سنوات السينما

The Shootist
(1976)
‪جون واين... الأسطورة في آخر أيامها‬
«ذا شوتيست» (المعنى المحدد للكلمة «ممتهن إطلاق نار») فيلم وسترن من بطولة جون واين وإخراج دون سيغال. الأول كان البطل الرسمي المتوّج بين ممثلي أفلام الغرب الأميركي منذ الثلاثينات، والثاني كان المخرج الذي برع في تحقيق أنواع مختلفة من الأفلام (رعب، بوليسي، حربي ووسترن) منذ الخمسينات.
حين التقيا لإنجاز هذا الفيلم كانا على علم بحقيقة واحدة بالغة الأهمية: الشخصية التي أقبل واين على تمثيلها كانت شخصية مقاتل مصاب بالسرطان. جون واين كان دخل وخرج من هذه الإصابة مرات عدة. وبعض المراجع يفيد بأن الممثل الذي كان أصيب بالمرض أول مرة سنة 1965 ثم تعافى منه، كان وقع تحت براثن المرض قبيل بدء التصوير؛ ما جعله يلعب دوراً ملموساً وحقيقياً يعبّر عن ألمه ونفسه لأول مرة على هذا النحو.
لكن هناك مراجع أخرى تؤكد أن مرض السرطان واكب الممثل بعد الانتهاء من التصوير. هذا محتمل، لكن على الرغم من ذلك فإن الناتج رمزي وكمفهوم شامل متشابه، خصوصاً وأن كلاً من بطل الفيلم، جون واين، والشخصية التي يؤديها فيه، باسم جي بوكس، متشابهان على صعيد آخر: في الفيلم يتم تقديم شخصية بوكس مقاتلاً محترفاً في زمن الغرب الأميركي الآفل (نهاية القرن التاسع عشر). في الواقع، جون واين لعب دور القاتل المحترف في أفلام الغرب الأميركي معظم حياته. بوكس رجل يتقدم به العمر حثيثاً كذلك جون واين. الأول تسبقه أسطورته بصفته محترفاً قتل وقتال، والثاني سبقته كل شهرته بصفته ممثلاً لهذا النوع من الأفلام.
تأكيد هذه الصورة المشتركة تم عبر الاستعانة بمشاهد من أفلام جون واين عندما كان لا يزال بكامل طاقته. أفلام مثل «هوندو» (1953) و«نهر أحمر» (1958) و«ريو برافو» (1959).
لكن بوكس لم يرجع إلى البلدة بطلاً أو مقاتلاً، بل مريضاً. أول وصوله يستأجر غرفة لدى أرملة ألورين باكول، ويقصد صديقه الطبيب دكتور هوستتلر (جيمس ستيوارت). هذا يؤكد له أنه مصاب بالسرطان ويخبره بأن الطب لم يتوصل للقضاء على هذا المرض. كل ما يستطيع أن يفعله هو أن يعطيه دواءً يشربه لكي يوقف الألم في أمعائه ويخبره بأن أيامه معدودة حتى وإن امتدت لبضعة أشهر. بوكس عنيد الخصال وابن صاحبة المنزل (رون هوارد الذي تحوّل إلى الإخراج والإنتاج لاحقاً) معجب به ما يجعل أمه حذرة من سقوط ابنها ضحية الوهم الذي يمثله بوكس في زمن متغير. لكن بوكس يريد أن يموت بهدوء ومن دون ضجيج لولا ثلاثة رجال ينتظرونه في المقهى القريب.
نتيجة كل ذلك فيلم حزين حول حياة آفلة. في نهاية «ذا شوتيست» لم يستطع بوكس إلا مواجهة الأشرار الثلاثة الذين كانوا ينتظرونه. في المواجهة يُقتل اثنان ويجرح ثالثاً، وهذا الثالث يقتل واين برصاصة في الخلف.
في الخلفية هنا، أن واين كان أعجب بشغل دون سيغل على فيلم «ديرتي هاري» قبل عامين. ذلك الفيلم الذي قام كلينت ايستوود ببطولته وكان واين يتمنى لو أن سيغل يحقق له فيلماً ينبض بالقوة المستمدة من شخصيته السابقة. لذلك؛ يتردد اليوم أن واين لم يكن سعيداً بذلك الفيلم، بل إنه قام بإخراج بعض مشاهده بنفسه.