العقارات في السودان الملاذ الآمن لحفظ الأموال رغم سعرها المرتفع

ارتفاع الدولار مقابل الجنيه شجع المواطنين على التخلي عن العملتين

توجه كثير من الأفراد في السودان لشراء العقارات والأراضي والمضاربات نتيجة لقناعة بأنها تحفظ القيمة المالية
توجه كثير من الأفراد في السودان لشراء العقارات والأراضي والمضاربات نتيجة لقناعة بأنها تحفظ القيمة المالية
TT

العقارات في السودان الملاذ الآمن لحفظ الأموال رغم سعرها المرتفع

توجه كثير من الأفراد في السودان لشراء العقارات والأراضي والمضاربات نتيجة لقناعة بأنها تحفظ القيمة المالية
توجه كثير من الأفراد في السودان لشراء العقارات والأراضي والمضاربات نتيجة لقناعة بأنها تحفظ القيمة المالية

رغم عادات وثقافة المستثمرين والمواطنين السودانيين في شراء العقارات لحفظ أموالهم، فإن موجة الشراء زادت هذه الأيام، وأصبح العقار ملاذا آمنا للأموال، في وقت تشهد فيه أسعار العقارات بمدن العاصمة الخرطوم الثلاث، ارتفاعا غير مسبوق، بسبب ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه في السوق الموازية وارتفاع أسعار مواد البناء.
وتسبب ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه وبلوغه مستوى 40 جنيها للدولار بداية منتصف الشهر الماضي، ثم انكماش الفجوة السعرية بين السوق الرسمية والموازية الأسبوع الماضي، حيث بلغ سعره في السوق السوداء 32 جنيها والرسمي داخل بنك السودان المركزي 31.5 جنيه، في عدم رغبة المستثمرين والمواطنين في الاحتفاظ بأي من العملتين، والاستفادة منها في العقارات، وهي الملاذ الآمن لحفظ الأموال كما يعتقد كثير من السودانيين، حيث لا يمر على العقار أو الأرض شهر إلا ويحافظ على سعره أو يزيد محققا أرباحا عالية لصاحبه.
ورغم شروع عدد من المواطنين والمستثمرين والسماسرة في البحث عن فرص عقارية مستفيدين من عدم الرغبة في الاحتفاظ بالعملتين، تشهد أسواق البناء والمقاولات ومشروعات إسكان محدودي الدخل في السودان حاليا، تحديات كبيرة بسبب ارتفاع أسعار مواد البناء والمقاولات، بعد الزيادات في أسعار السلع الأساسية والاستهلاكية ومواد البناء، مع بداية تطبيق ميزانية عام 2018 في يناير (كانون الثاني) الماضي، التي تضمنت زيادات في أسعار الدولار الجمركي، وتخفيض قيمة الجنيه السوداني أمام الدولار بنسبة 300 في المائة.
وارتفعت أسعار مواد البناء، ومعظمها يستورد من الخارج بنسبة كبيرة، مثل طن الإسمنت الذي بلغ سعره أمس في أسواق الخرطوم 5 آلاف جنيه سوداني (نحو 150 دولارا)، ومثله ارتفع سعر طن الأسياخ الحديدية إلى أرقام كبيرة، وسرى الأمر على أسعار البويات والسيراميك، وغيرها من مواد البناء.
ووفقا لخبراء ومختصين في سوق العقار في السودان، تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أمس، فإن اتجاه كثير من المواطنين لشراء العقارات والأراضي والمضاربات، ناجم عن اقتناعهم بأنها تحفظ القيمة المالية، بجانب خلو السوق السودانية من نشاطات أخرى، وعدم وجود تجارة تناسب المضاربين غير العقارات. وأضاف الخبراء أن كثيراً من الأموال التي كانت تستغل سابقاً لشراء الدولارات باتت تستغل الآن لشراء الأراضي، بعد محاصرة السلطات لمضاربي الدولار.
وقال عبد العزيز كبير، وهو صاحب إحدى الخدمات العقارية بمدينة بحري في العاصمة الخرطوم، إن هناك ارتفاعا غير مسبوق في أسعار العقارات ببحري، وعزا ذلك لانخفاض الجنيه السوداني مقابل الدولار، وأكد ارتفاع قيمة الإيجارات للأسباب ذاتها، إضافة إلى كثرة الطلب على المنازل نتيجة التحول من الولايات للسكن بالخرطوم، وأشار إلى تأثير الأجانب على زيادة قيمة الإيجار. ولفت عبد العزيز كبير إلى وجود أسباب أخرى ساهمت في ارتفاع أسعار العقارات، مثل دخول تجار السيارات مجال العقارات، ما أدى إلى زيادة طلبهم على العقارات كضامن لرأس المال، وذلك بعد زيادة الدولار الجمركي إلى 18 جنيهاً من 6.9 جنيه، مما أدى إلى ارتفاع أسعار السيارات بنسب تتراوح من 100 إلى 300 في