«حزب الله» يستكمل مدّ شبكة اتصالاته والدولة اللبنانية تتفرّج

TT

«حزب الله» يستكمل مدّ شبكة اتصالاته والدولة اللبنانية تتفرّج

يستكمل «حزب الله» تمديد شبكة اتصالاته السلكية الخاصة، وآخرها ما تمّ اكتشافه عن قيام فرق فنية تابعة للحزب بتمديد هذه الشبكة في منطقة الرميلة (جبل لبنان)، الواقعة عند المدخل الشمالي لمدينة صيدا الجنوبية.
وأفاد موقع «جنوبية» الإخباري، بأن أهالي الرميلة «تفاجأوا الأسبوع الماضي بفرق فنية تقوم بتمديد كابلات هاتفية، مستخدمة الحفريات التي أجرتها وزارة الطاقة والمياه في البلدة الساحلية المذكورة، والمعدّة لوضع خطوط كهربائية فيها، وعمدوا (الفرق الفنية) إلى تهيئة خطين لإمداد الكابلات، وقد اعترفوا بأنّهم تابعون للحزب، وتبين أنهم يعملون على إنهاء التمديدات في غياب أي دور لوزارات الدولة والبلديات».
ونقل الموقع عن مصادر خاصة، أن «اتصالاً ورد إلى المجلس البلدي من أحد القيادات التابعة لـ(حزب الله)، شدد فيها وبحزم على متابعة إمداد الكابلات في الرميلة وعدم عرقلة العمال». وأكدت المصادر أن «العمل لا يزال مُستمراً من قبل الحزب، إذ عمد العمال إلى فتح الريغارات (أقنية الصرف الصحي)، ولم يبقَ أمامهم سوى تمديد الكابلات».
وقالت المصادر بحسب «الجنوبية»، إن «أهالي المنطقة والبلدية لا يستطيعون فعل شيء، لأن ما يحصل هو أكبر منهم، خصوصاً أنّ وزارة الطاقة والمياه على علم بما يحصل وقد أعطت التعليمات باستمرار العمل بعد أن كان قد توقف»، مشيرة إلى أن «فرع المعلومات ومخابرات الجيش حضروا إلى المكان والتقطوا الصور، وأبناء المنطقة ينتظرون تدخلهم، لأن ما يحصل هو تعدّ على الأملاك العامة التي يقع على عاتق الدولة حمايتها».
وتندرج هذه الخطوة في سياق تثبت منظومة «حزب الله» وسطوته على الدولة، وفق تعبير الخبير العسكري والاستراتيجي العميد الركن خالد حمادة مدير «المنتدى الإقليمي للاستشارات والدراسات»، الذي اعتبر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن هذا النشاط «يندرج في سياق تطوير البنية العسكرية لـ({حزب الله) ويُسهِم بعزل جمهور الحزب عن الدولة، ويكرس الهيمنة على المناطق الواقعة تحت سيطرته كقوة أمر واقع».
ورأى حمادة أن هذا الأمر «يمكّن الحزب من تأسيس شبكات وسنترالات للاتصالات، تضاف إلى منظومته الاقتصادية الموازية لمنظومة الدولة، والتي تهيمن على قطاعات اقتصادية كثيرة أصبحت بالعرف مرتبطة به بالإضافة إلى سيطرته على المعابر البرية بين سوريا ولبنان، مما يسمح له بتجاوز كل العقوبات المالية المفروضة عليه».
وليس بعيداً عن هذه القراءة، رأى مدير «مركز أمم للتوثيق» لقمان سليم، أن الحزب «ماضٍ بسياسة خنق الدولة اللبنانية»، وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «ما يجري الآن في الرميلة ليس إلا عينة منظورة، عن شبكات واسعة غير منظورة يمددها (حزب الله) في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية، حيث نفوذه المطلق»، مبدياً أسفه لأن «أجهزة الدولة تسكت عن تعديات الحزب، وتصبح بالتالي شريكاً فيها، وهذا يعطي ذريعة للعدو الإسرائيلي، الذي يقول لا تمييز بين الدولة اللبنانية وحزب الله في أي حرب مقبلة».
وكانت الحكومة اللبنانية اتخذت قراراً في الخامس من مايو (أيار) 2008، يقضي بوقف شبكة اتصالات «حزب الله» التي يمددها في العاصمة بيروت، لكنّ الحزب رد على القرار الحكومي بعملية عسكرية استهدفت معارضيه في بيروت والجبل في السابع من مايو.
وعن مدى ارتباط تمديد الشبكة بما يحكى عن تحضيرات لحرب مقبلة مع إسرائيل، استبعد العميد خالد حمادة هذا السيناريو، مذكراً بأن «إسرائيل لا ترغب في الحرب طالما أن القرار 1701 يحفظ لها أمنها من خلال قوات (اليونيفيل)، كما أن (حزب الله) لا نيّة له بفتح جبهة الجنوب، بسبب انغماسه في حروب المنطقة، وطالما أن القرار 1701 يجعله متفرغاً لمهمة السيطرة على الدولة»، معتبراً أن الحزب «يسعى لتصبح دويلته هي الدولة، وأن تتحوّل الدولة الشرعية إلى دويلة»، مؤكداً أن «هذه الأنشطة لا تحترم سيادة لبنان، وتثبت أن الحزب وكل محور الممانعة غير معني بسياسة النأي بالنفس، التي لم يلتزم بها سوى الفريق السيادي، أي رئيس الحكومة سعد الحريري وفريقه».
أما لقمان سليم فرأى أن «حزب الله يحاول وضع لبنان في حالة استعداد وإعداد دائمة لحرب مقبلة، عنوانها وضع اليد على البلد»، لافتاً إلى أن «شبكة اتصالاته في الـ2008، أعطته ذريعة لاجتياح بيروت والسيطرة عليها، والآن يحاول خنق لبنان بشبكات أخرى وإحكام السيطرة المطلقة عليه، وهذه المرّة على مرأى من الدولة التي لا تحرّك ساكناً».
وكان حزب «الكتائب اللبنانية» أكد في بيان أنّ «مد شبكة اتصالات تابعة لـ(حزب الله) في بلدة الرميلة، هو اعتداء موصوف على سيادة الدولة ويشكل خطراً أمنياً على الأهالي»، لافتاً إلى أنّه «يتابع بقلق بعض المعلومات المتواترة من فاعليات المنطقة عن تغطية بعض الوزارات لهذه الأعمال المشبوهة».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.