مصر: حبس أبو الفتوح 15 يوماً... وحزبه يعلق أنشطته

المعارضة تتخوف من ملاحقات أمنية للداعين إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية

أبو الفتوح خلال مؤتمر صحافي لحزبه {مصر القوية} في 2013 (إ.ب.أ)
أبو الفتوح خلال مؤتمر صحافي لحزبه {مصر القوية} في 2013 (إ.ب.أ)
TT

مصر: حبس أبو الفتوح 15 يوماً... وحزبه يعلق أنشطته

أبو الفتوح خلال مؤتمر صحافي لحزبه {مصر القوية} في 2013 (إ.ب.أ)
أبو الفتوح خلال مؤتمر صحافي لحزبه {مصر القوية} في 2013 (إ.ب.أ)

قررت نيابة أمن الدولة العليا المصرية، أمس، حبس رئيس حزب «مصر القوية» المعارض عبد المنعم أبو الفتوح، 15 يوماً احتياطياً على ذمة التحقيقات التي تجري معه، في اتهامات عدة، من بينها محاولة قلب نظام الحكم من خلال التحريض ضد الدولة ونشر أخبار كاذبة، والاتصال بجماعة الإخوان المسلمين «المحظورة». وألقت الشرطة القبض على أبو الفتوح، أحد مرشحي انتخابات الرئاسة لعام 2012، مساء أول من أمس (الأربعاء)، في منزله بإحدى ضواحي العاصمة القاهرة، بعد أن قدم محاميان بلاغين إلى النيابة اتهماه فيهما بالتحريض على مؤسسات الدولة ونشر أخبار كاذبة والاتصال بجماعة الإخوان. وجاء القبض عليه بعد انتقادات حادة وجهها لنظام الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال مقابلات إعلامية عدة أجراها في لندن، من بينها العمل على منع ترشح منافسين حقيقيين في انتخابات الرئاسة التي تجرى أواخر مارس (آذار) المقبل. حيث قال في مقابلة مع قناة «الجزيرة»، أذيعت قبل أيام، إنه يرفض أن يكون الجيش طرفاً في السياسة أو اقتصاد البلاد. لكنه أيد عملية واسعة يقوم بها الجيش منذ يوم الجمعة الماضي في شمال سيناء. وقال إنه يتمنى أن ينجح الجيش في «القضاء على الإرهاب قضاءً مبرماً إن شاء الله».
وفي مقابلة أخرى مع قناة «العربي» التلفزيونية، انتقد ما وصفه بغياب المنافسة في انتخابات الرئاسة. وأسندت النيابة إلى أبو الفتوح الاتهام بنشر وإذاعة أخبار كاذبة من شأنها الإضرار بالمصالح القومية للبلاد، والاتصال بجماعة أنشئت على خلاف أحكام القانون، الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي، وتغيير نظام الحكم بالقوة، والإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر.
وعقب التحقيق، أمر المستشار خالد ضياء، المحامي العام الأول في نيابة أمن الدولة العليا، بحبسه لمدة 15 يوماً احتياطياً على ذمة التحقيقات، مع عرضه على مستشفى السجن بناءً على طلبه، لتوقيع الكشف الطبي عليه بعد أن شعر بإعياء.
في حين أمرت النيابة بإخلاء سبيل 6 من أعضاء المكتب السياسي في حزب مصر القوية كان قد تم إلقاء القبض عليهم أثناء جلوسهم مع أبو الفتوح في مقر الحزب بمنطقة جاردن سيتي بوسط القاهرة.
وقال مصدر قضائي، إن أبو الفتوح نفى كل الاتهامات الموجهة ضده، مؤكداً أن حديثه الإعلامي كان في إطار عمله السياسي والحزبي، وإنه لم يحرض على أي من مؤسسات الدولة.
ويوم (السبت) الماضي أعلنت السلطات حبس نائب رئيس حزب مصر القوية، محمد القصاص، بتهم بينها «نشر شائعات والانضمام لجماعة على خلاف القانون (في إشارة لجماعة الإخوان) وزعزعة الثقة في الدولة». غير أن الحزب اعتبر تلك الاتهامات رداً على موقفه من مقاطعة الانتخابات الرئاسية.
