وسط الدمار في حلب... الأطفال يتعلمون القدود الحلبية وينشدون للحياة

طفل يعزف على العود في معهد الكورال الوطني بمدينة حلب السورية (رويترز)
طفل يعزف على العود في معهد الكورال الوطني بمدينة حلب السورية (رويترز)
TT

وسط الدمار في حلب... الأطفال يتعلمون القدود الحلبية وينشدون للحياة

طفل يعزف على العود في معهد الكورال الوطني بمدينة حلب السورية (رويترز)
طفل يعزف على العود في معهد الكورال الوطني بمدينة حلب السورية (رويترز)

عزفت الحرب السورية لحن الموت والدمار على مدى سبعة أعوام، لكنها لم تقو على تغيير السلم الموسيقي لأهالي حلب في شمال سوريا، فظلت أجيالهم الصاعدة تشدو بصوت ضارب في عمق التاريخ على وتر «القدود الحلبية».
وتأخذ المدارس والمعاهد الموسيقية التي تعلم هذا النوع من الغناء والإنشاد دورها على طريق إعادة الإعمار في حلب حيث تنتشر المعاهد ذات الصلة وتشهد إقبالا يفوق زمن السلم.
والقدود الحلبية من الفنون الموسيقية السورية العربية الأصيلة التي اشتهرت بها مدينة حلب منذ القدم وهي عبارة عن منظومات غنائية بنيت على قد أي على قدر أغنية شائعة.
وفي مبارزة لا تنقطع معها الأنفاس، يقف طلاب لم تتجاوز أعمارهم عمر الحرب في سوريا لتحدي بعضهم البعض وإثبات قدرتهم على أداء العُرب الفنية الصعبة من الموشحات والقدود والأغاني الشعبية والمواويل والثنائيات.
والعُرب هي الحليات والزخارف التي تصاحب اللحن أو الغناء بالاستعانة ببعض النغمات خارج حيز المقام.
وينتشر هذا النوع من الفنون في حلب المدينة التي لم تنقطع عن استقطاب التلاميذ من مختلف الأعمار حتى في زمن ارتفاع إيقاع الحرب واشتداد وتيرته وتغلبه على ما تبقى من أوتار فنية.
وفي زاوية من معهد الكورال الوطني في مدينة حلب، يقف أحمد قداح مدرب التلاميذ مستذكرا ابنه الذي قتل في الحرب، فيراه في صورة شباب يطمحون إلى الحياة على نغم آخر.
يقول قداح لـ«رويترز» إن لديه من 30 إلى 50 طالبا بينهم طلاب مدارس وجامعات انضموا إلى المعهد تلبية لإحساسهم ومنعا لاندثار هذا الفن الشعبي.
ويضيف: «أدرب موشحات وقدودا وأغاني إفرادية (فردية) وثنائيات. عندنا الكثير من الأمور الحلوة في تراثنا القديم لنقدمه. ليس لدي أعمار محددة، عندي صوت جميل يمكن أن أستقطبه وإذا عندي صوت برعم يمكن أن أنميه لأن هذا التراث يستحيل أن يندثر».
ويتابع: «كان علينا حرب كونية وكانت تسقط علينا القذائف ورغم ذلك لم يكن الطلاب يتأخرون عن التمرينات كانوا يأتون بكثرة لكي يتعلموا تراثنا لكي لا يختفي... عندي نجوم انطلقوا من هذا الكورال».
ويؤكد قداح أنه يفتخر بأن أولاده يتعلمون منه ومن غيره لكي يحافظوا على هذا التراث ويورثوه للأجيال المقبلة.
فابنه أيهم، البالغ من العمر نحو عشر سنوات، أدى بشغف أمام فريق «رويترز» أغنية (قدك المياس). وقال: «أنا أدرس لأصبح فنانا في المستقبل وأنشر القدود كلها على دول العالم كلها».
وأفادت وحيدة المدربة التي كانت تشرف على تنظيم صفوف الأطفال «بالنسبة لنا نحن نعمل على الأطفال لكي نزرع الموسيقى والتراث في روحهم».
ومن القدود الحلبية الشهيرة (يا مال الشام) و(قدك المياس) و(تحت هودجها) وهي الأغاني التي اشتهر بها المطرب السوري صباح فخري والذي انتشرت معاهده في مدينته حلب حيث انطلاقته.
وسار الكثير من المطربين في سوريا على نهج صباح فخري صاحب الصوت الفريد الذي دخل موسوعة جينيس للأرقام القياسية بعد أن استمر في الغناء لمدة عشر ساعات متواصلة في حفل بمدينة كاراكاس الفنزويلية.



رحيل الإعلامية ليلى رستم يذكّر ببدايات التلفزيون المصري

الإعلامية المصرية ليلى رستم من جيل الرواد بالتلفزيون المصري (منصة إكس)
الإعلامية المصرية ليلى رستم من جيل الرواد بالتلفزيون المصري (منصة إكس)
TT

رحيل الإعلامية ليلى رستم يذكّر ببدايات التلفزيون المصري

الإعلامية المصرية ليلى رستم من جيل الرواد بالتلفزيون المصري (منصة إكس)
الإعلامية المصرية ليلى رستم من جيل الرواد بالتلفزيون المصري (منصة إكس)

رحلت الإعلامية المصرية ليلى رستم، الخميس، عن عمر يناهز 88 عاماً، بعد تاريخ حافل في المجال الإعلامي، يذكّر ببدايات التلفزيون المصري في ستينات القرن العشرين، وكانت من أوائل المذيعات به، وقدمت برامج استضافت خلالها رموز المجتمع ومشاهيره، خصوصاً في برنامجها «نجمك المفضل».

