مصر تبيع سندات دولية بأربعة مليارات دولار بعد خسائر عنيفة للبورصات

أعلنت وزارة المالية المصرية، أمس، عن أنها أتمت طرح سندات دولية (يورو بوندز) بقيمة 4 مليارات دولار، وتلقت طلبات شراء تخطت 12 مليار دولار خلال الساعات الأولى من الإعلان عن الطرح.
وأوضحت الوزارة في بيان صحافي، عن أن السندات التي تم طرحها بثلاثة آجال (5 و10 و30 عاما) كانت «بأسعار عائد جيدة» بفضل طلبات الشراء القوية، والتي لم يحد منها «تقلبات أسواق المال العالمية في الآونة الأخيرة».
وكانت الأسهم الأميركية قد شهدت تقلبات عنيفة خلال الأسبوع الماضي، مع استمرار المنافسة الشديدة بين الأسهم وعوائد السندات، وهو ما انعكس بقوة على الأسواق العالمية؛ لكنها عادت وسجلت مكاسب حادة بنهاية الأسبوع، وصعدت أول من أمس لثالث جلسة على التوالي.
وأشار بيان وزارة المالية المصرية، إلى أن نجاح الطرح المصري يأتي في وقت «ارتفاع العوائد على سندات الخزانة الأميركية، لتصل إلى أعلى مستوى لها منذ 4 سنوات».
وبلغت قيمة السندات المطروحة لآجال 5 سنوات 1.25 مليار دولار، ووصل عائدها السنوي إلى 5.58 في المائة، والسندات بآجال 10 سنوات كانت بقيمة 1.25 مليار دولار، وبعائد سنوي قدره 6.59 في المائة، وأجل 30 عاما بقيمة 1.5 مليار دولار، وبعائد سنوي قدره 7.9 في المائة.
ونقلت وكالة «رويترز» عن المحلل المصري، نعمان خالد، قوله إن «تراجع العائد على السندات المصرية بين ما طرح الليلة الماضية وبين يناير (كانون الثاني) 2017، مقارنة مع السندات الأميركية المماثلة يؤكد على تحسن رؤية المستثمرين للاقتصاد المصري وانخفاض معدل المخاطرة».
وكانت مصر، بعد إبرامها اتفاق قرض مع صندوق النقد الدولي في 2016، طرحت سندات دولارية في يناير 2017، بقيمة أربعة مليارات دولار على ثلاث شرائح.
فيما اعتبرت وكالة «بلومبيرغ» في تقرير أمس، أن مصر حريصة على تخفيض تكاليف اقتراضها عبر التعامل مع المستثمرين الأجانب، في ظل العائد على أوراق الدين المحلي الذي يصل لثلاثة أضعاف تقريباً ما تدفعه للسندات الدولية في حالة الأوراق ذات أجل خمس سنوات.
وتوقع تقرير صادر عن إدارة البحوث بشركة «إتش سي» للأوراق المالية والاستثمار، أن تقوم لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري بخفض أسعار الفائدة بقيمة 100 نقطة أساس، في اجتماعها المقرر اليوم الخميس، مرجعة الأسباب إلى قوة نتائج الوضع الخارجي، وارتفاع حيازة الأجانب لأذون الخزانة المحلية، بنحو مليار دولار أميركي منذ بداية العام، رغم هبوط عائدات أذون الخزانة أجل السنة بمقدار 200 نقطة أساس.
وقال وزير المالية المصري، عمرو الجارحي، لـ«بلومبيرغ»، إن بلاده كان يمكن أن تبيع السندات بعائد أقل عن آخر طرح من هذا النوع، بالنظر إلى تحسن وضع المخاطر في البلاد، ولكن ارتفاع العائد على السندات الأميركية حال دون ذلك.
لكن يظل العائد المستحق على السندات المصدرة مؤخراً يقل عن العائد المدفوع من قبل بعض الدول الناشئة الأخرى على إصدارتها من السندات الدولية، وذلك على الرغم من تمتعها بتقييم ائتماني أفضل من مصر، وفقا لبيان المالية.
وجذب الطرح ما يزيد عن 550 مستثمر عالمي من جميع الأسواق المستهدفة، وهي أوروبا وأميركا وآسيا والشرق الأوسط، وتلقت المالية طلبات لشراء سندات بأرقام كبيرة تعدت نحو 500 مليون دولار من قبل أحد المستثمرين، كما قالت في بيانها أمس.
وتعتمد مصر على السندات الدولية كأحد المصادر الرئيسية لسد نقص موارد النقد الأجنبي، في ظل هشاشة قطاع السياحة أمام الأزمات الأمنية، وعدم وصول الاستثمارات الأجنبية المباشرة للمعدلات المستهدفة من قبل الحكومة.
وقدرت «بلومبيرغ» أن طرح السندات الدولية الأخير يصل بإجمالي ما باعته مصر من سندات دولية منذ تعويم العملة، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2016، إلى 11 مليار دولار.
وتسعى مصر خلال الأيام المقبلة لاختيار بنوك أوروبية لإدارة طرح جديد للسندات الدولارية تعتزم إتمامه في أبريل (نيسان) المقبل، بحسب ما قاله وزير المالية عمرو الجارحي، في تصريحات هاتفية لـ«بلومبيرغ».
ورغم ما تمثله السندات الدولية من زيادة في أعباء الدين الخارجي للبلاد، فإن الحكومة تحتاج لمصادر التمويل الدولية لتمويل نفقاتها العامة.
وأشارت المالية في بيانها إلى أن إصدار السندات الأخير، بجانب اتفاق مصر مع صندوق النقد الدولي، والإجراءات الأخرى التي اتخذتها الدولة سيسهم في تغطية الفجوة التمويلية للعام المالي الحالي 2017 -2018.
وستوجه الحكومة حصيلة الطرح الأخير للبنك المركزي لدعم الاحتياطيات الدولارية، أما المقابل النقدي بالجنيه المصري فسيوجه لتمويل أنشطة الموازنة العامة، معلقة بأن السندات الدولية «تساعد الحكومة في تنويع مصادر التمويل، بدلاً من الاقتصار على السوق المحلية فقط، وبما يساعد علي خفض التكلفة وإطالة أجل الدين الحكومي».
ووصلت احتياطيات النقد الأجنبي في مصر في نهاية يناير الماضي إلى 38.2 مليار دولار، بينما تجاوزت الديون الخارجية لمصر مستوى 80 مليار دولار خلال الربع الأول من العام المالي 2017 – 2018؛ مقابل 48 مليار دولار في يونيو (حزيران) 2015، الذي بدأت فيه العودة لسوق السندات الدولية لأول مرة منذ ثورة يناير 2011.
وعلى صعيد مصادر التمويل المحلية لنفقات الموازنة، قال نائب وزير المالية المصري، أمس، إن الحصيلة الضريبية التي جمعتها بلاده في النصف الأول من السنة المالية الحالية ارتفعت 61 في المائة، على أساس سنوي.
وأوضح محمد معيط أن إيرادات النصف الأول من السنة المالية الحالية بلغ 248.8 مليار جنيه (14.07 مليار دولار) مقارنة مع 154.6 مليار للنصف الأول من السنة المالية 2016- 2017.
وتفسر بيانات النمو الاقتصادي تحسن الإيرادات الضريبية في 2017 - 2018، حيث أعلنت الحكومة المصرية أمس، عن ارتفاع النمو خلال النصف الأول من العام المالي الحالي إلى 5.2 في المائة؛ مقارنة بـ3.6 في المائة خلال الفترة نفسها من العام السابق، وبلغ معدل النمو خلال الربع الثاني 5.3 في المائة مقارنة بـ3.8 في المائة خلال الربع ذاته من العام الماضي.
وأوضحت وزيرة التخطيط المصرية هالة السعيد، في مؤتمر صحافي عقدته أمس بمقر مجلس الوزراء، أن جميع القطاعات حققت معدلات نمو موجبة، حيث بلغ نمو قطاع الاستخراجات 14 في المائة، والصناعة التحويلية 10 في المائة، والتشييد والبناء 10.7 في المائة، مشيرة إلى أن القطاعات الثلاثة أسهمت بنسبة 60 في المائة من معدل النمو.
وبالنسبة لقناة السويس، خلال النصف الأول من العام زادت السفن العابرة بنسبة 6.4 في المائة، وزاد صافي الحمولة بنسبة 9.5 في المائة، وزادت الإيرادات إلى 2.8 مليار دولار، مقارنة بـ2.5 مليار دولار.
وأشارت إلى أن حجم الاستثمارات العامة خلال الربع الثاني، والتي تشمل استثمارات قطاع الأعمال العام والهيئات الاقتصادية، ارتفعت إلى 95 مليار جنيه، مقارنة بـ51 مليار جنيه.
وقالت هالة السعيد، إن ارتفاع معدل النمو جاء بسبب زيادة صافي التجارة الخارجية بنسبة 1.8 في المائة، وزيادة الاستثمارات بنسبة 1.9 في المائة، وزيادة معدل الاستهلاك بنسبة 1.6 في المائة «ما يوضح استدامة معدلات النمو».