تونس تعلق آمالها على محافظ {المركزي} الجديد لإنقاذ العملة المتدهورة

العياري أعلن استقالته {لفتح المجال أمام جيل جديد}

محافظ {المركزي} التونسي الجديد مروان العباسي لدى حضوره إحدى جلسات البرلمان بعد تنصيبه (إ.ب.أ)
محافظ {المركزي} التونسي الجديد مروان العباسي لدى حضوره إحدى جلسات البرلمان بعد تنصيبه (إ.ب.أ)
TT

تونس تعلق آمالها على محافظ {المركزي} الجديد لإنقاذ العملة المتدهورة

محافظ {المركزي} التونسي الجديد مروان العباسي لدى حضوره إحدى جلسات البرلمان بعد تنصيبه (إ.ب.أ)
محافظ {المركزي} التونسي الجديد مروان العباسي لدى حضوره إحدى جلسات البرلمان بعد تنصيبه (إ.ب.أ)

أعلن محافظ البنك المركزي التونسي، الشاذلي العياري، مساء أول من أمس، استقالته من منصبه، وقال وهو يقف إلى جانب رئيس الحكومة التونسية، يوسف الشاهد، بحسب لقطات بثها التلفزيون الوطني، إنه قدم استقالته «قاصداً فتح المجال أمام جيل آخر من المحافظين».
وعبّر رئيس الحكومة التونسية، من جهته، عن تقديره «للدور الذي اضطلع به الشاذلي العياري» في خدمة الاقتصاد التونسي.
واقترحت الحكومة، بدلاً من العياري، مروان العباسي، وهو دكتور في الاقتصاد يشغل حالياً وظيفة ممثل البنك الدولي في ليبيا.
وتأتي استقالة العياري عشية جلسة عامة يعقدها البرلمان من أجل المصادقة على تعيين العباسي محافظاً جديداً للبنك المركزي.
وكان يفترض أن تنتهي ولاية العياري (84 عاماً) في يوليو (تموز) 2018، بعد أن أمضى 6 سنوات في منصبه.
ويأتي إعفاء العياري في ظل وضع متدهور للنقد الأجنبي في البلاد، حيث أظهرت البيانات الرسمية هبوط احتياطيات تونس من العملة الأجنبية إلى مستويات تغطي الواردات لنحو 84 يوماً فقط، وهو أدنى مستوى لها في 15 عاماً. كما يرحل العياري بعد إدراج تونس من قبل الاتحاد الأوروبي ضمن القائمة السوداء للدول الأكثر عرضة لتبييض الأموال وتمويل الإرهاب.
ودافع العياري عن موقفه في جلسة برلمانية عقدتها لجنة المالية والتخطيط والتنمية بالبرلمان التونسي، وقدم أمام أعضاء اللجنة حججاً وبراهين تؤكد على سلامة موقفه قبل الجلسة المرتقبة لإعفائه من منصبه.
وبشأن إقدام الاتحاد الأوروبي على تصنيف تونس ضمن قائمتين سوداوين للمرة الثانية على التوالي، قال العياري إن كثيراً من نواب البرلمان الأوروبي لم يوافقوا على هذا التصنيف، وأشار إلى وجود رسائل تنديد بما اعتبروه «تدخلاً عنيفاً واعتباطياً من قبل زملائهم في تقييم تونس».
لكن العياري كان يؤكد في حديثه للبرلمان: «لن أبقى في المنصب، حتى لو صوّت نواب المجلس لبقائي... ما حصل إهانة كبرى»، مضيفاً: «أشعر بمرارة، لست أنا وحدي من يشعر بهذا، كل موظفي البنك المركزي كذلك. اشتغلت طيلة 5 سنوات دون أن أنال يوماً واحداً عطلة»، بحسب ما نقلته عنه وكالة «رويترز».
ووفق متابعين للوضع الاقتصادي في تونس، فإن هذا التغيير أملته مجموعة من المؤشرات الاقتصادية السلبية التي عرفها الاقتصاد التونسي خلال السنوات الأخيرة التي شهدت عجزاً قياسياً على مستوى الميزان التجاري، وانهياراً غير مسبوق لقيمة الدينار التونسي (العملة المحلية) أمام العملات الأجنبية.
وتعاني تونس من تصاعد معدلات التضخم منذ العام الماضي، حيث ارتفع المؤشر من 4.6 في المائة خلال شهر يناير (كانون الثاني) 2017 إلى 5 في المائة في شهر أبريل (نيسان)، تبعه استقرار عند 4.8 في المائة خلال شهري يونيو (حزيران) ويوليو، ثم ارتفع من جديد ليسجل مستوى 6.3 في المائة خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، و6.9 في المائة في يناير 2018، الذي تؤكد منظمات مالية دولية أنه أعلى مستوى للمؤشر منذ 2011.
وعرف حجم العجز المسجل على مستوى الميزان التجاري التونسي خلال السنة الماضية أرقاماً قياسية، وبلغ بنهاية العام الماضي نحو 15.592 مليار دينار تونسي (نحو 6.236 مليار دولار)، وهو ما يتطلب قرارات عاجلة للسيطرة عليه.
ووفق خبراء تونسيين في مجالي الاقتصاد والمالية، سيواجه محافظ البنك المركزي الجديد عدداً من المصاعب الاقتصادية والمؤشرات السلبية التي تتطلب حلولاً عاجلة لن يوفرها محافظ البنك الجديد وحده، بل إن هناك حاجة إلى عملية إنقاذ اقتصادي، وعودة محركات الإنتاج إلى الدوران، وتوفير مناخ للاستثمار المحلي والأجنبي.
ومن المقرر أن تطرح تونس في مارس (آذار)، سندات بقيمة مليار دولار في السوق الأميركية، بحسب ما أفاد به زياد المولهي، المتحدث باسم البنك المركزي.
ومروان العباسي، المرشح الجديد لتولي منصب محافظ البنك المركزي التونسي، خبير اقتصادي لدى البنك الدولي مكلف بالملف الليبي، ويحمل عدداً من الشهادات الجامعية العليا من جامعات فرنسية، على غرار شهادة الدكتوراه في علوم الاقتصاد من جامعة باريس الأولى، ودرجة الماجستير في الرياضيات الاقتصادية والاقتصاد المتري من جامعة باريس الثانية، ودرجة الماجستير في الاقتصاد الزراعي من جامعة باريس الأولى.
وعمل العباسي سنة 1997 مستشاراً لدى المعهد العربي لرؤساء المؤسسات، ومقره في تونس، وخبيراً بالمعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية، ومستشاراً اقتصادياً في مجالات التجارة والسياحة والحرف اليدوية لتنسيق مشروعات تنمية الصادرات التي يمولها البنك الدولي.