المائة. كذلك من أسباب ارتفاع أسعار العقارات، وفقاً لصاحب المكتب العقاري، ارتفاع أسعار مواد البناء، بجانب التكلفة التي تفرضها الجمارك على الإسمنت والحديد، إضافة إلى إيقاف الدولة لكثير من مصانع الحديد، وهناك الطلب المتزايد للسلع وغيرها من المواد المكملة لعملية البناء، بجانب التقلب المرتبط بالسوق وتذبذب الأسعار من حين لآخر. وبين كبير أن ارتفاع أسعار العقارات شمل معظم أحياء ولاية الخرطوم، خاصة المخططات التي تتمتع بخدمات كبيرة، واستشهد بالمنطقة الشمالية ببحري (مطري الحلفايا)، وقال إن الأسعار زادت عن خمسة آلاف جنيه للمتر المربع (نحو 150 دولارا)، وتابع: «في مخطط نبتة السكني بلغ سعر المتر المربع ثلاثة ملايين جنيه، وفي المربعات التي لا تتمتع بخدمات وصل سعر المتر المربع إلى نحو ألفي جنيه، أما أسعار مناطق الدروشاب فهي أقل من المخططات الأخرى». وزاد أن قيمة إيجار الشقة ببحري بلغت بين 5 إلى 6 آلاف جنيه، مع ندرة في العرض رغم ذلك، وأردف أن الإيجار بالمناطق الطرفية بلغ 3 آلاف جنيه.
ويرى المقاول محمد عابدين، من مدينة أم درمان التي تكتظ بها مشروعات الإسكان، أن السبب وراء ارتفاع أسعار العقارات والأراضي هو الطلب العالي في بعض المربعات، مقابل قلة العرض، وأن هنالك عدداً من الأسباب الأخرى التي أدت إلى الارتفاع الجنوني في أسعار العقارات، من ضمنها عدم توفر العملة الصعبة بجانب ارتفاعها، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع مواد البناء مباشرة.
ويضيف عابدين أن سوق العقار لا يتوقف على الرغم من وجود إحجام عن الشراء، إلا أن المواطن مضطر إلى أن يشترى، منوها بأن الطلب يكون عالياً في المناطق التي تتوفر بها المرافق التعليمية والصحية والكهرباء وخلافه بالخرطوم، مشيرا إلى أن هذه العوامل أساسية عند طلب شراء أرض.
وأكد محمد حمد الذي يعمل في مجال المقاولات، أن ارتفاع أسعار العقارات والزيادة التي حدثت وصلت إلى 35 في المائة، وترجع نتيجتها إلى الزيادة في أسعار مواد البناء، أما الزيادة في أسعار الأراضي فهي نتيجة لارتفاع قيمة الدولار مقابل الجنيه السوداني، موضحاً أن أغلبية المشترين من المغتربين، وعندما يذهبون إلى التجار يعرضون عليهم العقار أو القطعة بالدولار أو ما يقابلها من القيمة في السوق الموازية بالسوداني، وهذا يؤدى إلى ارتفاع قيمة العقار، إضافة إلى ذلك هنالك مشكلة أخرى تتمثل في عدم التوسع الرأسي للبناء في السودان، حيث نجد أن الأغلبية يلجأون إلى التوسع الأفقي في البناء.
ومن جهته، قال المهندس إبراهيم بابكر، إن مسألة ارتفاع أسعار العقارات مسألة داخلية، وعلى الرغم من أن الأزمة الاقتصادية العالمية أدت في جميع دول العالم إلى انخفاض أسعار العقار، فإن السودان ظل يشهد ارتفاعا في أسعار العقار، مؤكدا أن الدولة لها دور كبير في ارتفاع أسعار العقارات؛ خاصة في وقت أوقفت فيه الخطة الإسكانية، وعملت على بيع ما تبقى من مساحات كانت مخططة في شكل ميادين وسط المدن.
وحول إمكانية التوسع الرأسي للعقارات أو السكن في الشقق في السودان، يشير عاطف عبد الواحد خبير العقارات في حي الثورة، الحارة 13، إلى أن ثقافة السكن في الشقق أصبحت تنتشر في الآونة الأخيرة، إلا أنها ما زالت قاصرة على فئة معينة في المجتمع، مؤكدا أن معظم الأسر السودانية تفضل السكن في البيوت الشعبية التي بها فناء، أو ما يعرف بـ«الحوش». تجدر الإشارة إلى أن السودان سيشهد انتعاشا في سوق البناء والتعمير في البلاد، بعد الركود وعزوف قطاع المقاولين عن المشروعات الجديدة، بسبب الزيادات التي طرأت على مواد البناء أخيرا، حيث من المقرر أن يصدر بنك السودان المركزي قرارا بفك التمويل العقاري لشريحة المغتربين السودانيين العاملين بالخارج. وهو القرار الذي تنتظره سوق المقاولات والإسكان في السودان، منذ وقف تمويل البنوك المحلية لمشروعات التطوير العقاري والإسكان عام 2004، ما ترك أثرا بالغا في سوق العقار بالبلاد، ورفع التكلفة وسعر المتر إلى مستويات قياسية عالمية.


