رفع «حزب العمال» الجزائري (يسار) المعارض مبادرة سياسية للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، في شكل «لائحة» تطلب منه تعويض البرلمان بـ«مجلس تأسيسي» يعيد النظر في كامل المنظومة المؤسساتية، التي أقامتها السلطة خلال الـ20 سنة الماضية.
وعرضت المبادرة زعيمة الحزب ومرشحة انتخابات الرئاسة سابقاً لويزة حنون، خلال مؤتمر صحافي بالعاصمة، وقالت إنها ستوزع نسخاً منها على عامة الناس بهدف الانخراط فيها. وناشدت الوثيقة، التي جاءت في شكل مطالب «عاجلة»، الرئيس بتنظيم انتخاب «مجلس تأسيسي يفضي إلى قواعد سياسية جديدة ونظام مؤسساتي مغاير، أي آليات حكم حديثة تنقذ الدولة الجزائرية من الانهيار».
وبحسب حنون، فإن «المجلس التأسيسي» يكلف بإيجاد آلية «لإخراج البلاد من الانكماش الاقتصادي عن طريق وقف العمل بسياسة التقشف، التي تسحق أغلبية الشعب»، في إشارة إلى فرض ضرائب جديدة، ورفع أسعار كثير من المواد والمنتجات ذات الاستهلاك الواسع، بسبب شح الموارد المالية بسبب انخفاض أسعار النفط.
ومما حملته المبادرة أيضاً «رفع الأجور والمعاشات تماشياً مع غلاء المعيشة»، و«إنقاذ المستشفيات والجامعات من التحطم»، في إشارة إلى الجدل الحاد الذي تعيشه البلاد حالياً حول تدني مستوى الخدمات الصحية داخل المستشفيات والمصحات الحكومية، ومستوى التدريس «الهزيل» بالجامعات التي تتبع للحكومة أيضاً (لا وجود لجامعات خاصة). كما تقترح المبادرة «إنقاذ الشبان الذين يدفع بهم اليأس إلى الهجرة السرية، من خلال التكفل بانشغالاتهم الاجتماعية». ويأتي هذا المطلب في سياق تداول صور مهاجرين سريين، لفظتهم شواطئ الجزائر جثثاً هامدة، بعد فترة قصيرة من ركوبهم قوارب تقليدية باتجاه سواحل إيطاليا وإسبانيا.
وجاء في المبادرة «سيادة الرئيس، أعطوا الكلمة للشعب كي يقوم بنفسه بتحديد شكل ومضمون المؤسسات التي يحتاج إليها، كي يمارس سيادته كاملة. هو يريد مؤسسات ذات مصداقية فعلاً، قادرة على إعداد سياسات مطابقة للديمقراطية بمحتواها الاجتماعي والاقتصادي والسياسي».
وأضافت الوثيقة: «إن ما يزيد من قلقنا هو حالة الاحتقان التي تسود المجتمع والفقر الذي يزحف على فئات واسعة، بسبب انحدار القدرة الشرائية، وانعدام آفاق التشغيل لأغلبية شبابنا، وبخاصة حاملو الشهادات العلمية».
وجاءت هذه المطالب في سياق حالة احتقان شديدة، سببها نزاع حاد بين نقابات التعليم والأطباء تشن حالياً إضراباً شاملاً، علماً بأن «المجلس التأسيسي» سبق أن طالبت به «جبهة القوى الاشتراكية»، أقدم حزب معارض في البلاد. لكن الشائع هو أن نظام الحكم يتعامل بحساسية شديدة مع هذه الأفكار؛ لأنها تلقي الشك حول شرعيته.
فالرئيس بوتفليقة يرى أن انتخابه عام 2014 لولاية رابعة منحه شرعية، وأن من يرى غير ذلك عليه أن ينتظر الموعد الانتخابي المرتقب عام 2019، ليطرح نفسه بديلاً في الحكم. وعقد نحو 30 حزباً وشخصية سياسية من المعارضة في صيف 2014 تجمعاً كبيراً، انتهى بإعداد «أرضية» سميت «حريات وانتقال ديمقراطي».
وتضمن المسعى تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة، تشرف عليها شخصيات مشهود لها بنظافة اليد، ولم يسبق لها أن مارست مسؤوليات حكومية. لكن الرئيس بوتفليقة رفض هذه المبادرة؛ لأنها «تزرع الشك في شرعيته بصفته رئيساً انتخبه الشعب». في حين شن الإعلام الحكومي والخاص، الموالي للرئيس، حملة كبيرة على أصحاب المبادرة. وترى الأحزاب التي تدعم سياسات الرئيس، وفي مقدمتها «جبهة التحرير الوطني» (أغلبية)، أن استمرار الرئيس في الحكم «ضمانة للاستقرار في محيط إقليمي مليء بالأهوال»، وأن رحيله عن الحكم يهدد، حسبها، بحدوث سيناريوهات كارثية شبيهة بما يجري في الجارة ليبيا وفي اليمن وسوريا.
وقد جاء نجاح تجربة التغيير في تونس ليضع رافضي التغيير بالجزائر في حرج كبير، فهم يذكرون دائماً بسلبية الأوضاع السياسية في مصر وسوريا مثلاً، ويتحاشون التعاطي مع المسار السياسي الهادئ الذي تعرفه الجارة الشرقية.
الجزائر: المعارضة تطالب بمجلس تأسيسي {يعيد السيادة للشعب}
الجزائر: المعارضة تطالب بمجلس تأسيسي {يعيد السيادة للشعب}
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة