الموصل: عملية تهريب واسعة لمخلفات الحرب

مصدر مطلع يرجّح نقلها إلى إيران عبر السليمانية

طفل على دراجته بين ركام الحرب في غرب الموصل (أ.ب)
طفل على دراجته بين ركام الحرب في غرب الموصل (أ.ب)
TT

الموصل: عملية تهريب واسعة لمخلفات الحرب

طفل على دراجته بين ركام الحرب في غرب الموصل (أ.ب)
طفل على دراجته بين ركام الحرب في غرب الموصل (أ.ب)

أفاد مصدر مطلع في الموصل، كبرى مدن محافظة نينوى ومركزها، بقيام «جماعات مدعومة من شخصيات نافذة» بتهريب كميات كبيرة من الحديد ومخلفات الحرب إلى إقليم كردستان المجاور. ورجح «قيام المهربين بنقل تلك الكميات إلى مصاهر خاصة في محافظة السليمانية، تمهيداً لنقلها إلى إيران».
وأكد المصدر الذي فضّل عدم كشف هويته أن «عملية التهريب تشترك فيها مافيات فساد تتخذ من مواقع رسمية لبعض أعضائها سنداً لتسهيل مهمة نقل الحديد، في مقابل قيام المهربين بدفع أموال طائلة لبعض الجهات كي تغض النظر».
وأوضح المصدر لـ«الشرق الأوسط» أن «مدينة الموصل وحدها تحتوي على آلاف الأطنان من الحديد سابقاً، ثم أتت الحرب ضد (داعش) وزادت من تلك الكمية بأضعاف مضاعفة، نتيجة الخراب في المنازل ومخلفات العجلات العسكرية المخربة وظروف القنابل والمعدات العسكرية الأخرى». ولفت إلى أن «بعض الشخصيات السياسية التي تدرك عدم وجود فرصة أخرى لها للاستمرار في مواقعها تسهّل عملية التهريب لجني الأموال في الوقت الضائع».
وما زالت محافظة نينوى، خصوصاً مركزها مدينة الموصل، تعاني من الآثار الكارثية التي خلفتها الحرب ضد تنظيم داعش الذي احتلها في يونيو (حزيران) 2014، وظل مسيطراً عليها لنحو ثلاث سنوات إلى أن تمكّنت القوات الحكومية من طرده العام الماضي.
وأكد رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة نينوى محمد إبراهيم البياتي وجود «عملية تهريب كبرى للحديد والمعدات الحربية من الموصل إلى إقليم كردستان». وأبدى البياتي في حديث مع «الشرق الأوسط» قدراً من الحذر حول طبيعة الجهات المتورطة في التهريب أو الوجهة النهائية للحديد، رغم وصول لجنة تحقيق شكلها المجلس إلى نتائج بشأن عملية التهريب والجهات التي تقف خلفها.
ورجحّ البياتي إرسال مخلفات الحديد إلى «معمل الصلب والحديد في أربيل عبر طريق سنجار». لكنه اعترف بـ«وجود جماعات نافذة» لم يسمها، لها دور في عمليات التهريب. وأقرّ بأن «مجلس المحافظة تأخّر كثيراً في اتخاذ إجراء مناسب لردع أعمال تهريب الحديد وبقية المخلفات المستمرة منذ فترة طويلة، لكنه ناقش الموضوع في جلسته الاعتيادية الاثنين الماضي وشكّل لجنة للتحقيق».
وأشار إلى أن «المجلس اقترح التصويت على قرار يجيز بيع المواد الحديدية بمختلف أنواعها، بهدف تعظيم موارد المحافظة للمساهمة في عمليات إعادة الإعمار، لكن الذي حدث أن تلك الكميات تهرّب ولا تحصل المحافظة على أي مردود مالي». وتوقع إعلان نتائج التحقيق في عملية التهريب خلال أيام.
وعن تعيين وزارة الداخلية مديراً للشرطة بدلاً من المدير السابق العميد واثق الحمداني الذي تمسك مجلس نينوى ببقائه في منصبه، اعتبر البياتي أن «تعيين القائد الجديد حمد النامس بالوكالة بدلاً من الحمداني خرق للدستور وتجاوز على قانون إدارة المحافظات رقم 21». وأضاف أن «آلية تعيين مديري الشرطة والمديرين العامين من صلاحيات مجلس المحافظة، عبر آلية ترشيح ثلاثة أشخاص من قبل المحافظ، ويتم التصويت على أحدهم من مجلس المحافظة، ثم يرسل اسم المرشح إلى الحكومة الاتحادية لإقراره، وهذا لم يحدث في حالة المدير الحالي للشرطة».
وأعرب عن أسفه على قرار الحكومة، مشيراً إلى أن «رئيس الوزراء غالباً ما يتحدث عن تطبيق الدستور ويطالب بنقل كثير من الصلاحيات المركزية إلى الحكومات الاتحادية، فإذا به يعين مديراً للشرطة بطريقة غير قانونية».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.