارسية بالحرف العربي. الشيء نفسه بالنسبة للأتراك، فاللغة التركية كانت تكتب بالعربية أيام مجد الأتراك (العثمانيين)، ثم غيّرها كمال أتاتورك للاتينية فمزّق الشعب التركي وأدخله في الصراع والتخلف».
- أخطاء الفاتحين مع الأمازيغ
أما محمد صالحي، الباحث في علوم اللسان (الألسنية)، فيقول: إن كل اللغات المستخدمة في العالم الإسلامي «تأثرت باللغة العربية معجماً ونحواً وصرفاً وصوتاً وكتابة، ولا يمكن إنكار هذا الأمر الواضح والراسخ. لقد وجد من مائة لغة تكتب بالحرف العربي، إلا أن الاستعمارين الغربي والسوفياتي سابقاً، غيَرا حروف لغات القوقاز والقرم وآسيا الوسطى. ولم تسلم الأمازيغية من هذه المحاولة؛ إذ سعى الفرنسيون بطرق عدة لتغيير حرفها العربي الذي كتبت به منذ بداية التدوين بها لفائدة كتب التفسير والفقه وخطب الجمعة والمناسبات. ولقد أوعز لأتباعه من الجزائريين أنه من مصلحة الأمازيغية كتابتها بالحرف الفرنسي (اللاتيني)، لكن في حقيقة الأمر الهدف هو إحداث شرخ بين العربية والأمازيغية، وتفريق الشعب الجزائري وتعميق صراع الهوية».
أما عدَة فلاحي، مستشار وزير الشؤون الدينية وعضو البرلمان سابقاً، فيقول: إن الأمازيغ اعتنقوا أغلب الديانات والملل والنحل التي وفدت إليهم، من مجوسية إلى وثنية إلى يهودية إلى مسيحية... وأخيراً الإسلام الذي قبلوه وارتضوه واعتنقوه طواعية بعد مقاومته في البداية. استمرت هذه المقاومة لعشرات السنين بسبب طبيعة الأمازيغي المتمرد الرافض لكل من يريد أن يهيمن عليه، إلا أن المسلمين الفاتحين حينها فقدوا الكثير من خصائصهم الروحانية الأولى التي تربى عليه الجيل الأول من الصحابة، وتصرفوا مع الأمازيغ في البداية بصفتهم عرباً، وهذا ما جعل الفتح الإسلامي عصيّاً وصعباً ومُكلفاً في البداية. ولكن يبدو أن هذه العقيدة العسكرية القديمة للمسلمين القادمين من المشرق، باستعلاء، والتي استبعدت القاعدة القرآنية (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) والقاعدة السنية المحمدية «لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى»، خلّفت عقدة ما زالت تتحكم في أمزجتنا إلى اليوم، حتى على مستوى النخبة، سواءً المعرّبة أو الأمازيغية».
ويتابع فلاحي «بعض المعرّبين البعثيين في بلادنا، أساؤوا التعامل مع المطالبين بإحياء الأمازيغية، ولذا شاهدنا ردات فعل متطرفة طالب أصحابها بكتابة الأمازيغية بـ«التيفيناغ» أو بالأحرف الفرنسية بدلاً عن العربية. وكان هناك طرف آخر كان له رد فعل عقائدي بسبب سوء تصرّف بعض المنتسبين للتيار الديني، أو ما يسمى بأصحاب الإسلام السياسي الذين قدّسوا اللغة العربية من باب تقديسهم للقران، وعلى حساب أي لهجة أو لغة أخرى، لدرجة أن بعض الأمازيغيين انقلبوا على أعقابهم وارتدوا عن الإسلام واعتنقوا المسيحية. بل، وذهب البعض منهم إلى الدعوة لانفصال منطقة القبائل عن الجزائر وتأسيس دولة مستقلة خاصة بهم تحمل هويتهم. وهذا للأسف، بمباركة وتشجيع ودعم الكولونيالية الفرنسية القديمة التي تستثمر في خلافاتنا».



تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)
TT

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)

سينغمان ري (الصورة الرئاسية الرسمية)

إلى جانب يون سوك - يول، فإن أربعة من رؤساء كوريا الجنوبية السبعة إما قد عُزلوا أو سُجنوا بتهمة الفساد منذ انتقال البلاد إلى الديمقراطية في أواخر الثمانينات.

وفي سلسلة من التاريخ المظلم لقادة البلاد، عزل البرلمان الرئيسة بارك غيون - هاي، التي كانت أول امرأة تتولى منصب الرئاسة الكورية الجنوبية، ثم سُجنت في وقت لاحق من عام 2016. ولقد واجهت بارك، التي هي ابنة الديكتاتور السابق بارك تشونغ - هي، اتهامات بقبول أو طلب عشرات الملايين من الدولارات من مجموعات اقتصادية وصناعية كبرى.

وفي الحالات الأخرى، انتحر روه مو - هيون، الذي تولى الرئاسة في الفترة من 2003 إلى 2008، بصورة مأساوية في مايو (أيار) 2009 عندما قفز من منحدر صخري بينما كان قيد التحقيق بتهمة تلقي رشوة، بلغت في مجموعها 6 ملايين دولار، ذهبت إلى زوجته وأقاربه.

وعلى نحو مماثل، حُكم على الرئيس السابق لي ميونغ - باك بالسجن 15 سنة في أكتوبر (تشرين الأول) 2018 بتهمة الفساد. ومع ذلك، اختُصرت فترة سجنه عندما تلقى عفواً من الرئيس الحالي يون سوك - يول في ديسمبر (كانون الأول) عام 2022.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ أدين تشون دو - هوان، الرجل العسكري القوي والسيئ السمعة، الملقّب بـ«جزار غوانغجو»، وتلميذه الرئيس نوه تاي - وو، بتهمة الخيانة لدوريهما في انقلاب عام 1979، وحُكم عليهما بالسجن لأكثر من 20 سنة، ومع ذلك، صدر عفو عنهما في وقت لاحق.

بارك غيون- هاي (رويترز)

الأحكام العرفية

باعتبار اقتصاد كوريا الجنوبية، رابع أكبر اقتصاد في آسيا، وكون البلاد «البلد الجار» المتاخم لكوريا الشمالية المسلحة نووياً، تأثرت كوريا الجنوبية بفترات تاريخية من الحكم العسكري والاضطرابات السياسية، مع انتقال الدولة إلى نظام ديمقراطي حقيقي عام 1987.

والواقع، رغم وجود المؤسسات الديمقراطية، استمرت التوترات السياسية في البلاد، بدءاً من تأسيسها بعد نيل الاستقلال عن الاستعمار الياباني عام 1948. كذلك منذ تأسيسها، شهدت كوريا الجنوبية العديد من الصدامات السياسية - الأمنية التي أُعلن خلالها فرض الأحكام العرفية، بما في ذلك حلقة محورية عام 1980 خلّفت عشرات القتلى.

وهنا يشرح الصحافي الهندي شيخار غوبتا، رئيس تحرير صحيفة «ذا برنت»، مواجهات البلاد مع الانقلابات العسكرية وملاحقات الرؤساء، بالقول: «إجمالاً، أعلنت الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية 16 مرة على الأقل. وكان أول مرسوم بالأحكام العرفية قد أصدره عام 1948 الرئيس (آنذاك) سينغمان ري، إثر مواجهة القوات الحكومية تمرداً عسكرياً بقيادة الشيوعيين. ثم فرض ري، الذي تولى الرئاسة لمدة 12 سنة، الأحكام العرفية مرة أخرى في عام 1952».

مع ذلك، كان تشون دو - هوان آخر «ديكتاتور» حكم كوريا الجنوبية. وتشون عسكري برتبة جنرال قفز إلى السلطة في انقلاب إثر اغتيال الرئيس بارك تشونغ - هي عام 1979، وكان بارك جنرالاً سابقاً أعلن أيضاً الأحكام العرفية أثناء وجوده في السلطة لقمع المعارضة حتى لا تنتقل البلاد رسمياً إلى الديمقراطية. نيودلهي: «الشرق الأوسط»