تفاؤل لبناني ـ أميركي بتسوية للنزاع الحدودي بين بيروت وتل أبيب

القضية كانت محور بحث لقاءات تيلرسون مع المسؤولين اللبنانيين

الرئيس اللبناني خلال استقباله وزير الخارجية الأميركي في قصر بعبدا أمس (أ.ف.ب)
الرئيس اللبناني خلال استقباله وزير الخارجية الأميركي في قصر بعبدا أمس (أ.ف.ب)
TT

تفاؤل لبناني ـ أميركي بتسوية للنزاع الحدودي بين بيروت وتل أبيب

الرئيس اللبناني خلال استقباله وزير الخارجية الأميركي في قصر بعبدا أمس (أ.ف.ب)
الرئيس اللبناني خلال استقباله وزير الخارجية الأميركي في قصر بعبدا أمس (أ.ف.ب)

غادر وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون بيروت التي زارها لساعات أمس في مهمة محدّدة لبحث النزاع البحري بين لبنان وإسرائيل، من دون أن يتخذ قرارا حاسما حول وساطة بلاده المتعقلة بـ«البلوك 9 النفطي» التي سبق أن مهّد لها مساعده لشؤون الشرق الأوسط ديفيد ساترفيلد الأسبوع الماضي. وفي حين جدّد المسؤولون اللبنانيون على مسامع ضيفهم موقفهم من التعديات الإسرائيلية والتزامهم بسياسة النأي بالنفس والتشريعات المالية الدولية، وصفت مصادر مطلعة زيارة المبعوث الأميركي بـ«الجيدة التي يمكن البناء عليها»، وهو ما لفت إليه الوزير الأميركي في المؤتمر الصحافي الذي عقده مع رئيس الحكومة سعد الحريري. وأوضحت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أنه «إضافة إلى الاقتراح الأميركي الذي كان قد طرحه ساترفيلد الذي يرتكز على ما يعرف بـ(خط هوف)، طُرحت خلال اللقاءات أفكار جديدة يمكن البناء عليها التي ستبقى محور بحث بين ممثلي الطرفين، اللبناني والأميركي، للتوصل إلى تسوية».
والتقى تيلرسون رؤساء الجمهورية ميشال عون والحكومة سعد الحريري ومجلس النواب نبيه بري وعقد في ختام الزيارة مؤتمرا صحافيا مشتركا مع الحريري. وحول النزاع الحدودي بين بيروت وتل أبيب، قال تيلرسون: «مباحثات اليوم كانت جيدة وهذه قضية مهمة للبنان ولإسرائيل كذلك، ليتوصل الطرفان إلى اتفاقية ما، لكي تقوم الشركات الخاصة بالعمل في البحر والسير في الطريق إلى الأمام».
وأضاف: «كانت نقاشاتنا مفيدة، والبحث في أفكار ابتكارية لتخطي العثرات والمضي قدما. نحن ننخرط مع الطرفين ولن نطلب من أي منهما التخلي عن أي شيء، إنما طلبنا منهما إيجاد حلول».
وعبّر الوزير الأميركي عن تفاؤله بأن تؤدي المباحثات إلى حل أو تسوية نهائية إذا اتفق الطرفان على ذلك، مع تأكيده: «يمكن أن نلعب دورا بناء في إيجاد الحلول لاتفاقية حول حدود نهائية حول الخط الأزرق، ونحن نعتبر المباحثات القائمة اليوم بناءة، والإسرائيليون أيضا بناؤون في هذه المباحثات، لنرى الحدود ويتم الاتفاق عليها، وبعد ذلك يحدد الآخرون إذا كانوا محتاجين لجدار أمني أم لا».
وخلال لقائه طلب رئيس الجمهورية من تيلرسون أن «تعمل الولايات المتحدة الأميركية على منع إسرائيل من استمرار اعتداءاتها على السيادة اللبنانية البرية والبحرية والجوية، والالتزام بتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701 حفاظا على الاستقرار».