مقالات ذات صلة

إطلاق برج ترمب جدة... علامة فارقة في سوق العقارات الفاخرة بالسعودية

الاقتصاد يقع البرج في منطقة استثنائية على كورنيش جدة (شركة دار جلوبال على «تويتر»)

إطلاق برج ترمب جدة... علامة فارقة في سوق العقارات الفاخرة بالسعودية

في حدث استثنائي شهدته مدينة جدة، جرى تدشين مشروع برج ترمب، بحضور إريك ترمب، نائب رئيس منظمة ترمب.

أسماء الغابري (جدة)
عالم الاعمال خالد الحديثي الرئيس التنفيذي لشركة «وصف» ورامي طبارة الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي المشارك في «ستيك» ومنار محمصاني الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي المشارك في المنصة ويزيد الضويان المدير التنفيذي للعمليات بـ«الراجحي السابعة» وهنوف بنت سعيد المدير العام للمنصة بالسعودية

«ستيك» منصة تتيح للأفراد من مختلف أنحاء العالم الاستثمار في العقارات السعودية

أعلنت «ستيك» للاستثمار العقاري في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إطلاقها منصتها الرسمية بالسعودية

الاقتصاد «دار غلوبال» أعلنت إطلاق مشروعين في العاصمة السعودية الرياض بالشراكة مع منظمة ترمب (الشرق الأوسط)

«دار غلوبال» العقارية و«منظمة ترمب» تطلقان مشروعين جديدين في الرياض

أعلنت شركة «دار غلوبال» إطلاق مشروعين في العاصمة السعودية الرياض، بالشراكة مع «منظمة ترمب».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد منازل سكنية في جنوب لندن (رويترز)

أسعار المنازل البريطانية تشهد ارتفاعاً كبيراً في نوفمبر

شهدت أسعار المنازل في المملكة المتحدة ارتفاعاً كبيراً في نوفمبر (تشرين الثاني)، متجاوزة التوقعات؛ مما يعزّز من مؤشرات انتعاش سوق العقارات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
خاص تصدرت «سينومي سنترز» أعلى شركات القطاع ربحيةً المدرجة في «تداول» خلال الربع الثالث (أ.ب)

خاص ما أسباب تراجع أرباح الشركات العقارية في السعودية بالربع الثالث؟

أرجع خبراء ومختصون عقاريون تراجع أرباح الشركات العقارية المُدرجة في السوق المالية السعودية، خلال الربع الثالث من العام الحالي، إلى تركيز شركات القطاع على النمو.

محمد المطيري (الرياض)