الأمم المتحدة تتوقع نمواً اقتصادياً عالمياً ضعيفاً في 2025

جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
TT

الأمم المتحدة تتوقع نمواً اقتصادياً عالمياً ضعيفاً في 2025

جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)

قالت الأمم المتحدة، في وقت متأخر، يوم الخميس، إن الاقتصاد العالمي قاوم الضربات التي تعرَّض لها بسبب الصراعات والتضخم، العام الماضي، وإنه من المتوقع أن ينمو بنسبة ضعيفة تبلغ 2.8 في المائة في 2025.

وفي تقرير «الوضع الاقتصادي العالمي وآفاقه (2025)»، كتب خبراء اقتصاد الأمم المتحدة أن توقعاتهم الإيجابية كانت مدفوعة بتوقعات النمو القوية، وإن كانت بطيئة للصين والولايات المتحدة، والأداء القوي المتوقع للهند وإندونيسيا. ومن المتوقَّع أن يشهد الاتحاد الأوروبي واليابان والمملكة المتحدة انتعاشاً متواضعاً، كما يقول التقرير.

وقال شانتانو موخيرجي، رئيس فرع مراقبة الاقتصاد العالمي في قسم التحليل الاقتصادي والسياسات في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة: «نحن في فترة من النمو المستقر والضعيف. قد يبدو هذا أشبه بما كنا نقوله، العام الماضي، ولكن إذا دققنا النظر في الأمور، فستجد أن الأمور تسير على ما يرام».

ويقول التقرير إن الاقتصاد الأميركي تفوق على التوقعات، العام الماضي، بفضل إنفاق المستهلكين والقطاع العام، لكن من المتوقَّع أن يتباطأ النمو من 2.8 في المائة إلى 1.9 في المائة هذا العام.

ويشير التقرير إلى أن الصين تتوقع تباطؤ نموها القوي قليلاً من 4.9 في المائة في عام 2024 إلى 4.8 في المائة في عام 2025، وذلك بسبب انخفاض الاستهلاك وضعف قطاع العقارات الذي فشل في تعويض الاستثمار العام وقوة الصادرات. وهذا يجبر الحكومة على سن سياسات لدعم أسواق العقارات ومكافحة ديون الحكومات المحلية وتعزيز الطلب. ويشير التقرير إلى أن «تقلص عدد سكان الصين وارتفاع التوترات التجارية والتكنولوجية، إذا لم تتم معالجته، قد يقوض آفاق النمو في الأمد المتوسط».

وتوقعت الأمم المتحدة، في يناير (كانون الثاني) الماضي، أن يبلغ النمو الاقتصادي العالمي 2.4 في المائة في عام 2024. وقالت، يوم الخميس، إن المعدل كان من المقدَّر أن يصبح أعلى، عند 2.8 في المائة، ويظل كلا الرقمين أقل من معدل 3 في المائة الذي شهده العالم قبل بدء جائحة «كوفيد - 19»، في عام 2020.

ومن المرتقب أن ينتعش النمو الأوروبي هذا العام تدريجياً، بعد أداء أضعف من المتوقع في عام 2024. ومن المتوقَّع أن تنتعش اليابان من فترات الركود والركود شبه الكامل. ومن المتوقَّع أن تقود الهند توقعات قوية لجنوب آسيا، مع توقع نمو إقليمي بنسبة 5.7 في المائة في عام 2025، و6 في المائة في عام 2026. ويشير التقرير إلى أن توقعات النمو في الهند بنسبة 6.6 في المائة لعام 2025، مدعومة بنمو قوي في الاستهلاك الخاص والاستثمار.

ويقول التقرير: «كان الحدّ من الفقر العالمي على مدى السنوات الثلاثين الماضية مدفوعاً بالأداء الاقتصادي القوي. وكان هذا صحيحاً بشكل خاص في آسيا؛ حيث سمح النمو الاقتصادي السريع والتحول الهيكلي لدول، مثل الصين والهند وإندونيسيا، بتحقيق تخفيف للفقر غير مسبوق من حيث الحجم والنطاق».

وقال لي جون هوا، مدير قسم التحليل الاقتصادي والسياسات في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية: «لقد تجنَّب الاقتصاد العالمي إلى حد كبير الانكماش واسع النطاق، على الرغم من الصدمات غير المسبوقة في السنوات القليلة الماضية، وأطول فترة من التشديد النقدي في التاريخ». ومع ذلك، حذر من أن «التعافي لا يزال مدفوعاً في المقام الأول بعدد قليل من الاقتصادات الكبيرة».