وقرر حزب مصر القوية أمس «تعليقاً مؤقتاً لكافة الأنشطة والمشاركات السياسية» وبدء اتخاذ الإجراءات اللازمة لدعوة المؤتمر العام للحزب لاتخاذ قرار نهائي حول وضع الحزب في ضوء التطورات الأخيرة. وحمّل في بيان له المسؤولية كاملة للنظام الحاكم عن سلامة رئيسه أبو الفتوح ونائبه القصاص.
ويعد أبو الفتوح، الذي انشق عن جماعة الإخوان عام 2011، من أبرز السياسيين الإسلاميين في مصر، وحصل على المركز الرابع في انتخابات الرئاسة عام 2012، وفي يونيو (حزيران) 2013 أيّد الاحتجاجات التي دعت إلى رحيل الرئيس الأسبق محمد مرسي.
وسبق أن دعا أبو الفتوح، ضمن الكثير من الشخصيات السياسية المعارضة، إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية، التي تبدو نتيجتها شبه محسومة لمصلحة الرئيس السيسي، حيث يخوض المنافسة أمام رئيس حزب الغد، موسى مصطفى موسى، الذي كان مؤيداً له قبل أن يعلن ترشحه المفاجئ.
وأثار القبض على أبو الفتوح مخاوف من ملاحقات جديدة تطال شخصيات دعت لمقاطعة الانتخابات. وقال حزب الدستور، في بيان له أمس، إن احتجاز رئيس أحد الأحزاب الشرعية في مصر هو «استمرار لنشر أجواء الترهيب في مواجهة المعارضين لسياسات النظام الحالي، رغم أنهم يعملون في إطار الضمانات الواردة في القانون والدستور»، معتبراً أن احتجازه «يؤكد صحة موقف أحزاب الحركة المدنية الديمقراطية التي دعت لعدم المشاركة فيما يسمى بالانتخابات الرئاسية المقبلة؛ وذلك لسيطرة مناخ قمعي لكل من يمارس العمل السياسي عل مدى السنوات الأربع الماضية، والذي وصل الآن لمرحلة اعتقال رؤساء الأحزاب».
وشدد على أن «ما صرح به (أبو الفتوح) في عدد من المقابلات التي أجراها خارج مصر تدخل بالتأكيد في إطار حرية الرأي والتعبير، وبخاصة أنه كرر مراراً تمسكه بالعمل السلمي، ورفضه القاطع لاستخدام العنف».
من جانبه، قال محمد أنور السادات، رئيس حزب الإصلاح والتنمية، أحد الأحزاب الداعية للمقاطعة، لـ«الشرق الأوسط»: إن «هناك بلاغات عدة مقدمة، من محامين وشخصيات محسوبة على النظام، ضد الذين دعوا لمقاطعة الانتخابات، ويمكن تحريكها في أي لحظة، لترهيب وتخويف أي شخص يخرج عن الصوت السائد». وناشد السادات الرئيس السيسي بالسماح للمعارضين بالتعبير عن آرائهم والتشاور معهم من خلال لقاء أو حوار وطني حقيقي، محذراً من سد كل قنوات التعبير عن الرأي أمام السياسيين والأحزاب الحقيقية.
وشهدت ساحة الانتخابات في مصر خلال الأشهر الماضية انسحابات وإقصاءات لمرشحين محتملين في مواجهة السيسي. وسبق أن دعت «الحركة المدنية الديمقراطية» (تحالف بين حركات وأحزاب عدة مناوئة للسيسي) المصريين لمقاطعة التصويت، ورفعت شعار «خليك في البيت».
بدوره، أكد المرشح السابق لانتخابات الرئاسة خالد علي تضامنه مع حزب مصر القوية ضد ما سمّاها «الهجمة الأمنية»، مطالباً بإطلاق سراح الدكتور أبو الفتوح، ونائبه محمد القصاص. في حين وجه الروائي البارز علاء الأسواني، أسئلة عدة عبر صفحت بـ«تويتر» قائلاً: «أختلف فكرياً وسياسياً مع أبو الفتوح، لكني أدافع عن حقه في معاملة عادلة، لماذا قبضوا عليه؟ هل تهمته أنه ظهر على قناة (الجزيرة)؟ كثيرون ظهروا على (الجزيرة) (وبعضهم مؤيد للنظام) ولم يقبض عليهم. هل تهمة أبو الفتوح أنه عبّر عن رأي لا يعجب النظام؟ هل أصبح إبداء الرأي جريمة؟».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.