«كوفيد ـ 19» يوقف إجراءات تسليم المساكن في السودان

ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
TT

«كوفيد ـ 19» يوقف إجراءات تسليم المساكن في السودان

ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء

في وقت تجري فيه الاستعدادات لعقد اجتماع بين الصندوق القومي للإسكان ووزارة المالية والتخطيط الاقتصادي وبنك السودان، لبحث سبل توفير تمويل لمشروعات الإسكان للمواطنين عبر قروض طويلة الأجل، ألغت الحكومة أول من أمس، وأوقفت، إجراءات تسليم المساكن للموطنين والتقديم لها، خوفاً من حدوث إصابات بـ«كورونا»، أثناء الاصطفاف للتقديم والتسلم.
وكان الصندوق القومي للإسكان قد طرح مباني سكنية جاهزة للمواطنين في معظم المناطق الطرفية بالعاصمة الخرطوم، وبقية الولايات، وذلك ضمن مشروع السودان لتوفير المأوى للمواطنين، الذي سيبدأ بـ100 ألف وحدة سكنية لذوي الدخل المحدود. وقد بدأ المشروع بفئة العمال في القطاعات الحكومية في جميع ولايات السودان العام الماضي، بواقع 5 آلاف منزل للمرحلة الأولى، تسدد بالتقسيط على مدى 7 سنوات. ويتضمن مشروع إسكان عمال السودان 40 مدينة سكنية في جميع مدن البلاد، لصالح محدودي الدخل، ويستفيد من المشروع في عامه الأول أكثر من مليونين.
وقد أقام المواطنون مواقع أمام مقر الصندوق القومي للإسكان، وباتوا يتجمعون يومياً بأعداد كبيرة، ما سبب إزعاجاً لدى إدارة الصندوق والشارع العام، وذلك بعد قرار سياسي من والي ولاية الخرطوم، لدعوة المواطنين للتقديم للحصول على سكن شعبي.
ووفقاً للدكتور عبد الرحمن الطيب أيوبيه الأمين العام المكلف للصندوق القومي للإسكان والتعمير في السودان لـ«الشرق الأوسط» حول دواعي إصدار قرار بوقف إجراءات التسليم والتقديم للإسكان الشعبي، وعما إذا كان «كورونا» هو السبب، أوضح أن تلك التجمعات تسببت في زحام شديد، حيث نصب المتقدمون للوحدات السكنية خياماً أمام مقر الصندوق في شارع الجمهورية، بعد قرار الوالي في وقت سابق من العام الماضي بدعوة المواطنين للتقديم. وظلت تلك التجمعات مصدر إزعاج وإرباك للسلطات، ولم تتعامل معهم إدارة الصندوق، إلى أن جاء قرار الوالي الأخير بمنع هذه التجمعات خوفاً من عدوى «كورونا» الذي ينشط في الزحام.
وبين أيوبيه أن الخطة الإسكانية لا تحتاج لتجمعات أمام مباني الجهات المختصة، حيث هناك ترتيبات وإجراءات للتقديم والتسلم تتم عبر منافذ صناديق الإسكان في البلاد، وعندما تكون هناك وحدات جاهزة للتسليم يتم الإعلان عنها عبر الصحف اليومية، موضحاً أن كل ولاية لديها مكاتب إدارية في كل ولايات السودان، وتتبع الإجراءات نفسها المعمول بها في العاصمة.
ولم يخفِ أيوبيه أزمة السكن في البلاد، والفجوة في المساكن والوحدات السكنية، والمقدرة بنحو مليوني وحدة سكنية في ولاية الخرطوم فقط، لكنه أشار إلى أن لديهم خطة مدروسة لإنشاء 40 ألف مدينة سكنية، تم الفراغ من نسبة عالية في العاصمة الخرطوم، بجانب 10 آلاف وحدة سكنية.
وقال إن هذه المشاريع الإسكانية ستغطي فجوة كبيرة في السكن الشعبي والاقتصادي في البلاد، موضحاً أن العقبة أمام تنفيذها هو التمويل، لكنها كمشاريع جاهزة للتنفيذ والتطبيق، مشيراً إلى أن لديهم جهوداً محلية ودولية لتوفير التمويل لهذه المشاريع.
وقال إن اجتماعاً سيتم بين الصندوق القومي للإسكان وبنك السودان المركزي ووزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، لتوفير الضمانات بالنسبة للتمويل الخارجي واعتماد مبالغ للإسكان من الاحتياطي القانوني للمصارف المحلية.
وأكد الدكتور عبد الرحمن على أهمية التنسيق والتعاون المشترك بين الجهات المعنية لإنفاذ المشروع القومي للمأوى، وتوفير السكن للشرائح المستهدفة، مجدداً أن أبواب السودان مشرعة للاستثمار في مجال الإسكان. وأشار إلى أن الصندوق القومي للإسكان سيشارك في معرض أكسبو في دبي في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وذلك بجناح يعرض فيه الفرص الاستثمارية في السكن والوحدات السكنية في السودان، وسيتم عرض كل الفرص الجاهزة والمتاحة في العاصمة والولايات.
وقال إن هناك آثاراً متوقعة من قرار رفع العقوبات الاقتصادية الأميركية على البلاد، ومن المتوقع أن يسهم كثيرا في إنعاش سوق العقارات واستقطاب رؤوس أموال لصالح التوسع في مشروعات الإسكان. وأبان أن الصندوق استطاع خلال السنوات الماضية إحداث جسور للتعاون مع دول ومنظمات واتحادات ومؤسسات مختلفة، وحالت العقوبات دون استثمارها بالشكل المطلوب، مشيرا إلى أن جهودهم ستتواصل للاستفادة من الخبرات والموارد المالية المتاحة عبر القروض والمنح والاستثمارات.
وأكمل الصندوق القومي للإسكان في السودان تحديد المواقع والدراسات لمشروع المأوى القومي ومنازل العمال، حيث ستشيد المنازل بأنماط مختلفة من السكن الاقتصادي، الشعبي، الاستثماري، الريفي، والمنتج، بتمويل من البنوك العاملة في البلاد، وفق خطة الصندوق.
وقد طرحت إدارة الصندوق عطاءات منذ بداية العام الجاري لتنفيذ مدن سكنية، كما دعت المستثمرين إلى الدخول في شراكات للاستثمار العقاري بالولايات لتوفير المأوى للشرائح المستهدفة، إلا أن التمويل وقف عثرة أمام تلك المشاريع.
وطرح الصندوق القومي للإسكان في ولاية الخرطوم أن يطرح حالياً نحو 10 آلاف وحدة سكنية لمحدودي الدخل والفئويين والمهنيين في مدن العاصمة الثلاث، كما يطرح العديد من الفرص المتاحة في مجال الإسكان والتطوير العقاري، حيث تم الانتهاء من تجهيز 5 آلاف شقة و15 ألفا للسكن الاقتصادي في مدن الخرطوم الثلاث.
وتم تزويد تلك المساكن بخدمات الكهرباء والطرق والمدارس وبعض المرافق الأخرى، بهدف تسهيل وتوفير تكلفة البناء للأسرة، حيث تتصاعد أسعار مواد البناء في البلاد بشكل جنوني تماشياً مع الارتفاع الذي يشهده الدولار مقابل الجنيه السوداني والأوضاع الاقتصادية المتردية التي تمر بها البلاد حالياً.
يذكر أن الصندوق القومي للإسكان لديه خطة لتوسيع قاعدة السكن لمحدودي الدخل، عبر الإسكان الرأسي، الذي يتكون من مجمعات سكنية، كل مجمع يضم بناية من 7 أدوار، ويتكون الطابق من 10 شقق سكنية، بمساحات من 180 إلى 300 متر مربع.
ويتوقع الصندوق أن يجد مشروع الإسكان الرأسي والشقق، رواجاً وإقبالاً في أوساط السودانيين محدودي الدخل، خاصة أنه أقل تكلفة وأصبح كثير من السودانيين يفضلونه على السكن الأفقي، الأمر الذي دفع الصندوق لتنفيذ برامج إعلامية لرفع مستوى وعي وثقافة المواطنين للتعامل مع السكن الجماعي والتعاون فيما بينهم.
ووفقاً لمسؤول في الصندوق القومي للإسكان فإن برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي، يتضمن كيفية المحافظة على خدمات البناية، ورفع وعيهم بهذا النوع من البناء، حتى تتحول الخرطوم إلى عاصمة حضارية وجاذبة. وأضاف المصدر أن برنامج التوعية بالسكن في الشقق ودوره في تقليل تكلفة السكن، سيتولاه فريق من اتحاد مراكز الخدمات الصحافية، الذي يضم جميع وسائل الإعلام المحلية، مما سيوسع قاعدة انتشار الحملات الإعلامية للسكن الرأسي.
تغير ثقافة المواطن السوداني من السكن التقليدي (الحوش) إلى مساحات صغيرة مغلقة لا تطل على الشارع أو الجيران، ليس أمرا هينا. وبين أن خطوة الصندوق الحالية للاعتماد على السكن الرأسي مهمة لأنها تزيل كثيرا من المفاهيم المغلوطة عن السكن في الشقق السكنية.
يذكر أن الصندوق القومي للإسكان عام 2018 بدأ بالتعاون مع شركة هيتكو البريطانية للاستثمار، لتنفيذ مشروع الإسكان الفئوي الرأسي، الذي يستهدف بناء 50 ألف وحدة سكنية بالعاصمة الخرطوم، وكذلك مشروع لبناء أكبر مسجد في السودان، بمساحة 5 كيلومترات، وبناء 3 آلاف شقة ومحلات تجارية.