وإذ شدد الرئيس عون على «تمسك لبنان بحدوده المعترف بها دوليا»، ورفضه «ادعاءات إسرائيل بملكية أجزاء من المنطقة الاقتصادية الخالصة في المياه اللبنانية»، أكد أنه لن يألو جهدا «للوصول إلى حلول لمسألة الحدود البرية والبحرية»، ودعا الولايات المتحدة الأميركية والأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى «لعب دور فاعل في هذا المجال». وشدد على أن «لبنان لا يريد الحرب مع أحد، في حين أن إسرائيل تواصل اعتداءاتها».
وإذ شكر الرئيس عون الولايات المتحدة الأميركية على «الدعم الذي تقدمه للجيش والقوى المسلحة اللبنانية»، أكد «التزام لبنان تجفيف الموارد المالية للمنظمات الإرهابية والتزام الإجراءات المعتمدة».
وتطرق عون إلى موضوع النزوح السوري داعيا إلى «المساعدة في تأمين عودة آمنة ومتدرجة للسوريين إلى بلادهم»، كما شدد على أن «لبنان يلتزم سياسة النأي بالنفس التزاما تاما ولا يتدخل في الشؤون الداخلية للدول، لكنه غير مسؤول عما يحدث من تدخلات من خارجه لعدم القدرة على التأثير في ذلك».
وطلب عون من تيلرسون «مشاركة بلاده في المؤتمرات التي سوف تعقد لمساعدة لبنان في روما وبروكسل وباريس»، لافتا إلى أن «لبنان يعلق أهمية خاصة على الدعم الأميركي لنجاح هذه المؤتمرات لتعزيز قدرات الجيش والقوى المسلحة اللبنانية، ودعم اقتصاده وتمويل المشروعات الاستثمارية فيه والمساعدة على رعاية شؤون النازحين السوريين».
ولم تختلف العناوين التي بحثها تيلرسون مع رئيس مجلس النواب الذي استحضر الخروقات الإسرائيلية اليومية ونية إسرائيل بناء الجدار الإسمنتي في نقاط داخل الأراضي اللبنانية وادعاءاتها في المنطقة الاقتصادية الخاصة.
وشرح للمسؤول الأميركي التشريعات والقوانين التي صادق عليها المجلس النيابي، والمتعلقة بالحركة المالية والنقدية والمصرفية وفق المعايير العالمية التي لا تستدعي مزيدا من الإجراءات أو التدابير تجاه لبنان.
وأثار بري موضوع وقف المساعدات الأميركية لوكالة غوث اللاجئين «الأونروا» ولا سيما في لبنان، داعيا الإدارة الأميركية إلى إعادة النظر في هذا القرار «لما له من أثر سلبيا على الاستقرار في لبنان». وعن الوضع في سوريا شدد بري على «الحل السياسي لوضع حد لهذا الزلزال الذي يعصف بالمنطقة».
وفي المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقده مع الوزير الأميركي في السراي الحكومي، أكد الحريري أن «الديمقراطية ستتمثل بالانتخابات القادمة». وقال: «أبلغت تيلرسون أننا ملتزمون بالنأي بالنفس ونريد أفضل العلاقات مع الدول العربية»، مضيفا: «أكدت لتيرلسون أن القطاع المصرفي متين ويمثل ركنا أساسيا لاقتصادنا ومتمسك بالقوانين الدولية».
وحول النزاع اللبناني - الإسرائيلي، قال رئيس الحكومة: «نريد وقف إطلاق نار دائم مع إسرائيل، وطلبت من تيلرسون العمل لإبقاء الحدود الجنوبية هادئة»، مضيفا: «أكدت لتيلرسون حق لبنان في استكشاف موارده الطبيعية في مياهنا الإقليمية»، مشيرا إلى أن «إسرائيل تنتهك أجواءنا وتزيد بالخطاب التصعيدي». وشدّد: «نحن مع التهدئة، والمنطقة بحاجة ماسة إلى هذا النوع من السياسة. وبالنسبة إلينا الحوار وحل المشكلات بين الأطراف اللبنانية هو الوسيلة الأفضل لحل المشكلات».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».