دي ميستورا يطالب موسكو بإلزام دمشق بقرارات «سوتشي»

TT

دي ميستورا يطالب موسكو بإلزام دمشق بقرارات «سوتشي»

حَضّ المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي ميستورا أمس الأربعاء روسيا على الالتزام بتعهداتها فيما يتعلق بتنفيذ البيان النهائي لمؤتمر الحوار السوري في «سوتشي»، وخصوصاً استخدام نفوذها على الرئيس بشار الأسد في شأن تأليف اللجنة الدستورية والشروع في العملية السياسية لإنهاء الحرب في البلاد.
ونبهت المندوبة الأميركية نيكي هيلي أن ما تقوم به إيران يهدد بإشعال حرب جديدة. وحذر مندوبون آخرون من احتمال حصول «مواجهة إقليمية ودولية كبرى» في المنطقة.
وكان دي ميستورا يقدم إحاطة إلى أعضاء مجلس الأمن في نيويورك، إذ قال إن هناك «سلسلة من عمليات التصعيد الخطيرة والمقلقة»، محذراً أيضاً من أن «الحرب تتسع أيضاً إلى خارج حدود سوريا».
وأشار إلى العملية العسكرية التركية وتبادل إطلاق النار بين القوات التركية والسورية، والتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة والقوات الموالية للنظام السوري، فضلاً عن إسقاط طائرات تركية وروسية ودخول طائرة «درون» إيرانية إلى الأجواء الإسرائيلية وغارات للطائرات الإسرائيلية في الأراضي السورية عبر الأجواء اللبنانية وإسقاط طائرة إسرائيلية، ورد إسرائيل باستهداف مواقع سوريا وإيرانية. وتساءل عن تأثير ذلك على «استدامة إجراءات (آستانة) لخفض التصعيد وتهديد الاستقرار الإقليمي الأوسع».
وحض كل الأطراف في سوريا والمنطقة وأبعد على خفض التصعيد فوراً ومن دون شروط. وخلافاً لما أعلنته الحكومة السورية، أكد أنه مخوَّل وفقاً للقرار 2254 والبيان الختامي في «سوتشي» الاهتمام والعناية بتشكيلة اللجنة الدستورية السورية.
ورأت المندوبة الأميركية أن هناك «أخطاراً شديدة على أمن المنطقة بأسرها»، وإذ أشارت إلى «إطلاق الميليشيات المدعومة من إيران» لطائرة «درون» نحو إسرائيل، مؤكدة أن «هذه مخاطرة من إيران بإشعال حرب»، ومعتبرة أن «إسرائيل مارست حق الدفاع عن النفس». وأعلنت أن «الولايات المتحدة ستقف دائماً مع حليفتنا عندما تواجه استفزازات من إيران أو حزب الله أو نظام الأسد». وذكرت أيضاً بما حصل الأسبوع الماضي، حين شنت القوات الموالية للنظام «هجوماً غير مبرر» ضد «قوات سوريا الديمقراطية ومستشارين من التحالف ضد تنظيم (داعش)»، مضيفة أن «التحالف مارس حق الدفاع عن النفس لصد الهجوم، وستحتفظ الولايات المتحدة دائماً بحق التصرف دفاعاً عن النفس».
وشددت على أن دي ميستورا له «السلطة الكاملة» لتشكيل اللجنة الدستورية، وفقاً لما نص عليه البيان الختامي في «سوتشي»، داعية روسيا إلى إلزام النظام بـ«السعي إلى سلام حقيقي».
ورد نظيرها الروسي فاسيلي نيبينزيا قائلاً إنه «قلق من عدم احترام بعض اللاعبين الدوليين والإقليميين السيادة السورية»، مضيفاً أن «ذلك لا يُسهِم في تطبيع الوضع في سوريا وفي المنطقة بأسرها»، بل إنه «يؤجج الحرب ولا يوصل إلى تسوية سياسية». واعتبر أن «القرارات بشأن كل المواضيع المتعلقة بهيكلية الدولة في سوريا، بما في ذلك السلة الدستورية، ينبغي أن تكون مقبولة من السوريين أنفسهم من دون أي تدخل خارجي ومن دون مبادئ ومشاريع تكتب لهم».
وقال المندوب الفرنسي الدائم لدى الأمم المتحدة فرنسوا دولاتر: «ما يتدهور يوماً بعد يوم ليس فقط الوضع الإنساني في البلاد... خصوصاً في الغوطة الشرقية وإدلب، بل أيضاً أن يؤخذ على محمل الجد احتمال توسع النزاع وحصول مواجهة إقليمية ودولية كبرى».
وكذلك حذر نائب المندوب السويدي كارل سكاو من «خطر حصول تصعيد إقليمي» بسبب الحرب السورية، داعياً كل الأطراف في المنطقة إلى احترام القانون الدولي وممارسة ضبط النفس لتجنب المزيد من التصعيد.
وفي ختام الجلسة العلنية، رأى المندوب السوري بشار الجعفري أن بيان «سوتشي» لا يعطي دي ميستورا حق التدخل في تشكيل اللجنة الدستورية.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.