ونعت الهيئة الوطنية للإعلام، برئاسة الكاتب أحمد المسلماني، الإعلامية القديرة ليلى رستم، وذكرت في بيان أن الراحلة «من الرعيل الأول للإعلاميين الذين قدموا إعلاماً مهنياً صادقاً متميزاً وأسهموا في تشكيل ثقافة ووعي المشاهد المصري والعربي، حيث قدمت عدداً من البرامج التي حظيت بمشاهدة عالية وشهرة واسعة».

والتحقت ليلى بالتلفزيون المصري في بداياته عام 1960، وهي ابنة المهندس عبد الحميد بك رستم، شقيق الفنان زكي رستم، وعملت مذيعةَ ربط، كما قدمت النشرة الفرنسية وعدداً من البرامج المهمة على مدى مشوارها الإعلامي، وفق بيان الهيئة.

ليلى رستم اشتهرت بمحاورة نجوم الفن والثقافة عبر برامجها (ماسبيرو زمان)

وتصدر خبر رحيل الإعلامية المصرية «التريند» على منصتي «غوغل» و«إكس» بمصر، الخميس، ونعاها عدد من الشخصيات العامة، والعاملين بمجال الإعلام والسينما والفن، من بينهم الإعلامي اللبناني نيشان الذي وصفها على صفحته بمنصة «إكس» بأنها «كسرت طوق الكلاسيكية في الحوار ورفعت سقف الاحترام والمهنية».

كما نعاها المخرج المصري مجدي أحمد علي، وكتب على صفحته بموقع «فيسبوك» أن المذيعة الراحلة «أهم مذيعة رأتها مصر في زمن الرواد... ثقافة ورقة وحضوراً يفوق أحياناً حضور ضيوفها».

واشتهرت ليلى رستم بلقب «صائدة المشاهير»؛ نظراً لإجرائها مقابلات مع كبار الشخصيات المؤثرة في مصر والعالم؛ مما جعلها واحدة من أعلام الإعلام العربي في تلك الحقبة، وقدّمت 3 من أبرز برامج التلفزيون المصري، وهي «الغرفة المضيئة»، «عشرين سؤال»، و«نجمك المفضل»، بالإضافة إلى نشرات إخبارية ضمن برنامج «نافذة على العالم»، وفق نعي لها نشره الناقد الفني المصري محمد رفعت على «فيسبوك».

الإعلامية المصرية الراحلة ليلى رستم (إكس)

ونعاها الناقد الفني المصري طارق الشناوي وكتب عبر صفحته بـ«فيسبوك»: «ودّعتنا الإعلامية القديرة ليلى رستم، كانت أستاذة لا مثيل لها في حضورها وثقافتها وشياكتها، جمعت بين جمال العقل وجمال الملامح»، معرباً عن تمنيه أن تقدم المهرجانات التلفزيونية جائزة تحمل اسمها.

ويُعدّ برنامج «نجمك المفضل» من أشهر أعمال الإعلامية الراحلة، حيث استضافت خلاله أكثر من 150 شخصية من كبار الأدباء والكتاب والصحفيين والفنانين، من بينهم طه حسين، وعبد الحليم حافظ، وأحمد رمزي، وفاتن حمامة وتوفيق الحكيم، كما أجرت مقابلة شهيرة مع الملاكم الأميركي محمد علي كلاي.

وأبرزت بعض التعليقات على «السوشيال ميديا» حوار الإعلامية الراحلة مع كلاي.

وعدّ رئيس تحرير موقع «إعلام دوت كوم» محمد عبد الرحمن، رحيل ليلى رستم «خسارة كبيرة» وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الإعلامية الراحلة كانت تنتمي إلى جيل المؤسسين للتلفزيون المصري، وهو الجيل الذي لم يكن يحتاج إلى إعداد أو دعم، لكن دائماً ما كان قادراً على محاورة العلماء والمفكرين والفنانين بجدارة واقتدار»، موضحاً أن «القيمة الكبيرة التي يمثلها هذا الجيل هي ما جعلت برامجهم تعيش حتى الآن ويعاد بثها على قنوات مثل (ماسبيرو زمان) ومنصة (يوتيوب) وغيرهما، فقد كانت الإعلامية الراحلة تدير حواراً راقياً يحصل خلاله الضيف على فرصته كاملة، ويبرز الحوار حجم الثقافة والرقي للمذيعين في هذه الفترة».

بدأ أول بث للتلفزيون المصري في 21 يوليو (تموز) عام 1960، وهو الأول في أفريقيا والشرق الأوسط، واحتفل بعدها بيومين بعيد «ثورة 23 يوليو»، وبدأ بقناة واحدة، ثم قناتين، ثم قنوات متعددة تلبي احتياجات شرائح مختلفة من المجتمع، ومع الوقت تطور التلفزيون المصري ليصبح قوة للترفيه والمعلومات، وفق الهيئة العامة للاستعلامات.

وشهدت بدايات التلفزيون ظهور إعلاميين مثَّلوا علامة بارزة فيما بعد في العمل التلفزيوني مثل أماني ناشد، وسلوى حجازي، وصلاح زكي وأحمد سمير، وكانت ليلى رستم آخر من تبقى من جيل الروَّاد المؤسسين.